مارون تادروس يلتقي شربل بعيني

عكس السير
أستاذ شربل بعيني..
انا أشكر انتقادك الأدبي اللاذع..
ولكن من يسمع أو يفهم..
لقد تناولت هذا الموضوع في عدة برامج إذاعية والكل وافقني على انتقادي الشديد لهؤلاء المتطفلين على الأدب وأهل الكلمة في هذه الغربة.. لأن الكيل قد طفح، وأنا كنت، خلال تقديمي الحفلات والندوات وغيرها، أوجه كلمة غاضبة الى هؤلاء الثرثارين المشغولين في مسح صحون المازات وغيرها وهم يثرثرون غير آبهين مما يحدث على المنبر..
مرة على الهواء مباشرة قلت لي يا أستاذ شربل بأني ماشي عكس السير وفسرت لي ماذا قصدت..
واليوم تفاجأت بهذا السير المعاكس أم عودتني الى قول الحقيقة اليوم يعني ماشي بعكس السير وحامل السلم بالعرض.. بالاخير أبقى تلميذك أستاذ شربل بعيني ولا تعذب قلبك الكبير كثيراً. 
جالية يأكلها الاهتراء ومن جميع الجهات وعذرا منك. دمت لنا.
**
 درع الأدب المهجري
أستاذ شربل بعيني ليس فقط عميد الأدب المهجري، بتنوّع غزارة مؤلفاته، بل هو درع الأدب المهجري، وأبواب الجحيم لن تقوى عليه.
صحيح أن الكون كله، في يومنا هذا، يعيش على الخداع والتزييف ولكن ما من أحد يستطيع ان يمحو الأصيلين مثل الأستاذ شربل بعيني.
**
لقاء مع الشاعر شربل بعيني
سنلتقي اليوم، عبر أثير إذاعة الشرق الأوسط، مع الشاعر الكبير شربل بعيني، الذي لن أعرّف عنه لأنه غني عن التعريف، لذلك سأبدأ بالسؤال الأول:
ـ أستاذ شربل.. أنا أعرف أنك شاعر وطني، هل ابتدأت مسيرتك الأدبية كشاعر وطني في الغربة أم في الوطن.
* في الوطن والغربة معاً، ةلكنها تبلورت أكثر في الغربة، لأن الحرب اللبنانية اللعينة لم تعطني مجالاً لكتابة أشياء متنوعة، فلقد كانت طاغية وبغيضة، لدرجة أنها كادت تقضي على وحدة الشعب اللبناني، المسالم، الراغب في العيش الكريم، كونه لا يهتم بالطائفية، لا بل هو أبعد ما يكون عنها، لهذا يسمون لبنان: وطن التعايش الأخوي.
ـ ما هي أضرار الحرب اللبنانية ألأكثر فتكاً بالناس؟
* الحرب، وللأسف، رغم الدمار الهائل، تمكنت من الدخول الى النسيج اللبناني، لتقضي على بذرة اللاطائفية، لذلك أردت أن تكون جميع كتاباتب عن الوحدة الوطنية، ومحاربة الطائفية، كي نتمكن من إنقاذ الوطن.
ـ وهل أنقذت الوطن؟
* بينما كان الناس يَقتلون ويُقتلون على الهوية، بسبب انتماءاتهم الطائفية، كنت أقف على مسارح سيدني وأصيح:
بؤمن بألله وعيب أكد هالايمان
بؤمن بعيسى وبالرسول كمان
بؤمن بإنجيلي وبالقرآن
بؤمن بوحدة شعب
عاش برضى وبحب
ع أرض لبنان
وكنت أصرخ أينما حللت خطيباً: ان هذه الحرب لا يمكن أن تكون طائفية، لأن الشعب اللبناني شعب واحد، تجمعه جيرة واحدة، وسيعود، رغم الآلام، الى وحدته، وهذا ما حصل.
ـ رسالتك المقدسة هذه، تستأهل مني تحية. وأتمنى أن يحملها كل فنان وكل شاعر وكل أديب يحب وطنه. سؤالي الآن: ماهي نشاطاتك الفنية في حقل الغناء، طالما أن الشاعر هو الأساس في الأغنية.
* لقد كتبت الكثير من الأغاني الوطنية، وأنت الآن، ونحن نتكلّم، تبث إحدى أغنياتي للفنانة الطفلة ريما الياس، بعنوان "استقتلك يا جدي".
   وقد غنت لي هذه الطفلة العجزة الكثير من الأغاني الوطنية. كما غنّت لي السيدة هند جبران قصيدة "الصوت العالي" التي لحنتها الفنانة وفاء صدقي، وقد أحدثت هذه الأغنية ضجة كبيرة في لبنان، لأن الإذاعات اللبنانية، كانت تبثها باستمرار تكريماً للفن وللأدب المهجري.
   وقد ركّزت في الوقت الحالي على التعامل مع ريما كونها معجزة فنيّة حقاً.
