انقروا على الغلاف لقراءة الكتاب
**
سبق شعري لشربل بعيني
أَشعراً ما كتب شربل في مناجاته علياً أم فلسفة؟
أشعر فلسفي ما أبدعته ريشته أم فلسفة شعرية؟
عشرون مزموراً أم عشرون شلالاً تصب كلها في نهر دافق، في ديوان شعري واحد نعني به "مناجاة علي".
قديماً كان على من ينوي أن يخوض غمار الشعر أن يكون على إلمام بشيء من الفلسفة والتاريخ وسائر أصناف العلوم، فكان الشاعر يجهد نفسه جرياً وراء المعارف.. وللأسف، فالشعر اليوم بالنسبة لكثيرين يعتمد على الكم فقط دون أي اعتبار للنوع، وإذا استثنينا قلة من الشعراء، يمكننا القول، وبراحة ضمير، اننا فقراء بالشعراء وأغنياء بأدعياء الشعر.
إنها مغامرة شعرية لشاعر، ما زال في أربعينات سنيّه، تكشّفت أمامه مجالات الرؤيا فبلغ مرحلة متطورة من الوعي الشعري.
إنها مغامرة شعرية في شخصية رجل شكلت آراؤه في مختلف شؤون الحياة مفاهيم على شيء من الفلسفة، فكان على الشاعر أن "يفلسف" شعره، ويضمّنه شيئاً من النظريات الفلسفية بالنسبة للخالق والانسان والموجودات.
ويمكننا القول ان اللاهوتية الشعرية في "ألله ونقطة زيت" قبلاً و"مناجاة علي" اليوم، رفعت شربل إلى مصاف الشعراء الكبار، في هذا الجانب من الكتابة، حيث تخطّى المفهوم الشعري السائد لدى العديد من الشعراء في المواضيع والمضامين والافكار، في وقت أصاب العجز فئة كبيرة من "كتّاب الشعر" فأعياها عن الابداع والتجديد، وأسقطها في هوّة الاجترار والتقليد.
ولسنا هنا بصدد دراسة ديوان شاعر الغربة الطويلة "مناجاة علي" الذي اختصرت مزاميره العشرون مجلدات حول سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، وتصرفاته وأعماله وأقواله، إذ من المتعذّر، بل المستحيل، الاحاطة بكل ذلك في صفحة أو صفحات نظراً لما ينطوي عليه من التألّق الشاعري مبنى ومعنى.
وعلى العموم، يبقى "مناجاة علي" سبقاً شعرياً، ويبقى الشاعر البعيني رائداً من روّاد الشعر المهجري، ونبقى نحن عطاشاً أبداً لمزيد من الابداعات.
**
أشعر فلسفي ما أبدعته ريشته أم فلسفة شعرية؟
عشرون مزموراً أم عشرون شلالاً تصب كلها في نهر دافق، في ديوان شعري واحد نعني به "مناجاة علي".
قديماً كان على من ينوي أن يخوض غمار الشعر أن يكون على إلمام بشيء من الفلسفة والتاريخ وسائر أصناف العلوم، فكان الشاعر يجهد نفسه جرياً وراء المعارف.. وللأسف، فالشعر اليوم بالنسبة لكثيرين يعتمد على الكم فقط دون أي اعتبار للنوع، وإذا استثنينا قلة من الشعراء، يمكننا القول، وبراحة ضمير، اننا فقراء بالشعراء وأغنياء بأدعياء الشعر.
إنها مغامرة شعرية لشاعر، ما زال في أربعينات سنيّه، تكشّفت أمامه مجالات الرؤيا فبلغ مرحلة متطورة من الوعي الشعري.
إنها مغامرة شعرية في شخصية رجل شكلت آراؤه في مختلف شؤون الحياة مفاهيم على شيء من الفلسفة، فكان على الشاعر أن "يفلسف" شعره، ويضمّنه شيئاً من النظريات الفلسفية بالنسبة للخالق والانسان والموجودات.
ويمكننا القول ان اللاهوتية الشعرية في "ألله ونقطة زيت" قبلاً و"مناجاة علي" اليوم، رفعت شربل إلى مصاف الشعراء الكبار، في هذا الجانب من الكتابة، حيث تخطّى المفهوم الشعري السائد لدى العديد من الشعراء في المواضيع والمضامين والافكار، في وقت أصاب العجز فئة كبيرة من "كتّاب الشعر" فأعياها عن الابداع والتجديد، وأسقطها في هوّة الاجترار والتقليد.
ولسنا هنا بصدد دراسة ديوان شاعر الغربة الطويلة "مناجاة علي" الذي اختصرت مزاميره العشرون مجلدات حول سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، وتصرفاته وأعماله وأقواله، إذ من المتعذّر، بل المستحيل، الاحاطة بكل ذلك في صفحة أو صفحات نظراً لما ينطوي عليه من التألّق الشاعري مبنى ومعنى.
وعلى العموم، يبقى "مناجاة علي" سبقاً شعرياً، ويبقى الشاعر البعيني رائداً من روّاد الشعر المهجري، ونبقى نحن عطاشاً أبداً لمزيد من الابداعات.
**
كلمات سريعة عن شربل بعيني: نتاج جديد للدكتور علي بزّي
صدر كتاب جديد عن الشاعر شربل بعيني للدكتور علي بزي، بعنوان: كلمات سريعة عن شربل بعيني.
وتضمن الكتاب، الذي هو من القطع الصغير ويقع في 120 صفحة، أسماء الشعراء والأدباء والمثقفين الذين كتبوا في الشاعر بعيني ونتاجه حسب الترتيب الألفبائي للإسم الأول، حيث لم يفلت من الكتابة سوى خمسة حروف هي: ث، ذ، ض، ظ، غ.
ولا شك ان نتاجات الشاعر بعيني ساهمت في إغناء المكتبة العربية المهجرية، وأتى هذا النتاج الجديد: كلمات سريعة عن شربل بعيني. للدكتور علي بزي، ليشكل حلقة جديدة في سلسلة النتاجات المهجرية، وقد جاءت مقدمة الكتاب للدكتور علي بزي كالتالي:
مقدمة الكتاب
جمعتنا الغربة، ولم تفرّقنا الأيام..
هذه هي حالي مع شربل بعيني الذي عرفته مذ وطأت قدماي أرض هذه البلاد المعطاءة: أستراليا.
فلقد جمعنا حب الوطن، كما جمعتنا آلام الغربة والحنين إلى بلد تآمر عليه بنوه، فانفجر، وتناثرت شظايا قاطنيه إلى أقطار المعمورة بحثاً عن وطن بديل، ولكن حبّه بقي محفوراً على شغاف القلب ومن الصعب أن يمحى حتى الرمق الأخير.
عرفت مجدليا من شربل، وعرف بنت جبيل من أبنائها، وأنا منهم، فإذا به يغنيها قائلاً:
بنت جبيل.. الأرض الخضرا
الخلقت بالعزّ وبالقدره
غنّيتلا غناني كتيره
تا داوي بالكلمه قهرا
يا جنوبي شي بوسه زغيره
شلحها فوق خدودا الحمرا
بحبا.. أوعا تفتح سيره
بعتلي مين يطفّي الجمره
ذكرت هذا لأخبركم عن مدى الصداقة التي تربطني بابن مجدليا، عائلياً، واجتماعياً، وثقافياً، وعن مدى معرفتي بخفاياه الإنسانية والشعرية. فأنا معجب بوطنيته وإنسانيته أكثر من إعجابي بشعره. وما نفع الشعر إذا فرغ من الوطنية والانسانية؟
قرأت معظم كتب شربل بعيني، التي تزيد على الخمسين مؤلفاً، واطلعت على مئات الكتب والمقالات والقصائد والتعليقات التي كتبت عنه في الصحف المهجرية والعربية والانترنت، ورحت أحتفظ بها بين أثمن ما أملك، إلى أن طرأت على بالي فكرة اختصار بعضها بعبارات سريعة أجمعها في كتاب، أطلقت عليه اسم: كلمات سريعة عن شربل بعيني.
قلت: بعضها، لأنه من الصعب جداً، لا بل من المستحيل، جمع كل ما كتب عن شربل، ولو بكلمات سريعة، ضمن كتاب واحد، لذلك أعتذر من كل الكتّاب الأحبة الذين لم أتمكن من اختيار (كلمة سريعة) لهم ضمن هذا الكتاب، على أمل أن أتمكن من ذلك في إصدار آخر بإذن الله.
وكما ترون، فلقد جمعت الكلمات وفق الأحرف الأبجدية التي يبدأ بها اسم الكاتب، فمثلاً تجدون اسم (علي بزي) تحت حرف (ع)، بغية تسهيل البحث عن أسماء من أحبوا أدب شربل بعيني.
