يوم استلامه جائزة شربل بعيني

دكتور محاضر في جامعة سيدة اللويزة لبنان
اعلامي وناقد واديب وشاعر مهجري

فاز بجائزة شربل بعيني لعام 2014
شربل بعيني الجائزه بإيدو
والجالية بتعرف تقاليدو
محبه وصداقه غيرها ما بريد
ببوس الهديه وع كلامي بزيد
ألفين شكر وربنا يزيدو
سيدني 2014
**
مبارك التكريم لك أيّها العزيز شربل
العزيز الشاعر شربل بعيني،
أنت تستحقّ التكريم، ليس من مجلس الجالية اللبنانية فقط بل من كل إنسان يحبّ الأدب ويقدّر الشعر والإنسانيّة الحقّة، وليت كلّ مدننا قرانا وبلداننا تكرّم الشاعر والأيب في حياته لكي يشعر بالغبطة ذاتها التي يعطيها للناس.
وكم أنا سعيد لأنّنا نُكرّم في حياتنا، والتكريم ليس بقيمته الماّدية بل هو تقدير لما كابدناه في الليالي
وما سكبناه من عرق ودموع على دفاتر الكلمة. تلك التي ألقاها الله في عقول مختاريه.
ويسألونني: من هو الشاعر؟
هو النور الذي يضيء في عتمة الأبد.
هو الكنوز التي لم تجد الإنسانيّة أغلى منها في أعماق الأعماق.
هو الكوكب الذي يعلو على الكواكب.
أما رأيت الناس يتزاحمون بالمناكب والأكتاف ليفوزوا بلقب "شاعر"؟
أما قرأت التفاهات التي تُسجّل في كتاب الأدب فتشوّه وتسيء إلى التراث والفكر الإنسانيّ؟
أما شاهدت أناساً لا يميّزون بين التاء المربوطة والتاء الطويلة يتطاولون على معلّقة امرئ القيس؟ أما لاحظت من يريدون إقحام أنفسهم عنوة في الصفوف، وهم لا يكتبون إلا السخافة والأوهام المريضة؟ ونجّنا يا ربّ من وجوهم الصفراء وحسدهم الذي يبدو على سيمائهم، ومن غيرتهم التي تهتف: "المجد للحقد في كلّ مكان وعلى الأرض الشرور”.
كم يغبطني أن يكرّم الأديب ولو في مجاهل أفريقيا، فكيف تكون غبطتي عندما يكرّم أديب رفع الأرض إلى السماء، وجعل المحبّة في مرتبة إله؟
أمّا الحاقدون العمي الذين لا بصيرة لهم، فيموتون في غيظهم وفي عماهم، والمجد للعباقرة الذين غادروا كهوف الظلام والتبعيّة إلى معاقل الحرّية.
شكراً لمجلس الجالية اللبنانية ومبارك التكريم لك أيّها العزيز شربل.
الدكتور جميل الدويهي 
**
النقد
العزيز الأستاذ شربل، شربلنا
أجمل شيء حدث للمستقبل منذ أسبوع أنّك عدت إلى قراءتها، والأجمل الأجمل أنّك ستعود إليها كاتباً لهذه المقالة. أما قولك: "الشاعر الذي يخاف النقد، ليس بشاعر. إنه طرطور جبان، خاصة اذا كان هذا النقد مفيداً من أجل دعم حركتنا الأدبية المهجرية"، فينبغي أن يكون شعاراً لكل أديب شجاع، فالمتنبّي انتقد، وجبران انتقد، ونزار قبّاني تعرض للنقد أيضاً. وأنا شخصيّاً أتعرّض للنقد كثيراً، وكنت أطلب من طلابي أن ينتقدوني، وأقول لهم: أنتم أكبر الشعراء. ويشهد من انتقدوني على أنّني كنت آخذ بآرائهم وأصحّح. وأذكّر أنّ طالباً اقترح عليّ استبدال كلمة "مشلولة" في روايتي "طائر الهامة" بكلمة "مقعدة" وهي صفة للفتاة التي كان يحبّها فؤاد السرنوك وماتت، فغيّرت الكلمة قبل الطباعة، وكنت سعيداً، وكان هو سعيداً أيضاً.
