أطفال معهد سيّدة لبنان يتألّقون في مسرحيّة: عصابات وبس/ عفيف نقفور

   مساء الثامن والعشرين من حزيران لـم يمرّ دون إبداع، دون عطاء، أو دون موعظة، فلقد أبدع طلاّب وطالبات الصفوف الخامسة والسادسة الإبتدائية في تأديّة أدوارهم في مسرحيّة (عصابات وبس) التي ألفّها وأخرجها الشاعر شربل بعيني. ولقد أعطوا بهمّة وحنكة الكبار، فجاء عطاؤهم ربيعيّ النكهة، وعارماً كالسيل، أما موعظتهم لنا فقد جاءت مغلّفة بتهديد باطني: إسهروا على تربية أبنائكم، قبل أن تتأففوا من تصرفاتهم المستقبليّة.
   حضر المسرحيّة العديد من الكهنة والراهبات والمدعوين الرسميين والإعلاميين وأهالي الطلاّب، تتقدّمهم رئيسة المعهد الأخت إيرين بو غصن، التي سرقت الأضواء مرّتين: المرّة الأولى، ساعة رحّب بها الأستاذ بعيني، وشكرها على تركها المستشفى، وتحمّل الألـم، من أجل حضور هذه المسرحيّة والتواجد بالقرب من براعم المعهد الصغار. والمرّة الثانية، ساعة قدم لها الممثلون الصغار، وهم يدبكون ويرقصون، باقة من الأزهار عربون شكر وامتنان لها ولأخواتها الراهبات لخدماتهن الكثيرة في المعهد، وسهرهن الدائـم على براعم الجالية الصغار.
عصابات لبنانية!!   
   بدأت المسرحية بنشرة للأخبار، جاؤوا فيها على ذكر حاكم ولاية نيو ساوث ويلز السيّدة ماري بشير، ورئيس ولاية فيكتوريا السيّد ستيف براكس، دون أن يقولوا عنهما أنهما من أصل لبناني. ولكن ما أن جاؤوا على ذكر أفراد العصابات حتى قالوا عنهم، دون تردد: عصابات لبنانية.
   وبالطبع، فشربل بعيني في المسرحية يرفض هذه التسميّة، ويطلب من وسائل الإعلام أن تسمي العصابات (عصابات وبس)، لأن (الأزعر ما إلو وطن.. وطنو الحبس)، ولأن (خمس ست زعران خلقانين هون، مش سامعين بلبنان، ولا بيحكوا عربي، وبدّن يلزقونا ياهن.. إي هيدي أللـه ما قالا)..
   كما أنه يدافع عن الشبيبة اللبنانية البريئة، التي يتجمهر أفرادها في الساحات والأسواق التجارية، فيقول على لسان أحدهم: (يحلّوا عن ضهرنا بقى، نحنا لا منسرق، ولا منقتل، ولا منحشّش، نحنا ضجرانين وبدّنا نتسلّى) فيجيبه الثاني: (هلّق شوف.. بعد خمس دقايق بيجي البوليس، وبيصير يتغالظ علينا)، عندئذ يبدأ باقي الرفاق بالإحتجاج:
ـ إذا شفّطنا بالسيّاره، بيقولوا عنّا ليبنيز غانغ.
ـ وإذا نفّخنا شي سيكارة، بيقولوا عنّا ليبنيز غانغ.
ـ وإذا تمشّينا بالحاره، بيقولوا عنّا ليبنيز غانغ.
ـ وإذا مزحنا مع ختياره، بيقولوا عنّا ليبنيز غانغ.
ـ وإذا تطلّعنا بالجاره، بيقولوا عنّا ليبنيز غانغ.
   فيتساءل أحدهم ببراءة الأطفال الصغار:
ـ قولكن.. في ليبنيز غانغ؟
   وبالطبع، ليس بمقدور أحد أن يجيب على هذا التساؤل، ولا أن يحلّل أبعاده، إذ من المستحيل أن نحمّل الجالية اللبنانية الشريفة تبعات جرائـم ترتكبها زمرة صغيرة من أبنائها الضالين.
