دردشة مع شاعر المهجر شربل بعيني/ أنطوني ولسن

إعلامي وقصصي مصري مغترب
فاز بجائزة شربل بعيني
   الولد الشقي شربل بعيني، شاعر المهجر المعروف بين أبناء الجالية العربية في المهجر وجميع البلدان العربية، كان لقائي الأول معه في منزل "آل الياس" عندما أجريت "دردشتي" مع الطفلة المعجزة ريما الياس، فغمرني شعور بالصداقة المريحة التي تربطك بشخص للمرة الأولى التي تراه فيها، دونما حساب للعمر الزمني لهذه الصداقة، التي تجدها في عيون وأحاديث بعض الناس، والتي تشعرك بمعرفتهم وصداقتهم والارتياح اليهم، وكأننا تلاقينا من قبل في حياة أخرى غير هذه الحياة، وأنا متأكّد من أن معظمنا مرّ بمثل هذا الشعور والاحساس في حياته تجاه بعض الناس.
   شربل بعيني الشاعر الانسان الذي أنا لست في مكان يؤهلني للحديث عن شعره أو الكتابة عنه، جمعتني وإياه، بعد اللقاء الأول، عدة لقاءات، وصدق الحسّ الذي أحسسته في اللقاء الأول.
   قرأت أشعاره، ولكن ليس معظمها، شاهدت مسرحية "ضيعة الأشباح" وازداد الترابط بيننا. شعرت أن لديه أشياء كثيرة يريد أن يقولها، سواء عن طريق القصيدة أو المسرحية.
   كتبت عن المسرحية، وبعدها طالبته بعمل شيء للأطفال، فأطفال الجالية العربية في المهجر مهملون، لا أحد يهتم بهم. 
   هل هو قصور في المعرفة والعلم بما يخص الأطفال؟ 
   أم أننا، نحن الكبار، مشغولون في تسليط الأضواء على أنفسنا، ناسين هؤلاء الأبرياء الذين أتينا بهم الى هذا المجتمع الأوسترالي الذي يهتم بالأطفال أكثر من اهتمامنا بهم، وهذا في حد ذاته جميل، ويعطينا، نحن الآباء، الأمان والاطمئنان. لكن البعض يشكو من عدم الاندماج في هذا المجتمع الجديد، وبالتالي ينعكس هذا على أطفالهم، فيعيشون ممزقين لا يعرفون أين الطريق؟
   حمّلت شربل بالذات تبعة الاهتمام بالاطفال لما يعود عليهم بالنفع الفكري والأدبي في المهجر.
   في لقائي مع شربل بعيني المضياف، اكتشفت فيه شيئاً آخر، ألا وهو الطفل الكبير. اكتشفت فيه شقاوة الطفل وبراءته في آن واحد. ووجدته يحب المرح والبساطة، لا تكلّف ولا تصنّع، لأن الطفل لا يتصنّع ولا يتكلّف في تعامله مع الناس، بل يتصرّف على سجيته وبحرية الطفل البريء. ليس هذا فحسب، بل اكتشفت أيضاً ان إحساسه المرهف يعذبه، لأنه يعيش آلام الناس وأفراحهم، فيحاول أن يقدّم لهم ما يقدر عليه من مساعدة، ولو كانت قصيدة معبرة.
   هذه حقيقة يلمسها كل متفهّم لشعر شربل بعيني، وكل قارىء محب للشعر، وكل من عرف شربل بعيني من قريب أو بعيد.
   لهذا رأيت أن أشرك معي قارىء زاويتي "دردشة" في التعرّف على الولد الشقي، والطفل الكبير والانسان شربل بعيني، بعيداً عن الشعر، وعن خيال الشعراء وجنونهم. 
   أردت بهذا اللقاء أن أجعلك عزيزي القارىء تتعرف على شربل بعيني، الذي جاء أستراليا شاباً، وعمل مثلما عمل الكثيرون من أبناء هذه الجالية الشرفاء الذين يأبون أن تدخل لقمة لم يكسبوها بعرق جبينهم.
   هذا الشاب الذي كاد أن يفقد إصبعه في عمله بالمصنع.
   هذا الانسان الذي يعمل مدرساً، وكلنا نعرف المدرس ومدى أهمية عمله بالنسبة للأجيال الناشئة.