شكراً يا شربلنا على عاطفتك وشجاعتك، ومعاً من أجل أدب مهجريّ كبير.
**
شربل بعيني: الشاعر الذي يخاف النقد ليس شاعراً
 كتب الشاعر شربل بعيني على موقع "الغربة" عن عودة الدكتور جميل الدويهي إلى الإعلام المكتوب في جريدة "المستقبل" العريقة، فقال: "جميلنا" كما يحلو لي أن أناديه، أعجبت بقلمه لحظة وصوله الى أستراليا، أي منذ ربع قرن وأكثر. وها هو يعود الى الاعلام الورقي ليعيدنا اليه قارئين متلذذين بالكلمة الهادفة البعيدة عن التبجح و"الشاو أوف.. أنا، أنا". فالنبع الغزير لا يتباهى بمياهه، لأنه يدرك تماماً أنها عطية الله له، وهكذا الموهبة الفذة، فهي عطية الله للمختارين من مخلوقاته."
وذكر الشاعر بعيني أنّه تسلم هدية من جميل الدويهي هي روايته "طائر الهامة" فقال: "لم أتجاسر بالكتابة عنه (الكتاب)، لأن لغته كانت رفيعة جداً، لدرجة تتشاوف بها على الشعر، فكتبت له عبارة واحدة تقول: "نثرك في "طائر الهامة" شعر يا دكتور جميل". وأعتقد أنني أعطيت الكتاب حقّه بهذه العبارة، لأن المرأة الجميلة لا تنتظر من الرجل الذي تحبّه خطاباً مطولاً يشرح به حبّه لها، بل تتلهف الى سماع كلمة واحدة: "أحبك"، لتحلق في عالم لا يطأه إلا المحبّون."
وعن مطولة "سعيد عقل شاعر الأجيال" الشعرية التي نشرها الدويهي في لبنان بمناسبة مئوية الشاعر سعيد عقل قال الشاعر بعيني: "عندما نُشرت له قصيدة مئوية الشاعر العملاق سعيد عقل، رحت أطالعها بشغف وإعجاب. إنها معلّقة إعجازية رائعة. وما أن التقيته وجهاً لوجه، حتى همست في أذنه: "قصيدتك لسعيد عقل لا تقل مهارة عن شعر سعيد عقل".
وكان بعيني قد نشر مجموعة مقالات كتبها عنه الدكتور الدويهي في كتاب حمل عنوان:"شربل بعيني شاعر الغربة السوداء"منحه عليه معهد الأبجدية في جبيل "جائزة شربل بعيني لعام 2014"، وعلى الرغم من أنّ هذه المقالات فيها انتقاد لبعض قصائد بعيني، فإنّه نشرها بشجاعة "فالشاعر الذي يخاف النقد، ليس بشاعر. إنه طرطور جبان، خاصة اذا كان هذا النقد مفيداً من أجل دعم حركتنا الأدبية المهجرية، وتقويم مسارها"، معترفاً بأنه عمل بمعظم انتقادات جميل له، خاصة حين استبدل بيته الشعري القائل: "مثل كلب أسكتوه بالعظام"، بهذا البيت "ككلاب أسكتوها بالعظام" ومن يقرأ قصيدة "لعنة الله علينا" يجد أن الشاعر بعيني أثبت كلام جميل في القصيدة.
وختم بعيني مقالته بالتأكيد على أنّ جميل الدويهي "سيمد يده للجميع من أجل النهوض من كبوة أدبية عانينا منها لسنوات طويلة."
