![]() |
كاتب لبناني معروف يعيش في السعودية |
حظيت بثمانية دواوين شعر وردتني من الشاعر والأديب والمربي شربل بعيني وهي: "مراهقة"، "لبنان و بس" ، "كبارنا"، "عالم أعمى"، "الغربه الطويله" ، "معزوفة حب"، "مجانين" و"ألله ونقطة زيت" . إضافة إلى كتاب "شربل بعيني بأقلامهم 8" وصلني من الأستاذ كلارك بعيني، وكتاب "كلمات سريعة عن شربل بعيني" من الدكتور علي بزي.
من مغتربه في أستراليا بعث بكتبه إلى مغتربي في السعودية بناء على طلبي بعدما تـَشـَكـَّـلَ بيني وبين حادي عيس الأدب المهجري حبلاً سرياً روحياً يربط بيننا في منفيينا الطوعيين الطيبين، تمخـَّض عن صداقة حـَيـَّة نابضة باتت وستبقى مبعث فخر واعتزاز لي.
فردت الكتب الثمانية وتذوقت نتفاً من حلوها محتاراً بأيِّ "أحلى" أبدأ. رأيتني أقتفي نغمات شعر شربل المموسق الوامض الهادف وأردد بيني وبين نفسي بيت شعر لمعروف الرصافي :
ماذا أقول بروضة عن وصفها
يعيا البيان ويعجز التعبير
قطفت ما طالته يدي. بالكاد ما طالته يدي . بدأت بقراءة ديوان "مراهقة" المترع بالنضوج. أرهفوا السماع معي لشربل بعيني في قصيدة "كرمال عينك" يشكو لمحبوبته "الأصحاب والأحباب الذين تركوه حين قـَلَّ ماله" ثم لينتفض بكبرياء وجرأة وتصميم نافضاً غبار اليأس والإستسلام وليكمل مسيرة المداميك الواثقة:
"و ضِلـَّيـْتْ جـَاهـِد تـَا رْجـِعـْتْ بـْنـِيـتْ
مَجـْدي الـْ فـِقـِدْ وتـْحـَسـَّنـَتْ حـَالـِي
وْ يـَا حـَيـَاتي كـْـتـير شـُو انـْحـَبـَّيـْتْ
و ْ شـُو كـِـتـْرِتْ الأصْحـَابْ مـَع مـَالـِي" .
في البيتين الأخيرين شيء من رد الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على أحدهم حين سئل عن عدد أصدقائه فأجاب بأنه لا يعرف في حينه كون الدنيا مقبلة ولكنه سوف يعرف حين تـُدْبـِر.
في قصيدة "دياب الشعب" يستل شربل صوراً من كهوف لاوعينا فيـُظـَهـِّرها ويعرضها بتولاً حيية فاتنة طاغية الجمالية :
"وكـِلّ عـُمـْرا الشَّـمـْسْ سَاعـَاتْ الغـُرُوبْ
تـِتـْحـَمـَّمْ بـْمـَيـِّة سـَواقـِيـنـَا"
رأى شربل الشمس تستحم عارية في مياهنا. وطالما استحمت في "سواقينا" فهي ستستحم في بحرنا.أغمضوا أعينكم وتـَخـَيلوا انعكاس قرص شمس الغروب تسبح على صفحة ساقية تنساب من نبعة جبلية في غسق ربيعي. وكمياه الساقية سنسير مع شعره لنعبر إلى روضة مجاورة نراه غـَيـْرِيـّاً حتى حدود التضحية وقرباناً على مذبح الوطن يرنم بشجن:
"وما هـَمّـنـِي لـَوْ صَارْ جـِسـْمـِي رْمـَاد
" الـْ بـِيـهـِمـّنـِي .. مـَا يـِنـْفـتـح قـَبـْري
إلا بـْبـِلادي .. ويـِنـْكـتـبْ فـَوقــُو
مـَات تـَا يـِفـْدي شـَعـْبْ و بـْلادْ... "
بتلك التموجات الوجدانية العابقة بالطيوب والفداء والتعلق بالأرض والحنين إلى الجذور تعرض لنا شاشات شربل البانورامية تفانيه وعشقه لشعبه وتربة بلده .
ريبورتاج آخر موجز ثلاثي الأبعاد نزفه قلم شربل بعيني يلعن فيه طواويس تسىء استخدام السلطة وتخون الأمانة :
" الـْعـَامـِلْ نـَاطـُورْ الأرْض والـْكـَرْمـَات
وبالـسـِّرْ عـَمْ يـِسـْـرُقْ دْوالـِيـنـَا
اسـْتـِقـْلالـْـنـَا ، الـْ مـَا لـِحـِقْ يـِخـْـلـَقْ .. مـَاتْ "
وعن المتظللين بعباءة الدين يقول :
والـدِّيـْنْ أقـْرَبْ دَرْبْ لـِلـثـَرْوِة
هـَاتْ إيـْدَكْ هـَاتْ يـَا خـَيـِّي
بـْإيـْدَكْ وإيـْدَيـِّي الـسِّـحـْرْ مـْـتـْخـَبـِّي"
شـَخـَّصَ لنا شربل الداء ووصف الدواء : "السحر المتخبي" بأيدينا.
وفي قصيدة "احترق لبنان" يتسامى خط الرسم البياني في مهجة شاعرنا: "عيب إني إتركو". حيث يفضل أن يقسو على أعز الناس وألا يقسو على لبنان . وفي قصيدة "فخر" ينفخ في جمر المروءة حاثا أخوته في الوطن :
"كـِنـْتـُو فـَخـْرْ ... كـِنـْتـُو فـَخـْرْ.. شـُو اللـِّي حَصَلْ حتى انـْقـَلـَبـْتـُو عَارْ؟
بعتاب المُحِبِّ يـُذكـِّرهم بتلك البقعة الضوئية - الإيقونة التي غزاها الفرس وقضوا على المدن-الدول الفينيقية عام 600 قبل الميلاد، ثم عـَبـَرَهـَا اليونان فالرومان فالأمويين فالعباسيين فالمماليك والترك ومحمد علي بين العامين 1832 و 1840 ، والفرنسيين إلى أن ولجنا في نفق استعمار بعضنا. ألم يقل لنا شربل سابقاً "اسـْتـِقـْلالـْـنـَا ، الـْ مـَا لـِحـِقْ يـِخـْـلـَقْ .. مـَاتْ " . دَمْدَمَهَا قلم الشاعر بأسف وسنسمعه ينبر خيبته في قصيدة "مش رح صدق":
"مـْشْ رَحْ صَدّقْ ... مْـشْ رَحْ صَدّقْ
إنـُّو بـْلادي صَارِتْ غـَابـِه
وإنـُّو شـَعـْبـِي تـْحـَوّلْ طـَابـِه"
في البيت الأول نحسُّ بمرارة خيبته اللامتناهية حين يكرر "مـْشْ رَحْ صَدّقْ..... مْـشْ رَحْ صَدّقْ" . يكررها على طريقة الشاعر صامويل تايلور كوليريدج في رائعته "The Rime of the Ancient Mariner" حـيـن يـُكرر كوليريدج "Day after day, day after day " للتأكيد على دقة توصيف الحالة.
في البيتين الثاني والثالث يرثي شربل بعيني مجد الشعب الذي ابتكر الأبجدية وتحوّله إلى "طابه" في ساحة مباحة تتقاذفها أقدام المصالح الخارجية والأنانيات المحلية.
وآن يستيقظ الرجل-الطفل في ذاكرة شربل سنسمعه يرنم بشجن في قصيدة "ميمتي" حين يتذكر أمه- أمته – ضيعته - الوطن :
"وبـْتـْذكـَّرِكْ يـَا مـَيـْمـْتـِي مـَوْقـِدْ
بـْـتـْذكـَّرِكْ تـَنـُّورْ"
هل ارتويتم من حنينه وحنانه ورهافة مشاعره وذكرياته العتيقة للموروث؟
فلنسترح إذن على إفريز طيني تحت شجرة توت قرب التنور ونراقبه مشفقاً على الشباب الذين جرفهم تيار الطائفية في قصيدة "خانوا الوطن" التي تذوب عباراتها وتتقطر في هذه اللوحة الموشاة بالأسْـوَد والأسـْـوَد:
"و هـَ الـشـَّـبـَابْ اللـّي تـْرَبـُّوا
تـَا حـَتـَّى يـْـقـُودُو الأمـِّه
خـَانـُو الـْوَطـَنْ وتـْخـَبـُّو
خـَـلـْفْ الـدِّيـْنْ الـْ مـْشْ مـَحـْبـُوبْ".
وفي قصيدة "يمين ويسار" تتصاعد صرخة شربل كفراً باليمين وباليسار معاً ويلح على وقف النار التي تلتهم الجميع :
"أنـَا مـَا بـْفـْهـَمْ يـَمـِيـنْ
أنـَا مـَا بـْفـْهـَمْ يـَسـَارْ
أنـَا بـْفـْهـَمْ إنـُّـو الـنـَّارْ
لازِمْ تـُوقـَفْ مـَهـْمـَا صَـارْ" .
أين هي آذان السياسيين ؟ لا لنمسك بها ونشدها بل لتصغي وتلبي ما يطلبه شربل باسمنا ونيابة عنا.
في قصيدة " تـْبـَرَّعْ " يتجلى إعلاء شاعرنا لانتمائه الوطني بأروع حلله :
" تـْبـَرَّعْ ..
مـُـشْ هـَمّ مـْسـْـلـِمْ كـِنـْتْ .. أو كـِنـْتْ نـِصْرانـِي
لـْبـْنـَانْ مـُـلـْكـَـكْ إنـْتْ .. مـَا بـْتـِمـْـلـْـكـُو دْيـَانـِه"
وفي قصيدة "قلبي وطن" يناجي شربل بعيني معشوقته- معشوقتنا بيروت، ويشكو لها بإيقاع شجي يترقرق كجدول في أرض بكر حيث ينبجس التغزل والعتب في آن:
"بـَيـْرُوتْ يـَابـَيـْرُوتْ يـَا مـْديـْـنـِه
يا مـْزَيـَّـنـِهْ ... ومـْـشْ نـَاقـْصَه زِيــْـنـِه
تـْـنـَعـْشـَرْ سـِـنـِه عـَـمْ بـْحـْـلـَمـِكْ بـْاللـَّيـْلْ
قـَوْلـِكْ أنـَا مـَكـْـتـُوبْ عـَجـْبـِـيـنـِي
عـِيـشْ عـْمـْرِي بـْالـْهـَجـْرْ والـْـوَيـْـلْ
إشْرَبْ دمـُوعـِي وآكـُلْ سـْنـِيـنـِي؟؟؟!!!!"
