رباعيّات شربل بعيني/ روبير خوري

صاحب مجلة صوت الشاعر
     مثله مثل الكثيرين الذين غادروا لبنان إلى بلاد الإغتراب سعياً وراء لقمة العيش، حاملين معهم آمال محطّمة ووجع الغربة، ولكن..
   هكذا الشاعر شربل بعيني غادر بلاده إلى أستراليا، وحلّ هناك ضمن الجالية اللبنانية العريقة، التي حملت معها من لبنان، كل لبنان، التقاليد، العادات، الأعياد، حتى أسماء الشوارع والقرى. 
   والشاعر شربل بعيني اغترب وحمل معه، إضافة إلى ما ذكرت، الشعر الشعبي اللبناني، وهو الذي له في هذا الميدان الشعري الباع الطويل، والذي ساهم بقوة في تحريك عجلة الشعر الشعبي في أستراليا، ربما أكثر من غيره، فهو الشاعر الذي له أكثر من عشرة دواوين بالشعر الشعبي اللبناني.
   ومن بين كتبه العشرة، اخترنا اليوم كتاب رباعيات، 126 صفحة، حجم عادي، مزدان برسوم للفنّان المهجري ميشال رزق.
   يقول الأستاذ موريس عبيد في تقديم رباعيات: "فشربل بعيني هذا الشاعر الإنسان، الغزير العطاء، المرهف الحسّ، شاءه اللـه أن يكون المترجم الأدبي، والناقل الصادق، روعة كونه الصغير إلى المجتمع الذي ترعرع وعاش في صميمه". خاتماً بقوله: "رباعيّاته تمتاز بالجرأة، وتتناول جوانب الحياة بعنفوان وكبر".
كِرْمال عَيْنِك بَسّ يا بْلادي
زْرَعت بِالغُربِه شِعْر وِزْهورْ
وْضِلَّيت طول الوَقْت عَمْ نادي:
يْدُوم عِزِّكْ.. وِالقَلْب مَقْهورْ
   بهذا المقطع يبدأ شربل بعيني رباعيّاته، التي كتبها وهو بعيد عن وطنه لبنان، والتي تبيّن لنا التصاقه بوطنه، وتعلّقه بأرضه الطيّبة، حيث تقرأ له في مكان آخر:
عْلَوَّاهْ لَوْ فِيِّي يَا ضَيْعِتْنَا
رَكِّبْ جْنَاحْ.. وْطِيرْ بِالْعَالِي
تَا غِطّ غَطَّه عَ سْطَيْحِتْنَا
وْزُورْ كَرْمِي الْـ زَارْعُو دْوَالِي
   وبلحظة من لحظات الرجوع إلى الذات، يتذكّر الشاعر شربل بعيني يوم انسلخ عن أرضه الطيّبة مختاراً الغربة ليقول وهو يسمع، ويعاني مما وصل إليه الشعب اللبناني متسائلاً:
لَيْش صِرْنا بْهَالدِّنِي مْسَبِّه
وِتْشَرْشَحِتْ بِالْكَوْن قِيمِتْنَا؟
وْلَيْش انْسَلَخْنَا عَنْ أَرْض خِصْبِه
وْجِينَا انْزَرَعْنَا بْأَرْض غُرْبِتنا؟
   رباعيات شربل بعيني غنيّة بالصور الشعريّة، فهذا الشاعر تدرّج برباعيّاته من الوطنيّات، إلى الوجدانيّات، إلى الحب، الذي أعطاه القسم الوافر من رباعياته، فبعد أن نراه شاعراً متمرّداً بـ:
تَا نْكُونْ أَقْوَى مْنِ الرِّيَاح الْعَاتْيِه
الْـ حَصْدِتْ سَنَابِلْنَا اللِّي بَعْدَا خُضْرْ
لازِمْ نْقَاوِم هَـ العادات الْبَالْيِه
وْعَ كِلّ مَفْرَق دَرْبْ نِزْرَعْ شِعْرْ
   نعود ونراه مستعطفاً حبيبته عدم الرحيل، وهو الشاعر الأعزب الباقي إلى الآن:
إنتي الطُّهْر إِنْتي.. يَا شَمْعَه بْدَيْرْ
يَا زَنْبَقَه الْـ غَار الزَّهر مِنِّكْ
طَلّتِكْ كَانِت سَعادِه وْخَيْرْ
لا تِرْحَلِي.. مَا لِي غِنَى عَنِّكْ
   وبعد.. شربل بعيني، الشاعر المغترب، صاحب العشرة دواوين شعر، جال بكتابه رباعيّات على مجموعة مواضيع متعدّدة، سكبها بقالب شعري مميّز، وكأنّي بهذا الشاعر الملهم، أراد برباعياته أن يفرغ ما في جعبته من مواضيع في كتاب واحد، باحثاً بالإنسان، الأرض، الطبيعة، الإغتراب، الحب.