وبدوره شكر الشاعر والأديب اللبناني الدويهي صديقه الشاعر بعيني على محبته وتواضعه، معتبراً أن النقد ليس عملية فرض بل هو كناية عن تقديم اقتراحات قد يؤخذ بها أو لا يؤخذ. كما أنّ الدويهي يظهر الإيجابيات ويشيد بها أيضاً. والدويهي نفسه يتعرض للنقد في شعره ونثره، ويأخذ بالانتقادات التي يجد أنّها مفيدة.
والدويهي إذ يشكر بعيني على شجاعته وصدق عاطفته، يتمنّى له السعادة، ويشيد بدوره في الأدب المهجري، كما يشيد بموقع "الغربة" الذي احتضن أعمال الدويهي، فكان منارة له في الغربة السوداء.
المستقبل حزيران 2014
**
تمثال وشاعر وقصيدة
أخي العزيز شربل (شربلنا)،
شكراً لك أولاً وأخيراً على إيصالنا إلى الناس في كل مكان، وكم أتمنى أن تنتشر هذه القصيدة في العالم، ليس من أجل اسمي، بل من أجل أن يعمم الشعور الإنساني، وعدم التفرقة، ومحبة الآخر. فأبو تمام هو شاعر العرب والإنسانية ولا يجوز تفجير تمثاله وكأنه عدو لدود. نعم هو عدو لدود لأعداء الفكر، للجاهلين، للمغالين، وقتلة الإنسان والإبداع.
أسعدني جداً أن قصيدتي "عفواً أبا تمام" حازت على هذا الكم من الإعجاب والتعليقات. وأنت تعرف أنني ترددت في نشرها لأسباب وأسباب، غير أنّك أيها الشاعر الملهم حرضتني على نشرها، وسارعت قبل أن ألتقط أنفاسي إلى تثبيتها في صفحات "الغربة" التي رفعتنا إلى النجوم. وما نشر جريدة "العراقية" للقصيدة (من غير علمي) إلا دليل على صدق نظرتك، وسمو ذوقك الأدبي، ورفعتك الإنسانية. واسمح لي من خلال "غربتنا" أن أرفع الشكر لجميع من علقوا على القصيدة وتناقلوها، وخصوصاً جريدة "العراقية" الناطقة إعلامياً باسم العراق الحبيب، الذي له مكانة في قلوبنا لا تمحوها الايام، ولا تخفيها الحجُب.
يا شربلي المحبوب، كيف لا يشعر بالسعادة من يقرأ كلماتك: "هذا ما يفرحني والله عندما أنشر قصيدة أو خبراً ويتناقله الآخرون... همي نشر أدبنا المهجري فقط، والله يشهد على ذلك، دون الالتفات إلى الأسماء...؟" وأنت تعرف أيّها الصديق الفاضل أننا جميعاً نسعى إلى نشر الأدب المهجري، غير عابئين بأسمائنا وصفاتنا وألواننا، وأرجو أن يكون جميع الشعراء والأدباء في هذا المنحى، ولو على حساب المشاعر الشخصية أو المناطقية.
المحب جميل.
