![]() |
شاعر وأديب مهجري فاز بجائزة شربل بعيني |
عرفتك كبيراً طيّب القلب..
عرفتك شاعراً مبدعاً، والشاعر أدرى الخَلْق بالخَلْق لما يتمتّع به من شعور مرهف.
ومعرفتي فيك معرفة الفكر للفكر، والقلم للقلم.
ومن كانت هكذا علاقته، عبثاً يحاول أحد قطعها، فهي أمتن من أسلاك الذهب.
فعفوك إن سقط اسمك سهواً ـ أو أُسْقِط ـ من مطالعتي النقدية حول "رندح يا وجع".
أستميحك عذراً على ذنب ما اقترفته.. ولا أريد أن أسأل من فعل ذلك؟
ومهما يكن من أمر، تبقى أنت الملاّح الباحث عن الله، فأهل الفكر يترفعون عن هكذا صغائر.
تبقى أنت نقطة الزيت الطافية فوق بحر الأنانيات والخبث والرياء.
تبقى أنت صاحب القلب الكبير وعمود الأساس في هيكل الشعر المهجري، ورائداً بارزاً من روّاد الحركة الأدبية في هذا المقلب الواسع من الأرض.
فإن أُسقِطَ اسمك من مطالعتي فسيبقى في قلبي رمز الشاعر الطيّب والخلاّق، وفي مكتبة الأدب المهجري ذخراً ثميناً يتحدّى الفناء.
التلغراف، العدد 2167، 19/11/1990
**
إلى الشاعر شربل بعيني بمناسبة يوبيله الفضّي
يوم كتب شربل بعيني مراهقة ـ أول عمل شعري له ـ كان، آنذاك، لـم يزل ذلك الفتى الذي تشدّه بيادر مجدليّا، وكروم العنب والتين، ويلاحق تنانير الفراشات ومراجيح الشعر على طريق مجدليا ـ القبّة، مساء كل يوم على مدارات أيام السنة.
لـم يكن يعلم أن البحر سيناديه، وستحمله رياح الأحلام إلى جزيرة بعيدة، خلف المحيط الكبير، يزرع سهولها بيادر شعر، ويطوّف أنهارها تيارات محبّة، ويزيّن حدائقها صداقات متينة، ويساهم في زرع أول نواة للأدب المهجري الموثّق في أستراليا.
قبل شربل، مرّ على سطح هذه الجزيرة شعراء وأهل أدب وفكر، وبعده نزل فيها شعراء أفذاذ، وأدباء مشهود لهم، شغلتهم الغربة، وحكايات مغاور الزمرد والياقوت التي ترصدها الحسان، فانشغلوا عن الشعر والأدب بفك رصدها.
وحده شربل بعيني، ترهّب في صومعة الشعر والكلمة ثائراً، عاشقاً، متعبّداً، مناجياً. إلى هذا، وشربل لـم يكن يعلم أنه سيصبح (بحاراً يبحث عن اللـه)، أو (مشواراً) على دفاتر الأدباء، وفي قلوب الأصحاب والأحباب، ويوبيلاً هو فضّته وذهبه وعقيقه.
هذا هو شربل بعيني الشاعر والإنسان والمربي.. سواء أحببت شعره أم لا، فلا تستطيع أن تنكر عليه حقّ الأسبقيّة في إغناء المكتبة المهجريّة بالعطاءات الغزيرة، وبتفعيل الحركة الأدبيّة العربيّة في المغترب الأسترالي.
هذا هو شربل بعيني الذي يشهد له القاصي والداني، انه شاعر جريء، وصديق مخلص، وقلب محب.
هذا هو شربل بعيني، الطالع من عواصف الغربة الطويلة، حاملاً في جذوره تراب مجدليا، وفي قلبه وطناً أحبّ وقدّس، وبين يديه انتاجاً فكرياً غزيراً، هو حصيلة خمس وعشرين سنة من العطاء المتواصل.
"مراهقته" اليوم تنتظر في ساحة مجدليا، لوّن سيف العمر جدائل شعرها، وخطّ الصقيع على جبهتها سطور التعب والملل، وما زالت عينها على الأفق ترى فيه وجه ذلك الفتى النحيل الأسمر عائداً مع نسيمات المساء.