وصدقوني ان هدفي الأول والأخير من جمع هذه (الكلمات)، هو مطالبتي الشاعر للعودة إلى عرشه الشعري، إلى مملكة الكلمة، بعد احتجابه اللامقنع، خاصة وأنه لولب الحركة الأدبية المهجرية في أستراليا، وواضع حجر أساسها، ومطلقها الى العالمية، بعد أن ترجمت معظم أشعاره الى لغات متعددة كالانكليزية والفرنسية والاسبانية والاوردية والفارسية والسريانية وغيرها، وكأنّي به بعد أن أطلق على الشبكة العنكبوتية مجلة (الغربة) الشهيرة، ونشر كتبه إلكترونياً، وذاع صيته في العالم، أضحى الأدب المهجري الأسترالي تحصيل حاصل عنده، وهذا ما لا نرضاه أبداً.
شربل بعيني ليس شاعراً فحسب، بل يجمع مزايا الشاعر والانسان، قلبه طفولي له مواقف الرجال، ينبض أخلاقاً ووفاء، بعيد عن العصبية والتعصّب، بحر من العطاء والحب، صديق وفي كلما عزّت الاصدقاء. إنه الملك الأبيض، كما أسماه الأديب التونسي كمال العيادي في كتابه: شربل بعيني الملك الأبيض عام 2010، أو الملاح الذي يبحث عن الله، كما توّج الأديب السوري محمد زهير الباشا كتابه عام 1993، أو القصيدة التي غنّتها القصائد كما عنونت الأديبة المهجرية مي طباع كتابها عام 1994. إنه شاعر العصر في المغتربات على حد تعبير الأديب السوري نعمان حرب في الثقافة السورية، أو سيف الأدب المهجري كما أسماه الصحفي طوني شربل، أو شاعر المهجر الأول كما لقبّه سكرتير رابطة إحياء التراث العربي الأسبق أيوب أيوب، أو أمير الشعراء في عالم الانتشار اللبناني حسب البراءة التي منحت له من الدكتور جوزيف الحايك رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية ـ قارة أميركا الشمالية.
إنه، وباختصار شديد، (إبن مجدليا) الإسم الذي أطلقه على ديوانه الأخير تخليداً لقريته الحبيبة، فكم هي محظوظة تلك الأم الشمالية بابنها شربل بعيني.
شربل، هذه الهمسة مني إليك شخصياً، نحن بانتظارك لتقوم كطائر الفينيق من تحت رماد الاحتجاب قوياً كما عرفناك وأحببناك.. وكرمناك.
**
ندوة إذاعية عن أدب شربل بعيني
نتاج شربل لـم يتوقّف عند حدود أستراليا، بل تخطّاها، "طار" إلى لبنان والبلاد العربيّة، فقيلت فيه كلمات، وعقدت لنتاجه ندوات، وكتبت حول دواوينه دراسات، نذكر منها دراسة الأديب محمد زهير الباشا شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه.
وفي لبنان، بلد الكلمة الأقوى من المدفع، لـم تستطع الحرب القذرة أن تقتل ما في نفوس بنيه من فن وأدب وشعر وتكريم لأهل الفن والأدب والشعر.
وإذاعة "الإذاعة" في برنامجها الخاص الذي يعدّه ويديره الأديب الأستاذ رفيق روحانا، استضافت الأديبة إبريزا المعوشي والأستاذ عصام حدّاد صاحب "دار عصام حدّاد للنشر" في ندوة بعنوان "حول نتاج الشاعر شربل بعيني".
في الندوة تحدث الأستاذ حداد عن كيفيّة تعرّفه إلى الشاعر في المربد ـ العراق. ثـم انتقل إلى الكلام عن الظروف التي أجبرت الشاعر على الهجرة، وجعلت من شعره شعر مرارة من الظلـم وكبت الحريّات وثورة من أجل الحق والحريّات...
بعدها وجّه معدّ الندوة الأستاذ روحانا السؤال للأديبة إبريزا المعوشي عن شربل، الإنسان والنتاج، فقصّت أديبتنا كيف أن لقاء قصيراً مع الشاعر أدخلها قلبه لتتعرّف إلى مكنوناته، وسبرت أغوار نفسه لتغرف من لآلئه، وقالت: "وطنيّة شربل تجعله يتحرّق للعودة إلى لبنان. ورغم هناءة عيشه يحن لوطنه.
البيرق بتاريخ 15 آب 1991
**
مقدمة كتاب يوم محمد زهير الباشا
"30 حزيران لا أدري ماذا أسميه، أهو يوم الأديب محمد زهير الباشا أم يوم المغترب اللبناني في أوستراليا؟
والحق.. انه يوم الاديب الباشا، ويوم الشاعر شربل بعيني، ويوم المغترب الأوسترالي، انه يوم الادب والشعر.
فكل اجتماع باسم الحرف مساهمة في وضع حجر في بناء الانسانية في كل زمان ومكان ولغة.
30 حزيران.. يوم الادب المهجري في استراليا، كان عرساً رائعاَ، تعانقت فيه الكلمة والنغم والصوت، فارتاحت له العين واستهواه القلب، وهفت اليه المشاعر والحواس.
30 حزيران.. يوم لن يدخل متاهات الذاكرة ليصبح مجرد ذكرى، بل ليبقى ابداً شعاعاً ينير المستقبل، وحافزاً للعمل الجاد والبناء لاستمرارية الحرف وتألق الكلمة.
ان الادب المهجري هو وليد جهود وتضحيات جمة، مادية ومعنوية، ورغم العقبات والصعوبات، استطاع ان يكمل مسيرته، ولو بخطوات بطيئة، وان يكوّن شخصيته، الى حد ما، ويحقق بعضاً من ذاته.
واذا كان ادب المغترب، وخاصة الاميركي الشمالي منه، في النصف الاول من هذا القرن، قد طبع الادب العربي الحديث بطابعه، واثر بمبادئه ومفاهيمه وموضوعاته، فان ادبنا المهجري الاوسترالي ما برح يضع قدمه على الطريق بغية اثبات هويته في عالم الفكر والادب.
ولا ابالغ اذا قلت ان الشاعر شربل بعيني يحتل طليعة الذين ساهموا في ارساء اساسات الادب المهجري، فقد استطاع شعره ان يطوي المسافات ويحطم الحدود ويصل الى البلاد العربية عامة ووطنه الام خاصة، وان تشغل مؤلفاته حيزاً مهماً بين اخوتها المقيمات، فانبرت الاقلام، المقيمة منها والمغتربة، تتدارسه وخير شاهد على ذلك الاديب محمد زهير الباشا الذي احتفل بيومه في 30 حزيران تكريماً من اهالي مجدليا المقيمين منهم والمغتربين على دراسته القيّمة "شربل بعيني: ملاح يبحث عن الله" التي تعد باكورة الاهتمام الفعلي والجدي بأدينا المهجري الاوسترالي.
لقد كان يوماً ادبياً مهجرياً بكل معنى الكلمة، حيث ضاقت صالة "تاون هول" غرانفيل، على وساعتها، بحشد غفير فاق كل تقدير وتوقّع، كما حضرته ايضاً غالبية الوجوه الادبية والفنية والصحفية والاجتماعية من ابناء الجالية، كذلك نقلت بعض وقائعه اذاعة الـ تو اي آي المتمثلة بالسيدة ماري ميسي.
وميزة 30 حزيران كونه يوماً متعدد الجوانب بما يلائمسائر الميول والاذواق، فمن مهرجان ادبي وشعري الى موسيقى وغناء وتمثيل، الى معرض لنتاج الادباء والشعراء المحليين، وآخر للوحات فنية رائعة للفنانين والفنانات، جورج يمين، رنده عبد الاحد، تجمع المسنين العرب، انور يوسف، نجوى عاصي، سايد الحايك، اضافة الى عرض نماذج تنمّ عن تقنية عالية لمطبعة "راليا برس"، كما قام الاستاذ سليم الزبّال بالعرض الاول لبعض مقتنيات مركز المعلومات والدراسات العربية في اوستراليا، ونماذج لاكثر من 74 جريدة ومجلة عربية صدرت في اوستراليا مع كشف باسمائها.
ورغم غياب الاديب الباشا عن يوم تكريمه، فقد كان حاضراً من خلال الرابط الادبي والشعري الذي يجمع كل اديب او شاعر في العالم بنظيره، بغض النظر عن تشعّب المدارس الادبية واختلاف التظرة الى الامور والقضايا الانسانية.. ومن خلال تمثيله الرسمي بالاستاذ فؤاد نمور الذي القى كلمته، وقد منحته رابطة احياء التراث العربي في اوستراليا، جائزة جبران السنوية، تقديرا له لجهوده الجبارة في حقل الادب عامة والمهجري منه بخاصة.
