شربل بعيني.. أحد أحفاد أساتذتي/ د. تاج السر الحسن

أديب سوداني معروف
     لـم أكن أصدّق عيني وأنا أتحدّث إلى واحد من أحفاد أساتذتي شعراء المهجر الكبار، حتى أتيح لي اللقاء بالشاعر الصديق شربل بعيني، فرأيت في وجهه البشوش طيبة أهل لبنان. وما أن قرأت قصيدته المربديّة، حتى أحسست فيها بصدق الشاعر، وأصالة التجربة.
   لـم أكن أصدّق نفسي أن تتكرّر الغربة مرّة أخرى. ألـم يكفنا نحن أهل الشرق ذلك الإغتراب الطويل المرير؟ لقد اغترب جبران، وأبو ماضي، ولكن أن يغترب جيلنا فذلك أمر عصيب، لن ينقذنا منه إلاّ الشعر، الشعر الحقيقي الصادق، مثل ذلك الذي وجدته في قصيدة الصديق شربل بعيني. تمنيّاتي لك ياشربل: المزيد من الإزدهار في حياتك الإبداعيّة.
السودان، 1987
**
ماذا أقول لك؟
   أخي شربل بعيني
   تحيّة طيّبة وبعد،
   بمزيد من السرور تلقّيت رسالتك الرقيقة. ماذا أقول لك عن حياتي؟: ولدت عام 1935 بجزيرة أرتولي، من أعمال المديريّة الشماليّة بالسودان. تلقّيت تعليمي الإبتدائي بالسودان، أمّا تعليمي الثانوي والعالي فقد تلقّيته بجمهوريّة مصر الشقيقة، حيث أكملت دراستي بجامعة الأزهر عام 1960، كليّة اللغة العربيّة. صدر لي الديوان الأوّل قصائد من السودان بالإشتراك مع الشاعر السوداني جيل عبد الرحمن، ثـم أصدرت بعد ذلك ديوان القلب الأخضر في جمهوريّة مصر العربيّة عام 1968، عن دار الكاتب العربي. يصدر لي هذه السنة ديوانان من الشعر في بيروت، وكذلك كتاب في النقد الأدبي، عنوانه الإبتداعيّة في الشعر العربي الحديث، وأعمال أخرى في علـم الجمال، ومجموع مقالات في "السياسة والأدب"، وإعادة طبع ديوان القلب الأخضر من دار الجيل بلبنان.
   شكراً يا شربل على إهدائك الكتابين لشخصي المتواضع، وقد استمتعت فعلاً بالإطلاع عليهما، وعندما يتم طبع كتبي أعدك بإرسال نسخ منها إليك".
20 كانون الأول 1988
**
الأرض الساخنة
   عزيزي شربل بعيني
   تحيّة طيّبة من الأرض الساخنة، فدرجة الحرارة هذه الأيّام في الخرطوم 47 درجة فهرنهايت، فاعذرني لكسلي في الردّ عليك، وإن كان خطابك العزيز، وقصاصات صدى لبنان بين يديّ لا تفارقني، أقرأ ما سطّرته بيراعك الشاعر.
   شكراً لك، عزيزي، على تعريف شخصي الضعيف لدى القرّاء عندكم. كما اطلعت على (ستوب)، ووجدت فيه تلك النبذة التي كتبتها عن شعركم البديع. ولا شكّ أن كتاب شربل بعيني بأقلامهم قد كان جميلاً.
   قبل، كتبت عن (الشعر القومي) في صحيفة السياسة السودانيّة، وهذا يعني أنني أحبّ الشعر العامي، ولا أتردد في قبول أي كتاب يصلني منك في هذا الموضوع.
   وفي الختام، تقبّل خالص تحيّاتي، وعميق ودي، وشكري وتقديري.
30 أيّار 1988
**
عظيم شكري
عزيزي شربل بعيني
   تسلّمت الكتب ورسالتك ضمنها. 
شكراً لك يا صديقي على هذا الوفاء لأخيك.. 
وما أجمل غزارة هذا الإنتاج.
   أكتب إليك، وقد زالت موجة الحرّ الجهنميّة، وحبانا اللـه بأمطار جعلت الجوّ جميلاً غائماً، يشبه ما لديكم.
   كنت البارحة عند بعض الأخوة الناشرين، وسمعت كلاماً جميلاً، وهو أن بعض الأعمال ستصدر، إنشاء اللـه، خلال الشهرين القادمين، وخصوصاً كتاب الإبتداعيّة في الشعر العربي الحديث، الذي حدّثتك عنه بالمربد. أملي كبير في صدور تلك الأعمال، حتّى أقوم بردّ الجميل لك يا أخي شربل العزيز.
   أمّا التعليق على أعمالك فأتركه إلى رسالة أخرى. لك عظيم شكري، وفائق تقديري وودّي.
10 تموز 1988
**
كارثة
   عزيزي الشاعر والصديق شربل..
   لك التحيّة والشوق..
   لا زالت أفضالك تترى عليّ، فلقد تسلّمت طرد الكتب الأولى، والتي ما زلت أستمتع بقراءتها. وتسلّمت أخيراً مؤلّف الأستاذ كامل المر عنكم، وأيضاً فرحت به واطلعت عليه.. وقد جاءت رسالتك وقد حملت مشاعر الصداقة المخلصة القلقة علينا. وبالفعل، كانت الكارثة كبيرة يا صديقي شربل، ولكننا تجاوزناها والحمد للـه. وقد كان لرسالتك أثرها الطيّب على النفوس. شكراً لك لهذه المشاركة الأخويّة.
   نحن بخير، وبيتنا، الحمد للـه، لـم يصب بسوء، وإن تضرّر إخوة لنا كثيرون من الجيران. كما أن أهلنا بالمديريّة الشماليّة واجهوا الكثير من العناء، بعد أن فاض النيل، وأغرق العديد من الجزر، أو كاد يغرق بعضها.
   مرّة أخرى لك منّي فائق التمنّي، وخالص الود. إطمئن يا أخي فما زلنا بخير. وإلى لقاء قريب حيث تتيح الظروف معك ذلك اللقاء.
   للآن لـم أستلم كتبي من بيروت لأردّ لك الجميل.
16 تشرين الأول 1988
**