أيتها المراهقة الناطرة قرب "المنوار"!
شربل أحب عروس الشعر وأنجب أجيالاً خالدة كعينيك، وغداً ذكراك تعبق فوق الجزيرة يوبيلاً فضياً، فاتركي أرضك وطيري إليه وتناثري جدائل حب على الحاضرين.
العالـم العربي، 1993
**
شربل بعيني: تقسيمات على أوتار القلب في أحباب
شاعر مهجري غزير الانتاج، حاضر ناضر في كل المناسبات، وله في كل موقع مكان، وفي كل قلب مكانة واعتبار.
فمن مقاعد الدراسة الى الندوات الأدبية، الى حفلات المناسبات، الى معاناة الشاعر المهجري، الى صفحات الصحق المهجرية، الى وسائل الاعلام.. في كل هؤلاء عرفته شاعراً ثائراً حتى على قواعج العروض، فالشعر عنده صورة فيها حياة، ويرفض في بعض الاحيان أن يحدّها اطار عروضي.
هذا هو شربل بعيني كما عرفته خلال بعض الاهداءات الأخيرة من انتاجه الشعري.
"أحباب" عمله الشعري الجديد، من الحجم الصغير، زيّن غلافه والصفحات الداخلية فيه الفنان جورج حداد. ويقع في ثلاثة أبواب: أحباب، فنان، وقصيدة وصدى.
ولعل التسمية جاءت من باب تسمية الكل باسم الجزء، أو لعلّ الأبواب الثلاث لا تختلف عن الباب الأول من حيث الروحية. فشربل حبيب الكل. الفنانون الذين رافقهمعلى المسرح لهم في قلبه منزلة، وكذلك القصيدة والصدى لها عنده وقع الحبيب.
شربل بعيني عاشق، مغرم، يتفجّر حبّه في أحباب ليضمّ بين دفّتيه سجلاً فيه كل أحبابه.
ولا غرو اذا قلنا ان "أحباب" شربل فعل اعتراف علني وصرح، فيه مصداقية واقعية، وبراءة وعفوية.
أحبابه رجالات سياسة، ودنيا ودين، أدباء، شعراء وفنانون، وقصائد ثائرة ترفض الواقع الأليم، وتطمح الى التغيير.
أحباب شربل على اختلاف مآربهم، وتنوّع مراطزهم، يجمعهم الشاعر في قاسم مشترك له منحيان أساسيان: الحنين والوطن.
وهذان المنحيان هما محور الشعر المهجري منذ ام كان مهجر. ويبقى الوطن القاسم المشترك الأكبر الذي من خلال أحبابه يطل عليه شربل من هذه الجزيرة الكبيرة مقدما أقدس سلاح لخدمة القضيّة: سلاح الكلمة، فيقول في مطلع الديوان:
الكلمه وطن عم إرسمو بإيدي
وهل أجمل من وطن يرسمه شاعر ويغنيه مطرب، ويخدمه رسول الكلمة؟
شربل في "أحباب" كشربل في كل نتاجاته الشعرية السابقة، يشده الحنين الى الوطن، ففي كل قصيدة صورة لهذا الحنين. فأحبابه مرايا تعكس له صورة ذلك المعذّب هناك على شاطىء البحر الأبيض المتوسط، صورة أطفال يكتبون بأجسادهم ملحمة المقاومة الشريفة، ويشده الحنين، فيصرخ في إحدى قصائده للسفير اللبناني:
مدّلي إيدك ساعدني
الغربه تلتينا أوهام
وإلا بلادي ما بتسعدني
رجّعني.. تا بحضنا نام
وفي قصيدة "البياتي، الحلم الراجع"يقول:
رجّعني بحرفين زغار
ع البيت الـ تعّبتو النطره
وعم يتسلّى بكلمة "بكرا"
وعشعش تحت لسانو غبار
وهكذا، من أوهام الغربة وآلامها وشقائها يتطلّع البعيني الى الارض التي لن تحلو له اغفاءة الا بحضنها.. الى البيت الذي أتعبه الانتظار وعشش فيه غبار الأمل. ترى هل نعود يا شربل؟.
