انقروا على هذا الغلاف لقراءة كتاب الدكتور مصطفى الحلوة
علامة فارقة
ما يميّزك ، عزيزي شربل بعينب، عن كثيرين من شعراء المحكية، انك لم تكتفِ بالمرأة والحب والطبيعة ملعباً لك، بل كنتَ ذلك الشاعر الملتزم قضايا شعبه، تستشعر اوجاعه ومعاناته من تلك الطبقة من الحكام الذين ساموه القهر والعذاب، بل هم من هجّروه في اربع جهات الأرض!...
وتبقى علامة فارقة بين كبار شعرائنا الذين سيخلدهم التاريخ ... أطال الله عمرك.
**
حرّاس الضاد
قصيدة رائعة، عزيزي شاعرنا شربل بعيني، وعساك تُكثر من هذا النمط بالفصحى، فأنت من كبار حُرّاس الضاد الأشداء في المغترب الاسترالي ! حماك الله...مع تحياتي.
**
العمر "بيلبقلك"..
بعضهم- ايها العزيز شربل بعيني- يعبرون الحياة، خطْفَ البصر، فكأنهم لا مرّوا ولا كانوا، فتُحتسبُ أعمارهم كَرّ سنين. في حين يأتي آخرون الحياة، ينتهبون كل لحظة من لحظاتها وايامها والسنين، فتغدو أعمارهم سلسلة ذهبية 24 قيراطاً، ملؤها العطاء وخدمة قضايا مجتمعهم والإنسانية...
وانت يا صديقي ممن سيُحجز لهم مطرح وسيع في سجل البشرية- اطال الله عمرك- ورائدك قول المتنبي:
أريدُ من زمني ذا أن يُبلّغني
ما ليس يدركه من نفسه الزمنُ.
لكَ العمر المديد، مدى سنين دونها سنين، وانت مُقيم على عطاء لا ينفد، وابداع لا يُضاهى، في ميادين الفكر والأدب، وليُترعْ "دلوك" ، بل دلاؤك من قيم الحق والخير والجمال..
كل عام انت بخير، فالعمر"بيلبقلك"!
**
كلمة د. مصطفى الحلوة، في حفل تكريمه بمناسبة منحه "جائزة شربل بعيني" للعام 2020 من قبل معهد الأبجدية – جبيل.
سيدني (أوستراليا) 10/12/2020
من وراء المحيطات، من قارةٍ بعيدةٍ بعيدة، جاءني الخبر: لقد مُنِحتَ "جائزة شربل بعيني" للعام 2020، العابرةَ إلى سيدني، من جبيل ، ناشرةِ الحرف في أرجاء العالم القديم! وها هي الجائزة، بأبجديتها، بعصامِ حدّادِها الخالد، تُحمِّلُني عبئًا شديدَ الوطأة، إذْ تدعوني، بأعلى الصوت، أن تابِعْ المسيرة صُعُدًا، ما دامَ القلمُ نابضًا بين يديك، وليس لي إلاّ أن أستجيب!.. فشُكرًا بحجمِ هذه القارة، وقد غدت الجائزةُ على قياسِها!
أحبَّتي.. لقد إلتقيتُمُ اليومَ، في هذا "الزمن الكوروني"، شديدِ الخطورة، لكي تكرِّموني، بل لتكرِّموا من منحني شرفَ الكتابة عنه، عَبْرَ عمليةِ استدراجٍ مُحبَّبة! أغراني بعرائس شعره الفاتنات، وبجنياتهنَّ القابعات في وادي عبقر، فساكنتُهنَّ،عرائسَ وجنيّاتٍ، واستغرقتُ في عشقهنّ حتى الرمق الأخير، فكان هذا المولودُ الفكريُّ المتواضع "شربل بعيني بين الفُصحى والعامية"!
عَبْرَ هذا الكتاب، كان لصديقي شربل بعيني، الذي لم ألتقِهِ بعدُ عيانًا، أن يُشرِّعَ السبيلَ أمامي لأقتحمَ المشهدَ الأدبي لجاليتنا اللبنانية وسائر الجوالي العربية، فأضع – كما وعدتُ- مؤلّفًا مُسهبًا، يرصدُ الحركة الأدبية، شعرًا ونثرًا، ويتعرّف دور الإعلام الناشط، لا سيما في شَقِّهِ الثقافي، وإلى سائر الفعاليات التي تصبُّ في إطار الحَراك الإغترابي الراقي، لمبدعين، لبنانيين وعربًا، على حدٍّ سواء.
أيها الأحبّة،
لئن أَسْعَدَتْني هذه اللفتةُ الكريمة، فهي لم تستثِرْ غروري- فآفةُ العلمِ الغرور- فما أنا، واللهِ، سوى درويشٍ سالكٍ طريق المعرفة، أحملُ مصباح "ديوجين" في رابعة النهار، أجوبُ به من مكانٍ إلى آخر، أتقصّى الحقيقة العارية، لا أرتجي جزاءً ولا شكورًا!
وإذْ أرى إلى هذه الجائزة إكليل غارٍ على رأسي، فإنني ممتنٌّ كل الامتنان لواهبها، وحبّذا لو كنتُ حاضرًا بينكم اليوم، لأشارككم هذا الحدث، ولكن ما حيلتي، و"الزمن الكوروني" اللعين يُباعدُ بيننا، من غيرِ أن يقوى على فصمِ عُرى المحبة الصادقة التي تجمع قلوبَنا إلى بعضها بعضًا!
.. إلى من أعطوا هذه التظاهرة الفكرية بُعدَها الحقيقي، بجليل كلماتهم والقصائد، فقد طوّقتُم عُنُقي بقلاداتٍ ماسِيَّةٍ باقيةٍ على الزمن !.. والشُكرُ موصولٌ إلى الدكتور علي بزّي الذي قبض عليَّ، مُتلبِّسًا بخاصِيَّةٍ من خاصِيَّات الكتابة الآسرة، إذْ رأى إلى لغتي "لغةً بسيطةً حتى الاندهاش، وقويةً حتى الذهول!"... قد يكونٌ ذلك ، واللهُ أعلم!
أما أنت، يا شربل، فأنت الحكايةُ كُلُّها! فمنذُ أن وطِئتْ قدماك أرض أستراليا، طفقت تملأ دُنياها وتشغَلُ ناسَها، بعظيم نتاجك الأدبي ومُبدِع شعرك، وبحراكك الثقافي المذهل! كأننا بك- كما وصفتُك- طاحونةٌ فكريةٌ، لا تتوقف رحاها عن الدوران، لتأتينا بخيرٍ عميم!
لقد كتبتَ، يا شربل، على صفحتِك: "وصيتي قبل أن أموت: أن لا يُقالَ إنني مُتّ!" كيف لك أن تموت- أطال الله عُمرَك- وقد طُوِّبتَ، في العام 2001، أميرًا للشعراء اللبنانيين في عالم الانتشار مدى الحياة؟!
كأرزةٍ دهريةٍ ، باقٍ بيننا باقٍ.. جذورُها ضاربةٌ عُمقًا في تُربة لبنان وبلاد العرب، كما في أستراليا، وناهدةٌ بأغصانها لتُعانق السماء، حيث اسمُكَ على شمسٍ لا تغيب! وليس لنا، في هذا المقام، إلاّ أن نستعيدَ واحدًا من أبياتِ قصيدتك العصماء في سعيد عقل، مع تعديل طفيف:
حيًّا ، ستبقى بيننا أبدًا
يا أرزةً، يحلو بها العَلَمُ!
تحيةً لكم جميعًا، مُحْيي ، هذا الحفل الرائع، معلومين ومجهولين، وحضورًا أكارمَ أعزاء.. تحيةً أبعثُ بها من طرابلس الفيحاء، تتنزَّلُ عليكم بَرْدًا وسلامًا!
**
اللي خلّف ما مات
في مأثورنا "اللي خلّف ما مات!"، ولنا أن نُضيف " اللي حفّدْ ما مات !"... ولعل جيناتُ جدّك تسري فيك، كما النُسغ في عروق الشجر، وتمدك بدفق من عبقرية، وسمت ذلك الجدّ!
وأحسبُ أنه، حيث هو، رحمه الله ،راضٍ عنك عظيم رضا، إذْ أنك لم تُخيّب أمله فيك، فقد كان لك، عزيزي شربل بعيني، أن تملأ ساحات الفكر ومنتديات الأدب والشعر والثقافة بعطاءات قيّمة، سوف تُخلّد إسمك في مسار الفكر العربي المعاصر! فلتكن مطمئنًّا، فقد جُزت الإمتحان، بكفاءة عالية! وما إحتلالك هذا المقام الرفيع في عالم الإغتراب، إلاّ بدعاء المرحومين والديك، كما بدعاء جدّك، مصداقًا للقول الشعبي المأثور لدينا:"رضا الجدْ بِيْعِدْ ".
**
دوحة بعينية
ابقاك الله، عزيزي شربل بعيني، ذخرًا للدوحة البعينية في المغترب الإسترالي، جذورًا وأغصانًا، وتبقى موضع فخر البعاينة، في الوطن/الأم، فبأمثالك يكون إفتخار، وقد غدوت نجمًا ساطعًا في سماء الفكر والشعر والأدب.. وعساك تبقى شاهدًا على معموديات ومعموديات، تباركها، في ظلال هذه الدوحة البعينية الكريمة.
**
نكرات
عطاءاتكم، عزيزي شربل، في ميدان الفكر والأدب، وإبداعكم في فضاء الشعر، فصيحه وعامييه، وخُلُقُكم الرفيع وتواضعكم الجمّ... كل هذه الميّيزات تُحدّثُ عن نفسها، وهي لسان الحق الجارية على ألسنة الخَلْق! ومهما تطاول الأقزام، ومهما وضعوا على وجوههم البشعة من مساحيق خادعة، ومهما انتحلوا من ألقاب"مبهبطة" عليهم، ومهما "طخّنوا حالهم بشراطيط"، فهم لايستطيعون إخفاء صغارتهم وقباحتهم! لاتُعِرهم إهتمامًا، حتى لا يتوهموا بأنهم شيءٌ، وهم، في حقيقة الأمر، نكرات!.
**
شربل بعيني.. ريادة مسرحية إلى ريادات أُخرى
كم هو رائعٌ هذا الصباح، إذْ تناهى إلى علمي صدورُ كتاب، حول شربل بعيني، بعنوان:"شربل بعيني رائد المسرح الطفولي". هكذا ينضاف لقبٌ جديدٌ إلى البعيني، وهو الشاعر المبدع بالمحكية اللبنانية، وهو الشاعر ذو النهج "النزاري" بالفصحى،وهو الأديب والناقد المجلّي، وهو الإعلامي الذي يرصد الحراك السياسي والإجتماعي والفكري للبنان المقيم ولبنان المغترب. ولعل سمة الإنسان الإنسان هي الغالبة، بل الأثيرة لدينا، ونحن نتكلم على البعيني أو نلهج بذكره.
.. وكم هو جميلٌ أن يكون واضعُ الكتاب أو مُعِدُّه صديقًـا، أعتزُّ بصداقته، وإن لم أَشرُفْ بعدُ بلقائه، كما بلقاء البعيني، عنيتُ الطبيب والأديب اللبناني الأسترالي علي بزّي، الذي نمَّ عن علوّ كعبٍ في ميدان النقد الأدبي. وقد أصابتني "طراطيش" من مُبدع نقده، في مراجعته كتابي "شربل بعيني بين الفصحى والعامية" (صدر في سيدني 2020)، إذْ رأى إلى لغتي "لغة بسيطة حتى الإندهاش وقوية حتى الذهول!". هكذا وفّر عليّ عناء إكتشاف ما تستبطنه لغتي من جدل الطبعيّة والقوة، واضعـًا إياي في مصاف من وُسمت لغتهم بالسهل الممتنع!.
ونعود إلى "شربل بعيني رائد المسرح الطفولي" (صدر الكترونيًا في سيدني2021،بالعربية،وعلى أن يصدر ورقيًا في الآتي من الأيام). هذا الكتاب المتميز هو الثاني للدكتور بزي، حول البعيني، إذْ سبق أن وضع مؤلفًا،عنوانه "كلمات سريعة كُـتبت عن شربل بعيني"، وقد صدر بطبعتين (2010و2020).