   أعزائي القراء دعوني أقدم لكم شربل بعيني الانسان، الذي يقدمه لنا شربل بعيني الشاعر بادئاً بالسؤال التقليدي:
ـ من هو شربل بعيني الذي يعرفه الشاعر شربل بعيني؟
* شربل بعيني إنسان فوضوي يعيش حياته وكأنه سيموت غداً. وهذه الفوضوية سمّاها البعض طفولة. ومنهم من قال "الشاعر الطفل" كالدكتورة سمر العطار. أو "الطفل العبقري" على حد قول الدكتور عصام حداد. ولكنها رغم كل ما قيل فيها تسبب لي السعادة المطلقة التي يفتقرها الانسان في مجتمع يخاف المرء من تصرفاته وتصرفات الآخرين تجاهه.
   شربل بعيني هو أيضاً مغترب عانى الكثير في غربته الطويلة، فلقد مرّ في ظروف اجتماعية وعملية شاقة. لقد عمل في بداية غربته "عتالاً ـ حمّالاً" في أحد المصانع الأسترالية. وأعتقد أن هذا العمل يعتبر الوسام الوحيد الذي يفاخر به شربل بعيني، لأنه قرّبه أكثر فأكثر من معاناة الانسان الفقير المطرود من وطنه. تصوّر يا أستاذ أنطوني أن أحد أصابعي كاد أن يقطع بسبب هذا العمل الشاق لولا رعاية الله، وخبرة أحد الأطباء، فكان من المتوجب عليّ أن أربط في إصبعي الخنصر منجلاً صغيراً أقطع به الحبال، مما سبّب لي التهاباً وآلاماً لا أقدر على وصفها الآن.
   أما المعلّم شربل بعيني فلا يقدر أن يصفه بشخصية الشاعر، لأن هناك اختلافاً بيننا في السلوك والتربية. شربل بعيني الفوضوي يصبح انضباطياً، أين منه انضباط العسكر في سكناته عندما يطالب طلابه بعمل ما، أو باحترام موعد ما، ورغم قساوته وانضباطيته يتعامل معهم كتعامل الأب مع بنيه، يشعرهم بحنانه، يوجههم، يرشدهم، حتى أصبح هناك عامل مشترك، أو بالاحرى، شخصية مشتركة بينه وبين معظم شخصيات طلابه.
ـ كيف يصف شربل بعيني، شربل بعيني الشاعر بالفوضى؟
* لنتكلّم بصراحة، أنا أشعر أستاذ أنطوني إنك تعرّيني تماماً أمام القارىء بأسئلتك التي توجّه إلي لأول مرة بهذا الاسلوب. وبما أنني أؤمن بالصدق ، سأشرح لك بعض الشيء عن فوضوية الشاعر شربل بعيني: تصوّر إنني أدهن بعض مقاعد الحديقة، التي تحتاج الى دهان متواصل، وأنا أرتدي ثيابي الجديدة، رغم احتجاج والدتي.. فأنا أطلي بها، وأعمل بها، وأجلس على الارض بها، فتتسخ ولا تعد تصلح مرة ثانية، ولا يصلح فيها التنظيف.
   أما غرفتي، فحدّث ولا حرج، إنها كسوق "حرج". وأيضاً غرفة مكتبي، فيأخذني من الوقت معظمه مي أفتّش عن ورقة تركتها في زاوية ما، وأعتقد أن معظم الكتّاب والصحفيين يعانون من نفس المشكلة. ألا تعاني أنت منها؟
ـ أعاني منها ومن زوجتي التي تسخر مني كلما وجدتني في مثل هذا الموقف، ولا تترك الفرصة دون تقريعي على الفوضى التي أعيشها، ثم تأتيني بالذي أبحث عنه. مثلاً اليوم، قبل مجيئي إليك، أردت أن أحضر معي نسخة من مسرحية "المولد" كما وعدتك، أتدري كم من الوقت أخذت لأبحث عنها؟
* أدري.. لأن المصيبة مصيبتي أيضاً، ومصيبة كل من يحمل بيده قلماً. ولو وجهت هذا السؤال لأي كان لأجاب كما أجبت أنا وأنت.
