كلمة الدكتور علي الصمد حول كتاب شربل بعيني منارة الحرف

مدير عام وزارة الثقافة اللبنانية


في هذه الأمسية الرائعة الحميمة، التي تجمع لبنان الاغتراب الى لبنان الوطن والأم، وفي رحاب منارة الحرف المشعّة، نقف حيارى، بإزاء علمين مبدعين، ويلح على الذهن سؤال: على من نتكلم؟ أنتكلم على المؤلفة المكرّمة قرينها في عالم الابداع، ام نتكلم على المكرم، عميد شعراء المهجر الاسترالي، ذلك النجم الذي لا يخبو ضوؤه منذ خمسين عاماً، بل الشعلة الى مزيد من توهّج؟!

... د. بهية ابو حمد والاديب الشاعر معلم الأجيال شربل بعيني، بقدر ما يشغلان الساحة الاغترابية الأسترالية وما يتعداها، ها هما اليوم بين ظهرانينا، يشعان في الوطن الأم، يقصان علينا حكاية نجاح نموذجية لاثنين من بلادي، بهما فخارنا والاعتزاز!.

عمّن أحدثكم، هذه العشية؟ أأحدثكم عن عميد الأدباء والشعراء اللبنانيين في المغترب الأسترالي، وقد مضى على هجرته زهاء خمسين عاماً، صرفها، وهو يُغذّ السير في عوالم الأدب والشعر واحياء التراث اللبناني؟!

أاحدثكم عن غلّته الوفيرة: خمسون مؤلفاً وكتاباً، الى عشرات المقررات المدرسية المعتمدة في مدارس أستراليا، الى الأعمال المسرحية المتعددة، الى ما كتب فيه وعنه من شهادات، وليغدو نجماً ساطعاً في الفضاء الاغترابي وعلامة فارقة من علاماته؟!.

شربل بعيني، ابن مجدليا ـ زغرتا الزاوية، هاجر الى أستراليا، فلم يكن عبئاً على البلد المضياف، بل دخل اليه محصناً بزاد علمي وثقافي وأدبي.. دخله رافع الرأس، وليبدأ مغامرة، لا زالت فصول مجدها تتوالى، فصلاً إثر فصل، والمسيرة مصعدة في مرافىء النجاح ومعرجه!.

.. وإما عن القطب الآخر، في دنيا الاغتراب اللبناني والعربي، فحدث، إذ للحكاية الجميلة فصول لا تنتهي وليس من ختام!.

هي ظاهرة بل نعمة منّ الله بها على مغتربينا، فكانت راعية الأدب والشعر والثقافة والحراك الفكري من دون منازع!.

.. حدّث عنها سفيرة للسلام العالمي! حدّث عنها رئيسة لـ" جمعية إنماء الشعر والتراث"، وصاحبة صالون بهية ابو حمد الأدبي"!. وحدّث عنها دوحة ظليلة، يستظل فيأها الأدباء والشعراء والمثقفون، ولتغدو بحقّ حارسة التراث اللبناني والعربي، في عوالم الأدب والشعر، والمنتصرة لقيم الحق والخير والجمال!.

وحدّث عنها حائزة منذ ايام معدودات وسام أستراليا، من قبل الملكة اليزابيت الثانية، فمبارك لها هذا الفوز الملكي!.

وما انفكت د. بهية أبو حمد تزيد من وتيرة حراكها الثقافي، تحدوها محبتها لوطنها لبنان، بجناحيه المقيم والمغترب، ولتبقى المحضن لكل التظاهرات والفعاليات الفكرية والثقافية والاجتماعية الراقية، التي يشهدها الاغتراب اللبناني في أستراليا.

أيها الأحباء،

اليوم تطلّ علينا المحامية الأديبة د. بهية ابو حمد بكتاب تتناول فيه قطب شعراء المهجر الأسترالي، مضيفة حلقة هامة، الى سلسلة المؤلفات التي تحيي تراث شاعرنا شربل بعيني، وذلك من قبيل الاعتراف بدوره الوازن في الأدب الاغترابي المهجري، ويأتي ذلك من باب التكريم أيضاً، التكريم الحقيقي، ذلك ان التكريم بالحرف المشع والكلمة المضيئة يبقى على الزمن!.

مبارك لنا جميعاً هذا المؤلَّف الذي نحسبه رائعاً، إذ لا يصدر عن مبدع إلا ما هو بديع ومبهر!.

سلم قلمك د. ابو حمد، وعساك باقية عميدة الفكر والثقافة في المغترب الأسترالي، تنتصرين لتراثنا اللبناني والعربي، في جميع الحقول.

ايها الاحباء،

ونأتي الى بيت القصيد، الى دورنا، كوزارة ثقافة، لجهة العلاقة مع لبنان المغترب، من بوابة احياء الثقافة وسائر الفنون، وفي تمتين عرى العلاقة مع مغتربينا، لا سيما الذين يصنعون للبنان مجداً!.

في هذا المجال، وفي ظل تفعيل العلاقة التواصلية، القائمة على قدم وساق، بين جناحي لبنان الذي نشهد في هذه المرحلة، حيث تقام المؤتمرات الاغترابية، وبما يعزز الحضور اللبناني الاغترابي، نعدكم بأننا، في وزارة الثقافة، سوف نجهد في توفير ما نستطيع من امكانيات متاحة، فنوظفها في تكريس مزيد من التفاعل والفعاليات بيننا وبين مغتربينا، في مختلف المجالات الثقافية والفكرية والفنية.

ختاماً، لا يسعنا إلا أن نبارك مجدداً للدكتورة بهية ابو حمد ولشاعرنا وأديبنا شربل بعيني هذا المؤلف، متطلعين الى منارة أبجديتنا، تشع حروفها في مغترباتنا شعلة، تحملانها وسائر المبدعين، حتى الرمق الأخير.

عشتم، عاش لبنان بجناحيه المقيم والمغترب.