ويبقى شربل بعيني واحداً من شعراء المهجر، بل أغزر شعراء المهجر إنتاجاً، وشعره يعبق بمواصفات الشعر المهجري، إذا يحمل الصور المهجرية الرئيسة والتي تصنف شربل في باب شعراء المهجر.
الحنين، الوطن، لوعة الغربة وقساوتها، فهذه الصور تكاد لا تخلو قصيدة منها.
أضف الىذلك تفرّغ شربل للعمل الشعري، وهذا ما يظهر كثرة الانتاج عنده.
ورغم المسافات الشاسعة والمحيط الواسع الذي يفصل بين الشاعر وأرضه، تراه دائماً هناك. يتذكّر بلاده التي كانت زينة البلدان، يتذكر شعبه الذي روّض الزمن. المه ان يرى هذا الشعب مشرداً، وتلك الضياع شوهتها النار، فيقول في قصيدة لـ "باسكال":
محروق قلبي كتير يا إخوان
ع طفل ماتت ميمتو حدّو
ع بلاد كانت زينة البلدان
حرقوا ضيعها وصرحها هدّوا
ع شعب اسمو شرّف الانسان
مرفوع راسو وما حدا فدّو
لعبوا بتاريخو.. شوّهوا الأديان
ومليون جيش تقاسموا حدّو
وهكذا شربل المهاجر يحمل الوطن قصيدة دائمة الانشاد يرتلها في صقيع الغربة، علها تدفىء قلبه المتعطّش ابداً الى أرض الوفاء، الى أرض الاجداد، الى كروم مجدليا، وهدير نهر "أبو علي"، الذي يزنّرها، حاملاً الى البحر سلاماً الى ابنها البار خلف المحيط، والذي خطفته جنيّات السفر، لتقول له انها هناك في كروم الزيتون، وفي ساحة الضيعة تأمل عودة ذلك الفتى الاسمر.. شربل.
التلغراف، العدد 2073، 4/6/1990
**
تبقى بعيني
بين الثريا والثرى
بدر يشع بخافقي
ما همّه شيب الأسى
فالشيب سحرٌ يرتقي
يا شاعراً ملأ الدنى
تعلو كروح البيرق
تبقى بعيني ملهماً
حلواً كنور المشرق
**
إلى الشاعر شربل بعيني بمناسبة يوبيله الفضّي
يوم كتب شربل بعيني مراهقة ـ أول عمل شعري له ـ كان، آنذاك، لـم يزل ذلك الفتى الذي تشدّه بيادر مجدليّا، وكروم العنب والتين، ويلاحق تنانير الفراشات ومراجيح الشعر على طريق مجدليا ـ القبّة، مساء كل يوم على مدارات أيام السنة.
لـم يكن يعلم أن البحر سيناديه، وستحمله رياح الأحلام إلى جزيرة بعيدة، خلف المحيط الكبير، يزرع سهولها بيادر شعر، ويطوّف أنهارها تيارات محبّة، ويزيّن حدائقها صداقات متينة، ويساهم في زرع أول نواة للأدب المهجري الموثّق في أستراليا.
قبل شربل، مرّ على سطح هذه الجزيرة شعراء وأهل أدب وفكر، وبعده نزل فيها شعراء أفذاذ، وأدباء مشهود لهم، شغلتهم الغربة، وحكايات مغاور الزمرد والياقوت التي ترصدها الحسان، فانشغلوا عن الشعر والأدب بفك رصدها.
وحده شربل بعيني، ترهّب في صومعة الشعر والكلمة ثائراً، عاشقاً، متعبّداً، مناجياً. إلى هذا، وشربل لـم يكن يعلم أنه سيصبح (بحاراً يبحث عن اللـه)، أو (مشواراً) على دفاتر الأدباء، وفي قلوب الأصحاب والأحباب، ويوبيلاً هو فضّته وذهبه وعقيقه.
هذا هو شربل بعيني الشاعر والإنسان والمربي.. سواء أحببت شعره أم لا، فلا تستطيع أن تنكر عليه حقّ الأسبقيّة في إغناء المكتبة المهجريّة بالعطاءات الغزيرة، وبتفعيل الحركة الأدبيّة العربيّة في المغترب الأسترالي.