الإعلام المهجري:
   لقد أعطى شربل بعيني الإعلام المهجري حقّه، كونه المدافع الأقوى عن سمعة الجالية، فيقول على لسان رئيس تحرير جريدة النور، عندما وصله اتهام البوليس:
ـ لازم نتحرّك.. تلفونات النّاس نازله متل الشتي ع مكتب الجريدة، وأنا كرئيس تحرير مش رح إسكت، شو ما صار يصير، كرامة شعبنا بالدقّ. قال عصابات لبنانيي قال، الأزعر ما إلو وطن، وطنو الحبس.
   فيجيبه أحد المحررين:
ـ كل ماشي والتاني بيلزقونا تهمه، ساعه الليبنيز باك، ساعه الليبنيز غانغ.. خلّصونا بقى، هالبلاد بلادنا ونحنا عمّرناها.
   وعندما دعا وزير البوليس بعض وجهاء الجالية لاحتواء النقمة، لـم ينبس أحدهم ببنت شفة، ما عدا رئيس تحرير جريدة النور، وإليكم ما دار من حوار:
ـ مبارح اجتمعنا مع وزير البوليس، نصّنا غفي بالإجتماع، ولولا العيب كان طرشنا بالمي.
ـ بس الإجتماع كان إجتماع أكل..
ـ مظبوط.. وقد ما أكلنا نمنا.
ـ يعني ما حدا فتح تمّو.. ما حدا طلع صوتو..
ـ في منّن فتحوا تمّن هنّي ونايمين، وفي منّن طلع صوتم هنّي وعم بيشنخروا.
ـ ورئيس تحرير جريدة النور ما فتح تمّو..
ـ فتح تمّو.. بس كلّن سكّتوه.. كلّن طلعوا ضدّو، قام انسحب من الإجتماع.
   لقد فضّل الإعلام المهجري الإنسحاب من الإجتماع، على أن يراوغ كما يراوغ البعض، فمصلحة الجالية أهم بكثير من مصلحته الشخصيّة:
ـ يا جماعه فهموني.. إذا رئيس تحريرنا ما راح، رح بيروح غيرو.. كلّن بطونن فاضيه وجاهزين للعشا.. كمان ما تنسوا إعلانات الدوله يمكن نخسرا.
   إذن، فرئيس تحرير جريدة النور لـم يأبه بإعلانات الدولة، ولا بخسارة حفنة من الدولارات، أو بعض المأدبات الرسمية، كان همّه الوحيد الدفاع عن سمعة أبناء شعبه، أما ليس هو القائل: (تمّي ما بيتسكّر بلقمه).
أم يوسف:
   من بين الشخصيّات الكثيرة في المسرحيّة، لا بد من التوقّف أمام شخصيّة الوالدة أم يوسف، التي عملت المستحيل من أجل تنشئة إبنها يوسف تنشئة صحيحة، خاصّة بعد وفاة والده. ولكنها تكتشف مع الوقت أن ابنها يخدعها، وقد ضلّ الطريق، وغرق في مستنقع المخدرات والجريمة، وبدلاً من أن تستسلم لليأس والدموع، راحت تراقبه، وتحصي أنفاسه، إلا أن تمكنّت منه، وسلّمته للعدالة. وما أن يحيط به رجال الشرطة، ويضبطوه بالجرم المشهود، حتى تقف أمه بوجهه، بعد أن تخلع ثيابها التنكريّة، وتصيح بصوت عالٍ:
ـ إمّك اللي ربّتك تا تطلع إنسان صالح، هيي اللي فسدت عليك، هيي اللي سلّمتك للبوليس.
ـ قتلتيني يا أمي، خربتيلي بيتي..
ـ إنت العم تقتل الناس.. إنت العم تخرب بيوتن
ـ أنا إبنك.. كيف لكي قلب تسلّميني للبوليس؟
ـ وأنا أمك.. كيف لاك قلب تحرق قلبي يا يوسف؟
ـ سامحيني يا ماما..
ـ لازم تموت، تا يعيشوا ولاد الناس..
   هنا، تسحب مسدساً كانت قد دسّته في محفظتها، وتسدّد فوهته إلى رأس ابنها، فيصرخ:
ـ أمي..
ويصرخ أفراد الشرطة:
ـ لأ.. يا أم يوسف..
   ولكنها لـم تأبه بهم، بل أطلقت النار على رأس ابنها، وهي تقول:
ـ لازم القصّة تنتهي هيك، وبدل ما تحاكموا إبني حاكموني أنا.