ـ لأن تبدأ الطفلة ريما الياس رحلتها الفنية مع شاعر بمستوى شربل بعيني، فهذا بحد ذاته معجزة.. فهل سيكتفي شربل بعيني بتشجيع ريما فقط؟
* بالطبع لا.. فكل انسان يستأهل التشجيع سأقوم بتشجيعه. الآن، استاذ مارون ينساب الى سمعي صوت ريما وهي تغني باللغة الانكليزية، هل بالإمكان تعلية الصوت؟
ـ أكيد.. فلنستمع الى ريما..
....
ـ هل تعتقد، استاذ شربل، أن ريما ستكمل طلايقها مع الفن الانكليزي، أم ستتوقف عند هذه الأغنية؟
* للحقيقة أن ريما تتلقى الكثير من الدؤروس الفنيّة باللغة الانكليزية، وأعتقد أنها ستصدر ألبوماً كاملاً كي تظهر مقدرتها الغنائية في هذا المجال.
ـ ولماذا هذا التحوّل الى الانكليزية، وقد أبدعت بالغناء العربي؟
* نجاحها في اداء أغنية "يا بلبل" التي كتبت كلماتها باللغة العربية، وترجمها الدكتور آميل شدياق لى الانكليزية، ولحنها الموسيقار ألأسترالي ستيف وود، الذي شجعها على المسير في هذا الطريق على ما أعتقد.
ـ هذا شيء رائع.. وأعتقد أن القلّة من الفنانين العرب، قد تمكنوا من الوصول الى هذه الدرجة الفنية.
* وأتمنى أن يصلوا..
ـ اسمح لي أن ألهب الجو بعض الشيء، وأن أسألك سؤالاً قد يكون محرجاً لك. ما رأي شربل بعيني ببعض الذين يدّعون أنهم شعراء؟
* سؤالك محرج حقاً.. ومع ذلك أحب أن أهنئك عليه، وأن أهنىء كل من يعطي بصدق من أجل رفع شأن أدبنا المهجري. أما الذين يضعون العراقيل أمام مسيرتنا الأدبية، فأقول لهم: سامحكم الله. لأن ليس بإمكان أحد أن يعرقل مسيرتنا الأدبية.
   وصدقني أن العديد من الشعراء يحاولون محو الغربة، والتخفيف من آلامها، بقصائدهم الرائعة. فلهؤلاء أقول: أنا معكم، والجالية معكم، والله معكم. لا تخافوا أكملوا الإبداع.
ـ هل يوجد أي عمل تنسيقي بينك وبين الشعراء الآخرين أستاذ شربل؟
* دائماً وأبداً.. فقط مع الشعراء الشعراء، وليس مع كل من لم يميّز بين حرف أللف وفيء المئذنة.
   وكما تعلم، استاذ مارون، فكل من كتب رسالة الى أمه، راحوا يطلقون عليه لقب أديب!. وصدقني أن هناك حالة من التهريج الأدبي وجب علينا إيقافها بسرعة.
   فالأديب يجب أن يمتلك الموهبة أولاً، والعطاء ثانياً، وإقناع القارىء ثالثاً، وأن يترك وراءه مؤلفات أدبية يمكننا أن نعود إليها، وإلا سنظل نعاني من أشخاص يصعدون المنبر للكلام، ليسببوا لنا ألماً في الرأس قد لا تشفينا منه المسكنات. هذا ليس أدباً.. إنه قلّة أدب.
ـ أوافقك الرأي بالمئة بالمئة.. ولهذا سألتك هذا السؤال الساخن، لأسمع هذا الجواب الأسخن..
   بالسابق التقيت بالعديد من الشعراء والفنانين، الذين قالوا انهم يحملون نفس الرسالة الوطنية، ولكن البعض منهم كان رأيهم مخالفاً لرأي الشاعر شربل بعيني، الذي، ومنذ البداية، حمل اسم الوطن، فهل كان هناك نقد في شعرك؟
* أجل كان هناك نوع من النقد، مثل أي شاعر مهجري، لأن الكلمة الخائفة لا تقدر أن تصل الى أسماع الناس وتحرك مشاعرهم.
   أغلاط كثيرة حدثت في الجالية، أو في لبنان من قبل السياسيين، وكنت لها بالمرصاد، وكنت أزيح عنها كل ما يخفي حقيقتهم وبدون رحمة، لذلك أصبح البعض يقول: شربل بعيني ضمير الجالية.
ـ أنا من قال ذلك أستاذ شربل..
* أنت دائماً السبّاق في محبتك، وأنا أتحدى عبر أثير إذاعة الشرق الأوسط، أي إنسان يقول: ان شربل بعيني تغيّر من هذه الناحية، ولو قيد أنملة، من اليوم الذي أتيت غربتي الى الآن.