افتتح المهرجان مختار بلدة مجدليا، فنوّه باسمه وباسم ابناء بلدته، المقيمين والمغتربين، بالابن البار الشاعر شربل بعيني، وشكر الاديب الباشا واهداه قلماً ذهبياً باسم من يمثّل، وكذلك رحب بالحضور على مشاركته، وكانت المفاجأة عندما اعلن عن وضع اليد العامة في البلدة على البيت الذي ولد فيه الشاعر بعيني.
ثم كانت كلمة الترحيب باللغة الانكليزية للاديب كلارك بعيني معد سلسلة "شربل بعيني باقلامهم" والتي صدر منها حتى الآن خمسة اجزاء.
وقد شارك في المهرجان، اضافة الى كلمات الادياء والشعراء التي سنثبتها كاملة:
ـ المطرب المحبوب ميشال هيفا مع فرقته الموسيقية "فرقة ارز لبنان" المؤلفة من نخبة من الموسيقيين المهجريين: بيار آرمو "اورغ"، سامي هيفا وجوزاف يموني "ايقاع"، ادوار هيفا "دف"، بدوي حرب "طبل".
ـ المطرب البير اسطفان.
ـ فرقة "مدينة الشمس" الفولكلورية التي اسستها الفنانة اللبنانية النشيطة دايان هندي، وهي تضم كذلك: جو هندي، جوان نصر، جو عبود، سيلفانا بو ملحم، جايمي وهبه، رانيا جورج، ستيفن سركيس، فيكي الهندي، دانيال بو ملحم، وراده متري.
ـ الطفلة الموهوبة ريما الياس التي كانت نموذج الطفولة اللبنانية البريئة.
ـ نجوى عاصي ورئيف البابا اللذان اظهرا مقدرة فنية من خلال "الاسكتش" الرائع الذي كتب كلماته واخرجه الديكوريست رئيف البابا.
ـ ستديو حنا "هاريس بارك"، الذي صور وقائع المهرجان مظهراً موهبته في التصوير وتقنية فنية عالية، " من يرغب الحصول على الشريط علية الاتصال بالرقم 8913340 ـ الياس حنا.
**
محمد الشرفي في منزل شربل بعيني
غصّت دارة الشاعر الاستاذ شربل بعيني بأهل القلم من أدباء وشعراء وصحفيين تحلّقوا حول الشاعر اليمني الضيف الاستاذ محمد الشرفي، في أمسية شعرية جميلة أتحف بها الزائر الكريم الحضور بمقطوعات شعرية ثائرة عن المرأة والوطن بفيض من خواطره الوثابة، وتجربته الواعية.
تخلل الأمسية مداخلات شعرية وأدبية من الأساتذة شربل بعيني، نعيم خوري، أنطوان القزي، جميل الدويهي، ألبير وهبة ورفيق غنّوم.
والجدير بالذكر أن الشاعر الشرفي حاز على جائزة جبران العالمية لهذا العام، وبسبب عدم تمكنه من الوصول في الوقت المناسب لتسلّم الجائزة في حفلة رابطة إحياء التراث العربي، فقد سلّمه إياها الاستاذ كامل المر في دار الشاعر شربل بعيني.
وقد كان الشاعر الكريم موضع حفاوة كبيرة، وخاصة من حاضن الشعر والادب في هذه الديار الاستاذ شربل بعيني، الذي استهل الامسية بالترحيب بالضيف الكبير، ثم كلمة الاستاذ الشرفي، ثم كلمة الفنانة نجوى عاصي، التي سلمته جائزة المرأة في أستراليا تقديراً لمواقفه الشعرية المناصرة للمرأة.
وقد غادر الشاعر الشرفي الى بلاده شاكراً رابطة احياء التراث العربي على جهودها المخلصة للحفاظ على التراث العربي في هذا المقلب من الارض.
البيرق، العدد 286، 28/12/1990
**
كلمة
سيداتي، آنساتي، سادتي
أيها الحضور الكريم،
غريب أمر هذا القلم، ما ان يشعر انه بصدد كتابة أدبية أو شعرية حتى تدبّ في عروقه الحياة، فينتفض من بين أصابعي ويتوثّب، كنسر يحس قضبان القفص مقصلة تشد على عنقه، فيحاول تحطيمها والانطلاق. ولا انكر اني في قرارة نفسي أود أن أطلق له العنان، غير أنني في الوقت عينه، أخاف انطلاقته، لئلا يتمرّد على عيني والخيال، وتخونني قواي فلا أقوى على اللحاق به، فيضيع وأضيع معه في سماء الحرف والكلمة.
نعم، انها سماء الأدب والشعر التي نحلّق في مداها الليلة، في هذا اليوم الأدبي المهجري الرائع، بدعوة من أهالي مجدليا الغيارى، لتكريم الاستاذ الأديب محمد زهير الباشا على دراسته القيّمة "شربل بعيني: ملاّح يبحث عن الله".
السؤال الذي يتبادر الى ذهننا ويطرح نفسه في الوقت ذاته هو: لماذا وقع اختيار الأديب الباشا على نتاج شاعر الغربة الطويلة مادة لدراسته؟ ما هي الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذا الاختيار؟
من خلال دراستي لكتاب الأديب الباشا "شربل بعيني: ملاح يبحث عن الله"، والتي نشرت في جريدة صدى لبنان عدد 624 تاريخ 29/11/1988، تبيّن لي ان تلك الاسباب والدوافع ـ حسب رأيي ـ تعود الى:
1ـ غزارة نتاج الشاعر البعيني كمّاً ونوعاً.. مما أهّله لأن يكون موضوع درس وتمحيص.
2ـ التصاق موضوعاته الشعرية بالوطن والمجتمع والانسان.
3ـ شدة علقته بالنفس البشرية وتأثيره بها من حيث القلق والشك والايمان، والرفض والثورة والحب.
4ـ تمثيله للشعر المهجري بأغلبية خواصه من حيث الشوق والحنين، وصراع المكان والزمان في نفس الشاعر.
5ـ تقاطع الخطوط بين شاعرنا والباحث من حيث النظرة الى المدارس والمذاهب الأدبية عامة، والشعرية خاصة، لجهة الصور الفنيّة التي اتسمت ـ حسبما رآه الباحث ـ بالوضوح، وخلوها من الألغاز والغموض، كذلك لجهة الأسلوب الذي تميّز بالوصف والتقرير المباشر.
في مطالعة واعية للدراسة يتخيّل لنا، أن الأديب قد كتب عن نفسه فيها.. ونستشف ان هناك انسجاماً واضحاً وتوافقاً شبه تام، بين أديبنا وشاعره، في الميول والاحلام، والرؤيا، والنظرة الى القضايا الوطنية والاجتماعية والانسانية.
ان الرغبة في أي عمل مهما كان نوعه، وخاصة في مجال البحوث الأدبية والشعرية، تنبع من أحد اثنين: إما التباين في الرأي، واما التوافق فيه، والرغبة بدورها تسلّح الباحث بالصبر، الذي يساعده على تذليل العقبات التي تعترضه طيلة رحلته مع الدراسة.. غير أن الدارس ينبغي عليه أن يكون حذراً، وفطناً الى أقصى حدود الحذر والفطنة! وأن يتحكّم بعواطفه وأحاسيسه والميول، حتى لا يحيد عن الموضوعيةـ التي هي من أهم خصائص البحث الناجح، وقد وقع الباحث في بعض الأحيان في فخ توافق هذه المشاعر والرغبات والأهواء، مما حاد به عن الموضوعية بعض الشيء.
على كل حال، ان التفاتة كهذه من أديب له وزنه وثقله على الساحة الادبية العربية، ان دلّت على شيء، انما تدل على كفاءة أدبنا المهجري والمرتبة التي بلغها، نسبة الى نظيره المقيم، وهذا اعتراف به وإقرار بجدارته.
وبغض النظر.. أين أصابت الدراسة وأين لم تصب، فإن أهميتها تكمن في:
1ـ اتصافها بالمنهجية العلمية في البحث والتحليل.
2ـ تناولها نتاجاً أدبياً مهجرياً، وبذلك تكون قد فتحت باب المنافسة الايجابية، على ما فيها من إثراء للأدب المهجري وإغنائه وتطوره.
3ـ كونها تناولت نتاج شاعر، ما زال صاحبه في العقد الرابع من العمر، وفي هذا تهشيم لقاعدة الموت والحياة والسن التي حكمت، ولا تزال في كثير من الاحيان، تحكم العلاقة بين الادباء والشعراء والدارسين.