   وبهذا تثبت أن الأهل هم المسؤولون الوحيدون عن تربية أطفالهم، وكل ما يرتكبون من أخطاء، يجب أن يحاكموا هم عليه.
   لقد اعتبر العديد ممن حضروا المسرحيّة أن (عصابات وبس) كانت أجمل مسرحيّة قدّمت على مسرح سيّدة لبنان، ولهذا يجب أن تعرض مرّة ثانية، نظراً لعمق رسالتيها التربويّة والإجتماعيّة.      
   تهانينا لأطفال معهد سيّدة لبنان ـ هاريس بارك، فلقد أبدعوا كما لـم يبدع المحترفون الكبار.
   تهانينا لراهبات العائلة المقدسة المارونيات اللواتي يسهرن على تربية فلذات أكبادنا في معهد سيّدة لبنان ـ هاريس بارك، وخاصة الأم الرئيسة إيرين بو غصن، شفاها اللـه، وأطال بعمرها.
  وتهانينا لمؤلف ومخرج مسرحية (عصابات وبس) الشاعر شربل بعيني، فلقد أثبت عن حقّ أنه سيّد المسرح الطفولي في المهجر. وإلى اللقاء مع مسرحيّة أخرى بإذن اللـه.
**
يا مار شربل: مسرحية رائعة تعرض على مسرح رائع
   أكثر من 400 طالب وطالبة من الصفوف الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة الإبتدائية في معهد سيّدة لبنان ـ هاريس بارك، تقاسموا أدوار مسرحية "يا مار شربل" التي ألفها وأخرجها الشاعر شربل بعيني، على مدى ساعتين من الوقت، دون أن يشعر الجمهور الغفير الذي حضرها بخروجهم ودخولهم إلى المسرح.
   "يا مار شربل" كانت أول عمل يعرض على مسرح معهد سيّدة لبنان الجديد بقاعته الضخمة، بأجهزته الحديثة، وبجمال هندسته. وقد افتتحت المسرحية رئيسة المعهد الأخت إيرين بو غصن بكلمة مرتجلة رائعة، أخبرتنا بها، أنهم تسلّموا القاعة يوم عرض المسرحيّة، وأن عمّال البناء انتهوا من عملهم قبيل ساعات من موعد العرض، وأثنت على الهيئة التعليمية والطلاب في المعهد، كما شكرت الأهالي لدعمهم المتواصل، وإيمانهم برسالة راهبات العائلة المقدسة المارونيات، كما شكرت الأستاذ شربل بعيني على اهتمامه بفلذات الأكباد، وزرع لغة الآباء والأجداد على أفواههم.
   تحكي المسرحية قصة ضيعة جبلية نائية في مكان ما من لبنان، عمل أهلها المستحيل من أجل إقناع المسؤولين بشق الطريق إلى قريتهم "تل النسورا"، أو بجلب الماء والكهرباء إليها، دون جدوى. وعندما أعيتهم الحيلة، لجأوا إلى مار شربل شفيع لبنان، لأن "ما في غيرو بيساعدنا" على حد تعبيرهم. فأقسم ثلاثة منهم " فارس ونعمان وأسعد" أن يفبركوا عجيبة كي يشهروا قريتهم، ويتكلّم الإعلام عنها، فحملوا صورة لمار شربل وراحوا يصيحون: "صورة مار شربل عم ترشح زيت". وبدأ المؤمنون يتوافدون إلى "تل النسورا"، وأصبح الخبر يغطي مساحة واسعة من الصحف، وتتكلم عنه محطات التلفزة والوكالات الإعلامية. عندئذ قرر أحد الوزراء أن يزور القرية النائية، ويتبارك بالصورة، وعندما وصل إلى أطرافها، أوقفوا سيّارته وأركبوه حماراً لأن لا طريق إلى "تل النسورا"، فانزعج كثيراً وصاح: " إنتو بأيّا بلاد عايشين"، وتناسى معاليه أنه المسؤول عن شق الطرقات، وتأمين الماء والكهرباء للمواطنين، والمضحك المبكي أنه غادر القرية دون أن يزور الصورة، فقال له أحدهم:
ـ الظاهر نسيت يا معالي الوزير إنك جايي تزور الصورة..
