كلمة الدكتور رامز رزق في يوبيل شربل بعيني الذهبي

أديب وناقد معروف يسكن في سيدني أستراليا
بين الله وبين المؤمن كلمة التوحيد لأنه في البدء كانت الكلمة.
وبين اللبناني والمجد قصيدة حب ورسالة عشق. فما وقف جبل ولا انبسطت أرض ولا اضطرب بحر ليمنع لبناني من الوصول إلى غاية حيثما كان في ارض الله الواسعة مهاجراً فيها، فيذلل الصعب ويضيء الظلمة بما يبدع وما ينجز. وشاعرنا الكبير شربل بعيني واحد من هؤلاء .
شربل بعيني الإسم الذي قيل فيه الكثير ومدح من رجال الفكر والأدب في لبنان والمهجر ، ولن يزيد تكريمه اليوم على ما سلف من تكريم.
لكن المناسبة عزيزة، أو هي تصبح كذلك حين ترتبط بمرور خمسين سنة على أول مجموعة شعرية مطبوعة. يشبه الكتاب الأول عند جمهور الكتّاب المولود الاول الذي تظل له صفة البكورية وما يلحق بها.
في مجموعة مراهقة همسات تمردت على الواقع فارتسمت في الاحلام، كلاماً يخرج عن طوع التمني ويستقر في روح التمرد. صورة مراهقة سكرت بذاتها لتهرّج مرحاً بين عشق مراهق يهوى جسداً بشكل ما ، يراها ملتهباً شبقاً، وبين فتى لبناني يظل الحياء ملازماً لأحلامه فيخجل أن تلتقي عيناه بعني حبيبته . فتى مراهق ينتهي به الخيال الجامح إلى تصور نفس المراهقة قريبة من القلب لتصبح حلماً في عرس طفولي. يناجيها ببراءة الترجي التائب من خطايا عادة ما يعبر عنها بمفردات السهر وااليل والخمر. فيناجي المراهقة تائباً:
   كرمال عينيك شمعتي ضَوّيت       
وتركت عيش الليل يا عيوني
وما عدت إسهر يوم برا البيت    
ولا عدت إشرب خمرة جنوني
شربل بعيني لا يبقى مراهقاً إلى الآخر فالعمر يسير به إلى تعقل فلسفي، يبحث عن الحقيقة فيكتشف، كما اكتشف ذلك كثير من المبدعين، أن القداسة شيء واحد مستقر ومستمر، قديم ومتجدد، يتجسد في قديسين وأولياء تختلف أسماؤهم وتختلف أزمنتهم لكنهم يبقون هم هم بأي إسم نناديهم. هكذا يجد أن الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام هو تجسد للسيد المسيح عليه السلام. فيعترف للإمام بما في عقله قبل أن يكتشف وجوده في قلبه:
بفتح قلبي ت حاكيك      
بلاقيك بقلبي موجود
بأسهل كلمات بناجيك    
ت يحفظ كلماتي وجود
ثم يقارن بينه وبين المحبة التي تعلمها من يسوع الناصري فيعلنها أمامه:
يسوع لْ علمني حب       
يا علي متجسد فيك
شاركتو بآلام الصلب       
وخفف عذابو يا شريك
شربل المبدع كثير العطاء غزير المادة ، مناضل أدبي حقيقي في سلك الحياة التربوية.  أستاذ ومربي ومؤلف كتب تعليمية تعتمد اليوم في كثير من المدارس التي تدرس العربية في استراليا.
ما قيل فيه أقل مما فيه، وما يذكر عنه الآن لا يكفي. فليكن تكريم الشاعر شربل بعيني تكريماً رمزياً لاسمه ومن خلال شخصه لكل ابداع إغترابي. وليكن هذا اليوبيل الذهبي لمجموعة "مراهقة" مناسبة لتقدير كل عطاءات الأديب الكبير والمربي الفاضل شربل بعيني.
وشكراً
**