سوف نرى نجم الوطنية مـُشـعـّاً وضيفاً دائماً في سماء شعر شربل. ولكننا سنلاحظه يجود بوميض "شربلي" ناصع الوجدانية في قصيدة "خالد كحول":
"جـْنـْدي لـْبـْنـَانـِي مَجْهُولْ
مْأكـَّدْ مَجـْدُو لـْفـَخـْر الدّيـْنْ
تـْجـَسَّدْ بـِخـَالـِدْ كحولْ
هـَالنـِّسـر الشَّامـِخْ ع طـُولْ".
سوف نستأنس بصوت حادي عيس الأدب المهجري يحدي بقصيدته "تاريخ هجرتنا" ليخاطب بلده من البعيد البعيد عبر صرخة في برية الغربة ليبوح للبنان بأنه ابتعد عنه بالجسد فقط :
" أرْضـَـكْ فـْرَاشـِي ... وجـَوَّكْ لـْحـَافـِي
وهـَمـَّـكْ صَـلـِـيـْبْ مـْكـَسـَّرْ كـْتـَافـِي".
ويغوص شربل بجرأة وإقدام وعدم خشية من لوم لائم في قصيدة "طاووس" ليمرغ أنف المتجبر اللامبالي بالوطن وبشعبه وأرضه ومستقبل أجياله وينعته بـ "أزغر من الأزغر" وأقل من ذرة غبار على قدم طفل معدم.
وسوف نحبه ونحب شعره أكثر في قصيدة "بـْحـبـَّـكْ" حيث يبوح الشاعر لوطنه بأنه لم يتوقف عن حـبـِّه رمشة عين، فهو يحبه "من كانون لكانون" أرأيتم ؟ من شهر كانون إلى شهر كانون . حب متواصل دون أدنى فاصل زمني.
وفي قصيدة "شياطين" ترتفع قامة شاعرنا بإباء وعلمانية صادقة ليـُعـَرِّي غول الطائفية :
"وبـَعـْدُو بإسـْمْ الدّيـْنْ
عـَمْ يـْخـْـلـَقْ سـْلاطـِينْ
شـَكـْلا شـَكـْـلْ إنـْسَانْ
وفـِعـْلا فـِعـْـلْ شـِيـْطـَانْ" .
يصطحبنا شربل بعدها في استنهاضه المغتربين وتذكيرهم بأن المال ليس كل شيء فيقول في قصيدة "فيق يا شعبي" :
"ارجَعـُو يـَا أغـْـلـَى مْحـبـِّـينْ
بالـْغـِرْبـِه مْـنـِبـْـقـَى مْسَاكـِينْ
مـَهـْمـَا يـْغـَطـِّيـنـَا الألـْمَاسْ".
في قصيدة "آخرتها شو" يرعد صوت شاعر الغربة الطويلة دفاعاً عن حاضر ومستقبل أطفال بلاده فيغدق عليهم من حبه ويتمنى لهم أن ينامو بأمان كبقية أطفال خلق الله ، ويفيقوا على عالم يشع بالنور : نور العلم، نور الحرية، نور الأمن والأمان، ونور عدم الخوف مما يحمله الغد :
"وآخـْرِتـْهـَا شـُو ؟!
وأطـْفـَالـْـنـَا الـْ مـِنْ حـَقـُّنْ يـْنـَامـُو
ويـِحـْـلـَـمُو بـِالـنـُّورْ".
قلم شربل بعيني مصباح ومهماز وسيف ومنارة في آن واحد، يستمد طاقته من مناجم حبلى بالماس والزمرد والياقوت ومنارات للأجيال في الحاضر والمستقبل.
قطفت من الأزاهير ما طالته يدي ولكني على موعد مع ما لم أصله بعد. أولها ديوان "الله ونقطة زيت" الذي فيه من الصوفية الحداثية ما يشد من يغوص في البحث عن لآلئه . وإلى لقاء مع "الله ونقطة زيت" .
الخبر في 24/04/2011
**
مثلث برمودا البرِّي: خاطرة من وحي قصيدة "وحش المذاهب" لشربل بعيني
أروع ما في مثلث برمودا البري قوته الجاذبة نحو الحياة والشمس، عكس نظيره البحري الجاذب نحو الموت والعتمة. يتسنم موجُه قصائد شعر جميلة، بل جميلة جداً لشربل بعيني، ومعبرة جداً، هنا موجة من عقيق وهناك موجة ماس وما بينهما زمرد وياقوت. "وحش المذاهب" يجذب القارب إلى حيث يصرخ شربل للمرة الألف ربما بتاجر الطائفية الذي " شوَّه الأديان":
أروع ما في مثلث برمودا البري قوته الجاذبة نحو الحياة والشمس، عكس نظيره البحري الجاذب نحو الموت والعتمة. يتسنم موجُه قصائد شعر جميلة، بل جميلة جداً لشربل بعيني، ومعبرة جداً، هنا موجة من عقيق وهناك موجة ماس وما بينهما زمرد وياقوت. "وحش المذاهب" يجذب القارب إلى حيث يصرخ شربل للمرة الألف ربما بتاجر الطائفية الذي " شوَّه الأديان":
"مِينكْ إنتْ ، يا طَنْجَرة عَ النَّار
تا تنقُر التكفير عَ دفَّكْ
مِينكْ إنت يا كَمْشتين غبار
والريح ، متل الخوف ، بتلفَّكْ"
و ينطلق اللظى من فوهة البركان : " وبيسألو : اللي وَكَّلكْ مِينو؟! "
ثم يجىء دور الميزان :
" لحظه بلحظه بْيقعُد يْزينو
وبيحاسبو بأصدق حِسَاباتُو
بِينَفّضُو ... بْتوقَعْ شياطينو
عيونن حمر بـ لَون نَظْراتو
وبيسألو : اللي وَكَّلَكْ مينو ؟!"
سوف نحتسي قهوتنا على مقعد واحد مع شربل ونشجب سلوكيات مدعي الوكالة وننتظر عبثاً مشاهدة التوكيل.
في لحظات العطش لريِّ غدد الرّوح أدخلُ إلى موقع "غربة"، أتنزه بين جزر أرخبيل شربل بعيني، أجوب المروج المـُطَعَّمة بدرر تهيم كفَراشات يتدرج طيفها بين وداعة الرضيع وثورة البركان. تنتابني حيرة طفل يعجز عن تحديد أية لعبة من إلعابه هي الأجمل. و كلها أجمل، و يتربص بي على كل جزيرة "وحش المذاهب" و قطب جاذب يشدان بإبرة البوصلة.
سلم خام مناجمك أخي شربل.
**
شكر
فضلك سبق يا آس! كلك طيب
محب ووفي .. وحضور مع طله
حظيت بشكر من شربل بعيني الحبيب
مدري بأيا معبد مصلي
**
رسالة الى الدكتور علي بزّي
الأخ الدكتور علي بزي
حفظه الله
يسعدني إبلاغك بأني استلمت مع الشكر هديتكم القيمة "كلمات سريعة عن شربل بعيني"، واسمح لي أن أعبـِّرَ عن تقديري العميق لجهدك الرائع في استيلاد ذلك العمل القيم الذي يحوي على آراء تشيد بدرر صديقنا المبدع شربل وبفلذات زمردها وياقوتها ومرجانها التي جادت بها مناجم خيرة لا ينضب معينها، تنبجس من لدنها الصور الأدبية كانبجاس مياه الثلج الباردة المترقرقة من سفوح صنين وحرمون، تغسل الأدران من دخائل ابتليت بعوالق النتن المغلف بقشور العفة، وتطهر ضمائر التاثت بطحالب الجهل المـُزَوَّق بالمعرفة.
أخالك أخي علي مثلي تنتشي اعتزازاً وتشد على راحة العزيز شربل حين يسلط كشافاته الجريئة المتمكنة على مغاور الشعوذة ومُدَّعي احتكار الحق والحقيقة والتقوى والورع ومرتزقة الطوائفية وخصيان السلاطين وأوثان جاهلية مسربلة بعمائم وقلنسوات وجبب الغيبية ومورفين المذهبية.
أعجبتني قصيدتك المهداة إلى الأخ شربل بمناسبة عيد ميلاده، أتمنى لكما العمر الطويل والصحة، وأهنىء نفسي بحظوتي بالتعرف على خامتك الطيبة وعلى مقلع معرفة آخر.
أتشرف بالتواصل معك ، ويسعدني أن أضم صوتي إلى صوتك وإلى مئات الأصوات المناشدة للأستاذ شربل بعيني، راهب الكلمة ـ الصورة أن يعيد النظر بقراره الطوعي في احتجابه عن المشهد الأدبي.
أخوكم : محمود شباط
الخبر في 31/03/2011
**
رسالة الى كلارك بعيني
الأخ العزيز الأستاذ كلارك بعيني المحترم
تفضل بقبول شكري وتقديري على هديتك النفيسة "شربل بعيني بأقلامهم" ولكم شعرت بالفخر حين عثرت على كلمتي المتواضعة ضمن كلمات الذين أطروا بحق على نتاج أخينا شربل.
أبحرت عبر أرقام وقامات أدبية كبيرة وهامات شامخة في سماء الإبداع تنطق أقلامها فخراً بشربل بعيني، بمن جسد الأحساس والمشاعر بصورة بتمكن واقتدار.
أتساءل أخي كلارك: هل أوفينا أديبنا وشاعرنا الكبير حقه؟ لا أظن! إنه يستحق أكثر، حاتمية قلمه، وتواضعه الجم، ووفاؤه السموءلي لأصدقائه ومحبيه وعارفيه، حتى أولئك الذين ارتبط معهم بوشائج عبر الأثير ترك في نفوسهم تأثرهم به وبطيبته، أو كما قال عنه الدكتور علي بزي: "رجل بقلب طفل".
أجل! كبير بحجم شربل بعيني يستحق المزيد من الشكر والتقدير ومناشدته للبقاء في رياض الأدب التي ستكون ناقصة باحتجابه عنها.
مرة أخرى، تفضل بقبول شكري على هديتك اللطيفة القيمة كما يسعدني التشرف بمعرفتك والتواصل معك.