فأجابه بخبث الدبلوماسي المحنّك:
ـ أنا إنسى زور الصورة!.. وحياة عيونكم بالمشوار الجايي لمّن بفتتح الطريق ع تل النسورا، رح زور الصوره.
   وتمر الأحداث مسرعة، والقديس شربل يظهر عجائبه للناس، رغم أن الزيت الذي يرشح من الصورة "زيت زيتون خضير، أطيب من زيتاتي"، على حد تعبير خوري القرية.
   أخيراً، تكتشف لجنة تقصّي العجائب، أن الزيت ليس زيتاً عجائبيّاً، فيعلن الوزير جنونه ويرسل رجال التحرّي لمعرفة من سكب الزيت على الصورة وإنزال أشدّ العقوبات به، فيتآمر أهل القرية عليهم، ويعلنون تضامنهم مع مفبرك العجيبة، لأنه أنقذ قريتهم من الحرمان، ومدّها بالكهرباء والماء والطرقات، وهذه، بحد ذاتها، أعظم عجيبة يظهرها مار شربل. وعندما عجز رجال التحرّي عن استنطاق الناس، قرروا حجز جميع أهالي القرية، لأنهم أصبحوا مضحكة العالم بسبب عجيبتهم المزوّرة،  وأن لا أحد سيزور قريتهم بعد اليوم. فقالت لهم إحدى النساء:
ـ الناس رح بتضلّ تزور الصورة بزيت أو من دون زيت، ورح تسمعوا تراتيلن من آخر الدني..
   فما كان من رئيسهم إلا أن صاح:
ـ إنتو عم تحلموا، صرلي جمعه بهالضيعه وما شفت حدا، إذا بشوف عشر أشخاص بس، رح سكّر هالملّف وإترك حسابكن بإيد مار شربل.
   وما أن أتم كلامه، حتى حدثت العجيبة الأكبر، فإذا به يرى مئات المؤمنين يتدفقون نحوه، وهم ينشدون:
جايين لعندك تا نزور
صوره.. مشعشع فيها النّور
قدّامك نحرق بخّور
وبأمجادك نتغنّى
يا شربل صلّي عنّا
ـ2ـ
شربل، رفقه، نعمة الله
إخدوا النعمه من ألله
وضوّوا هالدنيي كلاّ
أحلى تلاته من عنّا
يا شربل صّلي عنّا
   مسرحية " يا مار شربل" عمل مسرحي جيّد، عرف مؤلفه ومخرجه كيف يسخّر خبرته الطويلة مع مسرح الأطفال، ليخفي ويظهر ويتخلّص من أكثر من أربعمئة ممثل وممثلة في أقل من ساعتين، دون أن يشعر أحد بذلك.
   هنيئاً لأطفال معهد سيدة لبنان الصغار بتألقهم المسرحي الجديد، وهنئياً لراهبات العائلة المقدّسة عامة، ولرئيستهن الأخت إيرين بو غصن خاصة، بإدارتهن الناجحة للمعهد، وهنيئاً للجالية بالبناء الجديد، وبالقاعة الرائعة التي باركها مار شربل ليلة الخامس والعشرين من شهر حزيران المنصرم. وعقبى لعمل مسرحي ناجح آخر بإذن الله.
**
تلامذة معهد سيدة لبنان قدموا مسرحية "عصابات وبس" على مسرح سيدة لبنان
     ككل عام يتكلل العطاء الذي تبذله راهبات العائلة المقدسة المارونيات، وافراد الهيئة التعليمية والطلاب، باحتفال استعراضي وفني.
   وبراعم مدرسة سيدة لبنان كانوا على موعد الاسبوع الماضي مع عطاء مختلف ودور مميّز، انه دورهم في العطاء الذي من خلاله فجّروا مواهبهم الفنيّة على مسرح سيدة لبنان ـ هاريس بارك، استعراضاً ورقصاً وتمثيلاً.
   وتلامذة المرحلة الابتدائية اتحفوا ذويهم والحضور، وزرعوا الارتياح في نفوس القيّمين والساهرين عليهم، لما أبدوه من مواهب مميزة وطاقات فنيّة ملفتة في مسرحية "عصابات وبس" التي اشترك فيها أكثر من ثلاثمئة تلميذ وتلميذة باللغة العربية، والأعمار تتراوح ما بين 9 و 12 سنة.