في الكتاب/ مضامين وأبعادًا:
يتألف الكتاب، الذي نُقارب، من قسمين، الأول عبارة عن مقدّمة مُسهبة، بقلم المؤلّف، تضعنا على أبواب القسم الثاني، الذي ضمّ ستًّا وأربعين مقالًا بالعربية، وثلاثًا بالإنكليزية، تدور حول المسرحيات الأربع عشرة التي وضعها شربل بعيني بين عامي 1987و2005، ولُعبت على مسرح معهد سيدة لبنان في سيدني، التابع لراهبات العائلة المقدسة المارونيات. وإذْ يكشف المؤلف عن الدافع إلى إعداد الكتاب، يقول إنه عند وضعه كتابه، آنف الذِكر، وجد مقالات كثيرة عن مسرحيات البعيني، قام بلعب أدوارها "جيش" من أطفال معهد سيدة لبنان. هكذا عقد العزم على أن يُفرد حيّزًا خاصًا لهذه المقالات، فكان هذا الكتاب. وقد تساءل: لماذا لم يتم التكلّم على شربل بعيني المسرحي الناجح بالقدر الذي تكلموا عليه كشاعر مبدع؟ بإزاء عِظم المهمة، التي ندب المؤلف نفسه لها، فقد إختار من عشرات المقالات تلك التي حبّرتها أقلامٌ مهجرية معروفة، تاركًا ما تبقّى لباحث آخر، علّه يُوفّي الفنان والكاتب والمخرج المسرحي حقّه. بيد أن البعيني، بحسب المؤلّف، لم يكتفِ بمسرحياته الأربع عشرة، بل وضع مئات من الأغنيات للأطفال، جُمعت، في كتاب، أسماهُ: "غنّوا يا أطفال"، وقدّم د. علي بزّي لهذا الكتاب. علمًا أن البعيني عمد إلى نشر الأغنيات الطفولية، التي غنّاها طلبة معهد سيدة لبنان، ضمن مجموعة ثانية، عنوانها "لبنان بس".
هذه الأغنيات، يرى الناقد بزي "أن قيمتها تكمن في النواحي التربوية والمعنوية والإنسانية والتاريخية، خاصة أنها تؤرّخ لأكثر من ربع قرن من حياة المعهد، وتسلّط الأضواء على شخصيات مهمة، استقبلهم الأطفال".
ولأهمية الدور، الذي أدّاه البعيني في هذا المعهد، حُقَّ للناقد بزي أن يتساءل: "هل سيمرّ في معهد سيدة لبنان شربل بعيني آخر؟"، فنجيبه من فورنا، وبشكل جازم: "الله خلق شربل بعيني وكسر القالب، وليس من إمكانية ليكون من الأشباه أربعون!".
وعن الكتب المدرسية، التي وضعها البعيني للأطفال، وقد تمّ ترخيصها من قبل وزارة الثقافة والتعليم الاسترالية، فقد كان جُلُّ همّه، بحسب الناقد بزي، أن يُسعد الأطفال، وليغدو بمنزلة الأب الحنون لهم، بعد أن حُرِمَ نعمة الأُبُوّة!.
وفي تثمينٍ لدور البعيني مسرحيًّا، يستلُّ بزي شهادة من سيادة المطران يوسف حتّي، في يوبيل شربل بعيني الفضي (1993)، إذْ يقول: "شيءٌ آخر لفتني في مرحلة شربل بعيني التربوية: إهتمامه بالمسرح. وكلنا يعلم ما للمسرح الطفولي من تأثير على سلوك الآباء قبل الأبناء. فالموعظة المسرحية تأتي موجعة، مؤنّبة، خاصةً إذا كان الواعظ طفلًا صغيرًا، وكانت اللغة لغته الأم، وكان المتلقون لموعظته أهله أو أقرباءه وأبناء شعبه".
ولا شك أن البعيني ما كان ليُبلّغ رسالته المسرحية لولا الدعم الذي لقيه من ثلاث راهبات رئيسات، تعاقبن على معهد سيدة لبنان، وهن: الأخت كونستانس الباشا، والأخت ايرين بو غصن، والأخت مادلين بو رجيلي.
وإذٰ يُعزى الفضل لأهله، فإن د. بزي، ما كان ليُنجز كتابه لولا موسوعة: "شربل بعيني بأقلامهم" الالكترونية، التي جمعها المرحوم كلارك بعيني، إبن خال شاعرنا.
ووضعًا للأمور في نصابها، ومن منطلق الصُدقية والموضوعية، يُشير د. بزي، في نهاية مقدمته، إلى أنه لم يؤلّف هذا الكتاب، بل "قام بجمعه وإعداده، كي لا تضيع هذه المقالات الرائعة، التي سلّطت الأضواء على رحلة شربل بعيني مع المسرح الطفولي في المهجر الاسترالي".
وفي تقييم عبقرية البعيني، وفق د. بزي، إقحامُه بين 300و600 طالبًا وطالبة، في كل عرض مسرحي، تتراوح أعمارهم بين ثماني وثلاث عشرة سنة. ومما يُثير العجب أن البعيني يضع كلمات المسرحية، وهو المخرج والمنتج ومهندس الديكور، بل المشرف عليها من ألِفها إلى يائها!
ولعل أهمّ ما خلّفه البعيني من فِعال أن ثمة أجيالًا، في المغترب الاسترالي، غدت "أجيال البعيني"، إذا جاز التعبير. فهذه الأجيال، التي هي اليوم في العقد الرابع أوعلى مشارف الخامس من عمرها، تدين لشاعرنا ببعض من تشكيلها الفكري والفني واللغوي. وإلى ذلك فقد شرّع لبعضهم أبواب المسرح والفن، بمختلف ألوانه!.
خطاب المسرح لدى شربل بعيني:
أربع عشرة مسرحية، وضعها البعيني، وهي على التوالي:
"فصول من الحرب اللبنانية"(1987)،
"ألو..استراليا"(1988)،
"الطربوش"(1989)،
"ضيعة الأشباح"(1990)،
"هنود من لبنان"(1991)،
"يا عيب الشوم"(1993)،
"الله بيدبّر"(1995)،
"المدرسة"(1996)،
"شارع اللبنانيين"(1997)،
"جارنا ابوردجيني"(1998)،
"طلّوا المغتربين"(2000)،
"عصابات وبس"(2002)،
"يا مار شربل"(2004)،
"الكنز المسحور"(2005).
وإذْ أكببتُ على قراءة المقالات، التي قاربت هذه المسرحيات، فقد تحصّل لنا الآتي:
أ- بلغ عدد المقاربات 46 بالعربية، وثلاثًا بالإنكليزية. وقد ترجّح المقاربون، وهم مهجريون، بين مطران وسفير وراهبة وأديب وناقد وشاعر وأكاديمي جامعي وفنان وإعلامي، وليبلغ عددهم 26: المطران يوسف حتّي، بطرس عنداري، جوزاف بو ملحم، ميشال حديّد، كامل المرّ، جورج يمين، عفيف نقفور، انطونيوس بو رزق، أنور حرب، د.جميل الدويهي، جوزيف خوري، الشاعرنعيم خوري، فؤاد نمور، نجوى عاصي، ممدوح سكرية، أنطوني ولسن، أنطوان قزي، الأخت ايرين بو غصن، هاني الترك، شربل بعيني، الشاعر شوقي مسلماني، د.بيار رفّول، السفير روبير نعوم، دونالد اوفرييه، جيمس واكيم، ريمون عرّاج.
وقد كان أغزرهم كتابةً أنور حرب (6 مقالات)، وليليه جوزيف خوري (4 مقالات)، ونجوى عاصي (3مقالات)، وانطونيوس بو رزق (3 مقالات) وعفيف نقفور (3 مقالات)، ومقالتان لكل من: د.جميل الدويهي ، والشاعر نعيم خوري، والأخت ايرين بو غصن، والاستاذ هاني الترك. وعن الباقين، فلكل منهم مقالة واحدة.
ولقد أوسعت الصحف الأسترالية لهذه المقالات، وهي: النهار، البيرق، التلغراف، صدى لبنان، مجلة ديالا، صوت المغترب، العالم العربي، مجلة الفراشة، مجلة أميرة، الهيرالد.
ب- في الوقوف على أبرز ما جاء في هذه المقالات، توصيفًا وأبعادًا، للمسرحيات الأربع عشرة، وما تبعث به من رسائل، فيمكن ايجازها ،على النحو الآتي: هي مسرحيات، أغلبها، يندرج تحت باب النقد الإجتماعي، بأسلوب أدبي، يميل أحيانًا كثيرة إلى السخرية، وعبر قالب فكاهي. وهي تسلط الضوء على معاناة اللبنانيين، جرّاء زعبرات السياسيين وديماغوجية العقائديين، والنافخين في طبول الحرب، وانتقال معاناة لبنان المقيم إلى لبنان المغترب.وهي مسرحيات، تتسم ببساطة نصوصها، تتناسب وأعمار أبطالها، بحيث يُنطق كل واحد بلسان عمره. وهي تتطرق إلى هجرة اللبنانيين الى استراليا ومعاناتهم، وحنينهم الجارف إلى الوطن. وهي تأتينا بمشهديات من الإستبداد التركي، مع السفاح جمال باشا وتنكيله بأبناء الجبل اللبناني، إبان الحرب العالمية الأولى. وهي تكشف عن حالة الإنحلال الأخلاقي الذي طاول العائلة اللبنانية في المغترب الاسترالي بخاصة، والعربية بعامة. وهي تبعث برسالة حول نبذ العنصرية المقيتة، عبر إدانة النظرة إلى الابوردجينيين، شعب استراليا الأصلي. وهي تدين الطائفية إذٰ "بعدنا منشرب طائفيـا، ومناكل طائفيًا، ومنشتغل طائفيًا، ومنكذب ع الله طائفيًا. وإذا منضل نقسم المدن، ونكتب ع مدخلا هيدي قلعة المسيحية وهيدي قلعة الاسلام، قولوا ع لبنان السلام".
وعند شربل الخبر اليقين:
في حوار، أجرته الفنانة نجوى عاصي مع شربل بعيني، حول مسرحية "طلّوا المغتربين "، كان له أن يُجسّد عبره الخطوط العريضة لفلسفته المسرحية، وقد نمّ عن خبير في علم النفس التربوي، وفي أصول تعليم اللغات. فالمسرح، بحسب البعيني، يُعلّم الطفل كيفية النطق بلغته الأم، إذْ أن معظم الطلاب المولودين في استراليا، يجدون صعوبة في التحدث بلغتهم الأم. فما النفع إذًا من تعليمهم القراءة والكتابة، باللغة العربية، ولسانهم مربوط عند التكلم بها؟
ويتابع البعيني: هنا يأتي دور المسرح، في تنمية مواهبهم وصقلها وزرع المفردات العربية العامية، بدون تكلّف، على ألسنتهم الطرية. والى ذلك فهو، عبر الأطفال من أبناء الجالية، يوجه رسائل الى أهليهم: "أوجّه النقد البناء، بقلب محبّ، وهم يتقبلونه من أطفالهم، بإبتسامة عريضة!"
"شربل بعيني رائد المسرح الطفولي" كشفٌ جديد، أتانا به الطبيب والناقد الأدبي علي بزّي، كي نتدبّره بعناية، كونه يضع لَبِنةً مكينةً في عمارة الصديق شربل بعيني الأدبية المتشامخة، والتي لا تعدِلها عمارة أخرى مهما تسامقت عُلُوًّا!
**
رحم الله حنا وطنسا البعيني
رحمه الله رحمة واسعة وجعل الجنة مأواه، و"يلّلي خلّف ما مات". وإذا كان المرحوم عمك، كما المرحوم جدك، قد خدما الأجيال، بل أسهما في صناعتها، عبر هذا الصرح التربوي القائم في مجدليا، منذ عشرات السنين، فقد سِرتَ على نهجهما، وقدّمتَ لأحد أذرُع "راهبات العائلة المقدسة المارونيات" في سيدني ما لم يستطع فعله أي إنسان، لا قبلك ولا بعدك!