أخوكم : محمود شباط
الخبر في 31/03/2011
**
قلق
الشاعر الأديب الإعلامي الأستاذ شربل بعيني
ساورني القلق على الأمانة الفكرية والإعلامية حين قرأت عن محاولة خسيسة لحذف اسمك من قائمة المكرمين وأنت الكريم المكرم أنى حللت. قد يستطيع حاقد أن يخفي عن الورق اسم بحجم اسمكم على طريقة مقص الرقيب. ولكنه يخسأ ويخسأ ويخسأ أن يزيله من خواطر من عرفك وقرأ لك. ويخسأ ويخسأ ويخسأ أن يطال جذور شجرة ضاربة في تربة الطيب والثقافة والأدب والإعلام.
تمثلوا حاتماً ولو عقلوا
لكنت في الجود غاية المثل
مع محبتي
أخوك محمود شباط
الخبر 26/4/2014
رسالة الى الدكتور علي بزّي
الأخ الدكتور علي بزي
حفظه الله
يسعدني إبلاغك بأني استلمت مع الشكر هديتكم القيمة "كلمات سريعة عن شربل بعيني"، واسمح لي أن أعبـِّرَ عن تقديري العميق لجهدك الرائع في استيلاد ذلك العمل القيم الذي يحوي على آراء تشيد بدرر صديقنا المبدع شربل وبفلذات زمردها وياقوتها ومرجانها التي جادت بها مناجم خيرة لا ينضب معينها، تنبجس من لدنها الصور الأدبية كانبجاس مياه الثلج الباردة المترقرقة من سفوح صنين وحرمون، تغسل الأدران من دخائل ابتليت بعوالق النتن المغلف بقشور العفة، وتطهر ضمائر التاثت بطحالب الجهل المـُزَوَّق بالمعرفة.
أخالك أخي علي مثلي تنتشي اعتزازاً وتشد على راحة العزيز شربل حين يسلط كشافاته الجريئة المتمكنة على مغاور الشعوذة ومُدَّعي احتكار الحق والحقيقة والتقوى والورع ومرتزقة الطوائفية وخصيان السلاطين وأوثان جاهلية مسربلة بعمائم وقلنسوات وجبب الغيبية ومورفين المذهبية.
أعجبتني قصيدتك المهداة إلى الأخ شربل بمناسبة عيد ميلاده، أتمنى لكما العمر الطويل والصحة، وأهنىء نفسي بحظوتي بالتعرف على خامتك الطيبة وعلى مقلع معرفة آخر.
أتشرف بالتواصل معك ، ويسعدني أن أضم صوتي إلى صوتك وإلى مئات الأصوات المناشدة للأستاذ شربل بعيني، راهب الكلمة ـ الصورة أن يعيد النظر بقراره الطوعي في احتجابه عن المشهد الأدبي.
أخوكم : محمود شباط
الخبر في 31/03/2011
**
رسالة الى كلارك بعيني
الأخ العزيز الأستاذ كلارك بعيني المحترم
تفضل بقبول شكري وتقديري على هديتك النفيسة "شربل بعيني بأقلامهم" ولكم شعرت بالفخر حين عثرت على كلمتي المتواضعة ضمن كلمات الذين أطروا بحق على نتاج أخينا شربل.
أبحرت عبر أرقام وقامات أدبية كبيرة وهامات شامخة في سماء الإبداع تنطق أقلامها فخراً بشربل بعيني، بمن جسد الأحساس والمشاعر بصورة بتمكن واقتدار.
أتساءل أخي كلارك: هل أوفينا أديبنا وشاعرنا الكبير حقه؟ لا أظن! إنه يستحق أكثر، حاتمية قلمه، وتواضعه الجم، ووفاؤه السموءلي لأصدقائه ومحبيه وعارفيه، حتى أولئك الذين ارتبط معهم بوشائج عبر الأثير ترك في نفوسهم تأثرهم به وبطيبته، أو كما قال عنه الدكتور علي بزي: "رجل بقلب طفل".
أجل! كبير بحجم شربل بعيني يستحق المزيد من الشكر والتقدير ومناشدته للبقاء في رياض الأدب التي ستكون ناقصة باحتجابه عنها.
مرة أخرى، تفضل بقبول شكري على هديتك اللطيفة القيمة كما يسعدني التشرف بمعرفتك والتواصل معك.
أخوكم : محمود شباط
الخبر في 31/03/2011
**
قلق
الشاعر الأديب الإعلامي الأستاذ شربل بعيني
ساورني القلق على الأمانة الفكرية والإعلامية حين قرأت عن محاولة خسيسة لحذف اسمك من قائمة المكرمين وأنت الكريم المكرم أنى حللت. قد يستطيع حاقد أن يخفي عن الورق اسم بحجم اسمكم على طريقة مقص الرقيب. ولكنه يخسأ ويخسأ ويخسأ أن يزيله من خواطر من عرفك وقرأ لك. ويخسأ ويخسأ ويخسأ أن يطال جذور شجرة ضاربة في تربة الطيب والثقافة والأدب والإعلام.
تمثلوا حاتماً ولو عقلوا
لكنت في الجود غاية المثل
مع محبتي
أخوك محمود شباط
الخبر 26/4/2014
**
كيف أكافي؟
كيف أكافي على أجَـلِّ يدٍ
من لا يرى أنّها يدٌ قِـبَـلِـي
استنجدتُ بشعر أبي الطيب عـلَّـهُ يُعبِّـد لي الطريقَ إلى ما عجزتُ في التعبير عنه حيال معروفٍ أدين به إلى كبارٍ كبارٍ منحوني شرفَ نيلي لجائزة شربل بعيني، إلى من أنعموا علـيَّ بأيقونة تحمل في لـبِّـها الجائزة الأصل، الجوهرةُ الأساس، حيث ينعم رابح الجائزة بربح ارتباطه بوشائج روحية أثيرية تصله بأخوة لم تلدهم أمه، معظمهم لم يلتقه ولم يسمع صوته.
يقضي الوفاء أن أتوجه بالشكر بداية إلى روح عـرَّاب الجائزة ومؤسسها الحاضر الغائب الدكتور عصام حداد مدير معهد الأبجدية في جبيل. وإلى ناسك محراب الأدب المهجري، متعدد أماليد الإبداع بامتياز: شعراً وأدباً وكتابة وإعلاماً، حاضنة رؤوم لبذور التراث والحضارة والإنسانية عبر مؤسسة الغربة الإعلامية الصديق والأخ شربل بعيني، وإلى كل الأعزاء القيِّمين على تلك المؤسسة الغراء، وإلى السادة الأفاضل القيمين على معهد الأبجدية في جبيل.
أتوجه بالتهنئة إلى الأكاديمي الدكتور جميل الدويهي بمناسبة نيله الجائزة عن إسهاماته المقدرة في التنقيب عن درر شربل بعيني، مع الشكر والامتنان على تهنئته اللطيفة لي لنيلي الجائزة عن الأدب والقصص القصيرة، كما أهـنِّيء الشاعر القدير عصام ملكي على نيله الجائزة عن شعره الرائع.
أتوجَّه بالشكر إلى الدكتور علي بزي على تهنتئه الرقيقة وعذوبة مشاعره الأخوية، كما إلى الإعلامي الرائع الأستاذ أكرم المغوش لما خصَّني به من سلسبيل تعابيره الرائقة الأنيقة، والشكر موصول إلى السيدة ماري انجول (فرنسا)، وإلى الأستاذ أديب حنا (البرازيل) على رسالتيهما. كما أتوجه إلى أهلنا الكرام آل حداد في مدينة جبيل اللبنانية بكل المحبة والتقدير على تهنئتهم، ونشاركهم ألم غياب قريبهم- قريبنا الدكتور عصام حداد.
وضعتُ جائزةَ شربل بعيني في ما بين القلب وشغافه، سأحرص عليها حرص الأرملة على قرشها وأم اليتيم على اليتيم، وسوف أحتفظ بها حيث وضعتها ما حييت كونها مثل شربل: غالية، عزيزة، حجر كريم من أصفى وأنقى أنواع الحجارة الكريمة، ثمينة.. ثمينة... ثمينة .. وموضع تقدير كبير. إنها طيف شربل.
محمود شباط
الخبر في : 29/05/2014
كيف أكافي؟
كيف أكافي على أجَـلِّ يدٍ
من لا يرى أنّها يدٌ قِـبَـلِـي
استنجدتُ بشعر أبي الطيب عـلَّـهُ يُعبِّـد لي الطريقَ إلى ما عجزتُ في التعبير عنه حيال معروفٍ أدين به إلى كبارٍ كبارٍ منحوني شرفَ نيلي لجائزة شربل بعيني، إلى من أنعموا علـيَّ بأيقونة تحمل في لـبِّـها الجائزة الأصل، الجوهرةُ الأساس، حيث ينعم رابح الجائزة بربح ارتباطه بوشائج روحية أثيرية تصله بأخوة لم تلدهم أمه، معظمهم لم يلتقه ولم يسمع صوته.
يقضي الوفاء أن أتوجه بالشكر بداية إلى روح عـرَّاب الجائزة ومؤسسها الحاضر الغائب الدكتور عصام حداد مدير معهد الأبجدية في جبيل. وإلى ناسك محراب الأدب المهجري، متعدد أماليد الإبداع بامتياز: شعراً وأدباً وكتابة وإعلاماً، حاضنة رؤوم لبذور التراث والحضارة والإنسانية عبر مؤسسة الغربة الإعلامية الصديق والأخ شربل بعيني، وإلى كل الأعزاء القيِّمين على تلك المؤسسة الغراء، وإلى السادة الأفاضل القيمين على معهد الأبجدية في جبيل.
أتوجه بالتهنئة إلى الأكاديمي الدكتور جميل الدويهي بمناسبة نيله الجائزة عن إسهاماته المقدرة في التنقيب عن درر شربل بعيني، مع الشكر والامتنان على تهنئته اللطيفة لي لنيلي الجائزة عن الأدب والقصص القصيرة، كما أهـنِّيء الشاعر القدير عصام ملكي على نيله الجائزة عن شعره الرائع.
أتوجَّه بالشكر إلى الدكتور علي بزي على تهنتئه الرقيقة وعذوبة مشاعره الأخوية، كما إلى الإعلامي الرائع الأستاذ أكرم المغوش لما خصَّني به من سلسبيل تعابيره الرائقة الأنيقة، والشكر موصول إلى السيدة ماري انجول (فرنسا)، وإلى الأستاذ أديب حنا (البرازيل) على رسالتيهما. كما أتوجه إلى أهلنا الكرام آل حداد في مدينة جبيل اللبنانية بكل المحبة والتقدير على تهنئتهم، ونشاركهم ألم غياب قريبهم- قريبنا الدكتور عصام حداد.