هذا هو شربل بعيني الذي يشهد له القاصي والداني، انه شاعر جريء، وصديق مخلص، وقلب محب.
هذا هو شربل بعيني، الطالع من عواصف الغربة الطويلة، حاملاً في جذوره تراب مجدليا، وفي قلبه وطناً أحبّ وقدّس، وبين يديه انتاجاً فكرياً غزيراً، هو حصيلة خمس وعشرين سنة من العطاء المتواصل.
"مراهقته" اليوم تنتظر في ساحة مجدليا، لوّن سيف العمر جدائل شعرها، وخطّ الصقيع على جبهتها سطور التعب والملل، وما زالت عينها على الأفق ترى فيه وجه ذلك الفتى النحيل الأسمر عائداً مع نسيمات المساء.
أيتها المراهقة الناطرة قرب "المنوار"!
شربل أحب عروس الشعر وأنجب أجيالاً خالدة كعينيك، وغداً ذكراك تعبق فوق الجزيرة يوبيلاً فضياً، فاتركي أرضك وطيري إليه وتناثري جدائل حب على الحاضرين.
العالـم العربي، 1993
**
شربل بعيني: تقسيمات على أوتار القلب في أحباب
شاعر مهجري غزير الانتاج، حاضر ناضر في كل المناسبات، وله في كل موقع مكان، وفي كل قلب مكانة واعتبار.
فمن مقاعد الدراسة الى الندوات الأدبية، الى حفلات المناسبات، الى معاناة الشاعر المهجري، الى صفحات الصحق المهجرية، الى وسائل الاعلام.. في كل هؤلاء عرفته شاعراً ثائراً حتى على قواعج العروض، فالشعر عنده صورة فيها حياة، ويرفض في بعض الاحيان أن يحدّها اطار عروضي.
هذا هو شربل بعيني كما عرفته خلال بعض الاهداءات الأخيرة من انتاجه الشعري.
"أحباب" عمله الشعري الجديد، من الحجم الصغير، زيّن غلافه والصفحات الداخلية فيه الفنان جورج حداد. ويقع في ثلاثة أبواب: أحباب، فنان، وقصيدة وصدى.
ولعل التسمية جاءت من باب تسمية الكل باسم الجزء، أو لعلّ الأبواب الثلاث لا تختلف عن الباب الأول من حيث الروحية. فشربل حبيب الكل. الفنانون الذين رافقهمعلى المسرح لهم في قلبه منزلة، وكذلك القصيدة والصدى لها عنده وقع الحبيب.
شربل بعيني عاشق، مغرم، يتفجّر حبّه في أحباب ليضمّ بين دفّتيه سجلاً فيه كل أحبابه.
ولا غرو اذا قلنا ان "أحباب" شربل فعل اعتراف علني وصرح، فيه مصداقية واقعية، وبراءة وعفوية.
أحبابه رجالات سياسة، ودنيا ودين، أدباء، شعراء وفنانون، وقصائد ثائرة ترفض الواقع الأليم، وتطمح الى التغيير.
أحباب شربل على اختلاف مآربهم، وتنوّع مراطزهم، يجمعهم الشاعر في قاسم مشترك له منحيان أساسيان: الحنين والوطن.
وهذان المنحيان هما محور الشعر المهجري منذ ام كان مهجر. ويبقى الوطن القاسم المشترك الأكبر الذي من خلال أحبابه يطل عليه شربل من هذه الجزيرة الكبيرة مقدما أقدس سلاح لخدمة القضيّة: سلاح الكلمة، فيقول في مطلع الديوان:
الكلمه وطن عم إرسمو بإيدي
وهل أجمل من وطن يرسمه شاعر ويغنيه مطرب، ويخدمه رسول الكلمة؟
شربل في "أحباب" كشربل في كل نتاجاته الشعرية السابقة، يشده الحنين الى الوطن، ففي كل قصيدة صورة لهذا الحنين. فأحبابه مرايا تعكس له صورة ذلك المعذّب هناك على شاطىء البحر الأبيض المتوسط، صورة أطفال يكتبون بأجسادهم ملحمة المقاومة الشريفة، ويشده الحنين، فيصرخ في إحدى قصائده للسفير اللبناني:
مدّلي إيدك ساعدني
الغربه تلتينا أوهام
وإلا بلادي ما بتسعدني
رجّعني.. تا بحضنا نام
وفي قصيدة "البياتي، الحلم الراجع"يقول:
رجّعني بحرفين زغار
ع البيت الـ تعّبتو النطره
وعم يتسلّى بكلمة "بكرا"
وعشعش تحت لسانو غبار
وهكذا، من أوهام الغربة وآلامها وشقائها يتطلّع البعيني الى الارض التي لن تحلو له اغفاءة الا بحضنها.. الى البيت الذي أتعبه الانتظار وعشش فيه غبار الأمل. ترى هل نعود يا شربل؟.
