تحيّة وإكراماً..
تسلّمت منذ أسابيع خلت كتابكم القيّم شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه دراسة الأستاذ محمد زهير الباشا، فتفيّأت دوحته خلال سويعات عذاب.
أبحر شراعي الضائع في بحركم، باحثاً معكم عن الشاطىء الذي ما زلتـم تبحثون عنه في كلّ حدب وصوب.
لست أدري هل تصل؟!.. أم نصل معاً إلى الملأ الأعلى حيث شفافية الروح، وصفاء النفس، والقدرة الساميّة المترفّعة عن الأدران الأرضيّة.
السرّ الإلهي، يا أخي شربل، هو محور البحث عن اللـه. ولكن هل لنا نحن الشعراء أن ندرك تلك الخفايا وراء عالـم الغيب.. وأن نسمع ذلك الصوت الهاتف من أعماق الكون ؟!.. فالعذاب والقهر والعبودية والمادة ليست سوى جدران ضبابية تحجب عن أنظارنا اللـه.. وحب الزعامة والجشع والطمع والإضطهاد ليست غير رياح هوجاء تقذف بشراعنا إلى اليمّ المظلـم، وتمنع هذا الملاّح الباحث عن اللـه من متابعة الدرب نحو الشفافية والضياء والنور.
إذن لنتابع الإبحار بحثاً عن اللـه ـ والأمر يومئذ لمشيئته ـ والمعجزة الكبرى هي السير نحو الهدف، والإبحار نحو الأمل.
الغربة يا صديقي شربل هي مدرسة الشاعر المهجري، وما دمنا نعيش في المهجر، سنظل نبحث كل يوم عن اللـه بين ضباب الفكر، وخلف جدران العقل.
أشدّ على يدكم مباركاً، وضمّة حبّ وتقدير، وإلى مزيد من العطاء الفكري والأدبي.
7 آذار 1989
**
ليلى المجلة
أخي العزيز شربل بعيني
أطلّت عليّ منذ أسابيع خلت ليلى، حاملة بين ثناياها قواوير عطور أدبيّة وثقافيّة، اختصرت ألف ربيع ندي الشذا من بلادي.
وكلّما قلّبت صفحة جديدة فاح دوني عطر أرقّ وأندى. فالحروف عندما نزرعها فوق القرطاس عليها أن تتحرّر رغم أنف الزمن.
ولدت ليلى المجلّة يوم وجدت المرأة في قلبكم، والشعر يا أخي شربل يأتي بألف معجزة ومعجزة. وأول معجزة هي ولادة ليلى خلف الشاطىء الثاني، بعيداً عن أرض الآباء والأجداد، حيث التعامل مع لغة الضاد هو أمر طبيعي.
فلننتظر إذن معجزة ثانية وثالثة، تطلّ علينا بين سانحة وأخرى من أستراليا، موطن العطاء الخيّر الباذخ، وموطىء الخطى الثابتة السائرة أبداً نحو مستقبل أفضل، وغد واعد بمواسم خير وعطاء.
هل استعرتـم عيون "زرقاء اليمامة"؟.. أم أن عيون الشعر كانت كافيّة غداة أنبأتكم بهذا المولود الميمون ليلى، والتي نتمنى لها كل ازدهار وتقدّم بين أحضانكم.
السعي المضطرد لا تخبو له جذوة في قلبكم، والهمّة القعساء هي أول حجرة نرجم بها أول من ينظر إلى المجلّة بعين الحسد والغيرة. فإلى الأمام يا أخي شربل، ونحن نعد اللـه وليلى، شعراء وأدباء المهجر معكم للأخذ بيد كل عمل قيّم، وجهد مـثمر خلف البحر. الطريق متعب وشاق، والعثار لا يمكن حصرها، وأنتم أدرى بذلك، ولكن الهدف.. والهدف وحده يمكن أن يمهّد الطريق، وينتزع العثار واحدة تلو الأخرى نحو غدٍ مشرق، مفعم بالأمل والتفاؤل. "وإرم" تبقى قريبة دون كل مسافر يحدو به أمل، ويهدهد مساعيه هدف.
ليلى المجلة هي في قلوب الجميع. ونرجو لها حياة مديدة وازدهاراً مضطرداً إلى ما فيه خير الضاد في هذا المهجر.
7 شباط 1996
**