   ونقلب الصفحة الأخيرة من كتاب رباعيّات، فنقرأ للأديب جوزيف بو ملحم، يختم هذه الرباعيّات، ويقول معرفاً عن الشاعر: (عندما يقال شربل بعيني في أستراليا، يعرف الجميع أن الشعر هو بيت القصيد. فشربل والشعر توأمان في هذه البلاد، حتى أصبح تجنيّاً ذكر أحدهما دون الآخر.
   خسة عشر عاماً في المهجر، وعشرة دواوين شعر، وكتابان مدرسيّان، وسيرة حياة. هذا هو شربل بعيني، وكفى).
صوت الشاعر، لبنان
**
تكريم شربل بعيني
   بدعوة من الجمعيّة الخيرية الإسلامية العلوية، وفعاليات الجالية اللبنانية والإعلاميّة في مدينة (بانشبول) بأستراليا. أقيم حفل تكريمي للشاعر المهجري شربل بعيني، بمناسبة صدور ديوانه مناجاة علي. كان ذلك مساء السبت 7 تشرين الثاني 1992، في قاعة غرانفل ـ تاون هول.
   حضر الإحتفال جمهور كبير من خيرة وجوه الجالية اللبنانيّة، بالإضافة إلى مجموعة من رجال فكر وإعلام أستراليين، وقد رعى الإحتفال سعادة السفير اللبناني الأستاذ لطيف أبو الحسن، كما شارك فيه الأديب اللبناني جورج جرداق.
   وقد تكلّم في هذا المهرجان فضيلة الشيخ كامل وهبه، والشاعرة الأستراليّة آن فيربرن، الآنسة ليلى الأيوبي، الآنسة نجوى عاصي، الأستاذ مايكل هولنغورث، الأستاذ رفيق حمّودة، والأستاذ كامل المر.
   ومما جاء في الدعوة: تكريم شربل بعيني هو تكريم لكل أديب مهجري، ولكل مغترب رمت به رياح الظلم على شطوط الغربة، ولكلّ من آمن بالإنسانيّة الشاملة.
   صوت الشاعر بدورها تهنّىء الشاعر شربل بعيني على هذا التكريم، الذي سرّنا أن يكون لشاعر زجلي من بلادنا، تتمنى له دوام النجاح في عالـم الكلمة.
صوت الشاعر العدد 31 ، كانون الأول 1992
**
رفيق الكلمة
صديقي الشاعر شربل بعيني المحترم
يا رفيق الكلمه الحدّه
الرافقت الكل بشوطك
اشتقنا عليك، ومن مدّه 
ما عدنا سمعنا صوتك
   اغتنمت فرصة سفر السيّدة دورس دوماني عا أستراليا، تا إبعتلك هالرساله المتواضعه، اللي بتحمل إلك شوقي ودعائي باستمرار نجاحك الأدبي والشعري.
   صديقي: بسألك عن أشغالك وأحوالك، وبتمنالك كل خير. زوّدنا بأخبارك الشعريّة، إذا بيهمّك، ونحنا حاضرين لنشرها عا صفحات صوت الشاعر.
   إذا بتريد أي خدمة من لبنان، نحنا حاضرين، ومنتمنى استمرار التواصل الفكري والشعري بيننا.