وضعتُ جائزةَ شربل بعيني في ما بين القلب وشغافه، سأحرص عليها حرص الأرملة على قرشها وأم اليتيم على اليتيم، وسوف أحتفظ بها حيث وضعتها ما حييت كونها مثل شربل: غالية، عزيزة، حجر كريم من أصفى وأنقى أنواع الحجارة الكريمة، ثمينة.. ثمينة... ثمينة .. وموضع تقدير كبير. إنها طيف شربل.
محمود شباط
الخبر في : 29/05/2014
**
همزة الوصل
عزيزي الأديب والشاعر والإعلامي د. جميل الدويهي المحترم
تحية ملؤها المحبة والاحترام أبعث بها إليك ، دعوتك الطائية تشرفني ويسعدني أن ألبيها إن شاء الله بأقرب وقت.
لن يفوتني أن أشكر همزة الوصل الرائعة التي أتاحت لي فرصة التعرف بكبار أمثالك ، أنا على ثقة بأنك عرفت بأن "همزتنا " الرائعة ليست سوى صديقنا المشترك الحبيب شربل بعيني الذي يصح في جوده وتفانيه قول الشاعر :
من قاس جدواك يوماً
بالسحب أخطأ مدحك
فالسحب تعطي وتبكي
وأنت تعطي وتضحك
تمنياتي لكما بطول العمر والصحة والتوفيق.
مع مودتي وتهنئتي لك بمنصبك الجديد الذي يستحقك.
ونبقى على تواصل بإذن الله
أخوكم : محمود شباط
الخبر في : 25/06/2014
**
معلمي يقبل رأس أمي
مؤثرة موجعة قصتك أخي شربل،
رونق أفنانها يزدان بورود العظة
والعبرة
ونفحات الوفاء منك حيال المرحومة والدتك
والمرحوم الأستاذ جليل بحليس
وطويل العمر جوزاف.
فهمنا ما باح به قلمك
عن البعد الإنساني
والإجتماعي،
كما فهمنا ما لم يخطه حيال البعد الوطني.
دمت حبيبنا تلميذ جليل،
أم أنه علينا أن نناجي روح المرحوم الأستاذ جليل
كي نذكره بأنه أستاذ شربل بعيني؟
**
منهل عطاء
كل المحبة أخي شربل بعيني
أرجو أن تكون بخير.
أتابع أخبار تكريمك المتتالية
كمسلسل ماسيٍّ،
درره ترصع تاريخنا الثقافي والأدبي
بدانات حلوة بديعة .
دمت منهل عطاء لا ينضب.
**
عملاق ادبي
نشرت مجلة الغربة مشكورة هذه الأبيات الشعرية عن ضيعتنا الحبيبة عيحا ، والشكر موصول للمسؤول عن المجلة الشاعر والأديب والمربي الصديق الأستاذ شربل بعيني. يرجى قراءتها على الرابط المبن أعلاه لمن يرغب في ذلك . مع تحياتي وشكري وتقديري لكم أعزائي.
تسلم عزيزي أستاذ شربل ويطول عمرك وألله يعمر حجار مجدليا اللي جابت هالعملاق الأدبي.
الفايس بوك تموز 2015
**
رسالة وفاء
حظيت بشرف الفوز بجائزة شربل بعيني عن الأدب القصصي لعام 2014 . فكـرَّمني الكريـمُ بِـمـَـدَالـيَـةٍ أغلى وأثمن من أغلى وأثمن الحجر الكريم. كيف لا وهو راعي الأدب المهجري، وشاعر الغربة الطويلة والساهر على حياض ورد الثقافة والرقي. بحثتُ عن كلمة أفضل وأكبر من الشكر ولم أجد. لذا : شكراً لشربل بعيني بكبر قامة شربل بعيني. وتراني في وهدة عجزي عن التعبير لوفائه حقه عليَّ ألجأ إلى استعارة ما قاله الشاعر :
هَـدِيَّـةٌ ما رأيتُ مُـهْـدِيـهـا
إلا رأيتُ العبادَ في رجُلِ
لا عَـجَـبَ في أن يَـتـرنَّـحَ الكلامُ في حضرةِ العظام، ينداحُ على بلاط رجالٍ جعلوا من كواهلهم الـعَـلِـيَّـةِ مِنصات انطلاق الآخرين، يقترفون متعة العطاء من أجل العطاء، ينثرون بذور الأدب والثقافة ويسقونها بدموع القلوب. يشدُّون على أيادٍ تمسك بمحراث المقال والقصة والرواية ويفرحون بالحصاد بقدر ما يفرح الفلاح برؤية سنابل قمحه، وبقدر اغتباط العصافير بطيرانها الأول. أولئك هم معشر شربل بعيني، أم أنهم يشبهونه ؟.
في أواخر العام 2010، فور ردِّه على أوَّل مقالٍ أرسلته إلى موقع "الغربة" بدأ تفاعل كيميائي أثيري يشدني إلى واحة شربل، أو كما اتفقت معه على مصطلحٍ مشترك : "تعدَّدت الأقلام والألم واحد" دلالة على معاناتنا المتشابهة في الغربة . أكاد أسمعه يحثني على فضيلة التجلد والتحمل في غربتينا منصحاً : فلنتقدِ بذلك البحار الذي حين استعصى عليه تغيير اتجاه الريح عَـدَّل زاوية الشراع، فلنصنِّـعَ من أوجاع البعد عن الأهل والوطن إيجابيات هجينة عبر سكب جراح الروح على الورق، بحيث تتاح لنا نعمة الخلود إلى الذات المترعة بفائض هموم الحياة، وباليأس من غربة لا أفق لها، بينما نحن نعد السنين ونكبر.
تحياتي وشكري لكبيرٍ كبيرٍ من بلاد الأرز.
الخبر في : 16/08/2015
**
فيروز
شربل يا خيي.. هات شعرك هات
انت الغني بأبيات كلاّ كنوز
بهالعام عندي كتير أمنيّات
تغنّي إلك شي رائعه فيروز
الفايس بوك بداية عام 2017
**
الله يمد بايامك
همزة الوصل
عزيزي الأديب والشاعر والإعلامي د. جميل الدويهي المحترم
تحية ملؤها المحبة والاحترام أبعث بها إليك ، دعوتك الطائية تشرفني ويسعدني أن ألبيها إن شاء الله بأقرب وقت.
لن يفوتني أن أشكر همزة الوصل الرائعة التي أتاحت لي فرصة التعرف بكبار أمثالك ، أنا على ثقة بأنك عرفت بأن "همزتنا " الرائعة ليست سوى صديقنا المشترك الحبيب شربل بعيني الذي يصح في جوده وتفانيه قول الشاعر :
من قاس جدواك يوماً
بالسحب أخطأ مدحك
فالسحب تعطي وتبكي
وأنت تعطي وتضحك
تمنياتي لكما بطول العمر والصحة والتوفيق.
مع مودتي وتهنئتي لك بمنصبك الجديد الذي يستحقك.
ونبقى على تواصل بإذن الله
أخوكم : محمود شباط
الخبر في : 25/06/2014
**
معلمي يقبل رأس أمي
مؤثرة موجعة قصتك أخي شربل،
رونق أفنانها يزدان بورود العظة
والعبرة
ونفحات الوفاء منك حيال المرحومة والدتك
والمرحوم الأستاذ جليل بحليس
وطويل العمر جوزاف.
فهمنا ما باح به قلمك
عن البعد الإنساني
والإجتماعي،
كما فهمنا ما لم يخطه حيال البعد الوطني.
دمت حبيبنا تلميذ جليل،
أم أنه علينا أن نناجي روح المرحوم الأستاذ جليل
كي نذكره بأنه أستاذ شربل بعيني؟
**
منهل عطاء
كل المحبة أخي شربل بعيني
أرجو أن تكون بخير.
أتابع أخبار تكريمك المتتالية
كمسلسل ماسيٍّ،
درره ترصع تاريخنا الثقافي والأدبي
بدانات حلوة بديعة .
دمت منهل عطاء لا ينضب.
**
عملاق ادبي
نشرت مجلة الغربة مشكورة هذه الأبيات الشعرية عن ضيعتنا الحبيبة عيحا ، والشكر موصول للمسؤول عن المجلة الشاعر والأديب والمربي الصديق الأستاذ شربل بعيني. يرجى قراءتها على الرابط المبن أعلاه لمن يرغب في ذلك . مع تحياتي وشكري وتقديري لكم أعزائي.
تسلم عزيزي أستاذ شربل ويطول عمرك وألله يعمر حجار مجدليا اللي جابت هالعملاق الأدبي.
الفايس بوك تموز 2015
**
رسالة وفاء
حظيت بشرف الفوز بجائزة شربل بعيني عن الأدب القصصي لعام 2014 . فكـرَّمني الكريـمُ بِـمـَـدَالـيَـةٍ أغلى وأثمن من أغلى وأثمن الحجر الكريم. كيف لا وهو راعي الأدب المهجري، وشاعر الغربة الطويلة والساهر على حياض ورد الثقافة والرقي. بحثتُ عن كلمة أفضل وأكبر من الشكر ولم أجد. لذا : شكراً لشربل بعيني بكبر قامة شربل بعيني. وتراني في وهدة عجزي عن التعبير لوفائه حقه عليَّ ألجأ إلى استعارة ما قاله الشاعر :
هَـدِيَّـةٌ ما رأيتُ مُـهْـدِيـهـا
إلا رأيتُ العبادَ في رجُلِ
لا عَـجَـبَ في أن يَـتـرنَّـحَ الكلامُ في حضرةِ العظام، ينداحُ على بلاط رجالٍ جعلوا من كواهلهم الـعَـلِـيَّـةِ مِنصات انطلاق الآخرين، يقترفون متعة العطاء من أجل العطاء، ينثرون بذور الأدب والثقافة ويسقونها بدموع القلوب. يشدُّون على أيادٍ تمسك بمحراث المقال والقصة والرواية ويفرحون بالحصاد بقدر ما يفرح الفلاح برؤية سنابل قمحه، وبقدر اغتباط العصافير بطيرانها الأول. أولئك هم معشر شربل بعيني، أم أنهم يشبهونه ؟.
