شربل بعيني.. مالىء منابر سيدني العربية بقصائده الدارجة والفصحى/ جاد الحاج

شاعر وأديب ومسرحي وإعلامي لبناني
"مقتطفات من مقال طويل"
   بداية العام المقبل موعد احتفالات مرور مائتي سنة على وصول أول حاكم إلى أوستراليا بعدما اكتشفها الكابتن كوك عام 1767.
(...)
   وفي مناسبة مرور مائتي عام على تأسيس أوستراليا "الرسمية" كدولة من رعايا التاج البريطاني ضمن أسرة الكومنولث شعرت بعض الفئات الواعية في جاليتنا بضرورة التعبير عن عراقة أصولها، ثقافتها، ومساهمتها في بناء المجتمع الأوسترالي، خصوصاً أن الحرب اللبنانية المستمرة تركت بصمات التفكك والطائفية على الجالية، هنا.
(...)
   وفي سيدني أيضاً، التقينا الشاعر شربل بعيني، وهو مالىء منابر سيدني العربية بقصائده الدارجة والفصحى، إذ لا تخلو مناسبة من حضوره، ولا تنطبع جريدة أو مجلة في المغترب الأوسترالي بدون كلمة له.
   نشيط، غزير، وطريف، قال شربل بعيني: "قال لي أحد الأصدقاء "الأبوريجين" ان أوستراليا البيضاء ستحتفل بمرور 200 سنة على استيطانها هذه القارة، وسوف يصرفون ملايين الدولارات من بذخ مسرف، بينما شعبي ما زال يلد أبناءه في أكشاك تنكية، ويقتات الديدان.. كان يجب على الحكومة تخصيص جميع هذه الأموال لتحسين معيشة شعب، سيحتفلون بوقاحة زائدة باحتلال أرضه، وبناء مساكنهم فوق قبور أجداده".
كلنا مهاجرون
   هذا الكلام ترك في نفسي أثراً عميقاً، وكي أقف على كامل الحقيقة نقلت الصورة بحذافيرها إلى زميل أوسترالي آخر، فقال بهدوء: "لست أدري كيف يقول زميلنا كلاماً هشّاً كهذا، وهو أدرى الناس بأن الشعب الأنكلوسكسوني الذي يعنيه، ما جاء الى أوستراليا محتلاً، بل مجموعة أسرى نفتهم الملكة فيكتوريا الى هذا الصقع القصي حيث عانوا الأمريّن، ونظراً لصلابة عودهم وقوة إرادتهم حوّلوا المعتقل الى وطن. إذن فالاحتفالات المقبلة ليست موجهة ضد أحد، بل هي مناسبة لإصلاح الأخطاء والانطلاق في مسيرة بناء الدولة الديمقراطية لجميع أبنائها. كلنا هنا مهاجرون في النهاية".
   أما أنا، يقول شربل بعيني، كأوسترالي متحدّر من أصل لبناني فتحت لي هذه البلاد المضيافة ذراعيها وضمّتني برفق، وأعطتني ما أعطت أبناءها من حقوق، وساهمت مساهمة فعّالة في التخفيف من آلام ومصائب شعبي، فلا يسعني إلاّ أن أصيح بالفم الملآن: مبروك يا أوستراليا، وعقبى لألف سنة.
مجلة المنبر، العدد 21، تشرين الثاني 1987
**
إشارة
    إلتقيت شاعراً في سدني ـ أستراليا إسمه شربل بعيني. ذكّرني بجنس من الملائكة اعتقدته مفقوداً من زمان. شاعر دائم الإقبال والبشر والتفاؤل. برغم غضبه وحنقه ليس حاقداً، وبرغم غربته أليف، طيّب، وصاحب معشر.
   ويكتب شربل بتلقائيّة وكيفما أراد، بدون هواجس ولا ذرّة تردد. كأن الشعر فمه، وهل رأيت من يجامل فمه؟..
   مريح لقاؤنا بشعراء تلقائيتهم فوارة، وشعورهم حيال العالم بقدر ما لا يوافق على قبائحه قادر على مواجهته رأساً برأس دون انكفاء ولا عقد.
   ومن جراء هذه البسالة الادبية المشعة رأيت البعيني يواجه جمهور المغتربين ناقداً، داعياً الى التآلف والتكاتف ونبذ الاحقاد وتغيير الظرف الصنمي والشرط التخلفي، للانطلاق الى غد اجمل واكبر.
   شعره التهابات عفوية هدفها اقوى من صنعتها، وكأن الحياة، مرة اخرى، تأتي في المقدمة، وهم التغيير يفوق كل الهموم.
   شاعر في المغترب، على المقلب الثاني من الارض، شربل بعيني يحيي الامسيات، ويطبع الدواوينن ويلقي على الناس صوتاً، كالسوط حيناً، وكماء الورد أحياناً.
   أقترح على المشرفين على مهرجانات الشعر العربي دعوته للمشاركة، فلديه لون يذكّرنا بزمن الهجرة الأولى وعصر النهضة.
 الدستور اللندنيّة، العدد 497، 7 أيلول 1987
**