عجيبٌ هذا الزمن بقدريته، عزيزي شربل، كيف يأتينا بمصادفات أو بأحداث، لا نستطيع تفسيرها منطقيًا، وكأننا في علاقة الدوحة البعينية، مع هذا الصرح العلمي، ثمة إستنساخ أو تقمّص، سرى إليك من جدك ومن عمك، فغدوت أحد رافعي شأن "العائلة المقدسة"، ما وراء البحار والمحيطات! وعسى، بعد عمر طويل، يتقمّصمك أحد "البعاينة"، وتستمر دوحتكم في عطاء لاينقطع له نسل!.
**
تعليق
الحُبّ أبو العجائب، بل هو ذو بُعد قيامي apocalyptique ، قادرٌ على "خربطة" نواميس الكون!... رائعةٌ هذه المقطوعة الشعرية، وتستحقها صاحبة الصورة !...
تحياتي لك، اخي شربل بعيني، شاعر الزمن الإغترابي،عابر المحيطات والقارات، إلى أرجاء الدنيا كلها.
**
توقيع في مجدليا
عَبْرَ كتابنا "شربل بعيني بين الفصحى والعامّية"/سيكون تكريمٌ لِ"شاعر الغُربة" في مسقطه"مجدليا". رحلةٌ بحريّةٌ من Sidney(استراليا) إلى مرفأ طرابلس، إستغرقت ثلاثة أشهر، حملتْ إلينا بضعَ عشرات من نُسَخ كتابنا "شربل بعيني بين الفصحى والعامية" (صدر في سيدني 2020). هذا الكتاب (270 صفحة)، الذي نِلنا عليه "جائزة معهد الأبجدية: جبيل/استراليا للعام2020"، وشهادة تقدير من قِبل السناتور الأسترالي/اللبناني شوكت مسلماني، بإسم برلمان سيدنيNew South Wales ، سيكون ،بعد أسابيع معدودة، موضوعًا لندوة في بلدة مجدليا (قضاء زغرتا)، مسقط الشاعر شربل بعيني، وسوف يُقدَّم كتابُنا هديةً للحضور.
وإذْ أكرمني شربل بعيني، إحتفاءً بهذا الكتاب، الذي صدر ونُشر في عموم استراليا بهمّته، فأقام إحتفالًا مشهودًا، حشد له ثلاثة عشر متكلّمًا، من أكاديميين ونُقّاد وشعراء وشخصيات مؤثّرة، فإنني، من منطلق الوفاء والمحبة المتبادلة، أردُّ على هذه المبادرة بمثلها! أَلَمْ يرِدْ في القرآن الكريم:"وإذا حُيِّتُم بتحيّةٍ فحيُّوا بأحسنَ منها أو رُدّوها"(النساء/86)؟!
**
عيد ميلادك
من نِعم الله عليَّ تعرُّفي إلى إنسان، تحسبُ أنه من طينة جُبِلت من كل ما في العالَم من جمالات، ومن أعظم ما تحويه منظومات القيم السامية!...
هو شربل بعيني الذي قد لا تجود الأيام بمثله: عِظَمَ عبقرية، وترهُّبًا في هيكل الكلمة، وغزارة إنتاج من طراز رفيع، وتواضعًا جمًّا - هو من صفات العِظام- وزهدًا في حُطام الدنيا ومتاع غرورها.. وكأنما بذلك الشربل آتٍ من عالَمٍ يمتُّ، بواهن صلةٍ، إلى عالمنا الترابي!.. فيا ويلنا- بعد عمر طويل- حين يلتحفُ شربل التراب! بيدَ أن ما يُعزّينا أن عبقريّنا تاركٌ وراءه إمبراطورية فكرية وأدبية، مترامية الأطراف، حُرّاسها أعماله، التي لا يحصرها عدٌّ، وظهيرها ما قيل فيه، وماكُتب عنه، وما مُنح من شهادات تقدير وجوائز، وما يلهج به أصدقاؤه من طيّب الذِكر!...
حماك الله، صديقي، الأحبّ إلى قلبي. وفي عيد ميلادك، أدعو الله أن يمنّ عليك بوافر العافية، وراحة البال.. وختامًا فإنّ من كان شربل صديقه، فهو من المحظوظين والسعداء!.
**
كلمة د. مصطفى الحلوة في حفل توقيع كتابه " شربل بعيني بين الفُصحى والعاميّة"
مجدليا، قاعة الخوري أنطون بيّوس البعيني/ السبت 26 شباط 2022
ما جئتُكِ، مجدليا، هذه العشيّة، مُنتديًا حول كتابي المتواضع فحسب، ولم أسعَ إليكِ كي أُكرَّمَ- وتكريمُكِ لي موضعُ فخر واعتزاز- فأنا ذلك الدرويش العازفُ عن حُطام الدُنيا وبهارجها، أحمل قنديلي، في رابعة النهار، كما ديوجين، باحثًا عن الحقيقةِ العارِية ومنتصرًا لها، حتى الرمقِ الأخير، لا أرتجي جزاءً ولا شُكورًا!
ما جئتُكِ، مجدليا، إلاّ لأستحضِرَ، من وراء المحيطات، شاعرَكِ الذي رفع رأسكِ عاليًا، وطبع اسمكِ على شمسٍ لا تغيب، لأستحضرَ ذلك المتعبِّد لكِ، آناء الليلِ وأطرافَ النهار.. صلاتُهُ تسابيحُ ما انفكَّ يتلوها، منذ نيِّف وخمسين عامًا:" يا مجدليا، بحبِّكْ عْبَادِه/ رغم الضياعْ بغُربة المجهولْ/ المجدلاوي بينعطى شَهادة/ إنسانْ مُخلِصٌ بالتُقى مجبولْ/ بالمغتَرَبْ بِشرِّفْ بلادي" (ديوان "ابن مجدليا" ص 160).
أجل! أحبائي، أهلَ هذه البلدة، التي تستبطنُ المجدَ والحنان، جئتكم لكي أرى في وجه كل واحدٍ منكم، بل في وجه كل مجدلاوي ومجدلاوية، شربل بعيني، المُصابَ بداءِ الحنين إلى الربوع التي أنبتتهُ، والعالقَ على شفير هاوية الانتظار!
يقينًا، أحسبُ أن هذه القاعة تضجُّ بصوته، وهو يتلو فعل الندامة، وقد استبدّ به الحنينُ ولوعةُ الاشتياق إلى مسقطه: " ما عاد بدِّي عيشْ بالهجرانْ/ قِرفانْ من كلمة هَجِرْ قرفانْ/ مشتاقْ إرجَعْ بوِّس حروفِكْ/ واوقَفْ عَ بابْ كنيستِكْ ندمانْ" (ديوان "ابن مجدليا"، ص ص : 162- 163).
وها نحنُ، أحبائي، هذه العشِيّة، بجوار الكنيسة التي يرنو إليها شاعرُنا، فلنا أن نردِّد معه وبلسانه:" لماذا الهجرُ، يا ربي طويلُ/ أعِدْنِيَ، لا تُطِلْ فيَّ اشتياقا".
أيها الأحباء،
قد تستغربون كيف لباحثٍ أن يضعَ مؤلَّفًا وافيًا، حول أديب/ شاعر، بل يغورُ إلى عُمقِ أعماقِهِ، يتماهى فيه ليعيش كل لحظةٍ من لحظاتِ إبداعِهِ، وهو لم يلتقِهِ حتى هذه الساعة ؟!
أجل! لم ألتقِهِ، لم ألتقِ شربل بعيني عيانًا، ولكنني ألتقيهِ فيكم- أنتُمْ أهلَه ومحبِّيه وقادريه- فنِعمَ الدوحةُ البعينية ، ونِعم المحبون ونِعمَ قادروه!
لن أُحدِّثكم، أحبائي، عن كتابي، فقد أُعطيتِ القوس باريها، حين أُسنِدَت هذه المهمة إلى الصديق الأديب محسن أ. يمين، فأفلح في القبض على مفاصله، وفي تقويمِهِ أيّما تقويم!
قصّتي مع شربل بعيني، أحبائي، ذاتُ فصولٍ، لعبَ فيها القدرُ لُعبتَه، وقد استعرضتُها في مقدمة الكتاب، تحت عنوان : " قصتي مع البعيني والطريقُ إليه"، فلكم أن تتعرّفوا هذه القصة، ولي، في هذه العُجالة، أن أُجيبَ عن قضيتين، هما من القضايا المحورية لهذا المؤلَّف.
أولى القضيتين: لماذا هذا الكتاب، الذي صدر في سيدني العام 2020، وجال في أرجاء أستراليا، وجاء ليحطّ الرحال في لبنان؟ وأما ثاني القضيتين، لماذا شربل بعيني دون سائر أدباء المهجر الأسترالي وشعرائه المشتهرين؟
عن القضية الأولى، فقد جهدتُ في إبراز ما للشعر بالمحكية من جمالات بل مجالات إبداع، لا تقل عمّا للشعر بالعربية الفُصحى، وأن الشاعر الشاعر هو من يستطيع أن يُبدِعَ في كلا هذين اللونين الشعريين، وقد فعلها شربل بعيني، إذْ جمع مجدهما، وكان من المُفلحين! ولكم أن تُعاينوا مطوّلتَه العصماء "المربديّة"، التي ألقاها في أحد مواسم احتفال المربد في العراق، إذْ ضمّنها الشعر العمودي الخليلي، إلى الشعر الحرّ، وإلى الزجل، فكانت هذه القصيدة حُجَّةً له، لمرةٍ واحدةٍ وفي وقفة شعرية واحدة.
هكذا تماهى اللبناني المجدلاوي بالعربي النِجار، وكان خَلْقٌ في أحسن تقويم!
لقد كان للبعيني وأقرانِهِ، من شعراء المحكيّة، أن يتكلّموا بلغتهم المحليّة وبلسانِ قومهم، إقتناعًا منهم أن اللغة هي أحدُ مكوِّنات الهويّة الوطنية والثقافية والانتماء إلى الحيِّز الجغرافي، ذي الخصوصية الأصيلة. وإذا كان من ميزة فارقة للمحكية، فهي، وفق الباحثين في علم اللغات" القوتُ اليومي للشعوب!".
وأما عن القضية الثانية: لماذا شربل بعيني، فقبل الإجابة عنها، لا أبالغُ إذا قلتُ إن صفحاتٍ وصفحات تُقصِّر عن إيفاء شاعرنا العملاق حقه، وإذْ نحاولُ، فذلك غيضٌ من فيض مسيرتِهِ الإبداعية التي لا تعدِلها أية مسيرة:
- شربل بعيني، لأنه، إلى كونِهِ مُتجذِّرًا في المغترب الأسترالي، منذ نيِّف وخمسة عقود، يحملُ قضية وطنه الأم (لبنان) في عقله، ويُعانيها جرحًا منغرسًا في قلبه، ووجعًا يؤلمهُ، حتى آخر العمر!
- شربل بعيني، لأنه الطاعنُ إيمانًا في زمن لبنانيتِهِ، لا يرتضي منها بديلاً :" وَقْتْ اللي بحاكيكن/ لا تقولوا هيدا نصراني/ وقت اللي بحاكيكن/ لا تقولوا هيدا قرآني / أنا ما بحاكيكن/ ولا الحكي بيطلع عَ لساني/ إلاّ ما حاكيكن/ لبناني ابنْ لبناني".
- شربل بعيني، لأنه المتقدِّم، بل المتصدِّر أقرانَه، من شعراء الصف الأوّل، في المغترب الأسترالي، على جبهة الشعر: فصيحِهِ ومحكيِّه.
- شربل بعيني، لأنه "شاعر الغُربة" من دون مُنازع، مثَّلَ شعرهُ شلاّلاً هادرًا دفّاقًا، في خضمّ شعر المنافي، ولما يَزَلْ بعد نصف قرن دائم التدفُّق. وتكريسًا لهذا اللقب ، فقد كان لمسمّى "الغُربة" أن تحوي أذرُعُهُ الإعلامية: إذاعة وتلفزيونًا ومجلة.