ـ يأتي الحديث عن الطفولة، لماذا يصفك البعض بهذه الصفة؟
* لأنني لا أحقد، فأنا أتعامل مع الجميع كما أحبّهم أن يتعاملوا معي، لدرجة أشعرهم معها أنهم جزء منّي. فإذا أتى إنسان لزيارتي أستقبله كاستقبال الطفل لوالديه بعد غياب. وإذا تعرّضت لانتقاد أتقبّل هذا الانتقاد بفرح كفرح المديح تماماً، لأن اهتمام الانسان بي يزيدني انسانية وفهماً لأطباع الآخرين، حتى وأنا أكتب، تجد أن صوري الشعرية تزخر بملامح الطفولة، تكاد لا تجد قصيدة إلا وبها مقطع يمتدح الطفولة أو يتغنّى بها. وأعتقد أن البعض أطلق علي لقب الطفل لطيبة القلب عندي، وللمرح الدائم الذي يلازمني كظلي، لأنني أؤمن أن لا شيء فوق هذه البسيطة يستأهل دقيقة حزن وألم.
ـ ومع ذلك أستاذ شربل، ألم يؤلمك، ولو مرة واحدة، ذم إنسان لك؟
* الألم كان عابراً، أي أنه لم يترك وشماً على صفحات قلبي. أنت تؤنّب ابنك، وكثيراً  ما يبكي، فتعتقد أنه يحمل شيئاً من الكره تجاهك بسبب تأنيبك له، لكنه بعد مدة وجيزة يأتي إليك والابتسامة على شفتيه، ويقول لك: كيف حالك يا أبي؟. فالطفل ينسى والشاعر ينسى أيضاً، لأنه أسمى من الإساءات، وأرفع من الآلام التي قد لا تدوم، ويجب أن لا تدوم.
ـ يقول الشعراء انه قد أوحى إليهم بهذه القصيدة أو تلك. أو على الأقل أوحى لهم بالفكرة. فهل يوحى إليك أنت بقصائدك؟
* هذه المقولة قديمة، وقد لا تمت إلى الواقع بصلة، لأن لا أحد على الاطلاق يقدر أن يوحي شيئاً للأديب أو للشاعر. فالشاعر يعيش عالماً مختلفاً تماماً عن عوالم الآخرين، والقصيدة تأتيه على حين غفلة، وقد لا يكون هناك أي انتساب له بهذه القصيدة، فيقف معها أو مع ولادتها موقف الحائر: من أين جاءت؟ وكيف جاءت؟ ولماذا وضعتها بهذا الأسلوب؟ أو على هذا الوزن؟
   أما الناظم الذي يجلس وراء مكتبه، ويحك رأسه من أجل أن يستوحي قصيدة ما، فهذا لا يمت الى الشعر بصلة، ولا الى الموهبة بصلة أخرى.
ـ ألا تتأثّر ببعض ما ترى أو تسمع في حياتك اليومية، فيعود هذا التأثير بقصيدة؟.
* أجل أتأثّر، لكنها قصيدة منظومة. وكم يوجد في أدراجي من القصائد المنظومة التي لم ترَ النور بعد، لأنها خالية من الشاعرية. 
   قد أعجب بفنان ما، فأخزّن هذا الإعجاب في داخلي كما تخزّن الأرض حبّة الحنطة إلى أن يأتي اليوم الذي تنمو فيه وتبزغ كالفجر حاملة بين طياتها حبوب القمح.
   هكذا القصيدة تأتي بعد عملية التخزين التي يسبّبها الاعجاب أو التأثّر بالأشياء. وأعتقد أن القصيدة تصبح هنا بعيدة كليّاً عن عملية الارتجال والنظم وحك الرأس.
ـ يأخذني هذا الحديث الى المرأة في حياة الشاعر شربل بعيني، من هي؟ وأين هي؟
* والله هذا السؤال صعب، فأنا لا أدري من هي، ولست أدري كيف ستكون، ولا أين ستكون. كل ما أدريه هو أنني أشعر بحنين إلى المرأة الأم، إلى المرأة التي لم يجرفها تيار التحرر الكاذب الذي أجبرها على التخلي عن تربية أطفالها والاهتمام ببيتها وسعادة عائلتها. وهذه هي المرأة التي يفتّش عنها الشاعر، أي شاعر. 
   ليس هناك من واحدة معيّنة كي أخبرك يا أستاذي العزيز من هي، وليس عندي أي تصوّر مسبق كي أشرح لك كيف هي. أما أين هي؟ فإنها بقلبي، بكل خفقة من خفقاته، وعندما ألتقيها سأعرف من هي.
ـ ما هي أحب القصائد التي كتبها الى قلبك؟
* قصائدي كلها أحبها، ولكن القصيدة التي تصوّر معاناتي في غربتي هي أقرب  وأحب قصائدي الى قلبي. فالغربة تحرّك وجداني وتجعلني أتفاعل مع ذاتي بصدق، وأتطهر من آثامي كل إشراقة شمس.
