علاء الدين الحلبي يهاجم شربل بعيني

نشر مقالاته في موقع ايلاف الالكتروني
متعة (تحرير المرأة) من الثياب 3
بعد أن سخر (صلاح الدين محسن) من الحجاب والنقاب، واجتهد (الشابندر) في أن عظام الصدر الأولى للمرأة ونحرها (وربما رقبتها) لم توجب نصوص القرآن تغطيتها، خرج علينا (شربل بعيني) بجواز ارتداء البكيني، بل والحض عليه لنصرة قضايانا، ورفع رؤوسنا عالياً... 
بعد كل هذا خرج علينا (كامل النجار) وهو كاتب معروف بكتاباته التي تقتصر على انتقاد كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين خرج علينا النجار بمقالتين في هذا الخصوص، يرد في أولاهما: (شربل بعيني وعورة المرأة العربية) على السيد شربل، وفي الثانية: (تعقيباً على ردود القراء: عورة المرأة العربية) على ردود قرائه.
وقد خالف النجار في المقالة الأولى ما ذهب إليه (بعيني) من اعتبار (مكان العفة) من جسد المرأة عورة، ورأى النجار أن جسد المرأة (بأكمله) لا يعتبر عورة!!!! وقد اعتمد في هذا الرأي على أدلة (قوية) وحجج (داحضة) وبراهين (منطقية)، نلخصها فيما يلي:
1- الدليل اللغوي:
بعد عرضه للمعنى اللغوي (المعجمي) لكلمة عورة، يقول النجار: (( يتضح من شرح كلمة العورة أنها لا تقتصر على العضو التناسلي، فكل ما يشين هو عورة...))، ثم يمضي قائلاً: (( وبما أن تعريف العورة هو كل خلل أو قبح بالشيء فإن الأعضاء التناسلية ليست بعورة إذ لا هي قبيحة ولا هي خلل بالجسم...)).
2- الدليل الشعري: 
حيث يقول: ((فإذا كانت النهود عورةً لماذا ظل الشعراء العرب يتغزلون بها منذ أيام ما قبل الإسلام؟)).
3- الدليل الديني (الحاسم): 
يقول النجار: ((وإذا أخذنا العري من ناحية دينية، نجد أن الله قد خلق آدم وحواء عاريين وكان بإمكانه أن يخلقهم وعليهم ثياب، ثم إن أطفالهم من بنات وصبيان، لا بد أنهم كانوا عرايا إلى أن اكتشف آدم وحواء كيف ينسجان الصوف أو يدبغان الجلود لصنع الملابس...)).
ويتابع: ((وكون آدم وحواء خصفا أوراق التين على سوأتهما لا يعني أن الأعضاء التناسلية عورة في ثقافة القرن الحادي والعشرين كما كانت وقت خلق آدم وحواء... وهي على كلّ قصة تاريخية أكثر منها حقيقة)).
4- أدلة التاريخ والواقع: 
حيث يقول: ((وإذا أخذنا العري من ناحية التطور الطبيعي للإنسان نجد أن الناس في إفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية، كانوا لوقت قريب عراة بالكامل... بل حتى القرن التاسع عشر كان الناس في كينيا، يسيرون عراة على شواطئ المحيط الهندي... وعندما احتل الإنكليز كينيا فرضوا على الناس ارتداء الملابس. ودارت الدائرة وأصبح السياح الإنكليز يتشمسون شبه عراة على البلاجات الكينية. 
والفنان العظيم مايكل أنجلوا كان يرسم النساء والرجال عراة ونحت تمثاله المشهور "ديفيد" عرياناً وأظهر قضيبه... وفي أوربا نجد معاهد الرسم تستعمل موديلات عراة ليرسمها الطلاب، ولا يستغرب الطلاب هذه الوسيلة من التعليم، ولا تثير فيهم أي شهوات. وهناك البلاجات المخصصة للعراة في كل الدول الغربية وحتى في جنوب أفريقيا)).