ويبقى شربل بعيني واحداً من شعراء المهجر، بل أغزر شعراء المهجر إنتاجاً، وشعره يعبق بمواصفات الشعر المهجري، إذا يحمل الصور المهجرية الرئيسة والتي تصنف شربل في باب شعراء المهجر.
الحنين، الوطن، لوعة الغربة وقساوتها، فهذه الصور تكاد لا تخلو قصيدة منها.
أضف الىذلك تفرّغ شربل للعمل الشعري، وهذا ما يظهر كثرة الانتاج عنده.
ورغم المسافات الشاسعة والمحيط الواسع الذي يفصل بين الشاعر وأرضه، تراه دائماً هناك. يتذكّر بلاده التي كانت زينة البلدان، يتذكر شعبه الذي روّض الزمن. المه ان يرى هذا الشعب مشرداً، وتلك الضياع شوهتها النار، فيقول في قصيدة لـ "باسكال":
محروق قلبي كتير يا إخوان
ع طفل ماتت ميمتو حدّو
ع بلاد كانت زينة البلدان
حرقوا ضيعها وصرحها هدّوا
ع شعب اسمو شرّف الانسان
مرفوع راسو وما حدا فدّو
لعبوا بتاريخو.. شوّهوا الأديان
ومليون جيش تقاسموا حدّو
وهكذا شربل المهاجر يحمل الوطن قصيدة دائمة الانشاد يرتلها في صقيع الغربة، علها تدفىء قلبه المتعطّش ابداً الى أرض الوفاء، الى أرض الاجداد، الى كروم مجدليا، وهدير نهر "أبو علي"، الذي يزنّرها، حاملاً الى البحر سلاماً الى ابنها البار خلف المحيط، والذي خطفته جنيّات السفر، لتقول له انها هناك في كروم الزيتون، وفي ساحة الضيعة تأمل عودة ذلك الفتى الاسمر.. شربل.
التلغراف، العدد 2073، 4/6/1990
**
تبقى بعيني
بين الثريا والثرى
بدر يشع بخافقي
ما همّه شيب الأسى
فالشيب سحرٌ يرتقي
يا شاعراً ملأ الدنى
تعلو كروح البيرق
تبقى بعيني ملهماً
حلواً كنور المشرق
**
منارة الحرف
حفل توقيع كتاب الدكتورة بهية ابو حمد "شربل بعيني منارة الحرف":
الحضور الكريم،
سيّدتي صاحبةُ الدعوة
أَسْعَداللهُ مَساءَكُم
تُحضرُني في هًذِهِ الأُمْسِيَةِ صورةُ فلاحٍ جالِسٍ في ظُلِّ شَجَرَةٍ، يَتَأَمَّلُ زَرْعَهُ وقد أَيْنَعَ وأعطاهُ غِلالاً وفيرَة، وقَدْ أَسْكَرَهُ الفَرَحُ بِما جَنَتْ يَداه.
وهَكَذا أَنا، في هَذِهِ اللَّيلَةِ الْجَميلَة، تَغْمرُني فَرْحَةٌ لا تُضاهيها فَرحَةُ، وأَنا أُشاركُ بِوِلادَةِ باكورَةٍ أَدَبِيَّةٍ، لطالِبَةٍ تتَلْمَذَتْ عَلى يَدَيَّ في الْمَرْحَلَةِ الثانَوِيَّةِ، عَنَيْتُ: الدكتورة في المُحاماة، بَهِيّة أبو حمد.