   و"عصابات وبس" هي المسرحية رقم 12 للشاعر شربل بعيني، الاستاذ في المدرسة، تحكي بالحركة والكلمة حالات اجتماعية لبنانية، وقد نجح التلامذة في اداء الادوار ولبس الشخصيات، كما جاء العمل مرحاً وناجحاً، صورة مصغرة تشهد على تعب الاستاذ شربل بعيني بالتأليف والإخراج وتعليم اللغة العربية لأبناء ولدوا في أستراليا، وقد أعطوا بهمة وحنكة الكبار.
   افتتحت المسرحية بالنشيدين الاسترالي واللبناني، وبمشهد للأطفال الممثلين وهم يستمعون لنشرة الأخبار.
   وقد دار حوار المسرحية حول المغتربين اللبنانيين الذين تبوّأوا مراكز عليا كحاكم نيوساوث ويلز السيدة ماري بشير، ورئيس حكومة ولاية فيكتوريا ستيف براكس، بينما أظهرت المسرحية الوجه الآخر لهؤلاء المغتربين الذي يتمثّل بحفنة من الشباب المنحرفين سلوكياً، والذين اعتبرهم الاعلام المحلي صورة رمزية عن الجالية ككل.
   والاستاذ شربل بعيني في المسرحية يدافع عن الشبيبة اللبنانية البريئة، التي يتجمهر أفرادها في الساحات والأسواق التجارية، فيقول على لسان أحدهم:
ـ يحلّوا عنّا بقى، نحنا لا منسرق ولا منقتل ولا منحشش، بعد خمس دقايق بيجي البوليس وبيصير يتغالظ علينا.
   وتناولت المسرحية ايضاً قصة تهريب المخدرات، حيث سلّمت الأم ابنها لرجال البوليس، كون الجيل الأول يرفض ما يمارسه الجيل الثاني من هذه الناحية.
   أم يوسف من بين الشخصيات الكثيرة في المسرحية، لا بد من التوقّف أمام شخصيتها كوالدة عملت المستحيل من أجل تنشئة ابنها يوسف تنشئة صحيحة، خاصة بعد وفاة والده، ولكنها تكتشف مع الوقت ان ابنها يخدعها، وقد ضل الطريق، وغرق في مستنقع المخدرات والجريمة، وبدلاً من أن تستسلم لليأس والدموع، راحت تراقبه وتحصي انفاسه الى أن تمكنت منه وسلمته للعدالة، وما أن يحيط به رجال الشرطة، ويضبطوه بالجرم المشهود حتى تقف أمه بوجهه، بعد أن تخلع ثيابها التنكرية، وتصيح بصوت عالٍ:
ـ امك اللي ربتك تا تطلع انسان صالح، هيي اللي فسدت عليك، هيي اللي سلمتك للبوليس.
  لقد أعطى شربل بعيني الاعلام المهجري حقّه، كونه المدافع الأقوى عن سمعة الجالية، فبقول على لسان رئيس تحرير جريدة النور، عندما وصله اتهام البوليس:
ـ لازم نتحرك، تلفونات الناس نازله متل الشتي ع مكتب الجريده، وأنا كرئيس تحرير مش رح اسكت شو ما يصير يصير، كرامة شعبنا بالدق. قال عصابات لبنانيه قال.. الأزعر ما إلو وطن.. وطنو الحبس.. خلصونا بقى.
   وعندما دعا وزير البوليس بعض وجهاء الجالية لاحتواء النقمة، لم ينبس احدهم ببنت شفة، ما عدا رئيس تحرير جريدة النور، اذ انه لم يأبه باعلانات الدولة، ولا بخسارة حفنة من الدولارات، او بعض المأدبات الرسمية، كان همه الوحيد الدفاع عن سمعة ابناء شعبه، أوَليس هو القائل:
ـ تمّي ما بيتسكّر بلقمه.
   وهذا العمل الناجح يتجانس مع نجاحات هذا الصرح التربوي، الذي تسهر عليه وتديره الراهبة الأم ايرين بو غصن، المتسلحة بالايمان والاختصاص والمعرفة والمحبة.