في أواخر العام 2010، فور ردِّه على أوَّل مقالٍ أرسلته إلى موقع "الغربة" بدأ تفاعل كيميائي أثيري يشدني إلى واحة شربل، أو كما اتفقت معه على مصطلحٍ مشترك : "تعدَّدت الأقلام والألم واحد" دلالة على معاناتنا المتشابهة في الغربة . أكاد أسمعه يحثني على فضيلة التجلد والتحمل في غربتينا منصحاً : فلنتقدِ بذلك البحار الذي حين استعصى عليه تغيير اتجاه الريح عَـدَّل زاوية الشراع، فلنصنِّـعَ من أوجاع البعد عن الأهل والوطن إيجابيات هجينة عبر سكب جراح الروح على الورق، بحيث تتاح لنا نعمة الخلود إلى الذات المترعة بفائض هموم الحياة، وباليأس من غربة لا أفق لها، بينما نحن نعد السنين ونكبر.
تحياتي وشكري لكبيرٍ كبيرٍ من بلاد الأرز.
الخبر في : 16/08/2015
**
فيروز
شربل يا خيي.. هات شعرك هات
انت الغني بأبيات كلاّ كنوز
بهالعام عندي كتير أمنيّات
تغنّي إلك شي رائعه فيروز
الفايس بوك بداية عام 2017
**
الله يمد بايامك
اخي شَربل
شاهدتُ بأمّ العين وأبـيـها قوسَ قُـزح، قاعدتاه تستريحان على قمتين بصورة منكبين، أطيافُ ألوانِه الجميلة تَـبُـثُّ صوراً مزدهرةً لصداقـةٍ كبرت وطولت وصارت مليحةً بِـسنِّ الصّبا، فتاة جميلة حلوة العينين هيفاء القوام، رعيناها معاً، حرصنا على جدل ضفيرتيها وتكحيل نجلاويها معاً، وعلى تشذيب وطلاءِ أظافرها معاً.
ولأني أحبها جداً لا تشغلني تسميتها، أهي صداقة–أخُـوَّة أم أخُـوّة- صداقة ؟ في كلا التسميتين أرى ملامحَ طَـيِّبٍ وفـيٍّ كـبـيـرِ مُحِبٍّ متواضعٍ، مُتعدّد الـميّـزات والمواهب، إنَّـما بوجهٍ واحدٍ لا يتغير ولا يتبدّل، تَـقِـيّ نَـقِـيّ غـاية في السُّموِّ والـرُقـي، أرى ملامح أخي وصديقي شربل بعيني الذي أثق بأن على سماحه ينطبق قول الشاعر حسن توفيق :
مَـن قَـاسَ جَدواكَ يَـوماً
بالسُّحبِ أخطأ مَدْحَكْ
السُّحبُ تعطي وتَـبــكي
وأنتَ تعطي وتَضْحَـكْ.
**
اسمح لي الآن يا صديقي العزيز أن أهنئك بالخاطرة الشعرية المبينة أدناه بمناسبة عيد ميلادك بلهجتنا المحكية التي تذكرنا بساحة الضيعة وزقاقاتها وسطيحات بيوتنا التي تركناها صغاراً منذ سنين طويلة، وقد تسمح لنا ظروف الغربة أن نعود ونراها، وقد لا تسمح
يا مْـكَـرَّسْ للـكلمِه شْــراع
هْـديـتــا أجـمَـلْ احلامك
تَا يـطـوَل عـمـر الإبـداع
ألله يـمـدّ بــإيَّــــــامـــك
العمر الطويل وعقبال الـمـيّـه بصحه منيحه وعيشه هنيه انشالله
الـمحب : خيّك محمود
الخبر في : 09/02/2019
**
شاهدتُ بأمّ العين وأبـيـها قوسَ قُـزح، قاعدتاه تستريحان على قمتين بصورة منكبين، أطيافُ ألوانِه الجميلة تَـبُـثُّ صوراً مزدهرةً لصداقـةٍ كبرت وطولت وصارت مليحةً بِـسنِّ الصّبا، فتاة جميلة حلوة العينين هيفاء القوام، رعيناها معاً، حرصنا على جدل ضفيرتيها وتكحيل نجلاويها معاً، وعلى تشذيب وطلاءِ أظافرها معاً.
ولأني أحبها جداً لا تشغلني تسميتها، أهي صداقة–أخُـوَّة أم أخُـوّة- صداقة ؟ في كلا التسميتين أرى ملامحَ طَـيِّبٍ وفـيٍّ كـبـيـرِ مُحِبٍّ متواضعٍ، مُتعدّد الـميّـزات والمواهب، إنَّـما بوجهٍ واحدٍ لا يتغير ولا يتبدّل، تَـقِـيّ نَـقِـيّ غـاية في السُّموِّ والـرُقـي، أرى ملامح أخي وصديقي شربل بعيني الذي أثق بأن على سماحه ينطبق قول الشاعر حسن توفيق :
مَـن قَـاسَ جَدواكَ يَـوماً
بالسُّحبِ أخطأ مَدْحَكْ
السُّحبُ تعطي وتَـبــكي
وأنتَ تعطي وتَضْحَـكْ.
**
اسمح لي الآن يا صديقي العزيز أن أهنئك بالخاطرة الشعرية المبينة أدناه بمناسبة عيد ميلادك بلهجتنا المحكية التي تذكرنا بساحة الضيعة وزقاقاتها وسطيحات بيوتنا التي تركناها صغاراً منذ سنين طويلة، وقد تسمح لنا ظروف الغربة أن نعود ونراها، وقد لا تسمح
يا مْـكَـرَّسْ للـكلمِه شْــراع
هْـديـتــا أجـمَـلْ احلامك
تَا يـطـوَل عـمـر الإبـداع
ألله يـمـدّ بــإيَّــــــامـــك
العمر الطويل وعقبال الـمـيّـه بصحه منيحه وعيشه هنيه انشالله
الـمحب : خيّك محمود
الخبر في : 09/02/2019
**
الأخوَّة الطويلة
عزيزي شربل
كل عام وأنت بخير
حين تدقّ ساعة ذكرى ميلادك لهذا العام، تكون صداقتنا قد أضحت صَبـِيَّـة حلوة في الثالثة عشرة، مليحة تحلو وتتألق وتترونق وتكبر وتنضج ما بقينا بإذن الله.
كثيرا ما تمرّ في البال يا أطيب الطيبين، أتذكَّرُ بأنّنا، أنا وأنت، كلبنانِـيَّـيـنِ طاعِـنَينِ في الغربة، أنت في أستراليا بعيداً عن مجدليّا، وأنا في الخليج بعيداً عن عيحا، كلانا يتشوَّقُ لأهله ولضيعته، لطالما تشاركنا نعمةَ البوحِ بالكثير الكثير من الخواطر، وتوارد الخواطر والأفكار والذكريات الحلوة والمرة، ولم يبخل أحدنا على الآخر بعرض تمنياته وهمومه وخصوصياته على طبلـيّة الصداقة والأخوّة، كما يفردُ بسطاء الباعة بضائعهم في خيم وأكشاك الأسواق الأسبوعية الشعبية.
عزيزي شربل
كم يسعدني التذكّر بأنّي أهديتُك ثلاثاً من رواياتي فأنعمتَ عليَّ بثمانيةٍ من مؤلفاتك، ذَخرتُ خمسةً منها على رفٍّ مستقلٍّ في محلّي المتواضعِ الذي كـرّستُ جزءاً منه لمكتبة صغيرة. عدد من زبائني يتصفّح دواوينك فيستحليها، يطلب شراءها فأردّ بأنّها ليست للبيع، وبأنها : " ذكرى غالية من غالٍ، مش للبيع ولا للإيجار،إقْـرأها وردّها من فضلك !".
من تلك الكتب جُلجُلة : "الغربة الطويلة"،يا ذا الغربة الطويلة، والتي سوف أتناول في مقالي القادم، ما يقاربه ذلك الديوان الـيانع من جماليَّات شعرية وأشجان تحاكي طنين الأجراس على روابي القرى، وتكبير وتهليل مُكـبِّرات المآذن قبيل انبلاج الفجر وفي الأصائل الحلوة. يلي "الجلجلة" ديوانك "ألله ونقطة زيت" ، وديوان "عالم أعمى"، ثم "شربل بعيني بأقلامهم" بقلم المرحوم كلارك بعيني، و"كلمات سريعة عن شربل بعيني" بقلم د. علي بزّي، هذا إضافة إلى ثلاثةِ دواوين أخرى وهي : "كبارنا"، "معزوفة حب"، و "لبنان .... وبس"، يؤسفني القول، وبألم الحزين الفاقد، بأنها، ومئات الكتب التي كانت في مكتبة المنزل استحالت إلى رماد جرَّاء الحريق الكبير الموجع الذي ألـمّ بمنزلي في آخر الشهر الثالث من العام الماضي، ونجوتُ منه بأعجوبة بفضل من الله عزَّ وجلّ.
عزيزي شربل
مَحَضتُك محبتي وإعجابي بمسيرتك الإبداعية فتكرَّمتَ عليَّ بـ "جائزة شربل بعيني للأدب القصصي" لعام 2014.
واقعنا يشي بأننا لم نلتقِ وجهاً لوجه، ولكني أتوق لإن نلتقي ذات صبيحة قبل المغيب.
كلّ المحـبّة عزيزي شربل، كّل تمنياتي لك بالعمر الطويل مقرونةً بالصحةِ والسعادة وهدوء البال. وإلى اللقاء عبر مقالي القادم عن ديوانك "الغربة الطويلة".
أخوك : محمود شباط
عيحا في 09/02/2023
**
قراءة أولى في الغربة الطويلة لشربل بعيني
أحدُ ألقابه "مَلاحٌ يبحثُ عَن الله"، شِعرُهُ هالات ضوئية أشبه بتلك المُحيقة بِصُوَرِ الأنبياءِ والقدَيسين، نُوَطُ موسيقاهُ تطوفُ بالقاريءِ كطيرٍ أيلوليٍّ يعومُ على كتف الريح، مُنفرداً مُتقدِّماً سربه. يَعلو ويهبطُ بانسيابٍ مُناوراً كطيّارٍ مُحترفٍ بَين الحسِّي والمجازيّ، وما بينهما.
