![]() |
أديب أردني مهجري ترأس رابطة احياء التراث العربي |
إلا أن جملة محاذير حالت بيني وبين رغبة الكتابة، ولا أشعر بالحرج إذا أنا قلت بأن ضعفاً ينتابني أو بالتدقيق يجتاحني كلما حاولت معالجة شأن له علاقة بالشاعر شربل بعيني من قريب أو بعيد، وذلك خوفاً من أن تطغى صداقتي للرجل على مشاعري فأفقد الموضوعية في المعالجة، وأنقاد عفواً الى ما له من العاطفة والمحبة معاً.
إلا أنني وبعد أن أستلمت الجزء السابع من سلسلة شربل بعيني بأقلامهم، وبعد أن أصبحت صفحات السلسلة تربو على الألفي صفحة، صار لزاماً أن أكتب..
ان الموضوع الذي اختاره الزميل كلارك بعيني "صاحب السلسلة" موضوع معاصر، بل شديد المعاصرة، يعيش مع القارىء وينمو معه، كذلك فإن الطريقة التي اختارها وارتضاها قاعدة لانطلاقته طريقة طرية في الذهن، مؤثرة في المجرى العام، وفي هذا من العنت ما فيه.
ثم انه في دراسته هذه قد سجل العديد من نفثات أقلام الأدباء والشعراء، ليس في هذا الجانب من الأرض وحسب، ولكن في المهاجر عامة، وفي العالم العربي ككل، فأصبح لكل من كتب عن الشاعر شربل بعيني نصيب في هذه السلسلة.
فكلارك، إذن، لم يؤرّخ لشربل بعيني فقط، لكنه وهو يؤرّخ لشربل أرّخ للعديد من الأقلام التي لو لم يتيسر لها سلسلة شربل بعيني بأقلامهم، وأديب كالزميل كلارك ليجمع هذه النفثات الصادقات ويلملمها لضاعت بذور هذه الأفكار ولطواها النسيان.
وأخيراً، فان يصدر كلارك هذه السلسلة في بلد قراء العربية فيه يعدون على الأصابع جرأة أخرى تضاف الى مغامرته الأدبية الرائعة.. ولو لم يكن الاستاذ كلارك بعيني أديباً مفطوراً لما ضحّى بوقته وماله بهذا الشكل من أجل إعلاء شأن الأدب المهجري والعاملين فيه.
تمنياتنا الصادقة للزميل العزيز وإلى المزيد من أعماله الأدبية الناجحة.
البيرق، العدد 276، 1/12/1990
**
ضيعة الاشباح ام ضيعة الامجاد؟
عقلية الأمة هي نتيجة لآلام هذه الأمة وآمالها. هي نتيجة لاستجابتها للحياة، وتأثرها بالمحيط والحياة نفسها. هي نتيجة لعاداتها وعباداتها وتقاليدها. نتيجة لنظامها الاجتماعي والسياسي والخلقي والتهذيبي. هذه الامور كلها تصوغ عقلية الامة، وهذه العقلية تظهر ظلالها واضحة في الأدب نفسه، لأن الأدب يصور هذه جميعاً ويتأثر بها.
هذا ما حاول مؤلف رواية "ضيعة الأشباح" أن يصوره ويقوله على ألسنة ممثليه، أو قل هذا ما لمسته وأنا أشهد عرضاً للمسرحية يقدمه طلاّب وطالبات مدرسة راهبات العائلة المقدسة على مسرح سيدة لبنان في هاريس بارك.
المسرحية باللهجة اللبنانية، ومن تأليف وإخراج الشاعر الناثر شربل بعيني شاعر الغربة الطويلة.
تنقلك المسرحية بعرض شيّق لتبسط أمامك فترة زمنية من تاريخ لبنان ايام الاستعمار التركي الغاشم. تدور أحداث المسرحية حول ضيعة لبنانية نائية قائمة على قمة واحدة من شواهق جباله، عجز الاستعمار عن الوصول اليها بعسكره، فاستخدم بعضاً من صغار النفوس الذين لا يخلو من أمثالهم مجتمع، فراحوا يتجسسون على أبناء الضيعة، ينقلون أخبارهم الى الآغا الذي يسارع بنقلها الى الوالي الذي يوصلها بدوره الى السلطان.
تدور أحداث المسرحية بعفوية تامة على ألسنة ما يربو على 300 طالبة وطالب يظهرون على المسرح، ويختفون برشاقة وسلاسة وسهولة متميزة، وتسيطر عليها عفوية لا تصنّع فيها ولا تكلّف.
أن تكون قادراً على إدارة 300 ممثل من ألأطفال ليمثلوا مثل هذه المسرحية، ويءدوا أدوارهم بمثل هذه المرونة عمل يحتاج الى ما يفوق جهد الجبابرة.
كنت أظن أن شربل بعيني قد وصل الذروة في مسرحيته السابقة "الطربوش" إلى أن حضرت "ضيعة ألشباح"، فاكتشفت أن درجات سلمه طويلة وأنه قادر على اكتشاف المواهب بين طلابه إلقاءً وتمثيلاً وغناءً ورقصاً.
بقي أن أقول بان التمثيلية كانت هدية المؤلف والممثلين للأختين الكبيرتين كونستانس الباشا ومادلين بو رجيلي بمناسبة يوبيلهما الفضي "عقبال الذهبي والماسي" فعاملتان مثلهما في حقل الرب تستحقان منا جميعاً كل تقدير أدامهما الله لادارة مؤسسة كبيرة مثل مدرسة العائلة المقدسة والسهر عليها.
تهانيّ لشربل ولممثليه ولمدرسة راهبات العائلة المقدسة اللبنانية، وللأخوات والمعلمات والمعلمين الساهرين على تقدم المدرسة وازدهارها، والى تمثيلية قادمة بإذن الله.
البيرق ـ العدد 223 ـ 13 تموز 1990
**