    القصيدة (الغربة) هي التي أعطت أدب المهجر ميزة خاصة جعلته ينفرد بها عن الشعر المقيم، فأنت تحس عند قراءتك لها بمرارتك الذاتية، بالملل الداخلي، وبرحيلك عن أرض الوطن وعن عيون من تحب.
ـ متى جئت الى أستراليا؟
* وصلت الى أستراليا في الحادي والعشرين من شهر كانون الأول عام 1971. وكان عمري عشرين سنة. وكانوا، وقتئذ، يعرّضون المهاجر الجديد الى اختبارات عدة أصعبها خلع حذائه قبل دخوله الطائرة كي لا ينقل الجراثيم من وطنه الأم إلى الوطن الموعود.
   تصوّر أن الموظف في السفارة الأسترالية يجمع أحذية المسافرين في غرفة جانبية، ويجبرهم على انتعال أحذية جديدة لم (تغبّر بعد)، وكأن الغبار اللبناني ملآن بالجراثيم الضارة. هذه الذكرى لن أنساها.
ـ هل كان هذا الإجراء متبعاً مع اللبنانيين فقط، أو مع باقي الشعوب أيضاً؟
* لست أدري تماماً، لأنني سافرت مرة واحدة، ولكنني وجميع الذين سافروا في تلك الفترة قد خضعوا لهذا الاجراء، وقد أخذت أحذيتنا بعد أن انتعلنا الأحذية الجديدة.
   قد يقرأ العديد من اللبنانيين حديثنا هذا ويكونون قد تعرّضوا إلى ما تعرّضت إليه أنا. هذا كان سنة 1971، أما الآن فلست أدري ماذا يحصل؟
ـ أستاذ شربل هل تتذكر أول قصيدة كتبتها؟
* بالطبع لا.. فأنا لا أتذكّر ماذا أكلت قبل ساعتين، أي بعد مرور عملية الهضم. فالله لم يمنحني ذاكرة قوية، فالنسيان عاهة تلازمني في كل مكان وزمان، وقد تعرّضت بسببه لانتقادات كثيرة من أصدقائي. 
   تصوّر أنني كنت أتكلم مع والدتي وبعد لحظات خرجت من الباب، ركبت السيارة ورحت أفتّش عن أمي، وقد نسيت كلياً أنها في البيت. هذه قصة واحدة من ملايين القصص التي قد تضحك القارىء كثيراً.
ـ دعنا ننتقل الى المسرح والعمل المسرحي. كم مسرحية كتبت حتى الآن؟
* لقد كتبت حوال 5 مسرحيات، مثّل منها 4 مسرحيات وبقيت الخامسة في الأدراج. ولقد حضرت أنت منذ مدة مسرحية "ضيعة الأشباح" وشرّفتني بكتابة مقال عنها أعتبره مفخرة أدبية.
ـ ألله.. ألله.. يا عم أنا أدردش معك..
* لكن هذه هي الحقيقة. والمقال يعرض الآن في مدرسة سيدة لبنان التابعة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات في "هاريس بارك"، بعد أن غلّف بمادة بلاستيكية تحميه من التلف.
ـ ككاتب مسرحي، ما رأيك بالمسرح في المهجر؟
* لقد حضرت العديد من المسرحيّات، وكنت، لحسن حظي، المقدّم لها، أو المعرّف بها لدى الجمهور، وقد أعجبت بما قدّم نظراً للثقة وللعطاء اللامتناهي اللذين يتمتّع بهما الممثل المهجري.
   حركة مسرحنا المهجري ينقصها الكثير من الاستعداد، ومن الفن المسرحي المتطوّر، ومع ذلك ترى القائمين عليها يعطون باندفاع وغبطة وفرح، ولا يسألون عن خسارة مادية، أو عن جمهور غفير أو شهرة أو ربح.
ـ طلبت منك في أحد مقالاتي حمل مشعل الاهتمام بالطفل العربي في المهجر من الناحية الأدبية، ماذا فعلت بهذا الطلب؟
* أولاً، اشتركت مدرسة سيدة لبنان بأطفالها الصغار بمهرجان الطفل العالمي، كما اشتركنا بمهرجان ضد "الاجهاض". وكان المهرجان رائعاً للغاية، وقد أبدع الطلاب برقصاتهم وغنائهم، مع العلم أن أعمارهم لا تتعدى العشر سنوات.