وأخيراً لا بد من توجيه شكرنا لشاعر الغربة الطويلة شربل بعيني، فقد كان صلة روحية تمت عبرها عملية التواصل بيننا والاستاذ الباشا، فكان هذا الاتصال الروحي، والتعارف الأدبي، وكان هذا المهرجان الذي نتمنى له أن يصبح تقليداً أدبياً كل عام. وشكراً.
يوم محمد زهير الباشا ـ سيدني 1989
**
ندوة إذاعية عن أدب شربل بعيني
نتاج شربل لـم يتوقّف عند حدود أستراليا، بل تخطّاها، "طار" إلى لبنان والبلاد العربيّة، فقيلت فيه كلمات، وعقدت لنتاجه ندوات، وكتبت حول دواوينه دراسات، نذكر منها دراسة الأديب محمد زهير الباشا شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه.
وفي لبنان، بلد الكلمة الأقوى من المدفع، لـم تستطع الحرب القذرة أن تقتل ما في نفوس بنيه من فن وأدب وشعر وتكريم لأهل الفن والأدب والشعر.
وإذاعة "الإذاعة" في برنامجها الخاص الذي يعدّه ويديره الأديب الأستاذ رفيق روحانا، استضافت الأديبة إبريزا المعوشي والأستاذ عصام حدّاد صاحب "دار عصام حدّاد للنشر" في ندوة بعنوان "حول نتاج الشاعر شربل بعيني".
في الندوة تحدث الأستاذ حداد عن كيفيّة تعرّفه إلى الشاعر في المربد ـ العراق. ثـم انتقل إلى الكلام عن الظروف التي أجبرت الشاعر على الهجرة، وجعلت من شعره شعر مرارة من الظلـم وكبت الحريّات وثورة من أجل الحق والحريّات...
بعدها وجّه معدّ الندوة الأستاذ روحانا السؤال للأديبة إبريزا المعوشي عن شربل، الإنسان والنتاج، فقصّت أديبتنا كيف أن لقاء قصيراً مع الشاعر أدخلها قلبه لتتعرّف إلى مكنوناته، وسبرت أغوار نفسه لتغرف من لآلئه، وقالت: "وطنيّة شربل تجعله يتحرّق للعودة إلى لبنان. ورغم هناءة عيشه يحن لوطنه.
البيرق بتاريخ 15 آب 1991
**
مقدمة كتاب يوم محمد زهير الباشا
"30 حزيران لا أدري ماذا أسميه، أهو يوم الأديب محمد زهير الباشا أم يوم المغترب اللبناني في أوستراليا؟
والحق.. انه يوم الاديب الباشا، ويوم الشاعر شربل بعيني، ويوم المغترب الأوسترالي، انه يوم الادب والشعر.
فكل اجتماع باسم الحرف مساهمة في وضع حجر في بناء الانسانية في كل زمان ومكان ولغة.
30 حزيران.. يوم الادب المهجري في استراليا، كان عرساً رائعاَ، تعانقت فيه الكلمة والنغم والصوت، فارتاحت له العين واستهواه القلب، وهفت اليه المشاعر والحواس.
30 حزيران.. يوم لن يدخل متاهات الذاكرة ليصبح مجرد ذكرى، بل ليبقى ابداً شعاعاً ينير المستقبل، وحافزاً للعمل الجاد والبناء لاستمرارية الحرف وتألق الكلمة.
ان الادب المهجري هو وليد جهود وتضحيات جمة، مادية ومعنوية، ورغم العقبات والصعوبات، استطاع ان يكمل مسيرته، ولو بخطوات بطيئة، وان يكوّن شخصيته، الى حد ما، ويحقق بعضاً من ذاته.
واذا كان ادب المغترب، وخاصة الاميركي الشمالي منه، في النصف الاول من هذا القرن، قد طبع الادب العربي الحديث بطابعه، واثر بمبادئه ومفاهيمه وموضوعاته، فان ادبنا المهجري الاوسترالي ما برح يضع قدمه على الطريق بغية اثبات هويته في عالم الفكر والادب.
ولا ابالغ اذا قلت ان الشاعر شربل بعيني يحتل طليعة الذين ساهموا في ارساء اساسات الادب المهجري، فقد استطاع شعره ان يطوي المسافات ويحطم الحدود ويصل الى البلاد العربية عامة ووطنه الام خاصة، وان تشغل مؤلفاته حيزاً مهماً بين اخوتها المقيمات، فانبرت الاقلام، المقيمة منها والمغتربة، تتدارسه وخير شاهد على ذلك الاديب محمد زهير الباشا الذي احتفل بيومه في 30 حزيران تكريماً من اهالي مجدليا المقيمين منهم والمغتربين على دراسته القيّمة "شربل بعيني: ملاح يبحث عن الله" التي تعد باكورة الاهتمام الفعلي والجدي بأدينا المهجري الاوسترالي.
لقد كان يوماً ادبياً مهجرياً بكل معنى الكلمة، حيث ضاقت صالة "تاون هول" غرانفيل، على وساعتها، بحشد غفير فاق كل تقدير وتوقّع، كما حضرته ايضاً غالبية الوجوه الادبية والفنية والصحفية والاجتماعية من ابناء الجالية، كذلك نقلت بعض وقائعه اذاعة الـ تو اي آي المتمثلة بالسيدة ماري ميسي.
وميزة 30 حزيران كونه يوماً متعدد الجوانب بما يلائمسائر الميول والاذواق، فمن مهرجان ادبي وشعري الى موسيقى وغناء وتمثيل، الى معرض لنتاج الادباء والشعراء المحليين، وآخر للوحات فنية رائعة للفنانين والفنانات، جورج يمين، رنده عبد الاحد، تجمع المسنين العرب، انور يوسف، نجوى عاصي، سايد الحايك، اضافة الى عرض نماذج تنمّ عن تقنية عالية لمطبعة "راليا برس"، كما قام الاستاذ سليم الزبّال بالعرض الاول لبعض مقتنيات مركز المعلومات والدراسات العربية في اوستراليا، ونماذج لاكثر من 74 جريدة ومجلة عربية صدرت في اوستراليا مع كشف باسمائها.
ورغم غياب الاديب الباشا عن يوم تكريمه، فقد كان حاضراً من خلال الرابط الادبي والشعري الذي يجمع كل اديب او شاعر في العالم بنظيره، بغض النظر عن تشعّب المدارس الادبية واختلاف التظرة الى الامور والقضايا الانسانية.. ومن خلال تمثيله الرسمي بالاستاذ فؤاد نمور الذي القى كلمته، وقد منحته رابطة احياء التراث العربي في اوستراليا، جائزة جبران السنوية، تقديرا له لجهوده الجبارة في حقل الادب عامة والمهجري منه بخاصة.
افتتح المهرجان مختار بلدة مجدليا، فنوّه باسمه وباسم ابناء بلدته، المقيمين والمغتربين، بالابن البار الشاعر شربل بعيني، وشكر الاديب الباشا واهداه قلماً ذهبياً باسم من يمثّل، وكذلك رحب بالحضور على مشاركته، وكانت المفاجأة عندما اعلن عن وضع اليد العامة في البلدة على البيت الذي ولد فيه الشاعر بعيني.
ثم كانت كلمة الترحيب باللغة الانكليزية للاديب كلارك بعيني معد سلسلة "شربل بعيني باقلامهم" والتي صدر منها حتى الآن خمسة اجزاء.
وقد شارك في المهرجان، اضافة الى كلمات الادياء والشعراء التي سنثبتها كاملة:
ـ المطرب المحبوب ميشال هيفا مع فرقته الموسيقية "فرقة ارز لبنان" المؤلفة من نخبة من الموسيقيين المهجريين: بيار آرمو "اورغ"، سامي هيفا وجوزاف يموني "ايقاع"، ادوار هيفا "دف"، بدوي حرب "طبل".
ـ المطرب البير اسطفان.
ـ فرقة "مدينة الشمس" الفولكلورية التي اسستها الفنانة اللبنانية النشيطة دايان هندي، وهي تضم كذلك: جو هندي، جوان نصر، جو عبود، سيلفانا بو ملحم، جايمي وهبه، رانيا جورج، ستيفن سركيس، فيكي الهندي، دانيال بو ملحم، وراده متري.
ـ الطفلة الموهوبة ريما الياس التي كانت نموذج الطفولة اللبنانية البريئة.
ـ نجوى عاصي ورئيف البابا اللذان اظهرا مقدرة فنية من خلال "الاسكتش" الرائع الذي كتب كلماته واخرجه الديكوريست رئيف البابا.
ـ ستديو حنا "هاريس بارك"، الذي صور وقائع المهرجان مظهراً موهبته في التصوير وتقنية فنية عالية، " من يرغب الحصول على الشريط علية الاتصال بالرقم 8913340 ـ الياس حنا.