**
أشرار
ما زال عنّا بالبلد أشرار
مفروض نحنا نبلّش نغربل
مكتوب هالجمله ع باب الدار:
ملاعين هالبيزعلو شربل
سيدني ـ 2014
**
نحن ومثل "العمال في الكرم"
كان الله عادلاً ولم يميِّز بين أبنائه عندما أعطى أحدهم أكثر من الآخر في مَثل "العمال في الكرم"، ونصّ المثل هو الآتي:
"فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ يُشَبَّهُ بِإِنْسَانٍ رَبِّ بَيْتٍ خَرَجَ فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ لِيَسْتَأْجِرَ عُمَّالاً لِكَرْمِهِ، وَاتَّفَقَ مَعَ الْعُمَّالِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ دِينَاراً فِي الْيَوْمِ،  وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ. ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَبَاحاً، فَلَقِيَ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ عُمَّالاً آخَرِينَ بِلاَ عَمَلٍ،  فَقَالَ لَهُمْ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضاً وَاعْمَلُوا فِي كَرْمِي فَأُعْطِيَكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ. فَذَهَبُوا. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى السَّاحَةِ أَيْضاً نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ظُهْراً. ثُمَّ نَحْوَ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، أَرْسَلَ مَزِيداً مِنَ الْعُمَّالِ إِلَى كَرْمِهِ. وَنَحْوَ السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ، خَرَجَ أَيْضاً فَلَقِيَ عُمَّالاً آخَرِينَ بِلاَ عَمَلٍ، فَسَأَلَهُمْ: لِمَاذَا تَقِفُونَ هُنَا طُولَ النَّهَارِ بِلاَ عَمَلٍ؟  أَجَابُوهُ: لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا أَحَدٌ. فَقَالَ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضاً إِلَى كَرْمِي. وَعِنْدَمَا حَلَّ المَسَاءُ، قَالَ رَبُّ الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ: ادْعُ الْعُمَّالَ وَادْفَعِ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئاً بِالآخِرِينَ وَمُنْتَهِياً إِلَى الأَوَّلِينَ. فَجَاءَ الَّذِينَ عَمِلُوا مِنَ السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ دِينَاراً. فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ سَيَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَالَ دِينَاراً وَاحِداً. وَفِيمَا هُمْ يَقْبِضُونَ الدِّينَارَ، تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ،  قَائِلِينَ: هَؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً فَقَطْ، وَأَنْتَ قَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ عَمِلْنَا طُولَ النَّهَارِ تَحْتَ حَرِّ الشَّمْسِ. فَأَجَابَ وَاحِداً مِنْهُمْ: يَاصَاحِبِي، أَنَا مَا ظَلَمْتُكَ؛ أَلَمْ تَتَّفِقْ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟ خُذْ مَا هُوَ لَكَ وَامْضِ فِي سَبِيلِكَ: فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هَذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ. أَمَا يَحِقُّ لِي أَنْ أَتَصَرَّفَ بِمَالِي كَمَا أُرِيدُ؟ أَمْ أَنَّ عَيْنَكَ شِرِّيرَةٌ لأَنَّنِي أَنَا صَالِحٌ؟...”
يذكّرني هذا المثل بقصّة حدثت معي شخصيّاً، فقد كنت ذات مرّة أترأس حلقة دراسيّة في إحدى الجامعات. وعندما انتهت الجلسة، تقدّم أحد المسؤولين في الجامعة إلى الميكروفون وأعلن عن تقديم جوائز تقديريّة للمتكّمين، فطلبهم واحداً واحداً لاستلام جوائزهم، ولم يذكر اسمي، ثمّ ترك الميكروفون وعاد إلى مكانه. لم أتأثّر ممّا حدث، ولم أظهر أيّ امتعاض انطلاقاً من عامل الكرامة الشخصيّة، فلا يليق بي أن أبدو صغيراً في عيون الحاضرين أو كمَن يبدو كأنّه طامع في نيل الجائزة، وماذا يهمّ؟ فالجائزة لم تكن مطروحة أصلاً، بل هي مفاجأة ومبادرة شخصيّة من المسؤول، وليس لي الحقّ في أن أحاسبه على كرَمه أو عدم كرمه. تصرّفتُ بكلّ رحابة صدر، وكنتُ أتحدّث مع الناس، وأضحك ولا يبدو عليّ الاضطراب. وكان الناس يعتقدون أنّ المسؤول لا يريد إعطائي الجائزة،  لسبب مجهول. فلم يجرؤ أحدهم على سؤالي عن الموضوع. وكنت لا أزال على طبيعتي الهادئة، المبتسمة، ولم أكن أتظاهر إطلاقاً، فتلك هي شخصيّتي الحقيقيّة. وبينما أنا خارج القاعة أشارك في حفل الكوكتيل، صرخ أحد المسؤولين من داخل القاعة منادياً عليَّ، وهو يقول: "د. جميل الدويهي. نحن نعتذر عن الخطأ الذي حدث، فها هي جائزتُك". وظننتُ أنّ إدارة الجامعة استدركت الخطأ وأعدّت لي جائزة على جناح السرعة تجنباً للإحراج، لكنّني فوجئت بأنّ اسمي محفور عليها، ما يعني أنّها أعدَّت في وقت سابق للجلسة، ولكن لسبب ما لم تقع في يد المسؤول الذي وزّع الجوائز على المتكلّمين.