بعد هذه الأدلة المتنوعة التي أخذت من كل علم بطرف، وبعد هذه الحجج الداحضة، يصعب علينا أن نطلب من المسلمات أن يستروا أجسامهن، فهي ليست بعورة، والدليل القوي والشاهد الصحيح معنا، وهو مقالة النجار التي 
ستعتبر بعد أن يفتحها الله بوجه النجار أحد المراجع القيمة والمصادر العظيمة التي سيقوم عليها الفقه (النجاري)، والذي سيتعمده المسلمون (الجدد) الذين سيفضلون اتباع الإمام (النجاري) الإصلاحي، ويبتعدون عن مذاهب الأئمة الأربعة الذين لم تعد اجتهاداتهم صالحة لزماننا. (على فكرة يبدو أن اسم الفقه النجاري يمتلك إيقاعاً محبباً قريباً من الآذان، يشبه تلك الأسماء العظيمة التي يمتلئ بها تراثنا الفقهي).
أما أولئك (الجهلة الظلاميون) الذين سيرفضون اجتهاد النجار (جسد المرأة عورة وهي أغلى ما تملك)، فيوجه إليهم الكاتب الألمعي اقتراحاً (محرجاً) كي يعيدهم إلى الصواب (والحكمة)، حيث يقول لهم: ((فما دامت عورة المرأة العربية هي أغلى ما نملك، ألا يحق لنا الفخر بها وعرضها على الأمم المتقدمة التي تعرض علينا طائراتها وكمبيوتراتها وغيرها، ونحن لا نملك ما نجاريهم به، ألا يحق لنا أن نعرض مثلهم أغلى ما نملك؟)) 
وهكذا يضع النجار (الظلاميين) أمام خيارين، أحلاهما ليس مراً وإنما (ممتعاً)، فإما جسد المرأة كله ليس عورة فلتعرضه إذاً، وإما جسد المرأة عورة وهذا الجسد وهذه العورة أغلى ما نملك فلتعرضه أيضاً لكي نجاريَ الأمم المتقدمة (بإبداعاتنا المحلية).
ثم يبشّر النجار أنصار (تحرير المرأة من الثياب) بأن: ((كل محاولاتنا لتغطية المرأة ما هي إلا ذر للرماد في العيون))، ويضيف: ((ومنذ سقوط الخلافة العثمانية وحتى يوم القيامة ظل العرب وسوف يظلون متمسكين بأوهام الموروث، ومن هذه الأوهام وهم عفة المرأة العربية والحفاظ على عورتها)).
لماذا (تثير) هذه القضية كاتباً (عظيماً) كالنجار؟
على الرغم من أن النجار لم يردّ قبل هاتين المقالتين إلا على كاتبين في إيلاف، فإن خطورة الأمر وحساسيته و(غيرة) النجار وأخلاقه الحميدة، دفعته دفعاً واضطرته اضطراراً إلى الرد على (شربل بعيني) الذي رفض أن تُظهر المرأة مكان عفتها. وهكذا تدارك النجار الموقف، وأصلح الخرق العظيم الذي أحدثه (بعيني) في العباءة الأخلاقية للمفكرين (الجدد).
وهكذا تضافرت جهود الكتّاب والمصلحين (الجدد)، من مفكرين وشعراء وعلماء، في سبيل تحرير المرأة... قطعةً قطعةً من ثيابها، كي تصبح عارية كالحقيقة والشمس... وهكذا تحقق لهم النصر المؤزر على الحشمة والعفة والحياء، وتم لهم الإجهاز على جميع الأصوات التي تنادي بأخلاق المرأة وشرفها وكرامتها...
**
شربل بعيني محاطاً ببنات إخوته

متعة (تحرير المرأة) من الثياب (2)
تحرير المرأة: رحلة ممتعة من النقاب إلى ما وراء البكيني 
   كنا قد أبحرنا في المقال السابق في (مقالتين آسنتين) للسيد (صلاح الدين محسن) تسخران من النقاب والحجاب، ثم عرجنا على مقالتين للكاتب (غالب الشابندر)، تحاولان ـ بكثير من التخبط والابتعاد عن المنهجية ـ تقديم قراءة عرجاء، ترى ـ وبشكل ضبابي ـ عدم وجوب تغطية المرأة لعظام الصدر الأولى، والنحر، (وربما الرقبة)!!!!!
   واليوم نحن بصدد كاتب (متميز) بشجاعته أكثر من حكمته، كاتب يريد شيئاً ما ولكنه لا يعرف تماماً كيف يصل إليه. 
أدخلنا بمقالاته الأربع في دوامة أتعبتنا كثيراً. ولكن النهاية الممتعة التي وصلت إليها هذه المقالات (البكيني) تغفر له ـ عند أنصار تحرير المرأة لاسيما الذكور منهم ـ هذه المواربة وهذا التخبط في بوصلة الكاتب (الخجول) من الوصول إلى تلك المناطق المحفوفة بالخطر (والمتعة) من جسد المرأة.