   كما سيشترك أطفالنا بمهرجان دعانا إليه المجلي البلدي في "هولرويد"، ناهيك عن الرحلات التي تقوم بها المدرسة من أجل الترفيه عن هؤلاء الأطفال. هذا لا يعني أنني أفاخر بالقيام بهذا المجهود بمفردي، بل أن ادارة المدرسة تتحمل هذه المسؤولية على الوجه الأكمل.
ـ هل من كلمة أخيرة للقارىء العربي في المهجر؟
* أحب أن أدعوه للالتفاف حول الأدب المهجري والمسرح وتشجيعهما، لأن "ليس بالخبز وحده يحيا ابن الانسان"، نحن في مهجرنا اليوم نعيش نهضة أدبية وفنيّة مكلفة للغاية، لذلك فنحن بحاجة لدعم القارىء ولمساعدته المعنوية قبل المادية.
شربل بعيني وأنطوني ولسن وجائزة جريدة العراقية
   كما أشكرك استاذ انطوني ولسن، وأشكر جريدة البيرق والعاملين فيها على تشجيعهم الدائم لأدبنا المهجري، وخير دليل على ذلك هذه الدردشة "المتعبة" التي عرّتني من أوراقي، وشكراً.
ـ شكراً أستاذ شربل ونتمنى لك دائماً نجاحاً فوق نجاح.
البيرق، 26/1/1991
**
المغترب
(مقتطفات من مقال)
   مساء يوم الأحد 26 شباط 1992، شهدت مدينة سيدني حدثين عظيمين، الأول هو الأمسية الأدبية التي أقامتها رابطة إحياء التراث العربي حول كتاب "مناجاة علي" للشاعر شربل بعيني.
   والثاني كتاب "نجاة مرسي في رحلة مع القلم" للصحفي رودولف أبو خاطر والدكتور أنيس مرسي.
   قدّم الأمسية الأستاذ فؤاد نمور، وألقى كلمة الرابطة رئيسها الاستاذ كامل المر، واستفاض الاستاذ عصمت ألأيوبي في حديثه عن شربل بعيني "الفتى المراهق والشاعر الناضج"، مشيراً إلى أول قصائد شاعرنا وآخر أعماله كتابه "مناجاة علي".
التلغراف، العدد 2414، 3/2/1992
**
تعليق 
معرفتي بالأخ والصديق شربل بعيني تعود إلى سنوات مضت، وسنوات مستمرة بمشيئة الرب. رحم الله الأم التي صنعت إبنها شريل فجعلته الرجل الإنسان أولا ثم الشاعر والقاص والكاتب الأدبي والمسرحي والإعلامي.
وهذا هو السبب المباشر الذي دفع أبونا يوسف الجزراوي بالتعبير عن مكنون قلبه ناحية الأخ والشقيق شربل وكان من الطبيعي أن تأتي كلماته صادقة كل الصدق، معبرة عن حقيقة إنسان إسمه شربل بعيني .
فشكرا لك قدس أبينا .
سيدني 2012
**
وفاء صدقي تشدو لشربل بعيني
الأصيل أصيل.. والفنان فنان.. وصاحب الصوت الرخيم الحلو حلو..
السيدة وفاء صدقي فنانة أصيلة ورائدة للفن العربي في المهجر، ولها تلاميذ ومريدون.
اعتزلت الفن وابتعدت عن الأضواء والحفلات والناس، فشعر بالفراغ كل محب للفن المعبّر الصدّاح، ولم يناقش أحد فكرة اعتزالها، لأننا نؤمن بحق الانسان في اتخاذ القرارات الخاصة به وبحياته. ولكن الفنانة وفاء صدقي كنا نتمنى مناقشتها في أمر اعتزالها، لكن من يجروء على مناقشة أستاذة مثل وفاء صدقي في أمر خطير مثل اعتزالها الطرب والموسيقى.. وسلمنا أمرنا لله.
وكانت المفاجأة في أمسية رابطة احياء التراث العربي، إذ عادت الملكة الى اعتلاء عرش الفن والجلوس وحدها تحتضن عودها كالولد الحبيب الغالي، وبرفقتها على الدف الفنان سيمون الياس.
أخذت تشدو المزمور الخامس عشر من مزامير شاعرنا شربل بعيني في كتابه "مناجاة علي"، فحلقنا مع صوتها ولحنها البسيط المعبّر، والتقت الكلمة والصوت والموسيقى، فطرب الناس وانتشوا.
أملنا أن لا تحجبي نفسك عنا كثيراً، بل غيبي وأطلي علينا ولو من باب السلام والسؤال.
**