ـ هل لك في نهاية هذا اللقاء ان تسمعنا إحدى قصائدك أستاذ شربل؟
* سأسمعك قصيدة "ليش حبيتك؟":
ـ1ـ
عَمْ تِسْأَلِينِي لَيْشْ حِبَّيْتِكْ
وْلَيْشْ جُوَّا الْقَلْبْ خِبَّيْتِكْ
وْمُشْ عَارْفِه تِخْمِينْ؟!
صَرْلِي سْنِينْ سْنِينْ
رَاسْمِكْ صُورَه بْعِينَيِّي
مْلَوّنِه بِالْحُبّْ
وِمْزَيّنِه بِزْهُورْ حِنِّيِّه
وْعَمْ فَتِّش عْلَيْكِي
عَ أَلْف دَرْب وْدَرْبْ
يِمْكِنْ عْلَيْهَا انْطَبْعِت جْرَيْكِي
وْيِمكِن تْكُون تْوَصِّل لْبَيْتِكْ
صَدّقِينِي.. دِخِتْ تَا لْقَيْتِكْ!
ـ2ـ
لْقَيْتِكْ حَقِيقَه سَاطْعَه قْبَالِي
مِتْل النّجوم الْـ بِالسَّمَا
وْمِن كِتِرْ وَهْجِكْ صِرْتْ خَافْ مْنِ الْعَمَى
وْصِرْتْ مِنْ حَالِي
غَارْ عَ حَالِي
وْيَامَا وْيَامَا عَنّ عَ بَالِي
إحرُم عْيُونِي
تِلْمَح خْدود.. شْفَافْ مَجْنُونِه
وْشَعرْ أَسْوَدْ حَامِل لْيَالِي..
ـ3ـ
لَوْ كَانْ فِيكِي تِجْمَعِي دْمُوعِي
كِنْتِي عْمِلْتِي نَهْرْ
وْلَوْ كَانْ عِنْدِكْ وَقْتْ تِقْرِي شِعْرْ
كان الشِّعر خَبَّرْ
قِدَّيْشْ دِقْت الْقَهْرْ
وْقِدَّيْشْ كِرْمَالِكْ كِنِتْ إِسْهَرْ
وْتِسْهَرْ مَعِي شْمُوعِي..
ـ4ـ
كِنْتِي بْقَلْبِي قَبِلْ مَا تْكُونِي
وْكِنْتِي وَحِي فْكَارِي
وْكِنْتِي تْنَامِي بَيْنْ أَشْعَارِي
وْعَ مْخَدّتِي يَامَا غْفِيتِي سْنِينْ
وْيَامَا رْقَصْتِي فَوْقْ آهَاتِي
عَ صَوْتْ قَلْبِي الْـ كانْ مِتْيَتَّمْ حَزِينْ
الْـ خَلاَّ الدُّمُوع تْجِفّ بِعْيُونِي
وْخَلاَّ حَيَاتِي تِكْرَه حْيَاتِي
وْخَلاَّ لْسَانِي يِعْلُن جْنُونِي
ـ5ـ
وْبِالآخْرَه لْقَيْتِكْ:
نَايْ وْمُوسِيقَى وْعطرْ
وْأَلْفْ قِطْعِةْ شِعرْ
بَدِّي جْنُونْ الدَّهرْ
تَا أَلِّفُنْ.. مَا عَادْ عِنْدِي عُمرْ
وِلْهَالسَّبَبْ يَا نُورْ عِينَيِّي
انْكَانْ بَدِّكْ تِشفقِي عْلَيِّي
لا تِسْاَلِينِي لَيْشْ حِبَّيْتِكْ؟
ـ سؤالي الآن أستاذ شربل عن مصدر، أو منبع شعرك، هل هو الجمهور الذي يعشق أشعارك، أم هناك مصدر آخر لا أعرفه؟
* الجالية العربية في أستراليا أعطتني الكثير من الدعم والتشجيع، وأعتقد أن شربل بعيني كان الشاعر الوحيد الذي تكرّم في حياته عدة مرات، على سبيل المثال لا الحصر، تكريمي في السفارة اللبنانية في كانبرا، بحضور السلك الدبلوماسي العربي، إيام السفير الدكتور لطيف ابو الحسن، وأيضاً في القنصلية اللبنانية العامة في سيدني بحضور دبلوماسي أسترالي، إيام السفير جان ألفا.. وغيرهما الكثير الكثير.
   يجب أن تعطي الجالية كي تعطيك، وإلا لما كرمتك على المستوى الدبلوماسي والشعبي. أنا أعطيت الجالية بصدق، وأنا على استعداد أن أعطيها دمي لو طلبته مني.
ـ أشكرك استاذ شربل على هذا اللقاء الشيق، وأوجه التحية لك ولجمهورك الكبير، ولمستمعي إذاعة الشرق الأوسط. وإلى اللقاء.
* وأنا بدوري أشكرك إستاذ مارون تادروس، وأتمنى أن يصل صوت اذاعة الشرق الأوسط الى الشرق الأوسط، وكل العالم.
إذاعة الشرق الأوسط ـ 1995
**