- شربل بعيني، لأنه المتأجِّجُ أبدًا في الدفاع عن قضايا الأمة، لا سيما قضية فلسطين، وعن سائر قضايا العرب ، في وجه أعداء الأمة الذين يتناوشونها، من كل حدبٍ وصوب.
- شربل بعيني، لأنه ذلك "الجبراني" و"النزاري"، الثائر على الحلف الجهنمي بين بعض تجّار الهيكل والساسة الفاسدين، الذين باعوا وطنهم وأفقروا شعبهم، وذرّروا الكثير من أبنائه ، في أربع جهات الأرض!
- شربل بعيني لأنه الداعية إلى العيش الوطني اللبناني الواحد، المعترف بالآخر المختلف، عقديًا ودينيًا، فما يهمه الإنسان، والإنسان وحده، بريئًا من كل انتماءٍ فئوي أو جهوي أو عرقي!
- شربل بعيني، إذا أبقى اسمه طيَّ الكتمان، فإنك لا تعرفه، إذْ يتكلّم، إلى أي طائفةٍ أو دينٍ ينتمي، فهو عابرٌ الطوائف والمذاهب إلى رِحابِ الإنسانيةِ السَمحاء!
- شربل بعيني، لأنه باقٍ ذلك "الطفل" السبعيني المحبّ، طيِّب القلب والسريرة، لا يُماري ولا يُداهن، المتواضع الذي لا يُصعِّرُ خدّه للناس، ولا يمشي في الأرضِ مَرَحًا، من مُنطلق إيمانِهِ بأن الله لا يُحبُّ كلَّ مختالٍ فخور!.
- وشربل بعيني أخيرًا، لأنه ذلك المجدُّ، المنهمُّ، العاكف ليلَ نهار، وحتى الجنون، على وضع نتاجِهِ، لوجهِ العلم، بين يدي الناس، لا يرتجي إلاّ خدمة الأجيال، وخدمة الأدب العربي وفنونه، في مغتربه الأسترالي، وما وراء وراء هذا المغترب، وقد طبّقت شهرته في الآفاق!
... هوذا، أحبائي، ابن بلدتكم، فتشامخوا- يا أهلَهُ- وارفعوا الرأس عاليًا، فقد أنبتت لكم هذه الأرض الطيبة المباركة شاعرًا، قد لا تجودُ الأيام بمثله!
في هذا المجال، والقولُ بقولٍ يُذكر، أستميحُ ابن رشيق القيرواني عُذرًا، فأذهبُ مُقايسًا على ما أحدثه المتنبي من كبير فعلٍ: " ثم جاء شربل بعيني فملأَ دُنيانا وشغل الناس!". كما استحضرُ قول نزار قباني، في إحدى رسائله إلى شاعرنا: "شربل بعيني دوَّخ قارة أستراليا!".
أجل! دوّخها، بعظيم شعره، محكيًا وفصيحًا، وبأعماله المسرحية الأربعة عشر، وبعشرات دواوينه، فكان "طاحونة نشر كتبٍ"، كما وُصِفَ، وبما كُتب عنه وما قيل فيه، وبمقابلاته الصحفية التي تبلغ بضع مئات، وبالجوائز التي حازها من مختلف بلاد العالم، ودوّخها بسمو منظومة القيم التي اعتنقها، ولم يحِدْ عنها قيدَ أُنملة!
.. ختامًا، أتقدّم بجزيل الشُكر من رعية السيدة مجدليا، راعية هذا الحفل والداعية إليه، والشكر موصولٌ لخادم الرعية الصديق الأب عبود جبرايل، مهندس هذه التظاهرة الفكرية الرائعة، وللصديق الأستاذ وليد فرح، رئيس نادي روتاري زغرتا الزاوية، والشكر للصديق العزيز الأديب محسن يمين الذي شكَّل إضافة نوعية في مقاربته الكتاب. والشكر لجوقة رعية السيدة مجدليا، بقيادة الآنسة جوزيت المقدسي، وللفنان الملحن السيد الياس المقدسي، والشكر للحضور الكرام، فردًا فردًا، من أهلنا في مجدلياوالجوار وطرابلس وسائر المناطق. وأخيرًا الشكر لأخي الشاعر المحبّ شربل بعيني، وقد أردتُ هذه التظاهرة تكريمًا له في عُقرِ داره، فأنا ممتنٌّ له إذ أتاح لي هذه الفرصة الغالية.
**
صداقة
نعتز بصداقة إنسان إنسان، بأديب وشاعر مبدع، هو صورة لبنان الجميل في المغترب الاسترالي، وقد شرُفتُ بالكتابة عنه، وبمواكبته في كل نتاجه الثرّ، الذي ارتقى به إلى درجات عُلى في الفضاء الأدبي، مُتعدّد الفنون والألوان المعرفية ! حماك الله، صديقي شربل بعيني، ومتّعك بوافر العافية.
**
إهداء
ـ1ـ
إلى أخي شربل بعيني،
أعظم الناس في عيني،
وما يعظّمه في عيني صغر الدنيا في عينيه.
ـ2ـ
إلى شربل..
عميد الشعراء..
العلامة الفارقة المتفردة في المغترب الاسترالي:
حضوراً، لا تغيب شمسه،
ولا يضعف منه الصوت والصدى،
ولو كره الحاقدون!
ـ3ـ
والى شربل،
الذي تضيق كل الكلمات عن توصيفه،
ويعجز القلم..
ـ4ـ
يسعدني أن أهديك هذا العمل الموسوعي،
الذي يجول في الفكر العربي المعاصر،
منطلقاً من طرابلس "لبنان"،
إلى أرجاء الدنيا،
في عصر سقطت فيه مناطقية الفكر وإقليميته.
ـ5ـ
جمعنا الله بك،
كي يكتمل عقد أخوتنا عياناً،
وعسى الله أن يمدّك بأسباب الصحة والعافية،
وينعم عليك براحة البال،
وبمزيد من التألق.
أخوك المحب
مصطفى الحلوة
طرابلس في 11 تشرين أول 2022
**
تعليق حول الاهداء
أخي شربل..هذا الأهداء هو شهادةٌ خالصةٌ لوجه الحقّ، شهادةٌ لما أنت عليه من كبيرِ معرفة، وجليلِ قِيَم وعظيمِ حضور ! إنّه شهادةٌ أمام الله والتاريخ ونفسي ! وليكُنْ معلومًا أنّ عدمَ الجهر بحقيقة الآخرين وبَخْسَهُم أشياءَهم يعدُلان شهادةَ الزور، وأنا، في كلّ ما أفعل وما ينطق به اللسان، ما تعوّدتُ إلا الجهرَ بالحقيقة العارية، لا أرتجي جزاءً ولا شُكورًا !
**
“المهرجان الأوّل للقصيدة بالمحكيّة اللبنانية”/ تظاهرة أدبيّة أشّرت على المرتبة الرفيعة لمحكيّتنا في تراثنا الأدبيّ!
ثلاثةٌ شبكوا الأيدي، رفعوها إلى الأعلى، وكأنّنا بهم يُقسمون على أن يبقوا متكافلين متضامنين، كي يُحيلوا لبنان، من جنوبه إلى جبله فإلى شماله، مساحةً لحراك فكري راقٍ، علّهم يُبدّدون العتمة التي تدهمنا، من كلّ فجٍّ عميق!
ثلاثةٌ باتوا شموسًا، إذْ وطّدوا العزم على تبديد ليلنا الطويل، مُدخلين الفرحَ إلى قلوبنا، بعد طولِ تجهُّم وعبوس!
ميراي شحادة، رئيسة”منتدى شاعر الكورة الخضراء”، وحسّان عصمت، رئيس “منتدى شواطىء الأدب”، ومردوك الشامي، رئيس”ملتقى حبر أبيض”، هم الشموس، أضاءوا أيامنا الثلاثة الخوالي بِ “المهرجان الأوّل للقصيدة بالمحكيّة اللبنانية”، برعاية من وزارة الثقافة واتحاد الكُتّاب اللبنانيين، فكانت ثلاث أمسيات، أولاها في بشامون(عاليه)، والثانية في العباسيّة(صور)، والثالثة حطّت الرحال في مسقطي، طرابلس الفيحاء! كان المهرجان بحقّ تظاهرة أدبيّة ووطنيّة جامعة، احتشد لها خمسة عشر من شعراء المحكية والزجل، وواكبها جمهور “ذوّاق”، تفاعل، إلى مدى بعيد، مع غالبيّة هؤلاء الشعراء، الذين نمّوا عن علوّ كعب، في عالم الشعر، بالمحكيّة اللبنانية. بل أنهم أرهصوا بحركة تجديد، في هذا اللون الشعري !
لقد قُدّرَ لي- وأنا المهجوس حديثًا بالشعر المحكي- أن أُشارك، حضورًا، في الأمسية التي استضافتها طرابلس(قصر نوفل)، حيث تقاطر العشرات، الذين أنصتوا لكلمات “ليست كالكلمات”، تصدح بها حناجر الشعراء، المنتمين إلى مناطق مختلفة من لبنان.
إستهلالًا بالنشيد الوطني اللبناني، وتمهيد رائعٌ للأمسية وتعريف بالمتكلمين والشعراء، من قِبل د.أماني فارس أبو مرّة. كانت كلمة للشاعرة المبدعة حنان فرفور(ملتقى حبر أبيض)، أعقبتها كلمة د.وداد الأيوبي( إتحاد الكُتّاب اللبنانيين). ثم توالى الشعراء على قراءة نماذج من نتاجهم، فأجادوا جميعًا، بنسبٍ متفاوتة. علمًا أن الشاعر غي خوري استأثر بانتباهي وأخذني طائعًا إلى أماكن قصيّة، لعلّها في عالم آخر، فرأيتُ إليه “شاعر المفارقات”! وقد زففتُ له هذا اللقب ! وإذْ استفسرتُ عن دواوينه المطبوعة، فاجأني بأن ليس له دواوين منشورة، بل هو يكتفي بنشر قصائده على صفحته (الفيسبوك)، فوعدته بأنّني سأتدبّر بعضًا من قصائده، عبر دراسة نقديّة. كما كان للشاعر يامن رضا أن يخطفني إلى عالمه الأثيري، لما يتمتّع به من قريحة صافية، تُحاكي قمر مشغرة، في عزّ ليلة من ليالي صيفها الجميل! وكذا الأمر مع الشاعر المحامي مارون ماحولي، الذي يجمع الصنعة إلى الموهبة الشعرية، فهو متعمّقٌ في المحكية، وواضع كتاب/مرجع حولها، سيُوقّعه في 18 تشرين الثاني 2022. وعن الشاعرين الآخرين قيصر ميخائيل وعلي دهيني، فإن لكل منهما نصيبًا من تميّز.
لا شكّ أنّ أن الأُمسيتين الأوليين، في بشامون والعبّاسية، قد أحرزتا عين النجاح، الذي أحرزته الأُمسية الطرابلسية، إذْ ثمة ثُلّة من الشعراء المشتهرين أحيت هاتين الأُمسيتين.
..بقدر ما أفدتُ من أمسيتنا، ومن أعمال المهرجان كافة، التي تمّ نشرُها على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد ازددتُ إصرارًا على متابعة مشواري البحثي مع المحكية، ومع الشعر بالمحكية اللبنانية. في هذا المجال، كان أن وضعتُ دراسة مقارنة بين الفصحى والمحكية، صدرت في سيدني-استراليا (2020)، واتخذتُ الشاعر شربل بعيني أنموذجًا لهذه الدراسة، وقد جاءت بعنوان” شربل بعيني بين الفصحى والمحكيّة”. علمًا أنّ هذا الشاعر هو عميد الشعراء في المغترب الاسترالي( مضى على اغترابه 52 سنة، وهو ينظم بالفصحى والمحكية).