**
محمد الشرفي في منزل شربل بعيني
غصّت دارة الشاعر الاستاذ شربل بعيني بأهل القلم من أدباء وشعراء وصحفيين تحلّقوا حول الشاعر اليمني الضيف الاستاذ محمد الشرفي، في أمسية شعرية جميلة أتحف بها الزائر الكريم الحضور بمقطوعات شعرية ثائرة عن المرأة والوطن بفيض من خواطره الوثابة، وتجربته الواعية.
تخلل الأمسية مداخلات شعرية وأدبية من الأساتذة شربل بعيني، نعيم خوري، أنطوان القزي، جميل الدويهي، ألبير وهبة ورفيق غنّوم.
والجدير بالذكر أن الشاعر الشرفي حاز على جائزة جبران العالمية لهذا العام، وبسبب عدم تمكنه من الوصول في الوقت المناسب لتسلّم الجائزة في حفلة رابطة إحياء التراث العربي، فقد سلّمه إياها الاستاذ كامل المر في دار الشاعر شربل بعيني.
وقد كان الشاعر الكريم موضع حفاوة كبيرة، وخاصة من حاضن الشعر والادب في هذه الديار الاستاذ شربل بعيني، الذي استهل الامسية بالترحيب بالضيف الكبير، ثم كلمة الاستاذ الشرفي، ثم كلمة الفنانة نجوى عاصي، التي سلمته جائزة المرأة في أستراليا تقديراً لمواقفه الشعرية المناصرة للمرأة.
وقد غادر الشاعر الشرفي الى بلاده شاكراً رابطة احياء التراث العربي على جهودها المخلصة للحفاظ على التراث العربي في هذا المقلب من الارض.
البيرق، العدد 286، 28/12/1990
**
كلمة
سيداتي، آنساتي، سادتي
أيها الحضور الكريم،
غريب أمر هذا القلم، ما ان يشعر انه بصدد كتابة أدبية أو شعرية حتى تدبّ في عروقه الحياة، فينتفض من بين أصابعي ويتوثّب، كنسر يحس قضبان القفص مقصلة تشد على عنقه، فيحاول تحطيمها والانطلاق. ولا انكر اني في قرارة نفسي أود أن أطلق له العنان، غير أنني في الوقت عينه، أخاف انطلاقته، لئلا يتمرّد على عيني والخيال، وتخونني قواي فلا أقوى على اللحاق به، فيضيع وأضيع معه في سماء الحرف والكلمة.
نعم، انها سماء الأدب والشعر التي نحلّق في مداها الليلة، في هذا اليوم الأدبي المهجري الرائع، بدعوة من أهالي مجدليا الغيارى، لتكريم الاستاذ الأديب محمد زهير الباشا على دراسته القيّمة "شربل بعيني: ملاّح يبحث عن الله".
السؤال الذي يتبادر الى ذهننا ويطرح نفسه في الوقت ذاته هو: لماذا وقع اختيار الأديب الباشا على نتاج شاعر الغربة الطويلة مادة لدراسته؟ ما هي الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذا الاختيار؟
من خلال دراستي لكتاب الأديب الباشا "شربل بعيني: ملاح يبحث عن الله"، والتي نشرت في جريدة صدى لبنان عدد 624 تاريخ 29/11/1988، تبيّن لي ان تلك الاسباب والدوافع ـ حسب رأيي ـ تعود الى:
1ـ غزارة نتاج الشاعر البعيني كمّاً ونوعاً.. مما أهّله لأن يكون موضوع درس وتمحيص.
2ـ التصاق موضوعاته الشعرية بالوطن والمجتمع والانسان.
3ـ شدة علقته بالنفس البشرية وتأثيره بها من حيث القلق والشك والايمان، والرفض والثورة والحب.
4ـ تمثيله للشعر المهجري بأغلبية خواصه من حيث الشوق والحنين، وصراع المكان والزمان في نفس الشاعر.
5ـ تقاطع الخطوط بين شاعرنا والباحث من حيث النظرة الى المدارس والمذاهب الأدبية عامة، والشعرية خاصة، لجهة الصور الفنيّة التي اتسمت ـ حسبما رآه الباحث ـ بالوضوح، وخلوها من الألغاز والغموض، كذلك لجهة الأسلوب الذي تميّز بالوصف والتقرير المباشر.
في مطالعة واعية للدراسة يتخيّل لنا، أن الأديب قد كتب عن نفسه فيها.. ونستشف ان هناك انسجاماً واضحاً وتوافقاً شبه تام، بين أديبنا وشاعره، في الميول والاحلام، والرؤيا، والنظرة الى القضايا الوطنية والاجتماعية والانسانية.
ان الرغبة في أي عمل مهما كان نوعه، وخاصة في مجال البحوث الأدبية والشعرية، تنبع من أحد اثنين: إما التباين في الرأي، واما التوافق فيه، والرغبة بدورها تسلّح الباحث بالصبر، الذي يساعده على تذليل العقبات التي تعترضه طيلة رحلته مع الدراسة.. غير أن الدارس ينبغي عليه أن يكون حذراً، وفطناً الى أقصى حدود الحذر والفطنة! وأن يتحكّم بعواطفه وأحاسيسه والميول، حتى لا يحيد عن الموضوعيةـ التي هي من أهم خصائص البحث الناجح، وقد وقع الباحث في بعض الأحيان في فخ توافق هذه المشاعر والرغبات والأهواء، مما حاد به عن الموضوعية بعض الشيء.
على كل حال، ان التفاتة كهذه من أديب له وزنه وثقله على الساحة الادبية العربية، ان دلّت على شيء، انما تدل على كفاءة أدبنا المهجري والمرتبة التي بلغها، نسبة الى نظيره المقيم، وهذا اعتراف به وإقرار بجدارته.
وبغض النظر.. أين أصابت الدراسة وأين لم تصب، فإن أهميتها تكمن في:
1ـ اتصافها بالمنهجية العلمية في البحث والتحليل.
2ـ تناولها نتاجاً أدبياً مهجرياً، وبذلك تكون قد فتحت باب المنافسة الايجابية، على ما فيها من إثراء للأدب المهجري وإغنائه وتطوره.
3ـ كونها تناولت نتاج شاعر، ما زال صاحبه في العقد الرابع من العمر، وفي هذا تهشيم لقاعدة الموت والحياة والسن التي حكمت، ولا تزال في كثير من الاحيان، تحكم العلاقة بين الادباء والشعراء والدارسين.
وأخيراً لا بد من توجيه شكرنا لشاعر الغربة الطويلة شربل بعيني، فقد كان صلة روحية تمت عبرها عملية التواصل بيننا والاستاذ الباشا، فكان هذا الاتصال الروحي، والتعارف الأدبي، وكان هذا المهرجان الذي نتمنى له أن يصبح تقليداً أدبياً كل عام. وشكراً.
يوم محمد زهير الباشا ـ سيدني 1989
**
مسرحية "الطربوش" نموذج مصغّر لمجتمعات العالم الثالث
مساء الجمعة 8 كانون الأول، وعلى مسرح قاعة الاحتفالات في سيدة لبنان، أحيت مدرسة سيدة لبنان مسرحيتها السنوية "الطربوش"، وذلك بحضور حشد غفير من أهالي الطلبة ومغتربي الجالية.
و"الطربوش" مسرحية اجتماعية هادفة ناقدة، كتبها وأخرجها الاستاذ الشاعر شربل بعيني، ومثّلها تلاميذ الصفوف الابتدائية في المدرسة، وساعده في ذلك الراهبات، وبعض الطالبات من الصف الثانوي.
و"الطربوش" مسرحية نموذج عن المسرحية الكبرى التي جرت وقائعها، وما برحت تجري كل يوم في بلاد العالم الثالث ومجتمعاتها، حيث تتحكّم قلة قليلة متغطرسة مستبدة من الشعب بانسان البلاد ومقدراتها وخيراتها.
و"الطربوش" مسرحية عنوانها مستوحى من باب تسمية الكل باسم الجزء، فالطربوش الذي هو لباس الأمراء والزعماء والاقطاعيين، أضحى جزءاً من صاحبه، من حيث الجبروت والظلم والتعسّف، إذ أن كل مساس به يعتبر مساساً بصاحبه، وكل تعدٍ عليه هو بمثابة تعدٍ على الزعامة والوجاهة والاقطاع.
و"الطربوش" نجحت في أن تكون صورة صادقة ومعيبة عن مجتمع ما زال انسانه يعاني ظلم اسياده وبطشه وجبروته. ويلعب عنصر المادة في المسرحية دوراً رئيساً إذ أنه بفضل المال استطاع الزعيم الاقطاعي شراء ضعاف النفوس، وتجييرهم للعمل لمصلحته والدفاع عن مركزه، متبعاً تجاه الشعب سياسة "فرّق تسد"، إذ بهذه السياسة استطاع ان يزرع الخلاف بين كافة فئات الشعب، وأن يضربها ببعضها البعض.