**
محبة صديق
   الصدفه اللي أوقات بتغيّر كتير من مجاري الأمور.
   .. صوت الشاعر اللي قرّبت المسافات البعيدة.
   .. كلمتنا اللي كانت الحافز المباشر لهالتلاقي الفكري بيننا.
   هالتلات عوامل بتأمّل تزيدنا تعارف بطريق المستقبل.
   استلمت هديتك اللي هيّي أهم شي بنظري ممكن يهديه إنسان لإنسان. هديتك اللي بعتبرها دَين وما بقدر ردّو. لأنّو شربل بعيني الشاعر والأديب اللي هداني عصارة فكرو الشعري والأدبي بدون معرفة سابقة، لا بد إنّو يكون إنسان محبّ وصادق.
   يا عزيزي بكل تواضع بهديك أعداد مجلّة صوت الشاعر، هالمجلّة اللي بتأمّل تتصفّحا وتنال اهتمامك.
   بيسرّني، وبيسرّنا بصوت الشاعر إنّو نكسب محبّة صديق، وإنّو يصير في بيننا تواصل، وتبادل شعري، ومنتأمّل يكون لصوت الشاعر محطّة ترتاح فيا بأستراليا عند شاعر كبير بيقدّر قيمة الشعر.
   صفحات صوت الشاعر مفتوحة لشعرك وأخبارك، وقلوبنا مفتوحة لمحبتك.
   بكرّر شكري لمبادرتك بالإتصال بصوت الشاعر، وبشخصي، وبتمنى نلتقيك بالوقت القريب بلبنان.
12 حزيران 1992
**
موسوعة الشعر العامي اللبناني
ولد شربل بعيني في بلدة مجدليا، قضاء زغرتا، في العام 1951.
تلقى علومه الدراسية حتى صفوف الكالوريا في مدارس طرابلس.
أحب الشعر وهو لا يزال على صفوف الدراسة، وأول كتبه الشعرية أصدرها عام 1968 بعنوان "مراهقة"، وثانيهما "قصائد مبعثرة" في العام 1970.
في العام 1971، سافر الى أستراليا، وسكن في قرية (هي مدينة) "باراماتا" (الأصح ماريلاندز)، التي تقع غربي سيدني، ومنها بدأ عمله بتسجيل أغانٍ لبنانية على شرائط وبيعها الى المغتربين هناك، ثم اسس شركة صغيرة للغرض عينه أسماها "صوت الأرز".
وفي الوقت نفسه كان يطبع قصائده على الدكتيلو، ويجمعها بشكل كتاب، الى أن أهتدى الى مطبعة تطبع بالعربية في سيدني.
بعد استقرار أوضاعه في أستراليا، شرع بطباعة كتبه التي بلغت أكثر من عشرة كتب (بالشعر العامي)، الى جانب مسرحيات للأطفال جرى تمثيلها في مدارس أستراليا.
نشر قصائده في غير مجلة، منها: "صوت الشاعر" في العام 1992.
مؤلفاته الشعرية التي صدرت في أستراليا، ما بين 1968 و2000، هي: رباعيات، معزوفة حب، ألله ونقطة زيت، أحباب، مناجاة علي، الغربة الطويلة، وسيرة حياته في ثلاثة أجزاء.