وإلى ذلك، لي عدة مراجعات نقدية منشورة في مؤلّفاتي، حول الشعر بالمحكية، لشعراء مقيمين ومغتربين، في عدادهم: المحامي غابي فؤاد دعبول، الشاعر المغترب الراحل روميو عويس( مراجعة ثلاثة من دواوينه)، إضافة إلى الشاعر شربل بعيني، آنف الذكر، إذْ أجريتُ مراجعة لخمسة من دواوينه تترجّح بين الفصحى والمحكيّة، وهي تُشكّل محتوى كتابي المنوّه عنه آنفًا.
من خلال هذه الدراسات النقدية، ودراسات أخرى عتيدة، حول المحكيّة والشعر بالمحكيّة، نذهب إلى أنّ المحكيّة ليست”حرفًا ناقصًا”، إذا جاز القول، فهي لا تقلُّ غنىً وجماليّة عن الفصحى!..فالشاعر شربل بعيني استطاع ، عبر ديوانه”مناجاة عليّ” بالمحكيّة، أن يجوز به إلى العالميّة، إذْ تمّت ترجمته من العربية إلى الإنكليزية والفرنسية والاسبانية والفارسية والأورديّة. وقد مُنح عليه جائزة الشاعر المبدع جورج جرداق. وكذا الأمر مع ديوانه “مراهقة”(1968)، و”رباعيات”(ط،رابعة 2016)، و”الله ونقطة زيت”(ط، ثالثة، 2016) .. هذه التجارب الشعرية بالمحكيّة، رفعها البعيني في وجه “أكليروس” العربية الفصحى المتشدّد، مُسقطًا الذرائع المتهافتة التي يُحاجّون بها في إلقائهم الحُرم على المحكيّة!
وإذْ أراد شاعرنا البعيني أن يُسقط ذريعة أنّ لجوء بعض الشعراء إلى المحكيّة مردُّه إلى عجز لديهم عن النظم بالفصحى، فقد كان له أن ينظم “المربديّة”، وهي من مطوّلاته الشعرية، ألقاها في المربد الثامن في العام 1987، متوسّلًا ألوان الشعر العمودي والحرّ والعامّي والزجلي، وكانت موضع إعجاب منقطع النظير!
ولا ريبَ أنّنا لا نجانب الصواب حين نرى إلى المحكيّة “القوت اليومي للشعوب”، كونها تعكس حركة الحياة اليوميّة، بصُدقيّة عالية، وتجسّد الوجدان الشعبي بمحمولاته وتشعّباته، كأحسن ما يكون التجسيد! والمحكيّة ليست الندّ المنافس للفصحى، ولا الساعية إلى إقصائها لتكون بديلةً منها! وغالبًا ما يُردّد بعض الألسنيين المنفتحين أنّ العاميّة/المحكيّة هي الخزّان الاستراتيجي الاحتياطي للفصحى. فهي تمدّها، على مرّ الأيام، بدفق من كلمات وتعابير تتقبّلها، من منطلق أنّ اللغة كائنٌ حيٌّ، يخضع لسُنن التطوّر.
وفي مقاربة محكيّة ديوان “مجانين”(1976) للبعيني،تذهب الكاتبة والناقدة الفلسطينية الأسترالية د.نجمة حبيب إلى القول:” ..اللغة المحكيّة امرأة غجريّة حُرّة، جريئة صريحة، لا تُوارب، منطلقة على سجيّتها، تُمتع وتُشتهى بأكثر ما تفعل أختها الفصحى، ربّة الصون والعفاف، المترفّعة في برج عاجي”( شربل بعيني بين الفصحى والمحكيّة، صادر في سيدني 2020، ص 94)
..عودٌ على بدء، إلى أمسيتنا ، التي لا زال صدى جمالاتها يتردّد في نفسي أكثر مما يتردّد على مسامعي، فهي ستكون مدخلًا إلى ندوة حول القصيدة بالمحكيّة اللبنانية، فنتّخذ لها أنموذجين، هما: عميد شعراء المغترب الأسترالي شربل بعيني، والشاعر المحامي مارون ماحولي. وبهذا نُجسّر الهوّة بين الشعر بالمحكية اللبنانية بين لبنان المقيم ولبنان الانتشار!
هذه المهمّة نضعها على عاتق الثلاثي، مُتشابك الأيدي: ميراي شحادة وحسّان عصمت ومردوك الشامي، كي يتنكّب تنظيم هذه الندوة، فيكون انتقالٌ من مستوى “المهرجان” إلى المستوى البحثي التطبيقي العملاني، فتتكامل المسألة فصولًا !
**
The University of Balamand receives a collection of books by poet Charbel Baini
On August 2nd 2022, the University of Balamand welcomed Dr. Moustafa Al Helwe, who was tasked with delivering a collection of books from Syndey – Australia to the Issam Fares Library Learning Center. Dr. Al Helwe was received by Dr. George Bahr, University of Balamand Provost, as an envoy for the “Poetry and Heritage Association” led by Notary Public and Lebanese Diaspora, Dr. Bahia Abu Hamad. Also present at the book handover were Dr. Hanna El-Nakket, Dean of the Faculty of Arts and Sciences as well as Mr. Ibrahim Farah, Ms. Dalia Qalima, and Dr. Doreen Nasr from the Issam Fares Library Learning Center.
The books are comprised of a selection of poems written by Lebanese poet Charbel Baini as well as a number of auto-biographies. Charbel Baini immigrated to Australia in 1971 and has since established his own magazine entitled "Al-Ghurba" and a website of the same name. His contribution to the Lebanese Expat art movement earned him the title "poet of the diaspora”. On that account, the addition of his work to the university’s Library will amass huge cultural enrichment to its shelves.
In his handover speech, Dr. Al Helwe stated: "We would like to thank Dr. Bahia Abu Hamad and poet Charbel Baïni for creating this cultural connection with the University of Balamand that is crystalized by the handover of this huge collection of publications. We are honored to present the work of poet Charbel Baini, who is one of Lebanon’s most prominent literary figures living abroad.”
In turn, Dr. Bahr noted: "We, at the University of Balamand, welcome any cultural and intellectual venture that enriches the Balamand Library with more creativity. This occasion is a translation of the Lebanese expatriate's efforts to ratify their unique presence on the Lebanese national scene."
**
د."بهيّة"أبو حمد وصالونها الأدبي "البهيّ"من منظور العلاقة الجدلية بين الأمكنة وشاغليها!
كتب كبير شعراء المُغترَب الأسترالي الصديق شربل بعيني، على صفحته(الفايسبوك 30/12/2022)، موصّفًا،بإعجاب إلى حدّ الدهشة والذهول، صالون صديقتنا الأدبي العزيزة الكاتبة بالعدل والأديبة الشاعرة بهيّة أبو حمد، الذي أُقيم فيه حفلٌ تأبيني لروح نقيب شعراء الزجل اللبناني المرحوم جورج أبو أنطون. وممّا جاء في توصيفه:"عام 2016 إفتتح نقيب شعراء الزجل اللبناني الراحل صالون د.بهية أبو حمد، بحلّته القديمة. وفي آخر يومين من عام 2022، أي بعد وفاته بأربعة أيام، أُفتُتِح، بحلّته الجديدة، بحفل رثاء، أُقيم لتخليده والتعبير عن امتنان جمعية إنماء الشعر والتراث لرحلته الزجليةالعامرة". وفي توصيف ذلك الصالون "البهيّ"، يُتابع الشاعر بعيني:"حِلّةُ الصالون أدهشتنا جميعًا(..) والحقّ أقول، هو تحفة فنّية رائعة، جمعت بين فنون العصور كافة: العربي، البيزنطي، الأندلسي، الايطالي، والفينيقي وغيرها، لدرجة تحتار معها أين تنظر! وبعد انتهاء حفل التأبين، الذي شارك فيه كبار الشعراء، المغتربين والمقيمين، ورعته وزارة الثقافة اللبنانية، بالاشتراك مع نقابة الزجل، أعلنت د.أبو حمد أنّ الصالون سيكون جاهزًا تمامًا، بعد أسبوعين، لاستخدامه مجّانًا من قِبل الشعراء والأدباء والفنانين وسواهم"
...إذْ نترحّم على النقيب أبو أنطون، لما له من أيادٍ بِيْض في تعزيز دور الزجل اللبناني، في لبنان المُقيم ولبنان المغترِب، فإنّ ما يعنينا تعليل تلك الدهشة، التي استبدّت بالصديق شربل بعيني بإزاء ذلك الصالون، الذي سيُمثّلُ مَعْلمًا لحراك نوعي، على الصعيد الأدبي والفكري والفنّي والاجتماعي".
في هذا المجال، فإنّ ما ينبغي التوقّف عنده تلك العلاقة الجدلية بين البشر والأمكنة المختلفة التي تضمّهم، إذْ هي علاقةٌ تفاعلية ، وبالاتجاهين المتعاكسين. فبقدر ما يحمل شاغلو الأمكنة سِمات هذه الأخيرة، فهم يخلعون على الأمكنة ما يختزنون من قِيم وسِمات فكرية وثقافية وحضارية. هكذا فإنّ سكّان الصحارى، في العصور القديمة، دأبوا على الارتحال، من مكان إلى آخر، سعيًا وراء الماء والكلأ. كانت الخيام سكناهم، يحزمونها على ظهور الإبل، ويعيدون نصبها، في مسيرهم، الذي لا أُفق له، نُشدانًا للأمان، بمختلف أشكاله. كانت الخيمة، لدى البدوى، ذات وظيفة محدّدة، لا تتعدّى الإقامة والمبيت. ولم يكن ثمة عناية بالمقتنيات و"الأثاث". وبكلمة، كان كلّ مكان لديه يُشكّل محطّة للإنتقال إلى مكان آخر، وهكذا دواليك!
في المقلب الآخر من المسألة، نرى أنّ من سلكوا سبيل المدنيّة من البشر، كانوا إلى جانب اهتمامهم بالفن المعماري، بما يخصّ أماكن سكنهم ومعابدهم ومنشآتهم العمرانية الأخرى، يُعيرون اهتمامًا أيضًا لتزيين بيوتهم لتغدو في أجمل حِلّة. وكانوا يستدخلون إليها فنونًا شتّى، من النحت، والرسم، إلى الحفر على الخشب وسوى ذلك من عناصر تجميلية. وبذا ينمّون عن مستوى من الذوق رفيع.
إسقاطًا لمعادلتنا المركزية، أي خطاب البشر/الأمكنة، على د."بهية"، وعلى صالونها الأدبي"البهيّ"، فهي، عبر هذا الصالون، استحضرت مختلف الحضارات، من عربية، وبيزنطية، وأندلسية، وإيطالية، وفينيقية وسواها، بحيث جسّدتها في مشهديات، بل آيات رائعات، احتلّت جدرانه وسقفه وأروقته وأرضه. وقد نمّت "البهيّة"عن ذوق راقٍ، لم يأتِ من فراغ. ويكفي أن نستعرض لمامًا ما تتمتّع به من كفاءات متعدّدة، فهي مجامية حائزة دكتوراه في القانون، وتمارس مهنة الكتابة بالعدل، وهي تتقن العربية والإنكليزية والفرنسية بطلاقة، وتكتب بها ثلاثتها بأسلوب رفيع. وقد وفّرت لها اللغتان الأخيرتان الاطلاع على نتاج حضارتيهما من قرب. علمًا أنّ إتقان كل لغة تمنح الإنسان شخصية أُخرى مُضافة! وإلى ذلك، فهي حائزة جائزة الملكة اليزابيث الثانية. وقد تمَّ تكريمها في العام 2022 من قِبل "مجلس السفراء العرب في كانبيرا"، لدورها في تعزيز التراث الثقافي العربي في استراليا.كما أنّ لها نتاجًا أدبيًّا، في عِداده كتابها النقدي، حول الأديب شربل بعيني، عنوانه:"شربل بعيني منارة الحرف"، وقّعته في لبنان ومصر، في العام 2019. كما أنّها بصدد توقيع كتاب في لبنان، بعد شهرين، ينتمي إلى الكتابة الابداعية، عنوانه "رحيق الورود"، وقد شرُفنا بوضع مقدّمة مُسهبة له. وهي رئيسة"جمعية إنماء الشعر والتراث" في سيدني. علمًا أنّ للدكتورة بهيّة كتابات قانونية، تسعى إلى إصدارها في آتٍ قريب!