ومسرحية "الطربوش" تعتبر انجازاً مسرحياً هاماً في بلاد المغترب عامة والأسترالي بصورة خاصة، وذلك للأسباب التالية:
ـ ضخامة عدد الممثلين والممثلات الذي تجاوز الـ 600 بغض النظر عن الدور الهامشي لغالبية التلاميذ، حيث اقتصر في نهاية المسرحية على الظهور وحمل الأعلام واللافتات.
ـ العمر: فكل المشتركين في التمثيل هم من الصفوف الابتدائية.
ـ المولد والنشأة: ان غالبية التلاميذ استراليو المولد والنشأة، فإذا ما نظرنا الصوت والنطق والاداء ندرك فضل الاهل والمدرسة في المحافظة على اللغة اللبنانية، وتنميتها لدى أبناء هذا الجيل.
ـ الرقصات والدبكات: وهي من تصميم التلامذة انفسهم، وقد تميّزت بانسجام مع الموسيقى من جهة، وبانسجامها بين أعضاء فرقة الدبكة من جهة ثانية.
وأخيراً، لا بد لنا من أن نشكر كاتب المسرحية ومخرجها الشاعر شربل بعيني، الذي عمل من مسرح سيدة لبنان تقليداً سنوياً ينتظره الجميع بفارع صبر كل عام، والذي ساهم ويساهم في انماء الحس الفني لدى التلاميذ، الذين من المؤهل ان يكون لهم شأن هام في عالم الفن والرقص والتمثيل. وشكرنا بالتالي لراهبات المدرسة والقيمين عليها لافساحهم المجال لإقامة هذا المسرح التقليدي السنوي، وشكرنا في النهاية لكل من ساهم في انجاح هذه المسرحية عملاً ومشاركة وحضوراً.
صدى لبنان، العدد 677، 19/12/1989
**
كلارك بعيني.. دعم للحرف والكلمة
أن تشعر بمعرفة نحو إنسان وأنت لم تره قط..
أن تحس بصداقة تربطكما ولم يجمعك به موعد ولا صدفة. حقاً انه لأمر يدعو للعجب والغرابة.
غير أن هذه الغرابة، وذاك العجب، لا يلبثان أن يدخلا في دائرة المألوف، خاصة متى كان الشخصان يحلقان بأجنحة متشابهة في سماء واحدة، ألا وهي أجنحة الحرف والكلمة في سماء الأدب والشعر.
نعم، هذا ما حصل لي والأديب كلارك بعيني، فأدركت أن تعارف الفكر والروح أقوى وأثبت من تعارف الحواس والمادة، وان صداقة البصيرة أرسخ وأمتن من تلك التي يقيمها البصر.
من هنا سر صداقة قارىء ما مع أديب أو شاعر معيّن رغم البعد الزماني والمكاني الذي يفصل الواحد عن الآخر.
بنون أربعة.. وعلى الأبواب خامس.. وشربل بعيني ما زال في مقتبل العمر.
هذا هو حال سلسلة "شربل بعيني بأقلامهم" التي تعدها وتسهر على رعايتها مادياً ومعنوياً. جهد كبير، مثابرة، عمل ضخم، تضحية لا تقدر بثمن.. كل ذلك يغدو بالامر السهل واليسير أمام نبل الهدف وعظمته وفائدته.
انني أستشف لديك شفافية الروح، وحب البذل والعطاء من خلال ارساء أساسات الكلمة واعلاء شأنها بهدف رفع مداميك البناء الادبي والشعري ليستطيع الوقوف بثبات أمام تحديّات المجتمع والمفاهيم التي خلقتها الحضارة السائدة والبعيدة كل البعد عن مفهومها الحقيقي.
نعم، ما أحوجنا الى أمثالك في زمن انقلبت المقاييس وتغيّرت النظرة الى الأمور والاشياء، واتخذت القيم المجتمعية خطاً أبعد ما يكون عن الانسانية ومبادئها.
ما أحوجنا الى أمثالك في زمن طغت فيه المادة وتعملقت فأمست لدى السواد الاعظم مقياساً لقيمة الفرد ومركزه واعتباره في المجموعة البشرية حيث يعيش.
ما أحوجنا، بل ما أحوجه الحرف الى رسل امثالك يرفعون صروحه عالياً، فيرتفع معه الانسان الى حيث ينبغي، بل يجب أن يكون. فبالحرف الهادف الواعي والكلمة الخلاقة المبدعة يرتاح العالم في أحضان السلام، ويحلّق الانسان في فضاء الحب والبراءة والعفوية.
صدى لبنان، العدد 646، 16/5/1989
**
مساء الجمعة 8 كانون الأول، وعلى مسرح قاعة الاحتفالات في سيدة لبنان، أحيت مدرسة سيدة لبنان مسرحيتها السنوية "الطربوش"، وذلك بحضور حشد غفير من أهالي الطلبة ومغتربي الجالية.
و"الطربوش" مسرحية اجتماعية هادفة ناقدة، كتبها وأخرجها الاستاذ الشاعر شربل بعيني، ومثّلها تلاميذ الصفوف الابتدائية في المدرسة، وساعده في ذلك الراهبات، وبعض الطالبات من الصف الثانوي.
و"الطربوش" مسرحية نموذج عن المسرحية الكبرى التي جرت وقائعها، وما برحت تجري كل يوم في بلاد العالم الثالث ومجتمعاتها، حيث تتحكّم قلة قليلة متغطرسة مستبدة من الشعب بانسان البلاد ومقدراتها وخيراتها.
و"الطربوش" مسرحية عنوانها مستوحى من باب تسمية الكل باسم الجزء، فالطربوش الذي هو لباس الأمراء والزعماء والاقطاعيين، أضحى جزءاً من صاحبه، من حيث الجبروت والظلم والتعسّف، إذ أن كل مساس به يعتبر مساساً بصاحبه، وكل تعدٍ عليه هو بمثابة تعدٍ على الزعامة والوجاهة والاقطاع.
و"الطربوش" نجحت في أن تكون صورة صادقة ومعيبة عن مجتمع ما زال انسانه يعاني ظلم اسياده وبطشه وجبروته. ويلعب عنصر المادة في المسرحية دوراً رئيساً إذ أنه بفضل المال استطاع الزعيم الاقطاعي شراء ضعاف النفوس، وتجييرهم للعمل لمصلحته والدفاع عن مركزه، متبعاً تجاه الشعب سياسة "فرّق تسد"، إذ بهذه السياسة استطاع ان يزرع الخلاف بين كافة فئات الشعب، وأن يضربها ببعضها البعض.
ومسرحية "الطربوش" تعتبر انجازاً مسرحياً هاماً في بلاد المغترب عامة والأسترالي بصورة خاصة، وذلك للأسباب التالية:
ـ ضخامة عدد الممثلين والممثلات الذي تجاوز الـ 600 بغض النظر عن الدور الهامشي لغالبية التلاميذ، حيث اقتصر في نهاية المسرحية على الظهور وحمل الأعلام واللافتات.
ـ العمر: فكل المشتركين في التمثيل هم من الصفوف الابتدائية.
ـ المولد والنشأة: ان غالبية التلاميذ استراليو المولد والنشأة، فإذا ما نظرنا الصوت والنطق والاداء ندرك فضل الاهل والمدرسة في المحافظة على اللغة اللبنانية، وتنميتها لدى أبناء هذا الجيل.
ـ الرقصات والدبكات: وهي من تصميم التلامذة انفسهم، وقد تميّزت بانسجام مع الموسيقى من جهة، وبانسجامها بين أعضاء فرقة الدبكة من جهة ثانية.
وأخيراً، لا بد لنا من أن نشكر كاتب المسرحية ومخرجها الشاعر شربل بعيني، الذي عمل من مسرح سيدة لبنان تقليداً سنوياً ينتظره الجميع بفارع صبر كل عام، والذي ساهم ويساهم في انماء الحس الفني لدى التلاميذ، الذين من المؤهل ان يكون لهم شأن هام في عالم الفن والرقص والتمثيل. وشكرنا بالتالي لراهبات المدرسة والقيمين عليها لافساحهم المجال لإقامة هذا المسرح التقليدي السنوي، وشكرنا في النهاية لكل من ساهم في انجاح هذه المسرحية عملاً ومشاركة وحضوراً.
صدى لبنان، العدد 677، 19/12/1989
**
كلارك بعيني.. دعم للحرف والكلمة
أن تشعر بمعرفة نحو إنسان وأنت لم تره قط..
أن تحس بصداقة تربطكما ولم يجمعك به موعد ولا صدفة. حقاً انه لأمر يدعو للعجب والغرابة.