   شربل بعيني... أربع خطوات (مقالات) كافية للوصول إلى (البكيني):
   ابتدأ (بعيني) مقالاته (التحريرية) بمقالة (عورة المرأة العربية وقضايانا المصيرية)، وبدا كاتبنا في هذه المقالة إنساناً محترماً يحترم العادات والتقاليد (الشرقية)، وقد أدان فيها التعري الكامل للفنانة السورية. 
   وقد تم انتقاده بشدة من أنصار (تحرير المرأة) من الثياب، على (هذا التزمت) والتنكر لكتاباته (التحريرية)، لا سيما أن لكاتبنا (المحرّر الكبير) ديواناً من الشعر بعنوان (مراهقة) دعا فيه الفتاة العربية (إلى تقصير فستانها أكثر فأكثر، حتى تتنعم الأعين بجمال جسدها الرائع)... إنه تحرير من الثياب كما أسلفنا.
   ولهذا نرى كاتبنا في مقالته الثانية (لماذا أنا ضد عري المرأة العربية؟) يحاول توضيح موقفه (المتشدد)، فذهب إلى أنه ليس ضد إظهار المرأة (لبعض مفاتنها)، وإنما هو ضد ((أن تُظهر عورتها وترميها كالقمامة في سلة مهملات الإعلام الإعلامي)).
   ثم مضى موضحاً: ((حرية المرأة العربية واجب قومي وإنساني، شرط أن لا تتجاوز الآداب العامة، ومن لا يدعم تلك الحرية لن يرى وجه الله تعالى، ولن يتنعم بصفاء البال. كما أن الابتذال في حريتها، وحرية الرجل أيضاً، غير مسموح به قانونياً وأخلاقياً، ومن يسمح به فلن يرى وجه الله، ولن يتنعم بصفاء البال، تماماً كالمناهض لحرية المرأة)).
   كلام رائع لكاتبنا يحدثنا فيه عن (الآداب العامة) وعن (وجه الله تعالى) وعن (المسموح أخلاقياً)، وإذا حاولنا فهم المقصود من حدود الآداب العامة، وحكم الله (المتعالي) والمسموح أخلاقياً في موضوع لباس المرأة، فإننا لن نتفق أبدأ مع النتائج المبهرة التي توصل إليها. 
   ثم راح يبين أنه لن يسمح لزوجته أن تفعل فعلة الفنانة المتعرية، ((حتى ولو أوحى الله إليه بذلك، وهو لن يوحي بالطبع، لأن الحرية حشمة، وفضيلة، وأخلاق، وتربية، واحترام، وعبادة، وإلا انتفت قيمتها، وأضحت دعارة، وابتذالاً، وانفلاتاً، وجريمة)).
   كلام رائع جداً عن حرية المرأة، ولكن كاتبنا (بعيني) لم يكن يقصده أو يعنيه أبداً، وإنما أنطقه الله به، كي يأتي مشاكس (مثلي)، ليقول للكاتب و(للذكور) الراغبين بحرية المرأة وتحريرها (من الثياب) :هذا هو معنى الحرية الحقيقية، ومن فمكم أدينكم.
   ويعود سبب ثقتي المطلقة في أن الكاتب لم يكن يعني أبداً ما يقوله (عن حرية المرأة)، إلى المقالتين التاليتين اللتين سطرهما كاتبنا ـ وبإبداع و(إمتاع) شديدين ـ حول الموضوع نفسه.
   وهكذا بعد هاتين المقالتين، يرى القارئ أن الكاتب قد أتعبنا كثيراً جداً في قراءة جمله التي تتناقض إلى حد مدهش و(غير مفهوم)، فالكاتب يميل إلى حرية المرأة التي تعني التمسك بالحشمة والفضيلة والأخلاق والتربية والاحترام والعبادة، مع دعوته إلى أن تظهر المرأة بعض مفاتنها، وأن تقصر فستانها أكثر فأكثر حتى تتنعم الأعين بجمال جسدها الرائع.
  لكن رحمة الكاتب بعقول قرائه دعته للإسراع بتوضيح (فتواه) الغامضة، لا سيما بعد التساؤلات العديدة التي وردت من خصومه ومريديه.