على مَقاعِدَ الدِّراسَةِ كانَتْ بَهِيّة مِثالَ الاتِّزانِ والْمَسْؤولِيَّةِ والْمُشارَكَةِ الْمُثْمِرَة.
وعِنْدَما كُنْتُ أسْأَلُها ماذا تَنْوينَ أنْ تَفْعَلي في الْمُستَقبَل؟ كانتْ تُجيبُ : سأُصْبِحُ مُحامِيَةً.
وتَخَرَّجَت منْ مَعهدِ سيِّدة لبنان، ومَرَّتْ سَنواتٍ، والتَقَيْتُها صُدفَةً في مَحطَّةِ القِطار، مُحامِيّةً تتوجَّهُ إِلى مَكتَبِها وحُلُمُ الماضي أَصبَحَ حَقيقَةً. ومُنْذُ ذَلِكَ الحينِ تحوَّلَتْ علاقةُ الطالبِ والأستاذ إلى صَداقَةٍ عائِلِيَّة.
وتَقْديراً مِنْها لدَورِ المُعَلِّمِ، دَعَتْني مِراراً لأُُشارِكَها في مُناسَباتِها الخاصّة.
في الْمَرَّةِ الأولى، دعتني لـمُشارَكَتِها فَرحَةَ النَّجاحِ الكُبرى لاحتلالِها المَرتَبَة الأولى في الشهادَةِ الثانَوِيَّةِ العامة وتسلّمها شهادَةَ التقدير من رئيس حكومة الولاية آنذاك في الدرلنغ هربر.
وفي المرَّةِ الثانية دعتني لمشاركَتِها فرحةَ تأسيس جمعيّة إنماء الشعر والتراث.
والليلة أشاركُها حفَلَ توقيعِ أول عمَلِ أدبيٍ لها" شربل بعيني منارة الحرف".
هذا التقدير سيدتي الغالية إكسيرُ وفاءٍ يجري في عروقي ويدفَعُني إلى مَزيدٍ من العطاءِ في حقلِ التربية والتعليم.
أما في ما يتعلَّقُ بِمضمونِ الكِتاب لقد استلمتُهُ نَهارَ أمسِ ولم يتَثَنَّ لي الغوصُ في مضمونِهِ بعدُ.
ولكن نظرة إلى االعنوان وعناوين المواضيع تكفي لأقول أنه إبحارٌ في محيط شاعر أعطى وما يزال يرفد الحركةَ الأدبيةَ في أوستراليا بغزير انتاجاته الفكرية: شعراً ونثراً وإعلاماً.
فالشاعر والزميل والأخ شربل بعيني راية ٌ أدبيّةٌ خفّاقَةٌ في سماءِ هذا الوطنِ والوطن الأم.
عرفْتُهُ مُرَبِياً ألمعياً واطَّلعتُ على كافَّةِ انتاجاتِهِ التربوية بإعجاب.
شاهدتُ مُعظَمَ أعمالِهِ الفَنِّيَّةِ مع طلبة معهد سيدة لبنان فبدا فنّاناً مُلْهماً.
قرأتُ مُعظَمَ دواوينِهِ فإذا هو شاعرٌ فذٌّ في العامِّيّةِ والفُصحى.
رافَقْتُهُ في جَمعيةِ إحياءِ التراثِ الذي كان واحداً من أعمدَتِها الأساسية يوزِّعُ ميدالياتِهِ على المتميزين في حقول الأدب والشعر؛ واصبح مَثلاً يُحتَذى.
وأُتابِعُهُ حالِياً عَلى مواقِعِ التواصلِ الاجتِماعي وما يزالُ شلاّلُ شعرِهِ يهدُرُ بِغَزارة.
مبروكٌ لكِ سيِّدتي هذا الإصدار، وإلى مزيدٍ من العطاءْ.
ولكَ أخي شربل هذا التكريم المُمَيّز. وبك حقاً يُقال:
شربل بعيني منارة الشعر الاغترابي
وشكراً
سيدني في 18/3/2023
**