بكل هذه الصفات، ذات المرتكز المديني الحضاري، والمستوى التعليمي والمخزون الفكري والثقافي، كيف لا يكون صالونها على درجة من الإبهار عظيمة؟
عزيزي شربل، إنّك على دراية بخطاب البشر/الأمكنة، فلا يأخذنّك العجب العُجاب، ولا يتملّككَ الاندهاش أمام ذلك المَعْلَم "البهيّ"، الذي يأتي على صورة صاحبته. فهو مرآة لها، وهي له مرآة! وإذْ يرمقان بعضهما بعضًا، فإنّ "البهاء"يتماهى في "البهيّة" ويتمرّاها، و"البهيّة"تتماهى فيه وتتمرّاه!
من بيوتهم تعرفونهم، وآثارهم تدلُّ عليهم!
(من بيادر الفسابكة/قراءة نقديّة في قضيّة)
**
النحّات نايف علوان، مُطوِّعُ الصخر ومُنطِقُهُ..من “أيطو”عبورًا إلى العالميّة!
تحت عنوان”النحت يفرحُ بأسياده”، كتَبَ الصديق كبير شعراء المُغتَرَب الاسترالي، ونزيل سيدني، شربل بعيني، على صفحته (الفايسبوك: 9/1/ 2023):”من لبنان جاء، حاملًا معه إزميل الصخر ليُهديَه لنحّات مغترب، أفنى عمره بين الأخشاب، لينحت منها تماثيل، لا ينقصها سوى النطق! اليوم إلتقى النحّاتان اللبنانيان العالميان، نايف علوان وتوفيق مراد، في متحف الأخير (في سيدني)، بحضور الإعلامي جوزاف بو ملحم والشاعرين شربل بعيني وأحمد أبو علي رضا”. ويتابع الشاعر بعيني:” الفرحة عمّت الجميع، كيف لا، والنحت يفرح بأسياده، والصُوَر تُلتقط تحت منحوتة جائزة شربل بعيني، تكريمًا للنحّاتين علوان ومراد، الفائزين بها”.
…تعقيبًا، فقد تسنّى لنا التعرّف على النحّات علوان، يوم توقيع كتابي “شربل بعيني بين الفصحى والمحكيّة”، في مجدليا، مسقط الشاعر بعيني، بدعوة من اللجنة الثقافية-رعيّة سيدة مجدليا/26 شباط 2022,، وكان عائدًا لتوّه من سيدني. وقد تواعدنا على أن نزوره في محترفه. وفي أواخر حزيران الماضي، بعث إليَّ الشاعر بعيني، بهدية للنحّات علوان، كي أسلمه إياها، وهي عبارة عن مجموعة مؤلفاته الشعرية والنقدية والمسرحية(حوالى 70كتابًا). وقد قصدتُ أيطو، بصحبة الصديق الشيخ منصور الخوري، لتسليم”الأمانة”.وما إن وطئت أقدامنا أرض المحترف، حتى أخذَنا العجب! فهو قائمٌ على مساحة واسعة في الهواء الطَلْق، تحفُّ به الجبال من جميع جوانبه، ويُطلّ على واد سحيق تملأه الأشجار، وتطغى فيه الخضرة على ما عداها من ألوان الطبيعة الغنّاء! وقد انتشرت في المكان نُصُبٌ وتماثيل مُنجزة، وأخرى قيد الانجاز، مما أحالَه مُتحفًا حيًّا، تآزرت فيه يدُ الخالق، مبدع الطبيعة، مع مبدع خلّاق أحال الصخر الصلد بشرًا أسوياء! وهنا يحضُرُني قول الشاعر غطّاس خوري في النحّات علوان:”شو عامل بها الصخر/قدّامك صاير بيلين/واقف عاصي عا الدهر/طايع متل العجين”.
وحتى يتكامل المشهد جمالًا، أُقيم في ركن من المتحف، ما يُشبه العرزال، يفيء إليه العلوان بين حين وآخر، بعد طول عناء، لارتشاف ما يبلّ عطشه أو نشدانًا للراحة. وقد تمّت استضافتنا في هذا العرزال، وكان حديث حول جمال المكان ورهبته! كما تطرّقنا إلى مسيرة النحّات علوان المضنية، إذْ التعامل مع الحجر، ليس بالأمر اليسير! كانت مسيرة واعدة، عبرت بنحاتنا إلى أرجاء العالم، إلى أميركا، حيث تمثال القدّيس مار شربل في لوس أنجلس (كنيسة سيدة لبنان)، وإلى سيدني، حيث تمثاله أيضًا، في باحة الكنيسة، التي تحمل إسمه! وإلى بلاد عالمية، لا يتسع المقام لذكرها!
اغتنمتها سانحة، كي أسأل النحات علوان عن سرّ عبقريته، وهو الإنسان المتواضع، فأحالني إلى الطبيعة أستنطقها الخبر اليقين!..قال: عاينْ هذه الجنّة، بمشهدياتها الرائعة الخلّابة، تُسرّح فيها البصر، فيصفو الذهن ويُحلّق بك الخيال إلى عالم أثيري، بهدوئها القاتل/المُحيي، ببيئتها التي لا يعرف التلوّث إليها سبيلًا، بهوائها النقي، تتنفّسُه ملء رئتيك!..وهل تعجب، يا صديقي-قال علوان- كيف لا تكون هذه الأرض ولّادة لعباقرة؟!.. قالها بتواضع جمّ، ولم أنبس ببنت شفة! والسكوت علامة الموافقة، كما علامة الرضا!
تواعدنا على معاودة هذا اللقاء، بعد أن حُمّلنا، الشيخ منصور الخوري وأنا، سلّةً من الكرز(باب أول) من بستانه، وكانت صُوَرٌ للذكرى، ضمّتنا إليه وإلى شقيقه المختار، الذي يعمل معه في محترفه.
وإذْ عزمنا على زيارته، منذ أسبوع، فقد تناهى إلى علمنا وجوده في سيدني، لتفقّد بعض أسرته هناك. ولدى عودته، سيكون لنا معه لقاء. فمن النحّات علوان، ومن أمثاله من مبدعينا، في الوطن وبلاد الانتشار، نُفيد دروسًا وعِبرًا، ويترسّخ لدينا اقتناع بأن بلادنا عاصية على الموت، مهما عصفت بها رياح السموم!
***
*الصُوَر تضمّ الشاعر بعيني، والفنانين النحّاتين علوان ومراد، والشيخ منصور الخوري، و مصطفى الحلوة.
(من بيادر الفسابكة/قراءة نقديّة في قضيّة)
**
"شربل بعيني منارةُ الحَرْف"..كتابٌ يتردّد رَجْعُ صداه بين إنطلياس وسيدني!
تحت شعار "دورة ثقافة الحرّية والمئوية الثالثة للحضور الأنطوني في إنطلياس"، وفي دير مارالياس، مقرّ "الحركة الثقافية"، حيث يُقام "المهرجان اللبناني للكتاب"، للسنة الأربعين (بين 3 و 12 آذار 2023)، يتربّعُ سعيدًا كتابُ الأديبة المحامية د.بهيّة أبو حمد "شربل بعيني منارة الحرف"، في جناح "مُنتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحادة الثقافي"!.. أجل! يتربّعُ هذا المؤلَّف القيّم، والذي هو بحقّ أحد "ظهورات " الأدب الاغترابي في أستراليا، يتربّع في إنطلياس، بلدة الرحابنة، وما أدراك ما الرحابنة، في عوالم الشعر والفنّ والموسيقى!
هذا الجناح يُعتبر، بكل تواضع، من أكثر أجنحة المعرض، تنسيقًا وجذبًا للزوار، بهمّة إبنة شاعر الكورة الخضراء، ميراي شحادة حدّاد، التي تحرص على استقبال كلّ زائر، بقلب عامر بالمحبّة، وبوجه يطفحُ بِشرًا، مُعبّرةً عن سعادتها، بوجود أحد أسفار الأدب الاغترابي بين مجموعة منشورات "منتدى شاعر الكورة الخضراء"، فيزداد الجناح ألقًا على ألق!
هذه الميراي، ما فتئت تُعرّف كلّ زائر لجناحها على هذا الكتاب، وتُقدّمه هديّة باسم مؤلّفته، وباسم شربل بعيني، وهو يدور حول دراسة خمسة عشر من دواوينه الشعرية.
.. أيام إنطلياس الكتاب والثقافة تُطوى في 12 آذار، ولتُشرَّع، بعد ستة أيام، صفحة زاهية (18 آذار 2023)، صفحة "يوم بهيّة أبو حمد في سيدني"، حيث يحتشد ما يربو على عشرة متكلّمين، لدى إطلاق الكتاب، للمرّة الأولى في أستراليا. هم مجموعة من النُخَب الفكرية والأدبية والثقافية، من جاليتنا اللبنانية والجاليات العربية.
ويبقى السؤال: هل من قبيل الصُدَف أن يتزامن إطلال "شربل بعيني منارة الحرف" من سيدني ومن إنطلياس، خلال آذار، الشهر الذي، تُنبىء أُخريات أيّامه بالربيع اللبناني؟
لقد أردناها، ميراي شحادة وأنا، أن تكون تظاهرة ثقافية "بهيّة"، سَداها إنطلياس ولُحمتُها سيدني! أردنا أن يُرهِصَ "يوم بهيّة في سيدني" بتظاهرة أدبية، مدخلُها لبنانُ المُقيم ومُنتهاها لبنان المغترب!
في لبنان المغترب سيكون الحدث، بل اليوم المشهود، برعاية وزارة الثقافة(لبنان)، ومجلس السفراء العرب في كانبرا، ونقابة شعراء الزجل في لبنان، وبدعوة من "جمعية إنماء الشعر والتراث"، التي ترأسها د.بهية أبو حمد.
إلى ذلك اليوم المشهود، تشخَصُ أبصارُنا، وتهفو القلوب، وتُنصتُ الأسماع، لنتملّى، حتى الثمالة، من سِحر الكلام، الذي ستترجّع أصداؤه، في "قاعة كفرحلدا، سيدني"، ونتشارك فرح الاحتفاء بالحدث، مع أحبّائنا، أبناء الجالية اللبنانية والجاليات العربية، في المغترب الاسترالي.
"شربل بعيني منارة الحرف"، هو الكتاب/المرجِع الذي سيؤوب إليه المقيمون والمنتشرون، ليتعرّفوا على كاتبة/شاعرة من طراز رفيع، تُشكّل راهنًا محور الحركة الأدبية، شعرًا وزجلًا، على مدى الجغرافيا الاغترابية، كما على واحد من عمالقة الشعر والأدب في المغترب الأسترالي، من دون مُنازع!
مُباركٌ لك، الصديقة العزيزة د.بهيّة، مولودك الرائع، بل باكورة مواليدك، متطلّعين بشوق إلى مزيد من عطاءاتك الأدبية والشعرية والقانونية المتميّزة
**
كلمة د.مصطفى الحلوة، التي وجّهها إلى د.بهية أبو حمد، في حفل توقيع كتابها "شربل بعيني منارة الحرف"
السبت: 18 آذار 2023
منذُ سنواتٍ أربع إلّا قليلًا، وتحديدًا يوم الخميس الواقع فيه 14 حزيران 2019، كان يومًا مشهودًا، في جديدة المتن، لبنان. فمن القصر البلدي، أطلّت علينا الصديقة العزيزة د بهيّة أبو حمد بباكورة نتاجها الأدبي والنقدي "شربل بعيني منارة الحرف". وقد كانت ندوةٌ قيّمةٌ، حول هذا المؤلَّف وتوقيعٌ له، برعاية وزارة الثقافة، وبمشاركة حشدٍ نوعيّ من أصحاب الكلمة، وممثلي فاعليات ثقافيّة وفكريّة واجتماعيّة وأدبيّة. وقد كنتُ في عِداد المدعوّين إلى هذه التظاهرة الفكريّة. وإذْ جذبني هذا الكتاب، فقد أنجزتُ حينها مراجعة نقديّة مُسهبة حوله، وضعتها بعُهدة الصديقين د.بهيّة والشاعر بعيني، بعد ثلاثة أيام من ذلك الحدث!