في ديوانِهِ المُعَنون بـ "الغربة الطويلة"، تنطلق أغاريد عامِّيته اللبنانية لذيذةً سائغةً كسواقي المُروج، سيّما حين يكرجُ هَديلُ الوصفِ في قصيدة "مملكة الحكي":
"وفكّـرْت حالي حْكيت!!
تَاري الحَكي غْـباشِـه
بْـشُوفُو أنا ومَاشِي
لَـمْعِـة قَدْحْ كـبْريتْ"
ويَمضي "بروجيكتير" الإبداعِ بِعرضِ صُورِ التَّوقِ لللأهل في الغربة:
"وْصِرْتْ بِـلْـيالي البِكي
إجْـبُـلْ مِـنْ تْـرابْ الحَكي
إنْـسَانْ ... "
حَسْبِيَ هذه ، "إنسان" !!!
تَوقُ شاعرنا للكتابةِ يتَّصفُ بنهمٍ واضحٍ لإنجاز ما يمكن إنجازه، ذاكَ لخشيتهِ من أن تبغتَه عقاربُ الوقتِ (بَعْدْ زَمَنْ طَويل نشالله حبيبنا)، دُونَ أنْ يَـتَمَكَّنَ منَ التعامُلِ مع ما يعتملُ في مِرجَلِ أفكارِهِ، تَمْهيداً لِسَكْبِـهِ عَلى الورقِ، فَصَاغَهُ بِهذهِ الأبْـيَات:
"كِيفْ بَدّي أكْـتُبْ بْسِرعَه
والعُمْر وَلْـعَه؟!
كِـيـفْ بَـدّي رافِـقْ الكِـلْـمِه
ومشْ آمْـنِـه الـرَّجْعَـه؟!"
بإيمان المُستسلم لدفّةِ الأقدار بدا شربل هنا كما لو كان يستعيرُ من شاعرِ آخر:
"دائريُّ دَربُنا مثل السُّكون
وَمْضَةُ الفَجرِ
فَـشَمسٌ... فَسُكون
مَن ذا الذي يَسْتشرفُ
في شهقةٍ .. في رمشةٍ
أيْـنَ يَكُون؟؟!!"
في قصيدة "الغربة الطويلة" تُرندحُ أهازيج شربل بنسائم فيروزية:
"يا غُـربِة الأيَام الطّويلِه
يا غُرْبِة الشَـقا والضَّنى
قَـبل ما تِحكِـيلُـن حْكِيلِي
شُو اللي مْتْخَبّالي أنا؟ّ!"
في قصيدة "مجنون عَم يسأل"
بِعُذوبَةِ سَقسقةِ مياه مَيازيبِ سُطوح المنازل في القٌرى المُعلّقةِ فوقَ الرّبى، ينسابُ عتب شربل بعيني على الغربة ، وربّما على من تسبَّبَ له بها:
"غُربِه عْيُـونا سُود
ما عُمرها ( عشرين)...
قالت " بِـ شو مَوعُود
يا شاعْري المِسكين
عَـمْ ترسُم الرَّجْعَه
عَ مْواج مُرتفعَه
وبَينَـك وبَـينا سْنين؟!"
رَنينُ رَجْعِ الصَّدى في هذه الـ "بَـينَـكْ وبَـيْـنَـا سْنين" يَـكادُ يكونُ الوجهَ الآخر لِما قاله المتنبي في قصيدته "عيد بأية حالٍ ٍ .." :
"أمّا الأحبّة فالبيداءُ دُونَهمُ/ فليتَ دُونَكَ بيداً دُونها بيدُ".
قراءة في الغربة الطويلة ـ الحلقة الأولى.
محمود شباط
عيحا في 16/02/2023
**
قراءةٌ في قَصيدتَي "غَريبة" و"تْرابْ عَمْ يِمشِي" للشاعر شربل بعيني من ديوانه "الغربة الطويلة"
ملاحظة: لـحَّنَ قصيدة "غريبة" الفنّان إدغار يازجي وغَـنَّتها الفنانة ريما الياس ووزّع مُوسيقاها الفنان مجدي بولس.
كَحِداءِ خَيّالٍ شَجِيٍّ تبدأ القصيدة بهذه الأهازيج الجميلة:
" غَريـبِه الْـمَطارِح غَريـبِه
وضِحكات الطّفُولِه أنِـيـن
يا شَمس الطّفُولِه لا تغِـيـبي
ضَوّي ... أنا لَـيـلِـي حَـزين"
مهارةُ شاعرنا في بناءِ الكَلمةِ، قدَّمت له الكثيرَ في مَوسَـقَـةِ "الأنين" في هذه الرباعية، حيناً كأنينِ أوتارِ الرّبابة، وأحياناً كـتأوُّهاتِ يتيم.
أما في قصيدة "تْرابْ عَمْ يِمشي" صِدقُ شربل الأدبيّ يَدعوه لِلبَوحِ بأنَّ الشاعرَ إيليا أبو شديد قد سبقه إلى هذه الفكرة، وبأنه يستعير بعضاً منه :
" مِـتلِ الصَّخر بتْـكُون يا إنْـسان
وْمِتْلِ الوَرَقْ بِتْـصيبَكْ الـرَّعشِه!!
كلّ الخَليقَه الــ خالِقا الـدّيان:
تْراب رِجْعِ تْـراب .... وتْـراب عَمْ يِمشي"
ثم يَسترسلُ :
" لا تِركَع تْصلِّي لْإله الكَونْ
ومِليان قَلبَك بِالحَقْـد عالنّاس
وظِلمَك ــــ إذا بتظلم ـــ يا ربّ الـعَونْ
بتِدبَح طفل مِنشانْ تِشرَب كاسْ".
ما أشبه اليوم بالبارحة، أليسَ في رباعيةِ شربل ما يُكادُ يُتوئمها مع مضمون قصيدة لشاعر آخر:
يا موطناً ما "أشحره"؟
أضحيت صنْوَ المقبره
ما أبشعَ غربانها
ما أوحش غيلانها
في الميمنه والميسره
عمرو ينفّ عفّةً
زيدُ يتفّ المسخره
والسلسله يا موطني
قيدٌ مديد معدني
بحص حبيس "الطنجره"
لن ينضجَ إلا إذا
صاحت صغارُ القُبّـره
الأحمرُ دون الرغيف
لا تقربوا للحنجره.
وإلى اللقاء في مقال قادم عن "دنيي غريبه".
محمود شباط
عيحا في 3/3/2023
**
قراءة في الغربة الطويلة: قصيدة "مجنون عم يسأل"
أنينُ ناي حنينهِ لترابِ الوطنِ لم يُسقِطْ شربل بعيني في فخِّ الجُّحود ونكران الجّميل لأستراليا، الوطن الذي استضافه.
في قصيدة "مجنون عَم يسأل" ، إحدى قصائده المَنسُوجَة بخيطان من روحه في ديوانهِ "الغربة الطويلة" يتلوّى، على لسان الوطن المضيف، شعراً يضج بِعتَبِ المُحِب:
"كَحْشُوكْ: ضِبَّـيتَـكْ
بَغضُوكْ: حِبّـيتَـكْ
جِـمّعِتْ مالي : سْـخِـيتْ عَ بْلادَكْ
تْزوَّجِت مِـنِّي : حْرِمِـتني وْلادَكْ
لَـيـشْ مُشْ قِـنعَانْ؟!
عَايِـشْ بِـقـلبي .... وقَـلْـبَـكْ بْـلـبْـنـان" !!
مُوجعةٌ جداً تلك الانفصامية الوطنية الإنتمائية التي التاثَ بها الكثير من المغترين، يتأرجحون بين عطشهم لنسائم الحرية واللقمة الكريمة، وبين شوقهم لوطنهم "كيفما كان" ، على الأخصّ أولئك الذين ابْـتَـلعت الغربة مُعظمَ سِني عُمرهم كما يقول أحدهم في شعره:
"يَــا طَـيْـرْ صَـرْلـِـي مْـغْـتِـرِبْ مِـدِّهْ
الفْـراقْ مـزْمِـن ..
والألَـمْ جَـدِّي
يَـا مَـا إلِـي مْـحِـبّـيِـنْ بِـيْـقُـولُـو
خَـتْـيَـرْت !! حَـلَّـكْ تـجِـي
هَـالْـقَـدّْ بِـيْـقَـدِّي
وكُـلْ مَـا ابْـتَـعَـدْ فِـيِّـي الـزَّمَـنْ
وتْـرَاكَـمُـو اثْـمَـانْ الـثَّـمَـنْ
والِّـلي خَـلَـقْـنْـي وخَـالْـقَـكْ يَـا طَـيْـر
كِـيْـفْـمَـا بْـطِـيْـرْ بْـضَـيْـعْـتِـي بْـهَـدِّي"
نادِرون هُم الذين حَباهُم الله بموهبةِ صياغةِ الشِّعر المُوَشَّحِ بالنّـثر، أو النّثر المُوشّح بالشعر، بالقدر الذي ناله شربل وريشته، سِيما في آخر قصيدة "مجنون عَم يسأل":
"جِيتِكْ أنا وِزغير
وِنسيت تا إجهَلْ
تْعِبت فِيكي كتيرْ
والعُمر عَمْ يِطوَلْ ..
... ووَينْ بَدَي صير؟!
مَجنون عَم يِسأل!!"
وإلى اللقاء في قراءةٍ قادمة عن قصيدة "غَريبة" في ديوان "الغربة الطويلة".
محمود شباط
عيحا في 24/02/2023
**
قراءة رقم 4 في ديوان الغربة الطويلة
قصيدتي "دنيي غريبه" و "رجال القوافل"
***************
أن تختارَ وردةً مِن مسكبةٍ مُعينةٍ من شعر شربل بعيني، و/أو باقات أخرى من قصائده المنثورة في دواوينه الوافرة، لايعني بأن ما قطفته هو الأكثر جمالاً. إذ سرعان ما تكتشف بأن السبب هو أن سلالك المحدودة لا تتسع كل البهاء اللامحدود الذي تشتهي قطفه.
في قصيدة "دنيي غريبه" ،
بِطيبِ وعذوبةِ وعفوية رسائل غرام المراهقين يقطرك جندول شربل برفقٍ من الحلو إلى الأحلى:
"وإذا حِمْلَـكْ عَ هـَ الدِّنيِي شي زَورَقْ
بِــ دون شْـراعْ
وْشفت الأرض فِستانها مْخَزَّقْ
عَ شَكلْ ضْياع"
(....)