   فنراه في مقالته الثالثة (للمرأة عورة واحدة... وكفى)، يحدد بوضوح أن للمرأة ـ كالرجل ـ عورة واحدة وكفى، ويقصد بهذه العورة ـ كما فهمنا من مقالته ـ تلك السنتيمترات (المحدودة) من الجزء الأسفل من جسدها، ويبين الكاتب ـ بثقة الفقيه والعلامة ـ أن الجزء الأعلى من جسد المرأة (ويقصد تحديداً ثدييها) لا يدخل في العورة، وقد أتى ـ لتأكيد صحة فتواه هذه ـ بأدلة وحجج (مقنعة ومفحمة)، تتلخص فيما يلي:
 أخبره كاهن أن سيدتنا مريم العذراء قد أظهرت ثديها للعلن، وهي ترضع طفلها سيدنا يسوع المسيح.
هناك معبد للسيدة العذراء يحمل اسم (سيدة البزاز)!!! واحتراماً من (فقيهنا) للأمانة (الفقهية) فقد ذكر أنه لم يقرأ قصة هذا المعبد، ولكنه سمعها وسجلها في ذاكرته، وقد طلب الكاتب من القراء أن يطلعوه عن معلوماتهم عن هذا المعبد؛ وذلك على سبيل التوسع في تحري الدقة الفقهية والمنهجية العلمية.
إن ملايين النساء في بلداننا العربية يرضعن أطفالهن في الشوارع والساحات، كما فعلت والدة الكاتب معه.
 في كتابه (عبقرية محمد) يخبرنا العقّاد أن نبينا العربي مس ثدي مرضعته، وهو رجل، احتراماً وتقديراً لها. 
   ويختم أدلته وحججه بنص فتواه (المثيرة): ((ثدي المرأة ليس عورة، وإلا لما أظهرته السيدة العذراء، ولما مسه النبي محمد أمام الناس، ومن حقّها أن تظهره، إذا أرادت أن تظهره، شرط أن يتماشى مع القوانين المرعية في البلاد التي تعيش فيها)).
   هذه الفتوى والحجج أراها أوهى من بيت العنكبوت، يمكن لمفتينا الجديد أن يحكيها لطفل ذي ثلاث سنوات قبل النوم، وليس في مقالة يقرؤها مفكرون ومثقفون وعلماء كبار، وقد تصدى لهذه الحجج بعض القراء، 
وعلى رأسهم (السيد خالد) في رده (المفحم) الثاني، ودحضها، ويمكن للقراء
الأعزاء العودة إليه.
   تحول مفتينا (الجليل) في مقالته الأخيرة (البسي البكيني وفوزي بالعرش) من إباحة ارتداء النساء للبكيني، إلى الأمر والحض على هذا الفعل (الحسن)، بل نرى الكاتب يتضرع ويبتهل إلى الشابة العراقية (سارة مندلي) كي ترتدي (البكيني): ((بربك لا تترددي، البسي البكيني)).
   وتحول هذا التضرع إلى إلحاح شديد، فبالإضافة إلى عنوان المقالة (البسي البكيني...) يتكرر هذا الأمر بارتداء البكيني ثلاث مرات في المقالة، ويذكرني هذا الإلحاح الشديد بمراهق يراود مراهقة عن نفسها كي ترتدي له البكيني... لا سيما أن شاعرنا (بعيني) له ديوان يحمل اسم مراهقة.
   وأما الأسباب المقنعة التي حددها كاتبنا لارتداء البكيني فتتلخص في ما يلي:
1- كي لا يتهمها جاهل بالتزمت، وبأنها تسير (كفتاة إنكليزية) عكس ما يسير مجتمعها الجديد، وأنها غير مؤهلة لتمثيل الشعب الإنكليزي...
2- لقد دخلت مسابقة الجمال عن طيب خاطر، فلتلبس البكيني عن طيب خاطر، فمن يعش في روما عليه أن يلبس كالرومان، ومن يتنافس على عرش الجمال عليه أن يلبس كباقي الملكات.
3- لكي يتزايد حظها بالفوز، وتبدأ بدعم قضايا وطنها، وبلسمة جراح من ذاق ويلات الحرب والاستبداد والبطش.
4- أما السبب الأهم لارتدائها البكيني، فتلخصه الجملة البليغة التي ختم بها باحثنا مقالته: ففوزي كرمى (لأعين) شعبك، و(أعيننا) جميعاً.