   الحضور كان حاشداً من أهالي الطلبة، وابناء الجالية والكهنة، الذي أبدوا اعجابهم وتقديرهم، واعتبروا مسرحية "عصابات وبس" أجمل مسرحية قدّمت على مسرح سيدة لبنان، نظراً لعمق رسالتها التربوية والاجتماعية، رسالة خالدة هادفة، فإن الفن يلعب دوراً كبيراً في تعليم الأطفال على بناء شخصياتهم، وتعليمهم اللغة العربية التي هي أهم عنصر في الثقافة، والتي تضم التقاليد والعادات.
   ومثل هذه المسرحية تزرع في الأطفال، منذ الصغر، المبادىء المستقيمة، والقيم الرفيعة، وتبعدهم عن التورط في الانحرافات السلوكية في المجتمع، وتعلمهم بأساليب فنية ثقافة التراث اللبناني.
   ولا ننسى في مقدمة الحضور الأم بو غصن مع الراهبات اللواتي يساهمن معها ومع الطاقم التعليمي والاداري في السهر على التلاميذ، وعلى البرامج في المعهد.
   وفي نهاية العرض الفني، قدّم التلامذة، عربون وفاء وتقدير ومحبة، باقة زهور الى رئيسة المعهد الاخت ايرين بو غصن، مع جزيل الشكر والعرفان.
   تهانينا للطلاب، وتمنياتنا المقرونة بالشكر لرئيسة المعهد والاخوات الراهبات والهيئة التعليمية، وتقدير خاص للشاعر شربل بعيني على هذه العناية الفائقة بفلذات أكبادنا، وعلى التربية الوطنية الصحيحة التي يزرعها في نفوسهم، من خلال رسالة العطاء الفكري التي تنمو في نفوس الاجيال اللبنانية الصاعدة في هذه البلاد.
النهار ـ العدد 1572 ـ 9/7/2002
**
تلامذة مدرسة سيدة لبنان ومسرحية "ألو.. أستراليا"
      برعاية قنصل لبنان العام الدكتور جيلبير عون، وحضور رئيسة المدرسة الأخت كونستانس باشا، ورئيس دير مار شربل الأب انطوان طعمة، وعدد كبير من الرهبان والراهبات، وجمهور غفير من الأهالي، قدّم تلامذة مدرسة سيدة لبنان مسرحية "ألو.. أستراليا".
   المسرحية من تأليف الشاعر شربل بعيني، تحكي بالحركة والكلمة قصة المهاجر اللبناني، وقد نجح الأطفال في اداء الأدوار وتقمص الشخصيات، وقد جاء هذا العمل صورة مصغرة تشهد على تعب الراهبات والمعلمات والمعلمين في اعداد النشء اللبناني خير اعداد، والعمل على زرع العلم والذوق والتهذيب والروح الوطنية في نفوس الاجيال الصاعدة.
   افتتحت المسرحية بالنشيدين الاسترالي واللبناني، وقد أنشدهما طلاب وطالبات المدرسة، وقد كان لكاتب المسرحية الاستاذ شربل بعيني كلمة رحب فيها بالضيوف والجمهور وشكر لهم تشجيعهم للطلاب.
   سعادة القنصل العام الدكتور عون، القى، بالمناسبة، كلمة عبّر فيها عن تقديره لجهود هذه المدرسة، وللراهبات والمعلمات، كما شجع على التحصيل العلمي ودخول الجامعات.
    الأخت مرلين شديد القت كلمة شكرت فيها الاستاذ شربل بعيني على جهوده ونشاطه الدائم، كما قدمت له الطفلة ريما الياس هدية رمزية.
   العمل المسرحي كان ناجحاً، والحفلة كانت قمّة في الترتيب والذوق الرفيع، وهنا لا بد من كلمة شكر نرفها الى الأخت الرئيسة، والأخوات الراهبات والهيئة التعليمية، على هذه العناية الفائقة بفلذات أكبادنا، وعلى التربية الوطنية الصحيحة، التي يزرعونها في نفوسهم، وعلى رسالة العطاء الفكري التي ينمونها في نوس الأجيال اللبنانية الصاعدة في هذه البلاد.
التلغراف ـ العدد 1787 ـ 8/7/1988
**