في كنف ذات القصيدة تنداح حروف شربل المُذهَّبة كذؤابة فتاةٍ صغيرة شقراء، وتتناهى أهازيجه كترنيمها بُعَيدَ مُعاناتها في الغربة للمرة الأولى:
"دِنيي .. شَـمْسها انطَفْيِتْ بإيدي
وْقَمَرها غابْ
حصَدْت الضَّيمْ كِرمالا حَصِيدِه
وْغَـزَلْتو تْـياب" .
تتنوع المقاربات التي يتناولها شربل بعيني على شاكلة امرىء القيس: "مُـكِرٍّ مُـفرٍّ مُقبلٍ مُدبرٍ معاً" ، ثم يعرج على مرابع البُعد الإنساني والثقة بضوء آخر النفق كثقة سميح القاسم بعدالة وإنسانية قضيته:
"رغمَ الشكِّ ورغمَ الأحزانِ
لَـن أعدمَ إيماني
في أنَّ الشَّمسَ ستشرقُ
شمسُ الإنسان."
في قصيدة "رجال القوافل" يسترجعُ شاعرنا توقَ اللبناني للسفر:
"رجالْ القَوافِـل عَجَّلوا بالسَّير
وتَرْكوا رْبوعْ الأرز زِعلانِه
زَرْعوا المَواسِم ... والمواسم خَـيـر
ونَصْبوا خْـيامُن بــِ وَطَـنْ ثَانِي
زْعْل الـنِّدي وانْـبَـحّْ صَوتْ الطَّـيْر
وتِكْـيِـتْ غْصُون الحَور دبلانِه".
ما أشبه اليوم بالبارحة حين توجَّعت ريشةُ شربل عند طباعة ديوانه في العام 1985 من هجير الغربة، كما لو كان يستشرف ما آلت إليه حال مراكب الموت في أيامنا هذه :
"واللي هَجَرْ بَـكِّـير
صَعْبْ تَا يْـرجَعْ
هربَان مِن تَهجير
بِقُـوّة المَدفَع
مْن سْياسة حْـزازيـر
مْن ظْلمْ أوسَعْ
مْن تـمّْ بَـحر كـبـيرْ
أطفالْ عَـمْ يـبلَع".
وإلى اللقاء في مقالي القادم عن قصيدة "صوتي مبحوح" وقصيدة "كمشتين فلوس".
محمود شباط
عيحا في 15/03/2023
**
قِراءتي الخامسة في ديوان شربل بعيني
1-قصيدة "صَوتي مَبْحُوح"
2- "كَـمْـشْـتَين فْـلُوسْ"
مِن أوجعِ أشعارِ المُناجاةِ وأشدّها مَضَاضةً، على رأي طَرَفَة بْن العَـبْد، هي تلك المُطَعَّمَة بِنِسْغِ عَـتَـبِ الـمُحِبّ، حيث يتضاعف وقع الألم إذا كانت الكلمات منطلقة من مهجة مُغترب، ومُوجَّهة لربوع الوطن بالطريقةِ التي يصدح بها شعر شربل بعيني في هذه الترنيمة:
صَوتِي مَـبْحُوحْ وْحْـنْجِرتِي
نِـشْـفِـتْ مِنْ هَـبَّات غْـبَارِكْ
وِالـغِـنِّـيِّـه الْــ كانِتْ إنْـتِي
انْدَبْحِتْ وِانْـشَـلْحِتْ عً حْجَارِكْ
رِدِّي الغِـنِّيِّه يَا بْلادي
وِالضِّحْكِه لِشْـفافْ زْغَارِكْ.
لله دَرُّ شاعرنا ودَرُّ لَطيفِ عِـتابِه، وللهِ مدى ما تحمل تلك المناشدة النوستالجية الوجدانية من حنين لمرابع الطفولة واسترجاع صُوَر الماضي، بما فيها من تَمَنٍّ عميق كي يتحوَّلَ الزمنُ كتاباً نُـقَـلِّبُ صَفحاته كَما نَشاء ونشتهي، إلى الوراء وإلى الأمام، نرى وجوهَ أحبّاء غابوا ونخاطبهم، نستحضر ساحاتِ قُرانا وأزقتها كما كانت، والأشجار التي كانت فيها وذهبت، كما نسترجع ساحات بيروت وشوارعها التي راحت إلى غير رجعة، وحلَّ مكانها مساحات صَمَّاء جميلة الهندسة والعمران، إنّما دون جاذب، كما لو أنها شُـيِّدت كي نتفرَّجَ عليها فحسب، ما يُذكِّـرنا بهذه الأبيات الشعرية :
"عَـبَـثاً دَوام الدَّهْرِ أفْراحاً وسُكَّـرْ
لَـيْـتَهُ كانَ سجِـلًّا
لَـيْـتَـهُ أوراقُ دَفْـتَـرْ
نَسْتَعِـيد عَـبْـرَهُ المَاضي السَّعِـيدْ
مِنْ سَحِيقٍ
وَقريبٍ
وَبَعـيدْ
نَسْتَعيد عَـبْـرَهُ حُـلْـوَ الصُّوَرْ
لَـيْـتَـهُ كانَ سجِـلًّا
لَـيْـتَـهُ أوراقُ دَفْـتَـر"
ولكن واحسرتاه ! أين المفرّ، نحن الآن بين الغربة وأسوأ نماذج الأوطان، الذي لا يساوي حذاءً عند المواطن الحافي، كما يقول محمد الماغوط.
وبالتزامن، سوفَ نحتفظ بالقليلِ من العقلانيةِ والمَنطق طِبقاً لعقلانية ومنطق هنري وادزورث لونغفيلو " دعنا نتصرف بما نملكه ما دمنا لا نملك ما كنا نتمناه".
وفي قصيدة "كَمشْـتَـين فْـلُوس" يتناهى إلى دخيلة مشاعرنا صوت وديع الصافي "يا مهاجرين ارجعو" ، وبالتزامن يدعونا شربل بعيني للعودة إلى الوطن قبل أن تغربَ شمسُنا في الغربة:
لا تْمُوتْ هَـونْ بْغربتَـك لا تْموتْ
وتِـتْـرُك تْـرابَـكْ يِـلعَـنَـك بِالقَـبْـرْ
رُوحْ قَـضِّي عُمْرَك بْـبَيرُوتْ
وْنَـفِّـضْ جْـناحَكْ مِنِ غْـبارْ القَـهـر.
صحيح وصحيح جدا ما ذهبتَ إليه يا شاعرنا، ما أروعك يا شربل وأنت تذكرنا بما قاله المتنبي قبلك عن ضرورة فصل الكيان عن المادة:
" (....) أين الأكاسِرةُ الجَّبَابِـرةُ الأُلى
كنزوا الكنوزَ فما بَـقينَ وما بَـقوا
(....) المَوتُ آتٍ والنُفوسُ نَفائسٌ
والمُسْتَعِـزُّ بِما لَديهِ الأحمَقُ"
في هذه البيوت الشعرية يطلب منا كل من أبي الطيب وشربل، وكل بأسلوبه، بأنّنا قَـلَّـما ننتبه إلى أنَّـنا لسنا سوى قُـزع غيومٍ عابرة، وبأننا مجرد نواطير بالمجّان على ما نتوهَّم بأننا نملك، ولكننا، وللأسف، نتقاتل، فـنَـقـتُـلُ ونُـقْـتَـل، على مِتاع الدنيا كما لو أنها هي الزائلة ونحن الباقون.
وإلى اللقاء في مقالٍ قادم عن "قدموس" و "جنون"
عيحا في : 08 / 04 / 2023
**
قراءتي السادسة في ديوان شربل بعيني الغربة الطويلة
1- قصيدة قدموس
2- قصيدة جنون
لو تسنَّى للشاعر شربل بعيني أن يُعيدَ كتابة قصيدة "قدموس" ، إحدى قصائد ديوان "الغربة الطويلة"، قطعاً سوف يقول لسياسيينا :"لكم قدموسكم ولي قدموسي". ولن يفوته ملاحظة التباين، إلى حد التناقض المُضحك المُبكي، بين أسمال قدموس اليوم، وحسن وبهاء بذلة قدموس الذي تمنّاه شاعرنا في حُلو تعبيره:
"وبِتْضَلّْ يا قـدْمُوس
يا سَـيِّـد الأسْـيادْ
حِـبْـر وقَـلَـم ودْرُوسْ
وْدَفْـتْـرَيـن جْـدَادْ
( .....)
بْـعِـيدَكْ يا رَبّْ الحَـرْفْ
زَادْ إيـمَانِـي
تَا أُوصْفُو... مْنِ الوَصْفْ
رَحْ يِـتْعَـبْ لْسَانِـي".
ولسوف يتحسر شربل بعيني على وضعنا الثقافي والمالي والاقتصادي والتربوي والطبي مقارنة بما كان عليه؟
وفي قصيدةِ جُنُون ، يرسم لنا شربل صوراً عن انسلاخه القسري الباكر عن بلاده، حيث أتيحت له الفرصة لمعاشرة مواطني البلاد المضيفة، ما أثار هواجسه من انصهاره وانصهار أبناء بلاده الأم من بعده في بيئة الغربة وعدم العودة حيث يقول :
"عاشَرتُنْ ... تَاري عَالعِشْرِه
النّـفْـسيه بْـتـتغَـيَّـر دِغْرِي
وما بْـينْـفَعْـنِي مَهْـمَا صْرَخْـت
ومَهْمَا بْرَمْتْ ... ومَهْمَا دخْـتْ
رَحْ أبْقَى جُوَّاتْ بْـلادُنْ
وِوْلادِي عَ شكل وْلادُنْ"
عبر هذه الكلمات القليلة المقاربة بعددها للعشرين، اختزل الشاعر البعيني أحوال ملايين المغتربين، وأحوال أبنائهم. أعرف شخصيا الكثير من الأقارب والأصدقاء في المغتربات لا يرغبون في العودة للإقامة الدائمة في الوطن، فما بالك بأبنائهم، وكيف سيكون الحال مع أبناء أبنائهم؟ وهل سيفهمون دعوة وديع الصافي لهم :"يا مهاجرين ارجعوا"؟ أم سيحتاجون إلى مترجم؟ هذا إن توفرت لهم ورغبوا في سماعها.