اليوم، هو يوم بهيّة أبو حمد في سيدني، استراليا، ليتكامل الاحتفاء بهذا الكتاب فصولًا.
في هذا اليوم، أحببتُ أن يكون للبنان المقيم حضورٌ، إلى جانب لبنان المغترب وسائر الجاليات العربية، فكانت هذه الكلمة.. هي عربون محبّة للعزيزين د.بهيّة والأستاذ شربل:
- على مدى مائتين وثمان وعشرين صفحة، استطاعت المؤلّفة د.بهيّة أبو حمد أن تُحيط بالشاعر شربل بعيني إحاطةً شبه شاملة، على رغم ضخامة نتاجه الأدبي، الذي يملأ بطون عشرات الدواوين والكتب، التي وضعها بين أيدي قرّائه، والمسيرةُ لمّا تنتهِ. بل هو مصعّدٌ في مراقي الابداع إلى أن يقضيَ الله أمرًا كان مفعولا!
- على مدى مائتين وثمان وعشرين صفحة، ومن خلال خمسة عشر ديوانًا شعريًّا، أحد عشر بالمحكمة اللبنانية، وأربعة بالعربية الفصحى، كان للمؤلّفة أن توثّق مسيرة البعيني، متوسّلةً لونين أسلوبيين، أوّلهما حوارٌ افتراضيٌّ، بصوتها وصوت شاعرنا- والصوتان هما صوتها - نهاية المطاف. وثاني الأسلوبين عبارة عن مناجاة، فيتلو علينا البعيني مزاميره، نُصيخُ إليه السمع، فيأخذ بمجامع القلوب.
- لقد كان للأديبة د.أبو حمد أن تقارب الدواوين الخمسة عشر، من منظور وجدانيّ حميم، إنطباعي تفاعلي، نائيةً بنفسها عن جفاف البحث الأكاديمي، الذي يُضعفُ بقَدْر من حرارة الروح، التي يختزنها الشعر!
- وإذْ نضع هذا المؤلَّف، في ميزان النقد، فإنّنا نرى إليه مُنجزًا إبداعيًّا، من طراز رفيع. فقد استطاعت د.أبو حمد أن تُضفي على شاعرية البعيني شاعريةً من لون جديد، وبتنا أمام ديوان لها، يحوي خمسة عشر ديوانًا، بل لنغدوَ أمام شاعرين، وإنْ لم تحشر مؤلِّفتُنا نفسَها بين الشعراء!
- "شربل بعيني منارة الحرف" هو مؤلَّفٌ نوعيٌّ، غير نمطيّ، لا يُشبه سواه من كُتُب السِيَر، وإنْ جاء في قالب سيرة ذاتية، بلسان واضعته، وبلسان الشاعر بعيني.
- لقد كان للدكتورة أبو حمد أن تلتزم الموضوعية، ما وَسِعَها الجهد، على رُغم البعد الوجداني التفاعلي، الذي يَسِمُ أسلوبها التعبيري. فلغتُها، وإنْ جاءت في إطار النثر، ففيها من روح الشعر وتوهّجه ما يرقى بها إلى لغة الشعر!
- بخلفيّة المحامي البارع- وهي المحامية والحائزة دكتوراه في القانون - راحت د.أبو حمد إلى استنطاق شاعرنا برقّة وسلاسة، من دون أن تضعه في قفص الاتهام، وطفق يُفضي بكلّ ما لديه، من دون زيادة ولا نُقصان!
- ولقد كان للحوار الافتراضي الكموني، الذي هنْدَسَتْه د.أبو حمد، ببراعة فائقة، دورُه الفعّال، في إضفاء حيويّة على مسار الكتاب، مُخرِجًا إيّاه من مطبّ السرديّة المملّة.
- هذا الكتاب، بصيغته المتفرّدة، يغدو بمنزلة سياحة أدبيّة جميلة، في ربوع شاعرنا البعيني - وما أجملَها تلك الربوع - وفق ما ذهب إليه الأديب الباحث يحيى السماوي، في تقويمه المقتصد لهذا الكتاب.
- بهذا الكتاب، فهي إلى ألقابها المتعدّدة، تُضيف د.بهيّة أبو حمد لقبًا آخر جديدًا، في سجلّ نجاحاتها، فإذا هي سفيرةٌ "فوق العادة"، إلى فضاء الأدب الاغترابي اللبناني والعربي، ونجمةٌ وضّاءة من أنجُمه الزُهْر!
- ..وإذا كنتَ، عزيزي شربل، في موضع من رباعياتك، قد دعوتَنا إلى تدبُّر شعرك وقراءته من جديد، فقد قُدِّر لنا، عبر هذا المؤلَّف الثرّ، أن نقرأ شعرك، بل أن نقرأك بكلّيتك، فأسفرت عن شاعر شاعر، أُعطيت نصيبًا وافيًا من مجد الشعر الاغترابي، بل تربّعت على قمته!
ختامًا، أتوجّه من مدينتي طرابلس(لبنان) إلى الحضور الكرام، من جاليتنا اللبنانية وجالياتنا العربية، بأسمى التمنيات، آملًا التوفيق لهذا اللقاء الجامع والمبارك.
- وللدكتورة بهيّة أقول: نحن على أحرّ من الجمر، بانتظار الإفراج عن كتابك/ديوانك المبدع "رحيق الورود"، وقد شَرُفتُ بوضع مقدمة له.
**
"ممالحة" وداعيّة في مطعم الدنّون، على شرف شاعر الغربة شربل بعيني!
على مرمى أيام معدودة، من عودة الشاعر والأديب والإعلامي شربل بعيني إلى سيدني (أستراليا)، بعد أن أمضى نيّف وثلاثة أسابيع في الربوع اللبنانية، أُزيحت خلالها الستارة عن تمثال له في مسقطه مجدليا (قضاء زغرتا)، وأُقيمت ندوة حاشدة حول إسهامه في الأدب الاغترابي، كانت ظهر اليوم جلسة "ممالحة دنّونية"، على شرفه، إستعاد عبرها تاريخه مع مطعم الدنّون، حيث كان يرتاده في حداثته، قبل أن يُغادر إلى المغترب الاسترالي، منذ ثلاث وخمسين سنة!
شارك في اللقاء التكريمي مستشار وزير الثقافة الأديب المحامي شوقي ساسين، الشيخ منصور الخوري، رئيس بلدية الميناء السابق عبد القادر بيك علم الدين، النحّات العالمي نايف علوان مُبدع تمثال البعيني، رئيس رابطة الخرّيجين الجامعيين في الشمال الأستاذ غسان الحسامي، مفاجأة الجلسة الأديب الشاعر الذي وصل أمس من مالبورن ميلاد نقولا، د.مصطفى الحلوة. وقد شارك، في جانب من اللقاء، الصديق د.بلال عبد الهادي. علمًا أن الحسامي قدّم للشاعر بعيني شهادة تقديرية، بإسم رابطة الخريجين الجامعيين في الشمال.
**
كلمتي أمس في حفل تكريم صديقي الشاعر اللبناني الأسترالي شربل بعيني، في ندوة حول ريادته في الأدب المهجري، وفي إزاحة الستار عن تمثال له، في مسقطه مجدليا (زغرتا)، أبدعَه النحّات العالمي نايف علوان. وقد رعى الحفل معالي وزير الثقافة، ممثّلًا بالشاعرة ميراي شحادة حدّاد.
كم كنتُ أخشى أن يُباغتني الموتُ ، أو يُباغتَ شربل بعيني ، فلا ألتقيه وجهًا لوجه ، وأنا الذي لم ألتقِهِ البتّة من قبل! كم كان هذا الهاجسُ، يستبدُّ بي ، آناء الليل وأطراف النهار ! .. فشُكرًا لك ، صديقي النحّات اللبناني العالمي نايف علوان ، إذْ طوّعت يداك الصخر ، وأبدعت هذا التمثال الناطق ، الذي كان له فعلُ المغناطيس ، فجذبتَ شربل إلى الربوع اللبنانية ، بعد انقضاء عشرين عامًا ، على آخر زيارة له إلى لبنان ! .. اليومَ ، لا تسُعنا الدنيا ، ونحن ، بك شربل ، سُعداءُ سعداء !
فيا مجدليا هلّلي ، ويا أهلَ شربل "البعاينة " الكرام هلِّلوا ، لعودة ابنكم غير الضال إلى مسقطِهِ ، ويا نحنُ نهلّل ، وقد جئنا جميعًا إلى هذا العُرس الأدبي ، نحتفي بواحدٍ من عظماء لبنان الانتشار ، دوَّخ قارة أستراليا " ، على حدّ قول الشاعر الكبير نزار قباني !
أجل دوّخها شربل ، بعظيم شعره ، بنتاجه المسرحي المدرسي (14 مسرحية للأطفال ) ، بإعلامه ، واسع الانتشار ، عَبْرَ موقع الغُربة الالكتروني، ومن خلال نتاجه الثرّ ، فغدا ، كما يصفونه، "طاحونة نشرِ كُتُب"!
ولنا ، في هذا المقام ، أن نروح إلى ابن رشيق القيرواني ، فنقايسُ على ما قاله في المتنبي ، فنقول : ".. ثم جاء شربل بعيني ، فملأ دُنيا الاغتراب وشغل الناس "، وهو لمَّا يَزَلْ شاغلَها !
ففي أوستراليا ، كيفما يمّمت وجهك ، فثمَّ وجه شربل الوضّاءُ يرمُقُك، وثمَّ صوتُهُ يُدوّي في مسامعك ، و ثمة شمسُهُ اللاهبة تلفحُك، وثمَّ نورُه يعشّي منك البصر !
أيها الحفل الكريم ،
صلتي بشربل بعيني ، إذْ ترقى إلى العام 2020 ، عَبْرَ الأثير "الإنترنيتي"، لا تُقاسُ بالسنين ، فما السنون والشهورُ والأيام سوى محطّاتٍ اصطلاحية ، ابتدعها الإنسان لتنظيم الوقت والعمل ! صلتي به ، وإن قصُرَ زمنُها ، فهي خارج الزمن الاصطلاحي .. هي صلةٌ صوفيّةٌ ، أزليَّةُ المبتدى ، أبديَّةُ المنتهى! معرفتي بشربل ، مُنطلقُها مراجعاتٌ نقدية لأربعة من دواوينه ، تُضاف إليها مراجعة، حول كتاب الأديبة المحامية د. بهية أبو حمد " شربل بعيني منارةُ الحرف" . وقد جمعها شربل في مؤلّف لي ، صدر في سيدني ، بعنوان :"شربل بعيني بين الفصحى والعاميَّة" . وهذا الكتاب، حسبما يزعم شربل ، من أبرز الدراسات الأكاديمية ، التي سلّطت الضوء على إبداع شاعرنا ، بجمعِهِ مجد الفُصحى إلى مجد العامِّية ، في بوجِهِ الشعري .
أيها الحفل الكريم ،
شربل بعيني ، ذلك الأديب الموسوعي ، لم يبقَ رهينَ الفضاء الاسترالي ، ولا رهينَ اللغة العربية ، فالعديد من دواوينه ، تُرجمت إلى لغات العالم الحيَّة : من "المربديَّة" . التي زاوج فيها بين الفصحى والعامِّية وبعض فنون الزجل ، إلى ديوانه "مُناجاة عليّ " – وهو بالمحكيّة – إلى سواهما من المؤلفات . ماذا أخبّركم عن الألوان الشعرية ، التي خاض شاعر الغُربة غمارَها ؟ فإذا تغزّل ، فهو يرقُّ يرقُّ حتى ينفلق ! وإذا رفع الصوت في مواجهة المعضلات الاجتماعية لبني قومه، فهو الجبراني الثائر على العادات والتقاليد البالية ، كما الثائر على ذك الحلف الجهنمي بين المتاجرين بالدين وبين الساسة الفاسدين والمفسدين ، الذين باعوا أوطانهم وأفقروا شعوبهم ، وذرّروا شباب لبنان ، في أربع جهات الأرض !