ليس عليّ إذن أن أتشاجر مع الناس لأنّهم تكرّموا على غيري ولم يتكرّموا عليّ. وكم ترى بين الناس مَن يأكلهم الحسد في مجتمعاتنا عندما يرون غيرهم في موضع تقدير! وكم من المرّات تحمرّ العيون من شاعر أو أديب طُلب منه أن يلقي قصيدة أو كلمة في مناسبة ما، مع أن أصحاب المناسبة لا يفترض بهم أن يطلبوا جميع الشعراء والكتّاب للكلام. وقد حدث في إحدى أمسياتي الشعرية أن عمد أحدهم إلى قطع الكهرباء عن الصالة لأنّه طَلب مني أن يلقي كلمة أسوة بالمتكلمين الآخرين، ورفضت لأني ملتزم ببرنامج الأمسية، وتجادل معي وراء الكواليس وكأنّ الأمسية له وأنا من يتدخّل في شؤون بيته. وكم من المرات حاول بعض الشعراء أن يسلبوني حقي في تقديم حفلة أو مهرجان لكي يأخذوا مكاني. وكم من المرات ذهبت إلى مناسبات يلقي فيها شعراء وأدباء غيري،  فالتزمت لياقة الضيف ولم أبدِ أيّ رغبة في الكلام. وكم من المرّات كرّمتْ مؤسسات شعراء أو أدباء غيري، ولم تلتفت إلى تكريمي،  ولم أبعث إلى تلك المؤسسات برسائل اعتراض. وكم مرّة استثناني أحدهم من الأدب والنقد، وسفّه أعمالي، واتّهمني بالتقليد، وزعم أنّ ثقافتي تقف عند المتنبي، ولم أنبس ببنت شفة، وكان الردّ عليه مزيداً من الأعمال،  ففي كلّ يوم قصيدة جديدة، ومقالة نقديّة، وقصّة قصيرة، ورواية، وافتتاحية سياسيّة... وهو غائب عن السمع. فالإجابة في صمت هي الإجابة الأقسى.
بالأمس القريب حصلت على جائزة أدبية هي جائزة الشاعر شربل بعيني التي يقدّمها معهد الأبجدية في جبيل، وقلت في نفسي: كم أنت كبير يا شربل لأنّك تسمع كثيراً، ولا تصغي إلا إلى صوت الضمير، ولا تفهم لغة إلا لغة المحبّة، والأدب الصادق، والإنسانيّة الصحيحة. إنّ الأديب لا يُكرَّم إلا على أدبه، ولا يكرِّم الأديب إلاّ الأديب، (وعلى صدر كلّ منهما خرزة زرقاء طبعاً)، أمّا مَن يلطمون وجوههم فليس على شربل بعيني ومعهد الأبجدية إلاّ أن يقولا لهم: "أَمَا يَحِقُّ لِي أَنْ أَتَصَرَّفَ بِمَالِي كَمَا أُرِيدُ؟ أَمْ أَنَّ عَيْنَكَ شِرِّيرَةٌ لأَنَّنِي أَنَا صَالِحٌ؟..." ويبقى لسان حالنا يقول: نحن لا نطلب التكريم لأن مدّ اليد إهانة، ولكنّنا لا نرفضه إذا جاءنا من أناس كبار.