أتساءلُ فيما إذا كان قد خطرَ ببال الصديق شربل بعيني يوم أهداني ديوانه "الغربة الطويلة" منذ اثنتي عشرة سنة، أن أعود لقراءة ديوانه بعد كل تلك السنين، أتذوق حلو ثماره مرة أخرى وأكتب عنه، وفيما إذا كنا سوف نبقى في الغربة ونحب البلاد التي احتضنـتـنا. يومها كان كَمَن يستشرف مستقبلنا حيث كتب الإهداء التالي بخط يده:
الغربه الطّويلِه ... غربتي وبْحبّها
سْـنِـينْ صَرلا فاتْحتْـلي قَـلبها
وإنت متلي صرت يا محمود
وكتار رح يمشو عسكة دربها
سيدني في 13/03/2011
سلم يراعك صديقي العزيز أستاذ شربل، صوَّبتَ فأصَبت.
إلى اللقاء في قراءة قادمة لقصيدة "زهر أسود" و "وداع شاعر".
**
قراءتي الأولى في ديوان "عالم أعمى"
للشاعر شربل بعيني
قصيدة "عالم أعمى"
**********
قيل بأن الإبداع الأصيل كالبناء الشاهق، والصيت كالظل، وسرعان ما يذهب الظل فور زوال البناء، ويستمر طالما استمر البناء.
تتجسدُ هذه الحكمة في آلاف الأبنية التي شيدها الشاعر والأديب والمُربِّـي شربل بعيني، الذي يأبى إلا أن يُشركنا بغناءٍ احتفاليٍّ حيناً، وبعزفٍ شجيٍّ على آلة سيتار هندية حيناً آخر. ذلك ما يراه القارىء بوضوحٍ كافٍ في مؤلفاته بشكل عام، وفي قصيدة "عالم أعمى" بشكل خاص. حيث يؤلمُه سير العالم في الاتجاه المعاكس :
"العالم عَم يمشي خْلَيفاني !!
العالم عَم يمشي خْلَيفاني !!
وِيجرّ الأيَّام بْشَعرا،
يوَقِّعها عَ الأرض
ويِدعَسْ عَ صَفحاتا البيضا
ويِزوي متل الأعمى الْـــ ضَيَّع دَربو!!"
بِمُجَـرَّدِ بِدءِ القاريء في العَـبِّ من سلسبيل شربل بعيني، من أيٍّ من ينابيعه الغنية، سوف يحسّ ببلورةٍ صادقةٍ احترافيةٍ لمعنى التطلع نحو الأفضل، يُضيء كفانوس تنويريٍّ ، بهي الحضور، إن تكلم عن الماضي تراه صُوَراً حلوة دافئة تحنّ إليها، وإن قارَبَ المُستقبلَ يُريكَ ضوءَ آخر الـنَّـفق. يكرج حجل يراعه برشاقةٍ على مدارجِ الفكر الأصْوَب تمهيداً للتحليق في فضاءات الإنسانية والحضارات البشرية والدعوة للتفاعل معها، بما يفضي إلى التوازن الروحي وينابيع السعادة الداخلية.
ما يعطي إبداعَ شربل بعيني ميزته الخاصّة هو احترامه لوقت القاريء، حيث يُـثمرُ الكلام أدبا نديّا طريّا سهلا مُمتنعا، وذلك عبر تكثيف الجملة بالبلاغة التي أوجزها ابن المقفع بهذه العبارة : " البلاغة هي التي إذا سمعها الأخرق ظنّ بأنّه يحسن مثلها".
عَـبْـرَ دَفَّـتَي الدِّيوان نرى المُساكنةَ البريئة بين الشِّعـرِ والـنَّـثرِ والصُّوَرِ المُلونة. وقد صاغتها ورسمتها أنامل محترفة حريصة على مقتنيات الموروث، كما الأثر الأخلاقي والإنساني والحضاري كما لو كان الغرض هو حفظه من الاندثار.
لا يُوفِّـر شاعرنا ما يُسمَّى بالصّحافة الصفراء التي تفبرك الخبر لمن يدفع أكثر من اللَّوم والتقريع، حيث لا يهمّ "التاجر الصحفي" أو "الصحفي الدكنجي" العبث بالسُّلم الأهلي حتى، ونَحرِ الحقائق بحافة ورقة الدولار طالما يصلهُ المعلوم بالدولار حيث يرشقهم شاعرنا بسهامه دون وجل أو تردّد:
"والكتَّابْ... اللازِم حَرفُنْ
يضوي بعَتمات الأيَّام
باعُـو حْـروفُن بالسُّوقْ السّودا
وْما خَـافو لَعنِة هالأجيال الجَّايِـي
مِن تَحت حْجَار التّاريخ
الْــ ما داق الحنِّيِّه قَـلبُو".
بحضور أدبي يرخي بظلاله على الساحة الثقافية بمختلف ميادينها، قارَبَ الشاعر بعيني دوافع استنهاض الجديد واستحضار العتيق، مُمَهِّـداً مساحةً قَـيِّـمةً معقولة ومُجدِيَـةً أمامَ مَن تَـتَـوفُّـر لَـدَيهِ الـنِـيَّـة والإمكانِـيَّـة للكتابة، وللعمارِ على مَداميكه المتينة البنيان.
وفي قصيدة "حكاية بطل" يستذكر شربل بطلا وطنياً، قد تنطبق أوصافه على بعض الذين طالتهم مخالب الغدر:
"وبـيخَـبْرو أخبَـار وحْكَـايات
عَـن بَـطل ....
لَـفّ الحقيقة بالأمَـلْ
وخَبّى بِقَلبو تْراب وسْواقي
وأشجَـار عَـم تـشـلَح تَمر للنَّاس
وصِدفِه .... عَ تَلّات المَـحَبِّه مات
وما انـعَـرَف كيف مات!! "
وإلى اللقاء في قراءتي الثانية في قصيدة "لصوص الهَيكَـل"، الذين يسمِّيهم بعض صحفيي هذه الأيام "بنكرجية" ، وكذلك قصيدة "نحنا ملوك الحب".
عيحا في : 28/04/2023
**
قراءتي الثالثة في ديوان عالم أعمى
فَـور انطلاق الرصاصة الأولى في الحروب، تصبح كل أم مشروع خنساء تندب صخرها، أو أبا عتاهية يندب عليَّه.
بعد أن مررتُ بعشرات وربما المئات من قصائدِ شربل بعيني، وأنا الذي أقرأه منذ ما يزيد على عقد من الزمن، يلوح لي في كل مقال أو خاطرة أو قصيدة فكرة خبيئة من أفكاره بالألق الذي تلوح به أطلال خولة ببرقة ثهمد لطرفة بن العبد.
إلى ديوانه السابق "الغربة الطويلة" الذي قاربته في أكثر من مقال، أستأنفُ التنقيبَ في منجم "عالم أعمى" متناولاً قَصيدَتَـيـه : "ردُّولي إبني من المَوت" و " إنتي الدّني".
في قصيدة "ردُّولي ابني من الموت" يُطلُّ علينا، ولكن دون أن يُفاجئنا، تساؤلٌ قديمٌ قِـدم البشرية وحروبها :" لماذا ينقص عدد الفقراء كي تزداد ثروات الأغنياء". على هذا الاستفسار يجيب شربل بعيني بأسلوبه:
"إنـتُـو يَـللِّي غْـدَرتُـو بْإبـني
إنـتُـو يَـللِّي سْرقْـتـو إبـنـي
إنـتـو يَـللِّي قْـتَلـتـو إبـنـــي
ردُّو لي إبْـني من الموت"
لا يقول لنا شاعرنا من هم الـ "إنتو" ، كونه يعلم بأنّ في أسلوبه السردي السهل الممتنع ما يتيح للقارىء العادي أن يخمِّن من هم.
خلتُ بأن حال من غدروا بابن تلك الأم وسرقوه وقتلوه قريبة من حال مختار ضيعة أوعز عمداً لرعاة ماشيته بالتوغل في خراج القرية المجاورة ، فرد المعتدى عليهم بضرب الرعاة واحتجاز جزء من القطيع، وبدورهم دخلوا خراج قرية المختار.
بذريعة الحفاظ على الكرامة والدفاع عن الأرض، جَـيَّـشَ المختار كالعادة شباب القرية للدفاع عن أراضيها ، ولكن ، وكالعادة أيضاً، لم يكن أي من أبنائه الثلاثة بين المقاتلين، بل عمد إلى اصطحابهم معه لزيارة مسؤول كبير كي يشكوا له "فداحة مصابهم" . حيث حقق المختار مراده بنيل تعويضٍ "محرز" أودعه في حسابه المصرفي بانتظار تدبيره لمعركة أخرى بين القريتين.، وذلك قبل أن تجفَّ دماء الشباب الذين تسبب في مقتلهم، وشفاء جراح من تسبب في جراحهم.
في قصيدة بنت بلادي يقول :
زِعلِت مِنِّي طيُور الغَابـِه /
وَقت الـْ سِمعتـني عَـم غَـنِّي/
لإسمك غِـنِّـيِّـة شَـعْـبِـيِّـه /
ومَا قِـدْرِتْ تِحـفَـظ كِـلْـمَاتَـا/
وْتِـسْكِـبها كِـلّا بْـدِيـنَـيـكي /
في دواوين شربل بعيني أغانٍ شجية جميلة كهذه تسبر غور دخيلة المنشد والمستمع كل حسب وضعه. تحاكي تشخيص هنري وادزوورث لونغفيلو بقوله "لكل منا حزنه السري الخبيء، يبدو فيه أحدنا باردا بينما هو يغلي من الداخل". كما تجد في شعره ما يذكرك بثقة الشاعر المتمكن من جودة بيوته، ومن ثبات أعمدتها ومصاريعها كبيارق سميح القاسم على سبيل المثال لا الحصر :" في أكثر من دربٍ وعرٍ تمضي شامخة أشعاري".
وإلى اللقاء في مقال قادم عن قصائد من ديوان "الله ونقطة زيت". حيث يقول ناظمها العزيز شربل في إهدائه لي بتاريخ 13/03/2011 ما يلي:
ألله ونقطة زَيت ... كـلُّـو فَـلـسَفِـه
بْدنيي تـعِـيسِـه مْشَرشْـحَـه ومْـقَـفـقْـفِـه
مْـنـقْـتًـل ... تَـا حَتَّى نْدخُـل الـجـنّـِه سَـوا
وْجَـنّـة الـفردَوس منّا خـايـفِـه
وشَـربِـل ومَـحمود طاروا بْـهَـالْـهَـوا
شِـعَّــار ... أكْـبَـر من جْـنون العاصفِه.
عيحا في 09/06/2023
**