   ويأبى الذي في القلب إلا تبيناً... (كرمى للأعين) التي ستنظر ـ ببراءة الأطفال ـ إلى جسد عار من اللباس إلا من بضعة سنتميترات تكاد لا تغطي شيئاً.
كان يمكن (لمفتينا الجليل) أن يذكّر (سارة مندلي) بفتواه العظيمة في مقالة سابقة له، والتي تبيح للمرأة كشف كل شيء ما عدا مكان العفة.
   أية مبررات يمكنها تسويغ أن تعري فتاة مسلمة (من بلد النخوة والأخلاق والقيم: العراق الشامخ)، كل هذه الأماكن الواسعة من جسدها الطاهر الذي حرمه الله على أعيننا؟؟؟!!!
أي تهافت هذا؟؟؟ أي تجاوز هذا لكل الخطوط الحمراء؟؟؟
أهذا مبلغكم من تحرير المرأة سادتي الكرام... نعم إنه تحرير للمرأة ولكن.... من الثياب فقط.
   وهكذا يتنقل (علماؤنا) وشعراؤنا (الأفاضل) في جسد المرأة، منطقة منطقة وزاوية زاوية، فقد أباح الفقيه الجديد (شربل بعيني) للمرأة كشف كل شيء (ارتداء البكيني)، ولم يبق من المحظور إلا مكان العفة، وطبعاً سيتكفل بهذا الموضوع الحساس الخطير كاتب آخر، له سمعته (الطيبة) في خوض تلك الأمور الحرجة والمحرجة والمثيرة للجدل، وهو السيد (كامل النجار)، والذي سيكون موضوع المحطة الثالثة والأخيرة من الرحلة الممتعة (لتحرير المرأة الكامل) من الثياب.
**
شربل بعيني محاطاً بإخوته وأبنائهم

ردّ شربل بعيني على علاء الدين الحلبي الذي لم تنشره إيلاف لسبب ما:

مسيلمة العصر الحديث
عندما قرأت أنني سأكون الثاني على قائمة ردوده العملاقة، كطائرات الجامبو ـ جيت الحديثة، حتى بدأت أدخل الحمّام وأخرج منه ألف مرة بالدقيقة، فاستدعيت أحد الأطباء الأصدقاء، وبعد الفحص الدقيق، أخبرني بأنني أعاني من نوبة خوف شديدة، وأن حالتي تدعو للشفقة، فلا قلبي ينبض، ولا حواسي تتحرك أو تشعر، وأن عليّ أن أبتعد عن كل ما يمت إلى الدين بنسب، ولو كان كاذباً، كوني أهذي كالمجنون. ومنعني أيضاً من التهام الفستق، وخاصة الحلبي منه، إلى أن أتخلص من مرض الإسهال الذي أصابني من جراء الخوف. كما نصحني بعدم ترديد المثل القائل: من طلب العلى سهر الليالي، إذ أن العلاء، في هذه الأيام التعيسة، أصبح من الخرافات، وأن عليّ أن أخلد للراحة وأمتنع عن الكتابة.

وكيف أمتنع عن الكتابة؟! ومسيلمة العصر الحديث، يدق على بابي، يسدي إلي النصح، ويتعب قلمه ويفرغ عقله من أجل الرد علي، أفلا يحق لي أن أرحب بوحيد قرنه، وسابق زمانه، وعظيم أمته؟ أفلا يحق لي أن أفتح له الباب وأصرخ بأذنيه المأرنبتين لالتقاط الإشارات الإلحادية والجنسية، بغية الرد عليها بأدب، ما بعده، ولا قبله، ولا فوقه، ولا تحته أدب. إنه الأدب المتدين، المتمسكن والمتمكن من كل شيء.. ما عدا الحقيقة.

لست أدري لماذا تذكرت تلك القصة التي أخبرنا إياها الشاعر اليمني محمد الشرفي، عندما زارنا في أستراليا، فلقد قال في بداية الأمسية الشعرية التي أقمتها له في منزلي: أن داعية دين كان يأتي إلى قريته من أجل تأديب الأطفال الصغار، وتعليمهم الحشمة ومكارم الأخلاق، وكان عند الإنتهاء من دروس التقى والزهد، يمر على حظيرة ربط بها صاحبها دابته (جحشته ـ حمارته)، فكان يمارس معها الجنس، ويكمل طريقه إلى قرية ثانية من أجل نشر الإيمان والتقوى والفضيلة والبعد عن المنكر. وصدقوني أنني ما زلت أحتفظ بتسجيل صوتي عن تلك الأمسية، كما أن صاحب القصة ما زال حياً يرزق.