غير أن هذه الغرابة، وذاك العجب، لا يلبثان أن يدخلا في دائرة المألوف، خاصة متى كان الشخصان يحلقان بأجنحة متشابهة في سماء واحدة، ألا وهي أجنحة الحرف والكلمة في سماء الأدب والشعر.
نعم، هذا ما حصل لي والأديب كلارك بعيني، فأدركت أن تعارف الفكر والروح أقوى وأثبت من تعارف الحواس والمادة، وان صداقة البصيرة أرسخ وأمتن من تلك التي يقيمها البصر.
من هنا سر صداقة قارىء ما مع أديب أو شاعر معيّن رغم البعد الزماني والمكاني الذي يفصل الواحد عن الآخر.
بنون أربعة.. وعلى الأبواب خامس.. وشربل بعيني ما زال في مقتبل العمر.
هذا هو حال سلسلة "شربل بعيني بأقلامهم" التي تعدها وتسهر على رعايتها مادياً ومعنوياً. جهد كبير، مثابرة، عمل ضخم، تضحية لا تقدر بثمن.. كل ذلك يغدو بالامر السهل واليسير أمام نبل الهدف وعظمته وفائدته.
انني أستشف لديك شفافية الروح، وحب البذل والعطاء من خلال ارساء أساسات الكلمة واعلاء شأنها بهدف رفع مداميك البناء الادبي والشعري ليستطيع الوقوف بثبات أمام تحديّات المجتمع والمفاهيم التي خلقتها الحضارة السائدة والبعيدة كل البعد عن مفهومها الحقيقي.
نعم، ما أحوجنا الى أمثالك في زمن انقلبت المقاييس وتغيّرت النظرة الى الأمور والاشياء، واتخذت القيم المجتمعية خطاً أبعد ما يكون عن الانسانية ومبادئها.
ما أحوجنا الى أمثالك في زمن طغت فيه المادة وتعملقت فأمست لدى السواد الاعظم مقياساً لقيمة الفرد ومركزه واعتباره في المجموعة البشرية حيث يعيش.
ما أحوجنا، بل ما أحوجه الحرف الى رسل امثالك يرفعون صروحه عالياً، فيرتفع معه الانسان الى حيث ينبغي، بل يجب أن يكون. فبالحرف الهادف الواعي والكلمة الخلاقة المبدعة يرتاح العالم في أحضان السلام، ويحلّق الانسان في فضاء الحب والبراءة والعفوية.
صدى لبنان، العدد 646، 16/5/1989
**
تصوّر الواقع وتسعى لتغييره:
مسرحية "طلّوا المغتربين" في معهد سيدة لبنان
تحصد النجاح وتضحكنا من القلب
"طلّوا المغتربين" اسم المسرحية التي مثّلها أكثر 350 طالباً وطالبة من الصفوف الخامسة والسادسة في معهد سيدة لبنان ـ هاريس بارك، الذي تديره راهبات العائلة المقدسة المارونيات، برئاسة الأخت ايرين بو غصن، ابنة داربعشتار، البلدة التي أنجبت العديد من الشعراء والأدباء والمفكرين ورجالات الوطن.
المسرحية من تأليف وإخراج الشاعر شربل بعيني، وقد حضرها العديد من فعاليات الجالية: الدينية والاعلامية والرسمية واهالي الطلبة، الذين ناب عنهم مدير البنك العربي في أستراليا السيد جايمس واكيم بإلقاء كلمة شكر موجهة لمربي أطفالهم الشاعر شربل بعيني، جاء فيها:
"عندما طلبت مني الاخت ايرين بو غصن أن انوب عن أهالي الطلاب بتقديم الشكر للأستاذ شربل بعيني على ما قدّمه من خدمات في معهد سيدة لبنان، شعرت باعتزاز القيام بهذه المهمة.. كونه بدأ نشاطه التعليمي في هذا المعهد منذ عام 1981، وكتب العديد من الكتب المدرسية والمسرحيات، وهو الذي أصدر أكثر من 25 كتاباً شعرياً، ترجم بعضها الى لغات مختلفة، كما تلقى جوائز تقديرية من مؤسسات محلية ومن الحكومة اللبنانية".
وفي الختام، اشاد واكيم بإنجازات الشاعر شربل بعيني، وقال:
"إن عمله المسرحي الذي سيعرض علينا الليلة خير شاهد على براعته التصويرية والأدبية، لذلك اغتنم الفرصة لأهنئه على كافة جهوده وعطاءاته".
وقبل عزف النشيدين الاسترالي واللبناني، اعتلت المسرح رئيسة المعهد الاخت ايرين بو غصن، والقت كلمة صغيرة نابعة من القلب، ومفعمة بأشياء كبيرة وكثيرة على حد تعبيرها، وإليكم ما جاء:
"مساء الخير وأهلا وسهلا بالجميع..
كلمتي صغيرة جداً، ولكنها نابعة من القلب، ومفعمة بأشياء كبيرة وكثيرة.. فقبل أن تبدأ مسرحية أطفالنا، أحب أن أرحب بالجميع، بالأباء الأجلاء، بأخواتي الراهبات، بممثلي الاعلام المرئي والمسموع والمقروء، بالأصدقاء والأحباء والأهل، وكل فرد شرّفنا بوجوده.
حفلتنا الليلة لا تعرف الخطابات ولا الواجبات ولا السياسة.. حفلتنا الليلة ليست حفلة كبار بل أطفال صغار عرفوا كيف يجسدون فيها أفكار الكبار وأحلام الصغار، طمع الأغنياء وتشاوف الذين أصبحوا كباراً، غنج المهاجرين الجدد، وبراءة ابن الضيعة، الذي لم تغير لون مبتكرات العصرالتكنولوجي، ولم تشوّه حياته السياسة ولا الرئاسة ولا المادة. وما عليكم أنتم الا ان ترتاحوا في مقاعدكم، وان تتنعموا بساعتين من الضحك المتواصل.
والآن اسمحوا لي أن أشكر الهيئة التعليمية التي هي حركة دائمة في هذه المدرسة، وأطفالنا الصغار الذين هم شعلة ذكاء، وكتلة ابداع، لا بل هم مجموعة من المواهب خلقها الله ووضعها بين أيدينا.
وشكري الأكبر لمن كان وراء هذه المسرحية وكل مسرحية عرضت من قبل، هذا الذي عرف كيف يستغل مواهب أطفالنا ويفجّرها على المسرح، هذا الذي أدرك ان العلم لا يكون عن طريق الكتاب فحسب، بل بالدخول الى الحياة بواقعها اليومي، عنيت به الشاعر والمربي والأديب الأستاذ شربل بعيني.
شكري أيضاً لكل شخص ساهم ويساهم، من قريب او بعيد، ان كان معنوياً او اجتماعياً او كادياً، واسمحوا لي ان انوّه الليلة بتضحيات البنك العربي خلال السنوات الخمس الماضية من أجل مساعدة المدرسة وتزويدها بأجهزة الكومبيوتر الحديثة، وكلكم، بدون أدنى شك، تعرفون من يقف وراء هذا العمل العظيم، إنه الشخص المحب المتواضع الغني عن التعريف الاستاذ جايمس واكيم، وصدقوني اذا قلت انه الغى كل مواعيده حتى يحضر المسرحية، ويبدي اعجابه، فرحه، وتقديره للعمل وللمدرسة، ناهيكم عن تبرعاته المادية من أجل تحسين القسم العربي والمسرحي في المدرسة. فله كل الشكر والتقدير.
أخيراً أتمنى لكم سهرة ممتعة مع فلذات أكبادكم وشكراً".
تحكي المسرحية قصة قرية جبلية اسمها "تل الزعرور" يدير شؤونها مجلس بلدي ينطبق عليه المثل القائل "حاميها حراميها"، فلقد انغمس اعضاؤه بسرقة أموال البلدية، ما عدا "منتورة" التي وقفت في وجههم وصاحت:
ـ بلادكن طالعه من عشرين سنة حرب، قامت وقعت بين عشرين كلب عم يتناتشوا خيراتها.
وعندما صوتوا بالاجماع على طردها من مجلس البلدية، هزّت رأسها باستخفاف وهي تقول:
ـ العمى.. ما طلع واحد منّن فيه خير لبلادو، قديش بدو يفتح هالتفتيش ملفات.. وقديش بدا تساع هالمحاكم حرامية؟
وعندما اختارت زوجة الحرامي الأكبر رئيس بلدية "تل الزعرور" مدينة سيدني للتفسّح وللمشاركة بالألعاب الأولومبية، سخر منها زوجها قائلاً:
ـ وحياتك نص شعب سيدني بدو يهرب من هالحشرة.