من أشعاره:
أعزب إذا بتضلّ أحسنلك
ما عاد فيك تأمّن لحرمه
عطيها الفلب.. بتنقّ من بخلك
وبتتركك، وبتنكر النعمه
بلبل
صوتك حلو يا بلبل البستان
يا طير غنّى بهالدني ورندح
يا صوت من بحّة صدى الوديان
يا نغمة الفيها السما بتفرح
وحش الخطيه
بيوت حدّ بيوت بتعمّر ضياع
شعوب بدّا تعيش بمحبّه
لكن اذا وحش الخطيّه جاع
بيقضي ع كل الناس يا ربي
قرفنا
قرفنا.. قرفنا من وعظات
بين حروفا حقد وويل
لازم نرجع للكلمات
الـ ضوّت بمحبتها الليل
موسوعة الشعر العامي اللبناني ـ ج1، 2008
**
قصيدة فوزه بالجائزة
ـ1ـ
محلاك يا عطر الصداقه تضلّ 
شالح عبـيرك عا محبّيـنك
ومحلاك يا شربل بعين الكلّ 
كومة محبّه .. ورافـع جبينك
ـ2ـ
ويرحم ترابك يا عصام حداد 
الفاعل بدرب المعرفي وباقي
كنت بحيـاتك خـيرة الروّاد 
وجهدك عطانـا مجتمع راقي
ـ2ـ
واليوم ... ذكراك القلب مـلاّ 
من بعد ما قنديل عمرك ناص
وتركتـنا.. وصرت بحما الله 
سامي مكمّل دربك بإخلاص
ـ3ـ
التكريم حتى يضل عنّـا مجد 
غربل يا غربال الصدف غربل
ومتل الندي النازل عا زر الورد 
نزلت عليي جـايزة شربـل
ـ4ـ
كرّمت ناس كتير ... وتكرّمت 
من نـاس أثّر لطفهم فـيي
واليوم جـايزة شربل تسلمت 
من بهيه ... الغـاليي عليـي
ـ5ـ
الحملت لنا من سيدني أجمل سلام 
من شربل ومن جميل ومن عصام
ولو ما تكوني بتستحقي هاللقب 
ما كان سمّوكي سفـيره للسلام
ـ6ـ
يا شربل بعيني، يا غالي كتير 
بتكريمنـا .. انتعشت مشاعرنـا
تا جمعتنا في لاك فضل كبير 
الله يديمـك يـا حبيب الكـل
تـا تضلّ بالتكريم غامرنا...
**
يا بيروت
   الشاعر المغترب شربل بعيني الذي حمله حنينه للبنان في الديار لاسترالية الى نظم قصيدة "يا بيروت".
   وهو الذي لم يترك مناسبة اغترابية الا ويطل فيها على بلده الأم لبنان.
   هذه المرة نظم الى بيروت عروسة أحلامه المُدُنية.
   هذا الشاعر الاغترابي الذي حمل لبنان في قلبه وقلمه، أطلق من أستراليا، ومن صالون الدكتورة بهية ابو حمد الثقافي تحديداً، أغنية "يا بيروت"، وذلك بحضور السلك الدبلوماسي اللبناني والمصري والعراقي، وكبار الشعراء والأدباء والاعلاميين في المهجر الأسترالي.
   الأغنية كما جاء في التعريف بها: من كلمات الشاعر اللبناني شربل بعيني، وألحان وتوزيع الموسيقار المصري مجدي بولس، وغناء الفنان العراقي اسماعيل فاضل، وبهذا تكون قد اشتركت ثلاث دول عربية بإنتاج هذه الأغنية.. تحية لعاصمة لبنان بيروت.
والأغنية تقول:
بيروتُ يا بَيْروتُ.. لا تَتَرَدَّدِي
قولي: أحبُّكَ.. كَيْ يُعانِقَني غَدي
لَوْ تَعْلَمينَ كَمْ يُؤَرّقُني النَّوى
لَفَتَحْتِ حُضْنَكِ واخْتَزَلْتِ تَشَرُّدي
أَمْضَيْتُ عُمْرِي كالرياحِ مُشَرَّداً
لكنَّ وجْهَكِ كانَ دَوْماً مَقْصَدي
منذُ احْتَرَفْتُ النُّطْقَ أنتِ قصيدتي
هَيَّا انْشُدي.. ما الشّعرُ إن لَمْ تُنشِدي؟
كلُّ الْمَدائِنِ ضيّعَتْ عِنْوانَها
إلاّكِ يا بيروتُ.. يا وَشْمَ الْيَدِ
الدّينُ عندَكِ رَحْمَةٌ ومَحَبَّةٌ
مَنْ ذا يلُومُ إذا اتَّخَذْتُكِ مَعْبَدي؟
إنّي أُحِبُّكِ.. منذُ أَشْرَقَ مَبْسَمي:
كُنْتِ الغرامَ وكانَ حُبُّكِ سيِّدي
**