وتسألونني ، لماذا شربل بعيني ، ولماذا اصطفيناه من بين شعراء المهجر؟
- شربل بعيني لأنه المتقدّم ، بل مُتصدِّرٌ أقرانَهُ ، من شعراء الصفّ الأول في المغترب الأوسترالي !
- شربل بعيني لأنه المتوهِّج المتأجِّجُ أبدًا ، في الدفاع عن قضايا الأمّة ، وواسطةُ عقدِها قضيةُ فلسطين !
شربل بعيني لأنه الداعية إلى العيش الوطني الواحد . فما يهمُّهُ الإنسان،
والإنسان وحدَهُ ، بريئًا من كل انتماء ديني أو عقدي أو عرقي أو جهوي !
- شربل بعيني ، إذا لم يجهر باسمِهِ ، فإنك لا تعرف إلى أي طائفة أو مذهب ينتمي ، فهو عابرٌ الطوائف والمذاهبَ والزواريب ، عابرُها إلى فضاء الإنسان الإنسان !
- شربل بعيني لأنه باقٍ ذلك "الطفل السبعيني " ، المترع حبًّا ، طيِّب القلب والسريرة ، لا يُماري ولا يُداهن ،المتواضع ، الذي لا يُصعِّرُ خدّه للناس ، ولا يمشي في الأرض مَرَحًا !
أيها الأحباء ،
يحلو لي أن أختم بما أنهيت به آخر صفحة من كتابي "شربل بعيني بين الفُصحى والعامِّية " ، فأذهب إلى أنّ في زمن الرُخص والتسطُّح والابتذال.. في زمن التفاهة والتافهين ، على جبهة الشعر وسائر الجبهات .. في زمن تُخلعُ فيه الألقاب على غير مستحقّيها من الشعارير .. في زمن منح الدروع التكريمية من دون حسيب ولا رقيب ، لمن سَمُّوا أنفسهم أو سُمُّوا شعراءَ وكُتّابًا .. وفي زمنٍ باتت فيه شهادات التقدير "الكرتونية" والشهادات الفخرية، من دكتوراه و "نازل" ، تُوزّع من قِبل جمعيات ومنتديات وهمية ، تكاثرت كالفطر ، كما يُوزَّع "البونبون" على الأطفال ، في الأعراس والأفراح .. في هذا الزمن الرديء – وهو من علامات الساعة - ما زال شربل بعيني شامخًا كالطود ، قابضًا على شعره "الحلال" ، مُصعِّدًا إلى عليّين ، كما القابض على جمر دينه ، في زمن الهرطقات والكفر، بين مُهرطقين كَفَرة !
مُباركٌ لك ، أخي شربل ، هذا التكريم المستحقّ ، فأنت مُكرِّمُنا ، اليوم ، بعظيم حضورِك ، ولا نملك إلا أن نتوجَّه إليك بالقول : "نُحبُّك شربل ! " .
19 آب 2023
**
شربل بعيني مكرَّمًا في لبنان
السبت 19 آب 2023، كان يومًا مشهودًا في مجدليا (قضاء زغرتا)، إذْ تمّ تكريم “شاعر الغربة” شربل بعيني، الذي جاء خصّيصًا من سيدني (أستراليا) لمواكبة هذا الحدث، الذي أقيم برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، ممثَّلًا بالشاعرة المهندسة ميراي شحادة حدّاد، وبدعوة مشتركة من قِبل بلدية مجدليا ورعيّة السيّدة-مجدليّا. وقد غصّت قاعة المحاضرات، التابعة لكنيسة السيّدة، بحشد من أبناء مجدليا والجوار، وإلى مشاركين من مختلف المناطق، في عِدادهم ممثّل لمعالي اللواء النائب أشرف ريفي السيد محمد كمال زيادة، رئيس بلدية الميناء السابق عبد القادر علم الدين، رئيس رابطة الجامعيين في الشمال الأستاذ غسان الحسامي، رئيس لقاء الأحد الثقافي د.أحمد العلمي، رئيس منتدى الضنية الأدبي الأستاذ أحمد يوسف، رئيس منتدى ريشة عطر الشاعر أسعد مكاري، الأديبة فيفيان دحدح سابا، الليون الشيخ منصور خوري، إلى ممثلي فاعليات اجتماعية وثقافية، ووفد كبير من طرابلس، إلى حضور من الأقضية الشمالية، وسائر المناطق اللبنانية، وأصدقاء للشاعر من الجالية اللبنانية في أستراليا.
بدأ الحفل بإزاحة الستارة عن تمثال للشاعر بعيني، وُضع بملاصقة جدار البيت الوالدي، الذي أمضى فيه الشاعر ردحًا من طفولته وحداثته وصباه قبل مغادرته لبنان إلى أستراليا، مطلع سبعينيات القرن الماضي. وهذا التمثال من إبداع النحّات العالمي نايف علوان.
وقد تجمهر عددٌ كبير من أبناء مجدليا، ومن المشاركين في حدث التكريم، وكانت كلمة للنحّات علوان، لَفَتَ فيها إلى أنّ منصة التمثال أُقيمت من حجارة آل البعيني، وما لذلك من رمزيّة، تشي بها هذه الحجارة، قديمة العهد، من إصالة وتجذّر الشاعر، في هذه الأرض!
أعقبَ ذلك ندوة حول ريادة الشاعر شربل بعيني في الأدب المهجري وإغنائه، بعشرات المؤلّفات، من دواوين شعرية وأعمال مسرحية ومراجعات نقديّة. وقد استُهلّت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني، وكانت كلمات للمنتدين، إثرَ تقديم من الأستاذ وليد مخاييل فرح. أوّل المتكلمين قُدسُ الأبّ عبّود جبرايل، خادم رعيّة السيّدة-مجدليا، الذي رحّب بالحضور، وقدّم دفترًا عتيقًا من مخلّفات الشاعر بعيني، يضمّ قصائد بخطّه، وهي ترقى إلى أكثر من خمسين عامًا، أي قبل مغادرته إلى أستراليا. ثم كانت كلمة، باسم مجدليا للأديبة سوزان بعيني، وكلمة لرئيسة بلدية مجدليا الآنسة جومانة بعيني. كما كانت كلمة باسم الجالية اللبنانية في أستراليا، ألقاها الإعلامي سامي مظلوم. أما كلمة أصدقاء المحتفى به، فقد ألقاها د.مصطفى الحلوة، واضع كتاب “شربل بعيني بين الفصحى والعاميّة”. ثمّ كانت كلمة صاحب الرعاية معالي الوزير المرتضى، ألقتها الأديبة المهندسة ميراي شحاده حدّاد، فأبلغت تبريك معاليه للشاعر بعيني وتحياته للحضور. كلمة ختاميّة للشاعر بعيني، شكر فيها أهل مجدليا وبلديتها، كما جميع الحضور بعبارة:”أنا أُحبّكم”! وأتبع ذلك بقصيدتين، أولاهما بالفصحى والثانية بالعاميّة، عبّر فيهما عن امتنانه للمنتدين، وأفضى بمكنونات صدره حول مسقطه مجدليا، نالَتَا إعجاب الحضور وأدمعتا العيون!
وقد ورد إلى الحفل تسجيلان صوتيّان من سيدني، يباركان للشاعر بعيني، أوّلهما للأستاذ أنطوني خوري رئيس “جمعية مجدليا في سيدني -استراليا”، وثانيهما للدكتورة بهيّة أبو حمد رئيسة “جمعية إنماء الشعر والتراث في استراليا”.
وفي ختام الحفل قدّمت الشاعرة المهندسة ميراي شحادة حدّاد للمحتفى به درعًا تكريميّة، باسم “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحادة الثقافي”. كما قدّم له د.مصطفى الحلوة درعًا أخرى، باسم د.بهيّة أبو حمد، وقدّم له الرسام التشكيلي بسام ملّوك لوحة تراثية.. ثم كان كوكتيل، على شرف المناسبة والمحتفى به، تخلّله قطع قالب حلوى.
**
وداعًا سوزان بعيني.. سوزان مجدليا الزمن الجميل!
19 آب 2023... لعلّها كانت آخر إطلالاتها المنبريّة، في حفل تكريم نسيبها شاعر الغربة شربل بعيني، لريادته في الأدب العربي المهجري وإزاحة الستارة عن تمثاله، في مسقطه مجدليا (قضاء زغرتا، الزاوية).
19 آب 2023 تحامَلَت على مرضها وتناست أوجاعها، وأبت إلّا أن تكون في عِداد المتكلّمين المُحتفين بإبن الدوحة البعينية، الذي حمل معه قريته مجدليا إلى آخر المعمورة، إلى سيدني (استراليا)، منذ أربع وخمسين سنة، تاركًا فلذة من قلبه نابضة في ربوع مجدليا وفي قلوب أهليها!
في ذلك اليوم المشهود، إهتز المنبر لكلمات أديبتنا الكبيرة، بل لكلمتها الوداعية، وكأنّنا بها كانت تستشعر بأنها المرّة الأخيرة، التي ترى فيها شربل! أشرقَت أيّما إشراق، وراحت تتلو علينا من مزامير إبداعها، ولتختتم هذه المزامير بوصيّة إلى المغتربين، وضعتها بعهدة شربل: " إن كان لا بدّ من العودة القسرية إلى الغربة، أُحمّلكَ، وأنت القادر على الحمل، فقلبك كبير كما هامتك، أُحمّلك خرجًا من ياسمينة خرستين، وغمرًا من حبق بترونله (المرحومة والدة شربل)، وبيت صلاة من مسبحة سركيس طنسي البعيني، وكثيرًا كثيرًا من الحبّ، إلى الأهل والأحبّاء في أستراليا، وأستحلفهم معك: يا أهلي، يا مغتربين، إرجعوا يا أغلى محبّين"!
الرحمة لأديبتنا الغالية، والعزاء لأهل مجدليا والبعاينة الكِرام، ولأهل الزاوية وكل الشمال، وجميل الصبر لشاعرنا الكبير الصديق شربل بعيني، الذي لمّا يزل غارقًا في حزنه على شقيقه، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
**
طريق الفكر
فيديو رائع، يُحاكي مَن صمّمه ومَن أخرجه ومن هندس الصوت ومن كان وراء الستار... فشكراً لكل هؤلاء جميعاً، وشكراً كبيرة جداً للصديق شربل بعيني، الجندي المعلوم والجندي المجهول، فبصماته بادية في كل مفصل من مفاصل هذا الفيديو الرائع... والشكر موصول للفنانين الكبيرين مجدي بولس وإسماعيل فاضل اللذين ارتقيا بقصيدتي "يا بيروت" و"يا مصر": لحناً وغناء، الى سُدرة الفن الرفيع!
والشكر كل الشكر إلى من تسلموا كتابنا، وهم صفوة جاليتنا اللبنانية والجاليات العربية.وقد كرمونا، وهم يرفعون هذا الكتاب بيدهم- سلمت يدُهم- ووعدي لهم ولشاعرنا المبدع شربل بعيني بأنني ماض في خدمة مغتربينا، من طريق الفكر، وهو العُدّة التي نمتلك... وعسانا نلتقي وإياكم ،في مقبل الأيام!
**
يوم مشهود
كان يومًا مشهودًا، في مسيرتنا الفكرية المعرفية، "هَنْدسَهُ" وأخرجه، إلى عالم الضوء، وبمحبة غامرة، أخي الأديب الشاعر، "شاعر الغربة" شربل بعيني، الذي لا يُنازعه منازع، على إمارة الشعر، فصيحه وعاميّه، في المغترب الاسترالي، بل على صعيد مختلف بلاد الانتشار اللبناني والعربي.
شكرًا لك، أخي شربل، والشكر موصول إلى كل من وصلهم كتابي، وأرسلوا صورهم، وهم يحضنونه ، بل يحضنون كتاب شربل، بفيض محبتهم..وإلى لقاء معكم، وجهًا لوجه، إن شاء الله في استراليا، نهاية هذا العام.
24 حزيران 2025
**
**