كلمة المهندسة والشاعرة ميراي شحاده: شربل بعيني… ألم غربة و حنين

مهندسة أديبة وشاعرة لبنانية معروفة


كلمة  المهندسة والشاعرة ميراي شحاده (ممثّلة معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى) في حفل تكريم شاعر الغربة شربل بعيني وإزاحة الستار عن تمثال له في مجدليا.

المحتفى به شاعر الغربة شربل بعيني المتواضع والمحبّ حدّ الطفولة 

أصدقاء المحتفى به، أهلنا الوافدون من مجدليا ومن زغرتا الزاوية ومن عروسة المصايف إهدن، من الفيحاء الحبيبة ومن الكورة وجبل لبنان وبيروت…القادمون من أقاصي الأرض، من سيدني أستراليا. 

الحضور الكريم 

أولاني معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى شرفًا أثيلًا حين كلّفني بأن أمثّلَه في هذا الحفل المعطّر بمحكيّة شربل بعيني وبخور فُصحاه؛ ومجدليا اليوم شاهدة ساحاتها على ذلك؛ ها هو الصخر العتيد يتكلّم مع إزميل نايف علوان ومن رحم الأصالة ينطق حياة في تمثال الشاعر ويضفي نبضًا وخفقًا في روض بلدتكم الغنّاء. وغداً سيتلفّت الصغار والكبار، وسيعلمون أن حارس الجذور والوفي للبنانه ولأرزه قد مرّ من هنا ونهلت خطاه مجدًا من دروب المجد في ضيعتكم…هنا أوّل قبلة وأوّل رشفة حبّ وأوّلُ عناق…هنا روّضت أشعار هذا الفتى كلّ المدى ووُشِمت بفيروز قريضه أشرعة الغربة وفاح منها عطر الهوى. هنا شيّد مداميك أهراماته الشعريّة ونضحت خمرة أقلامه وراح البعيني يسقي مهجره من جعبة كونه الصغير.

 هنا أوّل قبلة وهنا أيضاً أول قِبلة في رعيّة وحضن السيدة العذراء حامية هذا الصرح وهذا اللبنان المخضوضر بكم، العتيّ عن إعصارات الغبار المدلهم وزمر العناكب المتسلّقة جدران الكرامات والعنفوان والإباء  …أيّها الماخرون عباب الغربة، تحيلون دموعكم أفراحًا على موائد الكلمة وتمسحون براحات من نور هذا الغبار المكدّس على رفوف تاريخنا المتألّم….وتعاودون وتعاودون تضميد جراحات الوطن حتى لا يُحجَب ألق الخلود عن مروجه ولا تصدأ جكايا الأجداد في القبور. أو تهمس في عرباتكم أصداء الفينيقيين ويبقيكم هذا الشجن، هذا الوله، خالدين خلود النبع في سفر السواقي؟

  أيّها الشربل النديّ والمتنوّر بقداسة اسمه والمتصاعد في مراقي الإبداع ، تعبقُ هذا المساء كلّ الأمكنة بسحر قوافيك وقبس حروفك وعزف روحك…من معموديّة غربتك ونزاريّة أشرعتك تنسكب خمرة الشعر في دناننا وصدى حكاياك تضجّ في أروقة الزمان …روضكم هذا يا أحبّة، تَفتَرُّ منه آياتُ الحبّ مغرّدةً لنا هذا المساء،  من دوحة البعيني وهيكل صلواته نعلن معه الحبّ على الملء أجمع….وجدليّة الغربة والإبداع تبقى مثمرة على وسع المدى تمدّ لنا أضلع الشاعر جسوراً بين الهنا والهناك…ومن هناك إذ جاور هدبه القمر، راح يبدع البعيني كوناً تلو كون وفي كتاب أو قصيدة أو ديوان كلّ الحبّ مضمّخاً بالغربة لديه فيها يُختصر!

مبارك يا شاعر الغربة، شلّالاتُ  الألق في هذه العشيّة في مجدليا تنهمر…

وتضمّك أقلام الأحبّة وتفرشُ على تلالك الضوء وفي وهادك السحر كالقمر

مبارك هذا الندى وهذا البوح، هو من نسج أجفانك الحالمة بوطن للعزّ عنوانٌ وفِكر.

أقداحُنا الليلة تترنّح من دواليك، وتحدّثنا معاجم الحبّ عن أبجديّة بحورك…وأرضُك سماءٌ وسماؤك تقتحم الفضاءات الثقافيّة وتُقبّلُ أحلامَنا مناديلُك المبلّلة بالحبّ والحنين والمضرّجة بألم الغربة وشجو المغتربين.

ولبنانُك ثراه يستقي من سحب أشعارك…هوذا الهوى لأرض أجدادنا…ومن ترابهم نثرى ونكتسبُ.

من الصرح الثقافيّ العالي والأعلى في لبنان، من وزارة الثقافة وفارسها المرتضى، نتمنى لشاعرنا طول العمر ونراه عالياً عالياً يغمرُ الشهبَ.

19 آب 2023