ولولا قلة التنانير العربية في الدورة لما ارادت ان تشارك بها:
ـ بالقليله بزيد عدد النسوان العم بيشاركوا.. ع طول الفرق العربية ما فيها نسوان.. يا عيب الشوم علينا ما منودّي ع الأولمبيك إلا رجال مشوربه؟!
وبما ان الحالة الاقتصادية في البلدة متردية للغاية، فلقد ابتهج سكانها عندما سمعوا بقدوم وفد اغترابي من أستراليا، وقرروا أن يشلّحوا المغتربين ثيابهم.. ولكن أحدهم قال:
ـ وبركي كانوا فقرا وما معن إلا إحم إحم إحم..
فأجابه رفيقه:
ـ جايين من أستراليا وما معن إلا إحم إحم إحم.. هونيك يا حبيب إمك من دون ما يشتغلوا بتوصلّن التشيكات ع بيوتن.. حكومتن دفّيعه مش متل حكومتنا.. إذا في بتمك لقمة خبز بتشلحك ياها تا ترد الأموال المسروقه.
"طلّوا المغتربين" تعالج مشاكل كثيرة، رماها الأطفال بين أيدينا، وكأنهم يسخرون منا نحن الكبار، وأهم المشاكل التي لم نتمكن من حلّها.. الطائفية:
ـ بعدنا منشرب طائفياً، ومناكل طائفياً، ومنشتغل طائفياً ومنكذب ع ألله طائفياً..
ـ إذا منضل نقسّم المدن ونكتب ع مدخلا: هيدي قلعة المسيحيه وهيدي قلعة الاسلام، قولوا ع لبنان السلام.
ـ مهووس ديني واحد بيقدر يلعب بعقول الناس وبحرق بلدنا.. كلنا إخوان لمن منتلاقى بالشارع، وكلنا اعداء لمّن منروح نصلّي..
كل عبارة في المسرحية بحاجة الى دراسة مطوّلة، رغم كوميديتها الصارمة الهادفة، التي أضحكت الجمهور حد البماء، وجعلته يتعلّق أكثر فأكثر بخشبة المسرح دون ملل أو تأفف.
وعندما حان موعد رجوع الوفد الاغترابي الى الوطن، منعهم المقبمون من العودة:
ـ لوين رايحين وتاركينّا؟ مش رح تهرب أستراليا.. خليكن هون.. انتو تعلّمتوا الحريه علّمون نصير أحرار.
وبدأت الدموع الغزيرة تنهمر على خدود أولئك الذين خططوا لسرقة اموال المغتربين، وأدركوا ان لبنان لا يقوم إلا بجناحيه: المقيم والمغترب.
وقفة مشرّفة وقفها المغتربون في نهاية المسرحية عندما رموا بأوراقهم الثبوتية بوجه رجال المخابرات الذين جاؤوا للقبض على "منتورة" البريئة، التي رفضت أن تسرق قرشاً واحداً من أموال البلدية.. وصاحوا بصوت واحد:
ـ أنا إسمي "منتورة"..
وبما أن السجون مليئة بالأبرياء، وبما أن رجال المخابرات لا يهمهم سوى ارضاء الحاكم، صاح رئيسهم:
ـ إذا كان هيك ارفعوا ايديكن وشرّفوا معنا ع الحبس.. كنّا بمنتورة وحده صرنا بألف منتورة.. يللا مين فاضي يعدّن.
بهذه الكلمات انتهت المسرحية، لتبدأ بعدها قصة مواهبنا الصغار الذين جسّدوا هذا العمل الكبير بثقة واندفاع قل مثيلهما.
ألف شكر لراهبات العائلة المقدسة المارونيات، وعلى رأسهن الأم ايرين بو غصن، وألف شكر لأطفالنا العباقرة.. وألف شكر للشاعر شربل بعيني.. وإلى القاء في مسرحية أخرى بإذن الله.
البيرق ـ العدد 1766 ـ 6 تموز 2000
**
يا عيب الشوم
عمل مسرحي ناجح مسلوخ من الواقع المعيوش
متى افتقد المجتمع المسرح، افتقد الرقيب والموجه والناقد، وكلما كان المسرح الصق بالواقع المعيوش، كان أعلق بالنفس والقلب والضمير.
ومن الأعمال المسرحية الضخمة التي شهدتها الجالية هذا العام، كانت مسرحية "يا عيب الشوم"، التي كتبها وأخرجها الشاعر شربل بعيني، واشترك في تمثيلها حوالي ثلاث مئة تلميذ وتلميذة من الصفوف الابتدائية في مدرسة راهبات العائلة المقدسة المارونيات في هاريس بارك.
والمسرحية، التي تمّ عرضها مساء الجمعة الماضي في 18 حزيران على مسرح قاعة كنيسة سيدة لبنان، وحضرها ما يزيد على الألف شخص، كانت، بحق، بمثابة منبه للجالية على الوضع المأسوي والحالة المزرية التي تعيشها.
مسرحية "يا عيب الشوم"، تعد بحق احدى الأعمال المسرحية الصميمة، حيث خاضت غمار مشاكل لم يتطرق احد اليها من قبل، إما عن عدم قدرة والمام بالمسرح، وإما عن عدم جرأة وشجاعة.
"يا عيب الشوم" مسرحية سلطت الأضواء على مجتمعنا لتكشف معايبه ومساوئه والمخاطر التي تنتظره إن هو لم يعد الى نفسه وجذوره وهاداته وتقاليده.
لقد صوّرت حالة الانحلال التي أصابت العائلة اللبنانية خاصة، والعربية عامة، حيث بدأ ينفرط عقدها شيئاً فشيئاً اثر ابتعادها تدريجياً عن الأخلاقيات التي تحدرت منها.. صورت كيف ان الزوج يصرف ماله في سباق الخيل، وتحاول الزوجة اقناعه بالعدول عن ذلك، ولما لم تفلح في ذلك، بدل ان تحنو على اولادها، اتخذت منحى عكسياً فراحت ترتاد الملاهي الليلية، وتبدد الاموال على "البوكار ماشين" وهكذا اصبح الاولاد وحيدين في البيت، يتهددهم شبح البرد والخوف والظلام، ومن ثم زاغ الاولاد عن الطريق الحق، فارتمت الابنة الكبيرة في احضان البغي والخلاعة في "الكينغ كروس"، ولكن في نهاية المسرحية تعود العائلة للالتقاء من جديد.
كما نجحت المسرحية في اعطاء صورة مضحكة ومبكية في آن عن الغني الذي جنى ماله بطرق غير مشروعة، وكيف ان وصيته كانت بعد مماته بأن يزوّد نعشه بكل وسائل الراحة والترفيه كالتلفاز والتلفون ومكيف الهواء.
ولم ينجُ الادباء والشعراء والمغنون من النقد اللاذع حيث اصبح الادب والشعر والفن مهنة للكسب المادي، فالمغني يسرق اغانيه وينكرها على صاحبها، والشاعر يسرق شعره، وما يسمى بالأديب يهاجم سائر الادباء، ويدعي بانه يستطيع ان يقزّمهم ويمسح بهم الأرض.
وكذلك كان للصحافة نصيبها من النقد، حيث ابتعدت عن رسالتها، واصبحت صحافة المناسبات الاجتماعية والماديات لا أكثر ولا أقل.
وقد كانت للجمعيات والتجمعات حصتهم من النقد، فأظهرتهم المسرحية على حقيقتهم، كيف ان كل جمعية انقسمت على نفسها واصبحت جمعيتين او اكثر، واصبحت المراكز والمناصب في خدمة الاشخاص بدل ان يكون العكس.
غير أن المشهد الذي استطاع ان يخطف الاضواء كان طاولة الشرف، التي تعبّر، حق تعبير، عن مرض حب الوجاهة والمظاهر الذي ضرب الجالية، فكل شخص يريد ان يكون مكانه على طاولة الشرف، وشرعت هذه الطاولة تطول وتطول حتى "احتلت" القاعة كلها.
مهما تكلّمنا عن هذا العمل المسرحي العملاق لا يمكننا ان نفيه حقّه، وكل ما نستطيع قوله ان "يا عيب الشوم" نجحت الى أبعد حدود النجاح.
والجدير بالذكر في هذه الكلمة الموجزة أن هذا العمل المسرحي هو السادس من نوعه من ـأليف واخراج الشاعر شربل بعيني، وتمثيل تلاميذ راهبات العائلة المقدسة المارونيات.
فهنيئاً للجالية براهبات سيدة لبنان راعيات صالحات يقدن القطيع الى برّ الأمان.
وهنيئاً للجالية بهكذا تلاميذ براعم ذكية تتفتّح في هذا المفلب من الأرض.
وهنيئاً للشاعر شربل بعيني برائعته هذه، والى مزيد من النجاحات، والف مبروك.
العالم العربي ـ العدد 30 ـ 25/6/1993
**