كم أتمنّى أخيراً أن يكون مثل "العمّال في الكرم" عظة يفهمها الناس ويعملون بها،  بدلاً من أن تكون عبادتنا حبراً على ورق وإيماننا تمثيلاً مسرحيّاً هدفه الإضحاك.
الغربة، أيلول، 2014
**
الجائزة
أخي ورفيق الدرب شربل بعيني،
أهنئك بفرح عظيم، ولكن في قلبي غصة من أناس فقدوا براءة الزهرة، ورقّة النسيم، وأطلقوا على أنفسهم ألقاباً ونعوتاً لا يستحقونها. لن أقف طويلاً عندهم، فورائي عمل كثير، وقصيدة للغد. وأنت أيها العلَم الشامخ، لقد فرحت لك أكثر مما فرحت لنفسي، لأنك ضحيت وتألمت قبل أن أصل إلى هذه البلاد. أنت وعصام وجورج ومروان وفؤاد وحنا تستحقون أكثر من جائزة، وإنني أعتبر جائزتي مقدمة لكم، فقط لأنكم جُرحتم في الأعماق من أناس كان يفترض بهم أن يقدروكم ويهنئوكم، ولكن الحقد أعمى القلوب والأبصار.
أما معالي الوزير روني عريجي، فله مني قبلة زغرتاوية قد السماء، وللمحامية بهية كل احترام وتقدير لدورها وتضحياتها. وخير ما أختم به مقطع من كتابي الجديد "في معبد الروح":
الحقد بيت اسود تدخلون اليه ولا تخرجون منه إلا وقلوبكم يابسة... الحقد يجردكم من عقولكم فتصيرون أشباحا في حقل مهجور تمر بها الاعاصير والرياح وتلفحها الشموس فلا تعرف الفصول، ولكنها اشباح مجرمة تنفث النار من افواهها لكي تنشر الذعر والموت في الازمنة. وقد علمتكم الكتب ان تبغضوا البغضاء وتحبوا المحبة، وانا اعلمكم ان تحبوا المحبة حتى لا يبقى للبغض كلام على شفاهكم ومكان في افئدتكم. اما إذا بغضكم الآخرون واحتقروهم فاعطوهم من كلامكم ذهباً ليغتنوا ومن قلوبكم اناشيد ليسبّحوا ويرقصوا، وكلما عاد إنسان من حقده اليكم فاعدوا مائدة عامرة وادعوا الموسيقيين والمرنمين، واطلبوا من خدمكم ان يسكبوا الكؤوس من غير حساب، فاليوم تدفنون الليل وتحتفلون بالنهار، وستنامون على اجنحة من بياض الاقحوان ونقاء الربيع.
الغربة 4/12/2014
**
حياك الله
العزيز الأستاذ الشاعر الأديب شربل بعيني،
أشكرك على قراءة "في معبد الروح"، وأقدِّر أكثر أنّك قرأته أكثر من مرّة، وهو ليس إلاّ رسالة متواضعة، وشمعة مضيئة في حياة، نواجهها حيناً وتواجهناً أحياناً.
وأشكرك أكثر على وصفك الكتاب أنه تحفة، ووصفي بأنني أكبر من شاعر وأعظم من أديب... فيلسوف تائه على دروب الحياة. وما أنا إلاّ رجل يجاهد ويتعثّر ويسقط مرّة ويقف مرّة. الله هو الشاعر والأديب والفنان والفيلسوف، وما أنا إلا منتحل صفة.
حياك الله وحفظك في رسالتك الثقافية والإعلامية المضيئة.
مع المحبة والتقدير
الغربة 2015
**
أغنية يا مصر
إلى العزيزين الأستاذين شربل بعيني واسماعيل فاضل،
كلام ولحن جميلان، أعطاكما الله العافية، والعقبى لمزيد من الأعمال الناجحة في المستقبل.
الكلمة لبعيني مع اللحن والغناء لفاضل، النتيجة عمل راق يستحقّ الثناء والتقدير.
طاب القلم وطاب النغم.
الغربة شباط 2015
**