ولست أدري لماذا تذكرت قول السيّد المسيح: اسمعوا كلامهم ولا تفعلوا أفعالهم، لأن معظم رجال الدين أو المتمسحين به، مسلمين ومسيحيين، يفعلون، دائماً وأبداً، عكس ما يتقولون ويكرزون، وإلا لما طردت الدول المشايخ، وامتلأت بطون السجون بقلنسوات الأساقفة والكهنة الذين ارتكبوا الفحشاء مع أطفال صغار.
كيف لا أخاف، ومسيلمة العصر الجديد بدأ يتنبأ، وينوب عن الله بالكلام، ويعرف من أنطق ومن لم ينطق، فهللي أيتها الأمة العربية هللي، ها هو يتلقى الوحي من جبريل، ويعلن للناس أن الله أنطقني، بدون معرفة أو إدراك مني: أن الحرية حشمة وفضيلة وأخلاق وتربية واحترام وعبادة، لماذا؟ كي يأتي مشاكس (مثله) ويقول (للذكور) وليس (للأناث)، لأنه لا يكلم أنثى، ولا يتطلع إليها أو يصافحها، كأنها مصابة بالجرب: أن ما أنطقني الله به هو (معنى الحرية الحقيقية، ومن فمكم أدينكم). الآن.. أصبت بهزة حائط، وبقشعريرة خوف قوية، لأن (مسيلمة) سيدينني قبل أن يدينني الله، وما من كاتب أدين على أيدي المتدينين، منذ القرون الوسطى إلى القرون الحاضرة، إلا وكان مصيره الموت. فلا لقب (مفتينا الجليل) الذي أغدقه علي سيقذني، ولا (القول الحسن). لقد أدانني (ديّان العصر)، وانتهى أمري. ومن شدة خوفي رحت أضحك وأضحك من هذا المشهد الفكاهي المرعب.
كيف لا أخاف، ومتلقي الوحي لا يميّز بين وقوفي الصارم ضد إظهار الأعضاء التناسلية، وبين دعوتي لحجبها (بالبكيني) المدرجة تحت اسم ثياب البحر، والتي ترتديها الراقصات العربيات في الجاهلية والإسلام والعصر الحديث، وندعوهن لزفّة أعراسنا، وندفع لهن المال الحلال، دون أن ينعتهن جاهل بنعوت يخجل القلم من تردادها.
عندما نشرت ديواني البكر (مراهقة) عام 1968، قامت قيامة رجال الدين علي، واتهمني البعض منهم بالزندقة، وطالبوا بمنع الكتاب، حتى أن صاحب مجلة (الساخر)، وكان مستشاراً للرئيس الياس سركيس، دعاني لإلقاء قصائدي في مسرح فاروق (الفاجر)، ومع ذلك لم أخف.
وعندما نشرت ديواني الثاني (قصائد مبعثرة عن لبنان والثورة) عام 1970، هددت، وضربت، وسالت دمائي، واختبأت، وسافرت أو بالأحرى سُفّرت، ومع ذلك لم أخف.
وعندما أصدرت (مناجاة علي)، هددت أكثر من مرة، واتهمت بديني، وأرجعت إلي نسخات كثيرة، لأن أصحابها يعتبرونني خارج الإيمان المسيحي، ومع ذلك لم أخف.
وعندما أصدرت ديواني (قرف)، قامت القيامة علي، وحاولوا طردي من عملي، لأن من يكتب شعراً كهذا غير جدير برسالة التعليم، ومع ذلك لم أخف.
لقد كُتب عن أدبي أكثر من ألف مقال، وأكثر من دزينة كتب، وهاجمني البعض بقسوة ما بعدها قسوة، ومع ذلك لم أخف.
أما الآن فأنا خائف، لأن من يهاجمني يتكلم باسم الله، ويعرف أسرار الله، ومتى يوحي الله، ولمن يوحي الله، فوالله، وتالله، وبالله إننا نعيش بعصر النبوة الكاذبة.. وعصر الفتاوى الضاحكة، بالإذن من (البقرة الضاحكة)، وعصر سحق المرأة تحت أقدام الرجل، لأنها أجمل وأذكى مخلوقات الله.
**